فوائد حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث فوائد كثيرة :
منها : أن عيادة المريض مشروعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
ومنها : حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه في عيادة المرضى.
ومنها : جواز إخبار الإنسان بحاله إذا لم يقصد الشكوى للمخلوق ، لقوله : ( من وجع أشفيت منه على الموت ) والأعمال بالنيات ، فمن تكلم بمثل هذا يتوجع ويشكو إلى المخلوق فهو آثم ، ومن تكلم بذلك إخبارًا فلا بأس به.
ومن فوائد هذا الحديث : آية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بأن سعدًا سوف يخلّف وينفع الله به أقوامًا ويضربه آخرين ، فإن الأمر وقع كذلك.
ومن فوائده : حكمة الله عز وجل ، فإن سعدًا رضي الله عنه ولد له بعد ذلك ذكور وإناث بعدد كثير ، وكان يقول : ( لا يرثني إلا ابنة لي ) .
ومن فوائده : أنه لا يجوز للإنسان أن يتصدق بما زاد على الثلث ، سواء كان عطية أو كان وصية..
ومن فوائده : مشاورة أهل العلم والإيمان والأمن والأمانة، لأن سعدًا رضي الله عنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا.
ومن فوائد هذا الحديث : حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في أنه إذا ذكر الحكم ذكر الحكمة ، وذلك أنه لما منعه أن يتصدق بما زاد على الثلث بين الحكمة من هذا ، وأنه إذا ترك ورثته أغنياء كان خيرًا مما لو أوصى بكثير ماله فيتركهم عالة يتكففون الناس.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي للإنسان أن لا يوصي بالثلث ، وأن الأفضل أن ينقص عن الثلث ، وما يفعله الناس اليوم من اعتماد الثلث وكأنه هو المشروع فهو غلط ، هو جائز ، لكنه غيره أفضل منه. فما هو المقدار الذي ينبغي؟
نقول : إن ابن عباس رضي الله عنهما أشار إلى الربع ، وأبو بكر رضي الله عنه أوصى بالخمس ، وقال : إني أختار لنفسه ما اختاره الله تعالى لنفسه ورسوله في قوله تعالى : (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ولرسوله )) فأوصى بالخمس.
واعتمد أصحابنا رحمهم الله الفقهاء ، اعتمدوا ذلك ، وقالوا : السنة أن يوصي بالخمس فأقل وهذا رأي جيد.
ومن فوائد هذا الحديث : أن ما يخلفه الإنسان بعد موته للورثة يستغنون به له فيه أجر لأن النبي صلى الله عليه وسلم فضّله على الصدقة ، فدلّ ذلك على أن ما يخلفه الإنسان بعد موته لورثته خير من الصدقة.
ومن فوائد هذا الحديث : الإشارة إلى ذم التكفف ، تكفف الناس ، يا فلان أعطني أعطني أعطني ولا شك أن سؤال الناس لغير حاجة أو ضرورة محرم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سأل الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرًا فليستقل أو ليستكثر ). ولهذا جاءت النصوص بالحث على العفة ، وأن من يستعفف يعفه الله
والإنسان إذا اعتاد على السؤال صار هذا مرضًا كمرض السرطان ، لا يفارقه إلى الموت واسأل من ابتلوا بهذا ، تجد عندهم أموالًا كثيرة ، ومع ذلك يتكففون الناس نسأل الله العافية.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ما من نفقة ينفقها الإنسان يبتغي بها وجه الله إلا أثيب عليها ، حتى النفقة الواجبة التي لا بد منها والتي يطالب بها الإنسان على كل حال ، وهي نفقة المرأة يثاب عليها الإنسان..
إذن الإنفاق على الأبناء يثاب عليه ، على البنات يثاب عليه ، على الإخوة ، على الأخوات ، على الأعمام ، على العمات ، على الأخوال ، على الخالات كل نفقة يبتغي بها وجه الله فإنه يثاب عليها.
أيهما أولى : إذا كان عائلتك عليهم حاجة ، وأهل السوق عليهم حاجة أن تنفق على عائلتك أو على أهل السوق؟
الأول ، يعني على العائلة لأن إنفاقك على العائلة صدقة وصلة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد هذا الحديث : الإشارة إلى الإخلاص ، لقوله : تبتغي بها وجه الله ، وهذا لا بد منه ، فكل عمل فيه شرك فهو غير مقبول لقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( أنا أغني الشركاء عن الشرك ، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ).
ومن فوائد الحديث : إثبات وجه الله عز وجل ، لقوله : تبتغي بها وجه الله ووجه الله تبارك وتعالى من صفاته الذاتية الخبرية فهو سبحانه وتعالى موصوف بهذا ، ولكن وجهه لا يشابه أوجه المخلوقين ولا يماثلهم كما قال تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حجابه ) يعني الرب عز وجل ( النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) ( أحرقت سبحات وجهه ) أي : بهاؤه ونوره وعظمته كل شيء فقوله : ( ما انتهى إليه بصره من خلقه ) لا يعني أن البصر قد لا ينتهي إلى شيء ، بل إنه ينتهي بكل شيء ، فهو واسع عليم ، محيط بكل شيء ، فبصره ينفذ كل شيء ، ويكون هذا من أبلغ ما يكون من التعبير في أن سبحات وجهه تحرق كل شيء.
أهل التعطيل والتحريف ، أقول التعطيل لما وصف به نفسه ، والتحريف لنصوص الكتاب والسنة ، لأن أهل التعطيل الذين ينكرون الصفات أو بعضها هم معطلة ومحرفة ، معطلة باعتبار ما نفوه من صفات الله التي دلت عليها النصوص ، ومحرفة لأنهم حرّفوا نصوص الكتاب والسنة عما أراده الله بها إلى غير ما أراده الله بها..
فنحن نؤمن بأن لله وجهًا ، وله يدين ، وله عينان ، وله قدم وله قدمان ، ولكن ذلك كله لا يماثل صفات المخلوقين لأنه مفارق لجميع العناصر المخلوقة ، فهو خالق وليس بمخلوق فجميع العناصر المادية المخلوقة الله تعالى مخالف لها على كل حال ، ولذلك لا يمكن أن يماثلها
ومن فوائد هذا الحديث : خوف المهاجرين من أن يتخلفوا فيما هاجروا إليه ، لقول سعد : ( قلت : يا رسول الله ، أخلف بعد أصحابي ) وهذا استفهام مشفق خائف ، وهو كذلك ، يعني ينبغي للإنسان إذا هاجر من بلد لله عز وجل أن يخاف أن يموت فيها ، لأنه تركها لله وما ترك لله لا يجوز الرجوع فيه ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يشتري ما تصدق به وقال : إن العائد في صدقته كالكلب.
ومن فوائد هذا الحديث : أن أي عمل يبتغي به الإنسان وجه الله فإنه يثاب عليه ، ولكن هذا ليس على إطلاقه بالنسبة للعمل ، لأنه لا بد من شرط آخر يضاف للإخلاص وهو موافقة الشريعة ، فإذا لم يوافق الشريعة بأن تعبد الإنسان به لله عز وجل بدون دليل فإنه لا يثاب على ذلك بل إنه يقال إنه آثم لأن كل بدعة ضلالة.
فإن قال قائل : ما تقولون في الوسائل المباحة الموصلة إلى مطلوب شرعي ، هل يثاب عليها؟
الجواب : نعم ، يثاب عليها ، ثواب المستحب أو ثواب الواجب ، فمن ليس عنده ماء واشترى ماءً ليتوضأ به ، فالشراء هنا وسيلة إلى الوضوء ، وهو واجب ، فوسائل المأمورات له حكمها ، الوسائل لها أحكام المقاصد.
أما أن يبتدع الإنسان عبادة ويقول إنني أبتغي بذلك وجه الله وهي على غير شريعة الله فعمله باطل.
ومن فوائد هذا الحديث : بيان تفاضل الناس في الثواب ، لقوله : ( إلا ازددت به درجة ورفعة ) والزيادة يقابلها النقص ومعلوم أنها إذا زادت المراتب فإنما ذلك بزيادة الأعمال ، وإذا زادت الأعمال وقلنا بالقول الواضح البين الراجح إن الأعمال من الإيمان ، لزم من ذلك أن نقول : يعني الإيمان يزيد وينقص.
ومن فوائد الحديث : هذه الآية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث توقع أن يخلّف سعد وينفع الله به أقوامًا ويضر به آخرين فإنه كما قلنا في الشرح عمّر وفتح الله على يديه بلادًا كثيرًا من بلاد الفرس ، فمن الذي تضرر به ومن الذي انتفع به؟ المسلمون انتفعوا به ، والمشركون تضرروا به.
ومن فوائد هذا الحديث : شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وعلى أصحابه خاصة ، لقوله : ( اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ).
ومن فوائده : أنه لا حق للنبي صلى الله عليه وسلم في الربوبية ، وأنه لا يملك لنفسه ولا لغيره ضررًا ولا نفعًا ، ولذلك كان يدعو الله لنفسه ويدعو الله لغيره ، فلا يملك أن ينفع أحدًا أو يضره ، أو يحيي أحدًا أو يميته ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبدٌ مربوب كغيره من العباد.
ومن فوائد هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه ألا يردهم على أعقابهم أي : أصحابه فهل قبل هذا الدعاء أو لا ؟ نقول : إذا فسرنا الرد على الأعقاب هنا بالرجوع إلى مكة بعد الهجرة منها ، فهذا لم يقع ، وإن فسرناه بالرجوع عن الإسلام فهذا قد وقع فإن بعض الصحابة ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن بعضهم رجع إلى الإسلام ، وبعضهم مات على الردة والعياذ بالله ، ولهذا نجد في كلام أهل العلم في مصطلح الحديث أنهم يقولون : إن الصحابي هو الذي اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك ، وقالوا : حتى لو تخللت ردة بين صحبته وموته ثم عاد إلى الإسلام فإن صحبته تبقى.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز التوجع لمن فاته الخير ، ولو كان لا يذم عليه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لكن البائس سعد بن خولة ) رثى له صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة.
الشاهد من هذا الحديث : أن الوصية بزائد على الثلث لا تجوز ، وأن الوصية بالثلث مفضولة ، وأن الأفضل هو النقص.
منها : أن عيادة المريض مشروعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
ومنها : حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه في عيادة المرضى.
ومنها : جواز إخبار الإنسان بحاله إذا لم يقصد الشكوى للمخلوق ، لقوله : ( من وجع أشفيت منه على الموت ) والأعمال بالنيات ، فمن تكلم بمثل هذا يتوجع ويشكو إلى المخلوق فهو آثم ، ومن تكلم بذلك إخبارًا فلا بأس به.
ومن فوائد هذا الحديث : آية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بأن سعدًا سوف يخلّف وينفع الله به أقوامًا ويضربه آخرين ، فإن الأمر وقع كذلك.
ومن فوائده : حكمة الله عز وجل ، فإن سعدًا رضي الله عنه ولد له بعد ذلك ذكور وإناث بعدد كثير ، وكان يقول : ( لا يرثني إلا ابنة لي ) .
ومن فوائده : أنه لا يجوز للإنسان أن يتصدق بما زاد على الثلث ، سواء كان عطية أو كان وصية..
ومن فوائده : مشاورة أهل العلم والإيمان والأمن والأمانة، لأن سعدًا رضي الله عنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا.
ومن فوائد هذا الحديث : حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في أنه إذا ذكر الحكم ذكر الحكمة ، وذلك أنه لما منعه أن يتصدق بما زاد على الثلث بين الحكمة من هذا ، وأنه إذا ترك ورثته أغنياء كان خيرًا مما لو أوصى بكثير ماله فيتركهم عالة يتكففون الناس.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي للإنسان أن لا يوصي بالثلث ، وأن الأفضل أن ينقص عن الثلث ، وما يفعله الناس اليوم من اعتماد الثلث وكأنه هو المشروع فهو غلط ، هو جائز ، لكنه غيره أفضل منه. فما هو المقدار الذي ينبغي؟
نقول : إن ابن عباس رضي الله عنهما أشار إلى الربع ، وأبو بكر رضي الله عنه أوصى بالخمس ، وقال : إني أختار لنفسه ما اختاره الله تعالى لنفسه ورسوله في قوله تعالى : (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ولرسوله )) فأوصى بالخمس.
واعتمد أصحابنا رحمهم الله الفقهاء ، اعتمدوا ذلك ، وقالوا : السنة أن يوصي بالخمس فأقل وهذا رأي جيد.
ومن فوائد هذا الحديث : أن ما يخلفه الإنسان بعد موته للورثة يستغنون به له فيه أجر لأن النبي صلى الله عليه وسلم فضّله على الصدقة ، فدلّ ذلك على أن ما يخلفه الإنسان بعد موته لورثته خير من الصدقة.
ومن فوائد هذا الحديث : الإشارة إلى ذم التكفف ، تكفف الناس ، يا فلان أعطني أعطني أعطني ولا شك أن سؤال الناس لغير حاجة أو ضرورة محرم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سأل الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرًا فليستقل أو ليستكثر ). ولهذا جاءت النصوص بالحث على العفة ، وأن من يستعفف يعفه الله
والإنسان إذا اعتاد على السؤال صار هذا مرضًا كمرض السرطان ، لا يفارقه إلى الموت واسأل من ابتلوا بهذا ، تجد عندهم أموالًا كثيرة ، ومع ذلك يتكففون الناس نسأل الله العافية.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ما من نفقة ينفقها الإنسان يبتغي بها وجه الله إلا أثيب عليها ، حتى النفقة الواجبة التي لا بد منها والتي يطالب بها الإنسان على كل حال ، وهي نفقة المرأة يثاب عليها الإنسان..
إذن الإنفاق على الأبناء يثاب عليه ، على البنات يثاب عليه ، على الإخوة ، على الأخوات ، على الأعمام ، على العمات ، على الأخوال ، على الخالات كل نفقة يبتغي بها وجه الله فإنه يثاب عليها.
أيهما أولى : إذا كان عائلتك عليهم حاجة ، وأهل السوق عليهم حاجة أن تنفق على عائلتك أو على أهل السوق؟
الأول ، يعني على العائلة لأن إنفاقك على العائلة صدقة وصلة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد هذا الحديث : الإشارة إلى الإخلاص ، لقوله : تبتغي بها وجه الله ، وهذا لا بد منه ، فكل عمل فيه شرك فهو غير مقبول لقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( أنا أغني الشركاء عن الشرك ، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ).
ومن فوائد الحديث : إثبات وجه الله عز وجل ، لقوله : تبتغي بها وجه الله ووجه الله تبارك وتعالى من صفاته الذاتية الخبرية فهو سبحانه وتعالى موصوف بهذا ، ولكن وجهه لا يشابه أوجه المخلوقين ولا يماثلهم كما قال تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حجابه ) يعني الرب عز وجل ( النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) ( أحرقت سبحات وجهه ) أي : بهاؤه ونوره وعظمته كل شيء فقوله : ( ما انتهى إليه بصره من خلقه ) لا يعني أن البصر قد لا ينتهي إلى شيء ، بل إنه ينتهي بكل شيء ، فهو واسع عليم ، محيط بكل شيء ، فبصره ينفذ كل شيء ، ويكون هذا من أبلغ ما يكون من التعبير في أن سبحات وجهه تحرق كل شيء.
أهل التعطيل والتحريف ، أقول التعطيل لما وصف به نفسه ، والتحريف لنصوص الكتاب والسنة ، لأن أهل التعطيل الذين ينكرون الصفات أو بعضها هم معطلة ومحرفة ، معطلة باعتبار ما نفوه من صفات الله التي دلت عليها النصوص ، ومحرفة لأنهم حرّفوا نصوص الكتاب والسنة عما أراده الله بها إلى غير ما أراده الله بها..
فنحن نؤمن بأن لله وجهًا ، وله يدين ، وله عينان ، وله قدم وله قدمان ، ولكن ذلك كله لا يماثل صفات المخلوقين لأنه مفارق لجميع العناصر المخلوقة ، فهو خالق وليس بمخلوق فجميع العناصر المادية المخلوقة الله تعالى مخالف لها على كل حال ، ولذلك لا يمكن أن يماثلها
ومن فوائد هذا الحديث : خوف المهاجرين من أن يتخلفوا فيما هاجروا إليه ، لقول سعد : ( قلت : يا رسول الله ، أخلف بعد أصحابي ) وهذا استفهام مشفق خائف ، وهو كذلك ، يعني ينبغي للإنسان إذا هاجر من بلد لله عز وجل أن يخاف أن يموت فيها ، لأنه تركها لله وما ترك لله لا يجوز الرجوع فيه ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب أن يشتري ما تصدق به وقال : إن العائد في صدقته كالكلب.
ومن فوائد هذا الحديث : أن أي عمل يبتغي به الإنسان وجه الله فإنه يثاب عليه ، ولكن هذا ليس على إطلاقه بالنسبة للعمل ، لأنه لا بد من شرط آخر يضاف للإخلاص وهو موافقة الشريعة ، فإذا لم يوافق الشريعة بأن تعبد الإنسان به لله عز وجل بدون دليل فإنه لا يثاب على ذلك بل إنه يقال إنه آثم لأن كل بدعة ضلالة.
فإن قال قائل : ما تقولون في الوسائل المباحة الموصلة إلى مطلوب شرعي ، هل يثاب عليها؟
الجواب : نعم ، يثاب عليها ، ثواب المستحب أو ثواب الواجب ، فمن ليس عنده ماء واشترى ماءً ليتوضأ به ، فالشراء هنا وسيلة إلى الوضوء ، وهو واجب ، فوسائل المأمورات له حكمها ، الوسائل لها أحكام المقاصد.
أما أن يبتدع الإنسان عبادة ويقول إنني أبتغي بذلك وجه الله وهي على غير شريعة الله فعمله باطل.
ومن فوائد هذا الحديث : بيان تفاضل الناس في الثواب ، لقوله : ( إلا ازددت به درجة ورفعة ) والزيادة يقابلها النقص ومعلوم أنها إذا زادت المراتب فإنما ذلك بزيادة الأعمال ، وإذا زادت الأعمال وقلنا بالقول الواضح البين الراجح إن الأعمال من الإيمان ، لزم من ذلك أن نقول : يعني الإيمان يزيد وينقص.
ومن فوائد الحديث : هذه الآية من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث توقع أن يخلّف سعد وينفع الله به أقوامًا ويضر به آخرين فإنه كما قلنا في الشرح عمّر وفتح الله على يديه بلادًا كثيرًا من بلاد الفرس ، فمن الذي تضرر به ومن الذي انتفع به؟ المسلمون انتفعوا به ، والمشركون تضرروا به.
ومن فوائد هذا الحديث : شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وعلى أصحابه خاصة ، لقوله : ( اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ).
ومن فوائده : أنه لا حق للنبي صلى الله عليه وسلم في الربوبية ، وأنه لا يملك لنفسه ولا لغيره ضررًا ولا نفعًا ، ولذلك كان يدعو الله لنفسه ويدعو الله لغيره ، فلا يملك أن ينفع أحدًا أو يضره ، أو يحيي أحدًا أو يميته ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبدٌ مربوب كغيره من العباد.
ومن فوائد هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه ألا يردهم على أعقابهم أي : أصحابه فهل قبل هذا الدعاء أو لا ؟ نقول : إذا فسرنا الرد على الأعقاب هنا بالرجوع إلى مكة بعد الهجرة منها ، فهذا لم يقع ، وإن فسرناه بالرجوع عن الإسلام فهذا قد وقع فإن بعض الصحابة ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن بعضهم رجع إلى الإسلام ، وبعضهم مات على الردة والعياذ بالله ، ولهذا نجد في كلام أهل العلم في مصطلح الحديث أنهم يقولون : إن الصحابي هو الذي اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات على ذلك ، وقالوا : حتى لو تخللت ردة بين صحبته وموته ثم عاد إلى الإسلام فإن صحبته تبقى.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز التوجع لمن فاته الخير ، ولو كان لا يذم عليه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لكن البائس سعد بن خولة ) رثى له صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة.
الشاهد من هذا الحديث : أن الوصية بزائد على الثلث لا تجوز ، وأن الوصية بالثلث مفضولة ، وأن الأفضل هو النقص.