قراءة من الشرح حفظ
القارئ : " ومن باب لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد ، الحلفاء جمع حليف كظرفاء جمع ظريف ، والحليف اسم فاعل من حلف وعدل عن حالف للمبالغة وقد كثر حتى صار كالأسماء ، والمحالفة والتحالف التعاهد والتعاقد على التناصر والتعاضد ، والأسر الأخذ وأصله الشد والربط قاله القتبي ، والعضباء اسم للناقة وهي التي صارت للنبي صلى الله عليه وسلم إما بحكم سهمه الخاص به من المغنم المسمى بالصفي ، وإما بالمعاوضة الصحيحة ، وهي المسماة بالجدعاء والقصواء والخرماء في روايات أخر ، وقد ذكرنا الخلاف فيها فيما تقدم ، والعضب والقطع والجدع والخرم كلها بمعنى القطع ، وسميت هذه الناقة بتلك الأسماء لأنها كان في أذنها قطع وسميت به فصدقت عليها تلك الأسماء كلها ، وعلى هذا فأصول هذه الأسماء تكون صفات لها ثم كثرت فاستعملت استعمال الأسماء ، وقول الرجل المأسور : يا محمد بم أخذتني وأخذت سابقة الحاج ؟ هو استفهام عن السبب الذي أوجب أخذه وأخذ ناقته ، وكأنه كان يعتقد أن له أو لقبيلته عهدا من النبي صلى الله عليه وسلم ، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بذكر السبب إعظاما لحق الوفاء وإبعادًا لنسبة الغدر إليه ، فقال : أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف ، أي بما فعلته ثقيف من الجناية التي نقضوا بها ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد ، وكانت بنو عقيل دخلوا معهم في ذلك ، فإما بحكم الشرط وفيه بعد ، والظاهر أنهم دخلوا معهم بحكم الحلف الذي كان بينهم ، ولذلك ذكر حلفهم في الحديث ، ولما سمع الرجل ذلك لم يجد جوابا فسكت ، وعنى بسابقة الحاج ناقته العضباء فإنها كانت لا تسبق ، وقد كانت معروفة بذلك حتى جاء أعرابي بقعود له فسبقها ، فعظم ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : سبقت العضباء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن حقا على الله أن لا يُرفع شيء من الدنيا إلا وضعه .
وقوله : ثم انصرف فناداه : يا محمد يا محمد ، هذا النداء من الرجل على جهة الاستلطاف والاستعطاف ولذلك رق له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع له وقال له : ما شأنك ، رحمة ورفقا على مقتضى خلقه الكريم ، ولذلك قال الراوي : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا ، وقوله : إني مسلم ، ظاهر هذا اللفظ أنه قد صار مسلما بدخوله في دين الإسلام ، وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم أنه لم يقبل ذلك منه لما أجابه بقوله : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ، وحينئذٍ يلزم منه إشكال عظيم ، فإن ظاهره أنه لم يقبل إسلامه لأنه أسير مغلوب عليه لا يملك نفسه ، وعلى هذا فلا يصح إسلام الأسير في حال كونه أسيرا ، وصحة إسلامه معلوم من الشريعة ولا يختلف فيه ، غير أن إسلامه لا يزيل ملك مالكه بوجه وهو أيضا معلوم من الشارع ، ولما ظهر هذا الإشكال اختلفوا في الانتقال عنه ، فقال بعض العلماء يمكن أن يكون علم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله أنه لم يصدق في ذلك بالوحي ، ولذلك لما سأله في المرة الثالثة فقال : إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني ، قال : هذه حاجتك .
وقال بعضهم بل إسلامه صحيح وليس فيه ما يدل على أنه رد إسلامه ، فأما قوله : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ، أي لو قلت كلمة الإسلام قبل أن تؤسر لبقيت حرا من أحرار المسلمين لك ما لهم من الحرية في الدنيا وثواب الجنة في الآخرة ، وأما إذا قلتها وأنت أسير فإن حكم الرق لا يزول عنك بإسلامك ، فإن قيل فلو كان مسلما فكيف يفادى به من الكفار رجلان مسلمان ؟ .
فالجواب أنه ليس في الحديث نص أنه رجع إلى بلاده بلاد الكفر ، فيمكن أن يقال إنما فدي بالرجلين من الرق فاعتق منه بسبب ذلك ، وبقي مع المسلمين حرا من الأحرار ، وليس في قوله : هذه حاجتك ، ما يدل على أن إسلامه ليس بصحيح كما ظنه القائل الأول ، وإنما معنى ذلك هذه حاجتك حاضرة متيسرة . قلت وهذا الوجه الثاني أولى ، لأنه لا نص في الحديث يرده ولا قاعدة شرعية تبطله ، والله تعالى أعلم .
وقوله : وكان القوم يريحون نعمهم بين أيدي بيوتهم ، النعم هنا الإبل وإراحتها إناختها لتستريح من تعب السير ومشقة السفر ، وبين أيدي بيوتهم بمعنى عند بيوتهم وبحضرتها ، وقوله : وناقة منوقة أي مذللة مدربة لا نفرة عندها ، وهي المجربة أيضا ، هذا قول العلماء ، ويظهر لي أن كونها مدربة ليس موجبا لأن لا ترغو ، لأنّا قد شاهدنا من الأباعر والنوق ما لم يزل مدربا على العمل ومع ذلك فيرغو عند ركوبه وعند الحمل عليه ، وكأن هذه الناقة إنما كانت كذلك إما لأنها دربت على ترك الرغاء من صغرها ، وإما لأنها كان لها هوى في السير والجري لنشاطها فكلما حرّكت بادرت لما في هواها ، وإما لأنها خصت في أصل خلقتها بزيادة هدوء ، أو كان غير ذلك ببركة ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ، وقوله : فقعدت في عجزها أي ركبتها والعجز المؤخر . وقوله نذروا بها أي علموا وهو بكسر الذال المعجمة في الماضي وفتحها في المستقبل نذارة في المصدر ونذر ينذر بفتحها في الماضي وكسرها في المستقبل أي نذرا أي أوجب ، يقال نذرت بالشيء أي علمته ونذرت الشيء أي أوجبته ، قال ابن عرفة النذر ما كان وعدا على شرط ، فإن لم يكن شرط لم يكن نذرا ، فلو قال لله علي صدقة لم يكن ناذرا حتى يقول : إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي . قلت : والمشهور عدم التفرقة ، وأن كل ذلك نذر عند اللغويين والفقهاء ، والإنذار الإعلام بما يخاف منه ، وقوله : أعجزتهم أي سبقتهم ففاتتهم فعجزوا عنها ، ومنه قوله تعالى : وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا . أي لن نفوته فلا يعجز عنا ، وقوله : فنذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها ، ظنت هذه المرأة أن ذلك النذر يلزمها بناء منها على أنها لما استنقذتها من أيدي العدو ملكتها أو جاز لها التصرف فيها لذلك ، فلما أعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أجابها بما يوضح لها أنها لم تملكها وأن تصرفها فيها غير صحيح ، وقوله صلى الله عليه وسلم : بئس ما جزتها ، ذم لذلك النذر من حيث إنه لم يصادف محلا مملوكا لها ، ولو كانت ملكا لها للزمها الوفاء بذلك النذر ، إذ كان يكون نذر طاعة فيلزم الوفاء به اتفاقا ، هذا إن كان ذلك الذم شرعيا ، ويمكن أن يقال إنما صدر هذا الذم منه لأن ذلك النذر مستقبح عادة ، لأنه مقابلة الإحسان بالإساءة ، وذلك أن الناقة نجتها من الهلكة فقابلتها على ذلك بأن تهلكها ، وهذا هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله بئس ما جزتها نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها . وفي هذا الحديث حجة على أن ما وجد من أموال المسلمين بأيدي الكفار وغلبوا عليه وعرف مالكه أنه له دون آخذه ، وفيه مستروح لقول من يقول إن الكفار لا يملكون وقد تقدم الكلام في ذلك ، وقوله : لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك العبد ، ظاهر هذه الكلمة يدل على أن ما صدر من المرأة نذر معصية لأنها التزمت أن تهلك ملك الغير فتكون عاصية بهذا القصد ، وهذا ليس بصحيح ، لأن المرأة لم يتقدم لها من النبي صلى الله عليه وسلم بيان تعليم ذلك ، ولم تقصد ذلك ، وإنما معنى ذلك والله تعالى أعلم أن من أقدم على ذلك بعد التقدمة وبيان أن ذلك محرم كان عاصيا بذلك القصد ، ولا يدخل في ذلك المعلق على الملك كقوله إن ملكت هذا البعير فهو هدي أو صدقة لأن ذلك الحكم معلق على ملكه لا ملك غيره ، وليس مالكا في الحال ، فلا نذر ، وقد تقدم الكلام على هذا في الطلاق والعتق المعلقين على الملك ، وأما الصحيح لزوم المشروط عند وقوع الشرط ، وفيه دليل على أن من نذر نذر معصية حرم عليه الوفاء بها ، وأنه لا يلزمه على ذلك حكم بكفارة يمين ولا غيره ، إذ لو كان هنالك حكم لبينه للمرأة لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وعليه جمهور العلماء ، وذهب الكوفيون إلى أنه يحرم عليه الوفاء بالمعصية لكن تلزمه كفارة اليمين ، متمسكين في ذلك بحديث معتل عند أهل الحديث ، وهو ما يروى من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين . ذكره أبو داود والطحاوي ، والصحيح من حديث عائشة ما خرجه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه . وليس فيه شيء من ذلك والله تعالى أعلم ، ثم النذر إما طاعة فيجب " ، أواصل ؟.
الشيخ : طيب.
القارئ : " ثم النذر إما طاعة فيجب الوفاء به بالاتفاق ، أو معصية فيحرم الوفاء به بالاتفاق أو لا طاعة ولا معصية وهو المكروه والمباح ، فلا يلزم الوفاء بشيء منهما وهو مكروه لأنه من تعظيم ما لا يعظم وهو مذهب الجمهور ، وشذ أحمد بن حنبل فقال إذا نذر مباحا لزمه إما الوفاء به أو كفارة يمين ، وحيث قلنا بلزوم الوفاء فلا اعتبار بالوجه الذي يخرج عليه النذر من تبرع أو لجاج أو غضب أو غير ذلك ".
وقوله : ثم انصرف فناداه : يا محمد يا محمد ، هذا النداء من الرجل على جهة الاستلطاف والاستعطاف ولذلك رق له رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع له وقال له : ما شأنك ، رحمة ورفقا على مقتضى خلقه الكريم ، ولذلك قال الراوي : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا ، وقوله : إني مسلم ، ظاهر هذا اللفظ أنه قد صار مسلما بدخوله في دين الإسلام ، وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم أنه لم يقبل ذلك منه لما أجابه بقوله : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ، وحينئذٍ يلزم منه إشكال عظيم ، فإن ظاهره أنه لم يقبل إسلامه لأنه أسير مغلوب عليه لا يملك نفسه ، وعلى هذا فلا يصح إسلام الأسير في حال كونه أسيرا ، وصحة إسلامه معلوم من الشريعة ولا يختلف فيه ، غير أن إسلامه لا يزيل ملك مالكه بوجه وهو أيضا معلوم من الشارع ، ولما ظهر هذا الإشكال اختلفوا في الانتقال عنه ، فقال بعض العلماء يمكن أن يكون علم النبي صلى الله عليه وسلم من حاله أنه لم يصدق في ذلك بالوحي ، ولذلك لما سأله في المرة الثالثة فقال : إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني ، قال : هذه حاجتك .
وقال بعضهم بل إسلامه صحيح وليس فيه ما يدل على أنه رد إسلامه ، فأما قوله : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ، أي لو قلت كلمة الإسلام قبل أن تؤسر لبقيت حرا من أحرار المسلمين لك ما لهم من الحرية في الدنيا وثواب الجنة في الآخرة ، وأما إذا قلتها وأنت أسير فإن حكم الرق لا يزول عنك بإسلامك ، فإن قيل فلو كان مسلما فكيف يفادى به من الكفار رجلان مسلمان ؟ .
فالجواب أنه ليس في الحديث نص أنه رجع إلى بلاده بلاد الكفر ، فيمكن أن يقال إنما فدي بالرجلين من الرق فاعتق منه بسبب ذلك ، وبقي مع المسلمين حرا من الأحرار ، وليس في قوله : هذه حاجتك ، ما يدل على أن إسلامه ليس بصحيح كما ظنه القائل الأول ، وإنما معنى ذلك هذه حاجتك حاضرة متيسرة . قلت وهذا الوجه الثاني أولى ، لأنه لا نص في الحديث يرده ولا قاعدة شرعية تبطله ، والله تعالى أعلم .
وقوله : وكان القوم يريحون نعمهم بين أيدي بيوتهم ، النعم هنا الإبل وإراحتها إناختها لتستريح من تعب السير ومشقة السفر ، وبين أيدي بيوتهم بمعنى عند بيوتهم وبحضرتها ، وقوله : وناقة منوقة أي مذللة مدربة لا نفرة عندها ، وهي المجربة أيضا ، هذا قول العلماء ، ويظهر لي أن كونها مدربة ليس موجبا لأن لا ترغو ، لأنّا قد شاهدنا من الأباعر والنوق ما لم يزل مدربا على العمل ومع ذلك فيرغو عند ركوبه وعند الحمل عليه ، وكأن هذه الناقة إنما كانت كذلك إما لأنها دربت على ترك الرغاء من صغرها ، وإما لأنها كان لها هوى في السير والجري لنشاطها فكلما حرّكت بادرت لما في هواها ، وإما لأنها خصت في أصل خلقتها بزيادة هدوء ، أو كان غير ذلك ببركة ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ، وقوله : فقعدت في عجزها أي ركبتها والعجز المؤخر . وقوله نذروا بها أي علموا وهو بكسر الذال المعجمة في الماضي وفتحها في المستقبل نذارة في المصدر ونذر ينذر بفتحها في الماضي وكسرها في المستقبل أي نذرا أي أوجب ، يقال نذرت بالشيء أي علمته ونذرت الشيء أي أوجبته ، قال ابن عرفة النذر ما كان وعدا على شرط ، فإن لم يكن شرط لم يكن نذرا ، فلو قال لله علي صدقة لم يكن ناذرا حتى يقول : إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي . قلت : والمشهور عدم التفرقة ، وأن كل ذلك نذر عند اللغويين والفقهاء ، والإنذار الإعلام بما يخاف منه ، وقوله : أعجزتهم أي سبقتهم ففاتتهم فعجزوا عنها ، ومنه قوله تعالى : وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا . أي لن نفوته فلا يعجز عنا ، وقوله : فنذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها ، ظنت هذه المرأة أن ذلك النذر يلزمها بناء منها على أنها لما استنقذتها من أيدي العدو ملكتها أو جاز لها التصرف فيها لذلك ، فلما أعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أجابها بما يوضح لها أنها لم تملكها وأن تصرفها فيها غير صحيح ، وقوله صلى الله عليه وسلم : بئس ما جزتها ، ذم لذلك النذر من حيث إنه لم يصادف محلا مملوكا لها ، ولو كانت ملكا لها للزمها الوفاء بذلك النذر ، إذ كان يكون نذر طاعة فيلزم الوفاء به اتفاقا ، هذا إن كان ذلك الذم شرعيا ، ويمكن أن يقال إنما صدر هذا الذم منه لأن ذلك النذر مستقبح عادة ، لأنه مقابلة الإحسان بالإساءة ، وذلك أن الناقة نجتها من الهلكة فقابلتها على ذلك بأن تهلكها ، وهذا هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله بئس ما جزتها نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها . وفي هذا الحديث حجة على أن ما وجد من أموال المسلمين بأيدي الكفار وغلبوا عليه وعرف مالكه أنه له دون آخذه ، وفيه مستروح لقول من يقول إن الكفار لا يملكون وقد تقدم الكلام في ذلك ، وقوله : لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك العبد ، ظاهر هذه الكلمة يدل على أن ما صدر من المرأة نذر معصية لأنها التزمت أن تهلك ملك الغير فتكون عاصية بهذا القصد ، وهذا ليس بصحيح ، لأن المرأة لم يتقدم لها من النبي صلى الله عليه وسلم بيان تعليم ذلك ، ولم تقصد ذلك ، وإنما معنى ذلك والله تعالى أعلم أن من أقدم على ذلك بعد التقدمة وبيان أن ذلك محرم كان عاصيا بذلك القصد ، ولا يدخل في ذلك المعلق على الملك كقوله إن ملكت هذا البعير فهو هدي أو صدقة لأن ذلك الحكم معلق على ملكه لا ملك غيره ، وليس مالكا في الحال ، فلا نذر ، وقد تقدم الكلام على هذا في الطلاق والعتق المعلقين على الملك ، وأما الصحيح لزوم المشروط عند وقوع الشرط ، وفيه دليل على أن من نذر نذر معصية حرم عليه الوفاء بها ، وأنه لا يلزمه على ذلك حكم بكفارة يمين ولا غيره ، إذ لو كان هنالك حكم لبينه للمرأة لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وعليه جمهور العلماء ، وذهب الكوفيون إلى أنه يحرم عليه الوفاء بالمعصية لكن تلزمه كفارة اليمين ، متمسكين في ذلك بحديث معتل عند أهل الحديث ، وهو ما يروى من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين . ذكره أبو داود والطحاوي ، والصحيح من حديث عائشة ما خرجه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه . وليس فيه شيء من ذلك والله تعالى أعلم ، ثم النذر إما طاعة فيجب " ، أواصل ؟.
الشيخ : طيب.
القارئ : " ثم النذر إما طاعة فيجب الوفاء به بالاتفاق ، أو معصية فيحرم الوفاء به بالاتفاق أو لا طاعة ولا معصية وهو المكروه والمباح ، فلا يلزم الوفاء بشيء منهما وهو مكروه لأنه من تعظيم ما لا يعظم وهو مذهب الجمهور ، وشذ أحمد بن حنبل فقال إذا نذر مباحا لزمه إما الوفاء به أو كفارة يمين ، وحيث قلنا بلزوم الوفاء فلا اعتبار بالوجه الذي يخرج عليه النذر من تبرع أو لجاج أو غضب أو غير ذلك ".