فوائد حديث : ( ... عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا اليوم الذي تصومونه فقالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه ) . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث إشكال وهو أن ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم وجدهم صياماً حين قدم ، ومعلوم أن قدومه ليس في عاشوراء بل كان في ربيع، فأوجب إشكالاً عند بعض العلماء، فمنهم من قال أن اليهود غيروا التاريخ وكانوا يؤرخون للفصول، بالسنة الشمسية فوافق يوم عاشوراء عندهم اليوم الذي النجى الله فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه، وافق يوم قدوم النبي صلى الله عليه وسلم أي في ربيع، لأنهم لا يعتقدون الأشهر الهلالية.
ومنهم من قال : إن قوله : ( قدم المدينة فوجد اليهود ) لا يعني الفورية والتعقيب لأن الفاء قد تأتي لغير التعقيب كما في قوله تعالى : (( ألم ترى أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة )) ومن المعلوم أن الأرض لا تصبح مخضرة في ليلة، لكن فبعد أن يهيء الله النبات وتنموا نباتاتها تصبح الأرض مخضرة ، وكما يقولون تزوج فلان فولد له ، ولد له في عقد الزواج ؟ .
لا بعد تسعة أشهر أو أكثر، المهم أن سبب الولادة هو الزواج، على كل حال إن كان الأمر كما قيل في الأول على الوجه الأول فالأمر ظاهر أن اليهود تركوا التاريخ بالأشهر الهلالية واعتمدوا الأشهر الشمسية ، فوافق اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه وافق يوم قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة وهذا لا إشكال فيه، أو يقال إن الفاء لا تقتضي التعقيب، قد تكون للترتيب فقط وإن لم يتعقب.
على كل حال الأحاديث في عاشوراء كثيرة جداً جداً وفيها إشكالات عجيبة ، وقد تكلم عليها ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد فمن أحب أن يرجع إليه فهو مفيد جداً .
لكن كل ما سمعتم أنه قال : من شاء صام ومن شاء أفطر، وأنه تركه، المعنى أنه خيرهم، لا لأنه أبطل الاستحباب بل أبطل الوجوب.
ثم هنا إشكال آخر وهي أنه كيف يصوم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل الجاهلية يصومونه واليهود يصومونه، وهل هذا إلا مشابهة للجاهلية ؟.
فيقال: إذا كان السبب شرعياً فإنه لا يمنع من مشاركة اليهود والجاهليين، ما دام السبب شرعياً وهو هنا نجاة موسى وقومه وهلاك فرعون وقومه، فنحن مشتركون معهم في هذه المناسبة، فلذلك لا يعد صومنا تشبهاً بهم ، ولكنه أخذ بالسبب الذي أخذوا به، والذي شرع من أجله.