حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر قالوا حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أبي مات وترك مالا ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه قال نعم حفظ
القارئ : باب وصول ثواب الصّدقات إلى الميّت
حدّثنا يحيى بن أيّوب ، وقتيبة بن سعيدٍ ، وعليّ بن حجرٍ ، قالوا : حدّثنا إسماعيل وهو ابن جعفرٍ ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : ( أنّ رجلًا قال للنّبيّ صلى الله عليه وسلم : إنّ أبي مات وترك مالًا ، ولم يوص ، فهل يكفّر عنه أن أتصدّق عنه؟ قال : نعم ) .
الشيخ : قوله : ( فهل يكفّر عنه ) ظاهرها أن الوصية واجبة وأنه -أي أباه- لم يقم بهذا ، فهل يفكر عنه أن يتصدق عنه؟ قال : ( نعم ) ، فهذا يدل على شيئين :
الأول : أن أداء الواجب عن الميت ، وإن لم يوص به ينفعه.
والوجه الثاني : أن الصدقة عن الميت تنفعه.
ولكن هل هذا من المشروع المطلوب بمعنى أن نقول للناس : تصدقوا عن أمواتكم؟ لا ، هذا ليس من المطلوب ، بل الذي ينبغي لنا بالنسبة للأموات أن نحث الناس على الدعاء لهم ، لأن هذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) . ولم يذكر العمل ، لا صدقة ولا صيامًا ولا حجًّا ، مع أن الحديث في سياق ما ينفع من العمل.
فإن قال قائل : إذا علمنا أن الرجل الذي مات له مال لكنه لا يزكي ، متهاون بالزكاة ، فهل يجزئ أن ندفع الزكاة عنه بعد الموت؟
الصواب : أنه لا يجزئ وأنه لا ينفعه ، لأنه تركه عمدًا بلا عذر ، لكن هل يلزمنا إذا قلنا أنه لا يجزئ هل يلزمنا أن نخرج الزكاة؟ الجواب : نعم ، يلزمنا لأنها حق المساكين ، لا لأنها تنفعه ، وهذا الذي ذكره ابن القيم رحمه الله في * تهذيب السنن *، قال : " إن الذي ندين الله به والذي دلّت عليه الأدلة أنه لا ينفع الميت ما يؤدى عنه من الواجب بعد موته إذا كان قد فرّط فيه " كيف نذهب لنؤدي عنه الواجب وهو نفسه لم يؤدي الواجب عن نفسه متهاون.
وهذا لو بث في الناس لكان فيه خير كثير ، لأنه يؤدي إلى أن الناس يقومون بالواجب ، أما إذا يعرف أنه إذا مات تؤدى الزكاة من ماله سيتهاون ، ويقول : إذا لم أخرج أنا أخرج الورثة.
ولكن الذي ندين الله به ما قاله ابن القيم رحمه الله أنه إذا ترك الزكاة تهاونًا فإنه يعاقب عليها يوم القيامة ولا تنفعه إذا أخرجها أهله أو ورثته ، لكن يجب أن يخرجوها لأنها تعلق بها حق آخر وهم أهل الزكاة.