قرأ أحاديث من باب حد السرقة ( من كتاب بلوغ المرام للحافظ ابن حجر ) حفظ
القارئ : ... نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قال المصنف رحمه الله تعالى : " باب حد السرقة "
" فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ) متفق عليه واللفظ لمسلم ولفظ البخاري : ( تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا ) وفي رواية لأحمد : ( اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك ) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم ) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) متفق عليه أيضا .
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟ ) ثم قام فخطب فقال : ( أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) متفق عليه ، واللفظ لمسلم ، وله من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها : ( كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ).
وعن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس على خائن ولا مختلس ولا منتهب قطع ) رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان .
وعن رافع بن خديج رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا قطع في ثمر ولا كثر ) رواه المذكورون وصححه أيضا الترمذي وابن حبان .
وعن أبي أمية المخزومي رضي الله عنه قال : ( أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلص قد اعترف اعترافا ، ولم يوجد معه متاع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما إخالك سرقت . قال : بلى ، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا ، فأمر به فقطع وجيء به ، فقال : استغفر الله وتب إليه ، فقال : أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال : اللهم تب عليه ) ثلاثا ، أخرجه أبو داود واللفظ له ، وأحمد ، والنسائي، ورجاله ثقات .
وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فساقه بمعناه، وقال فيه : ( اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ) أخرجه البزار أيضا ، وقال : لا بأس بإسناده " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام :
" باب حد السرقة "، السرقة هي أخذ المال من مالكه أو نائبه على وجه الإختفاء ، وإذا ثبتت وتمت الشروط وجب قطع يد السارق اليمنى من مفصل الكف ، لقول الله تبارك وتعالى : (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )) فأمر سبحانه وتعالى بقطع أيديهما ، وبين أن ذلك جزاء بما كسبا ، فالجزاء من جنس العمل ، لما امتدت أيديهما إلى أموال المسلمين وانتهكتها كان جزاء هذه الممتدة عدوانا وظلما أن تقطع . (( نكالا من الله )) يعني ليكون ذلك نكالا لغيرهما حتى لا يسرق أحد .
والحدود كلها رحمة من الله عز وجل يحمي بها العباد إما في أعراضهم كما سبق في حد القذف ، وإما في أنسابهم كما سبق في حد الزنا ، وإما في أموالهم كما في حد السرقة .
سمع أعرابي رجلا يقول : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم ، فقال الأعرابي أعد الآية فأعادها ، فقرأ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم ، قال له أعد الآية فأعادها وقال : (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )) ، قال الآن أصبت ، عز وحكم فقطع ، ولو غفر ورحم ما قطع ، شوف أعرابي! لكن الأعراب عندهم فهم عندهم ذكاء ولكن عندهم جهل ، فلا يجوز أن يهمل قطع يد السارق مهما كان الذي سرق شريفا كان أو وضيعا غنيا كان أو فقيرا .
وذكر المؤلف رحمه الله من جملة ما ذكر قصة المرأة المخزومية ، من بني مخزوم من أشراف العرب كانت تستعير المتاع ، يعني تأتي للناس تقول أعيروني القدر أعيروني الصحفة وما أشبه ذلك ، فإذا أعاروها أنكرت قالت ما عندي شيء ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها ، فأهم قريشا شأن المخزومية لأنها من بني مخزوم امرأة تقطع يدها فطلبوا من أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه وعن أبيه أن يشفع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أن لا تقطع يدها ، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟! ) وهذا الإستفهام للإنكار ، ثم قام صلى الله عليه وسلم فخطب الناس وقال : ( إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف يعني الوضيع أقاموا عليه الحد ) ، فهلكوا لأنهم صاروا لا يقيمون حدود الله رضا لله ولكن تبعا لأهوائهم ، ثم أقسم صلى الله عليه وسلم وهو الصادق البار أنه : ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها ) صلى الله عليه وسلم ، أقسم وهو صادق بلا قسم لو أن فاطمة بنت محمد وهي أشرف من المخزومية أشرف نسبا ومرتبة وأفضل ، وهي سيدة نساء الجنة رضي الله عنها ، لو سرقت لقطعت يدها ، ولم يقل لأمرت بقطع يدها يعني لباشرت قطع يدها وهو أبوها وهي سيدة نساء أهل الجنة ، فانظر يا أخي كيف كان الرسول عليه الصلاة والسلام قائد هذه الأمة يقسم لو أن ابنته سرقت لقطع يدها ، وقس الآن حال المسلمين هل يجرؤ أحد أن يقول مثل هذا القول اليوم ؟! أجيبوا ؟ . لا . إلا نفاقا أما حقيقة فلا ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك حقا ، إذًا تجب إقامة الحدود على من انتهك حرمات الله أيًا كان .
ولكن السرقة لها شروط :
الشرط الأول : أن تبلغ النصاب والنصاب ربع دينار والدينار الإسلامي مثقال من الذهب وربع الدينار يساوي ثمن الجنيه السعودي الذهب عندنا تقريبا ، فإن سرق أقل من ذلك فلا قطع ، فلو سرقت امرأة خاتما لا يبلغ هذا الوزن فلا قطع عليها ، وإن سرقت ما يزن ربع دينار أو ما يقابله من الأعيان الأخرى فإنها تقطع ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ) .
الثاني : أن تكون سرقة من حرز فإن لم تكن سرقة كالمنتهب والمختلس والخائن فلا قطع ، المنتهب الذي يخطف الشيء بسرعة ويهرب ، كأن يكون في يد إنسان شيئا فأخذه بسرعة وهرب هذا لا يقطع لأنه غير سارق ، المختلس الذي يتراءى للإنسان ويأخذ منه ، كرجل وقف عند صاحب دكان وجعل يشغله ويلهيه يقول جب لي السلعة الفلانية هات السلعة الفلاني هات السلعة الفلانية ثم يسرق هذا أيضا لا يقطع ، لأنه مختلس ، الخائن كرجل أقرضته دراهم وخان وجحد أو رجل أودعت عنده مال وخان فجحد فلا قطع بخلاف العارية ، العارية إذا جحدها قُطع كما في حديث المخزومية .
وأيضا لا بد أن يكون من حرز ، ومعنى الحرز ما تحفظ به الأموال ، وهذا يختلف باختلاف الأموال واختلاف البلدان واختلاف الإيمان واختلاف السلطان ، قد يكون هذا حرزا للذهب والفضة في دولة من الدول وليس حرزا في دولة من الدول ، لأن الدولة الأولى قوية وتنفذ الحدود والثانية بالعكس ، المهم أنه لا بد أن يكون من حرز ، فإن سرق من غير حرز فلا قطع عليه لكن يضمنها .
ومن الشروط أيضا ثبوت السرقة ، بأن يشهد بها رجلان ، ولا مدخل للنساء في الحدود ، النساء لو تشهد ألف امرأة على سرقة ما تقبل في قطع اليد لأن الحدود لا يشهد بها إلا الرجال ، فإن لم تثبت السرقة فلا قطع ، حتى لو وجد المسروق عند المدعى عليه ولكنه لم يقر بالسرقة فإنه لا يقطع ، لا بد من الثبوت إما بشهادة رجلين أو بإقرار السارق ، ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول إنه سرق ولم يجدوا معه مالا ، لم يجدوا معه مالا ، قال : ( ما إخالك سرقت ) يعني ما أظنك سرقت ، وين المال اللي سرقته ؟ فقال : بلى سرقت ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده لأنه أيش ؟ اعترف وأقر ، لكنه صلى الله عليه وسلم أمر بأن تحسم اليد .
والحسم أن يغلى الزيت على النار ثم يغمس طرف الذراع في هذا الزيت الذي يغلي من أجل أن يتوقف نزيف الدم ، والحسم واجب لأنه إذا لم يحسم نزف الدم ومات ، فلا بد أن يحسم ، وهذا الزيت الذي يحسم به يكون على بيت المال لأنه من المصالح العامة وليس على ما قال بعض الفقهاء أنه يكون على السارق ، بعض الفقهاء يقول إن الزيت الذي يحسم به يكون على السارق ولكن الصواب أنه في بيت المال ، نعم .
قال المصنف رحمه الله تعالى : " باب حد السرقة "
" فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ) متفق عليه واللفظ لمسلم ولفظ البخاري : ( تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدا ) وفي رواية لأحمد : ( اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك ) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم ) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) متفق عليه أيضا .
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟ ) ثم قام فخطب فقال : ( أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ) متفق عليه ، واللفظ لمسلم ، وله من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها : ( كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ).
وعن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس على خائن ولا مختلس ولا منتهب قطع ) رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان .
وعن رافع بن خديج رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا قطع في ثمر ولا كثر ) رواه المذكورون وصححه أيضا الترمذي وابن حبان .
وعن أبي أمية المخزومي رضي الله عنه قال : ( أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلص قد اعترف اعترافا ، ولم يوجد معه متاع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما إخالك سرقت . قال : بلى ، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا ، فأمر به فقطع وجيء به ، فقال : استغفر الله وتب إليه ، فقال : أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال : اللهم تب عليه ) ثلاثا ، أخرجه أبو داود واللفظ له ، وأحمد ، والنسائي، ورجاله ثقات .
وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فساقه بمعناه، وقال فيه : ( اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ) أخرجه البزار أيضا ، وقال : لا بأس بإسناده " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام :
" باب حد السرقة "، السرقة هي أخذ المال من مالكه أو نائبه على وجه الإختفاء ، وإذا ثبتت وتمت الشروط وجب قطع يد السارق اليمنى من مفصل الكف ، لقول الله تبارك وتعالى : (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )) فأمر سبحانه وتعالى بقطع أيديهما ، وبين أن ذلك جزاء بما كسبا ، فالجزاء من جنس العمل ، لما امتدت أيديهما إلى أموال المسلمين وانتهكتها كان جزاء هذه الممتدة عدوانا وظلما أن تقطع . (( نكالا من الله )) يعني ليكون ذلك نكالا لغيرهما حتى لا يسرق أحد .
والحدود كلها رحمة من الله عز وجل يحمي بها العباد إما في أعراضهم كما سبق في حد القذف ، وإما في أنسابهم كما سبق في حد الزنا ، وإما في أموالهم كما في حد السرقة .
سمع أعرابي رجلا يقول : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم ، فقال الأعرابي أعد الآية فأعادها ، فقرأ والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله غفور رحيم ، قال له أعد الآية فأعادها وقال : (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم )) ، قال الآن أصبت ، عز وحكم فقطع ، ولو غفر ورحم ما قطع ، شوف أعرابي! لكن الأعراب عندهم فهم عندهم ذكاء ولكن عندهم جهل ، فلا يجوز أن يهمل قطع يد السارق مهما كان الذي سرق شريفا كان أو وضيعا غنيا كان أو فقيرا .
وذكر المؤلف رحمه الله من جملة ما ذكر قصة المرأة المخزومية ، من بني مخزوم من أشراف العرب كانت تستعير المتاع ، يعني تأتي للناس تقول أعيروني القدر أعيروني الصحفة وما أشبه ذلك ، فإذا أعاروها أنكرت قالت ما عندي شيء ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها ، فأهم قريشا شأن المخزومية لأنها من بني مخزوم امرأة تقطع يدها فطلبوا من أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنه وعن أبيه أن يشفع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام أن لا تقطع يدها ، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟! ) وهذا الإستفهام للإنكار ، ثم قام صلى الله عليه وسلم فخطب الناس وقال : ( إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف يعني الوضيع أقاموا عليه الحد ) ، فهلكوا لأنهم صاروا لا يقيمون حدود الله رضا لله ولكن تبعا لأهوائهم ، ثم أقسم صلى الله عليه وسلم وهو الصادق البار أنه : ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها ) صلى الله عليه وسلم ، أقسم وهو صادق بلا قسم لو أن فاطمة بنت محمد وهي أشرف من المخزومية أشرف نسبا ومرتبة وأفضل ، وهي سيدة نساء الجنة رضي الله عنها ، لو سرقت لقطعت يدها ، ولم يقل لأمرت بقطع يدها يعني لباشرت قطع يدها وهو أبوها وهي سيدة نساء أهل الجنة ، فانظر يا أخي كيف كان الرسول عليه الصلاة والسلام قائد هذه الأمة يقسم لو أن ابنته سرقت لقطع يدها ، وقس الآن حال المسلمين هل يجرؤ أحد أن يقول مثل هذا القول اليوم ؟! أجيبوا ؟ . لا . إلا نفاقا أما حقيقة فلا ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك حقا ، إذًا تجب إقامة الحدود على من انتهك حرمات الله أيًا كان .
ولكن السرقة لها شروط :
الشرط الأول : أن تبلغ النصاب والنصاب ربع دينار والدينار الإسلامي مثقال من الذهب وربع الدينار يساوي ثمن الجنيه السعودي الذهب عندنا تقريبا ، فإن سرق أقل من ذلك فلا قطع ، فلو سرقت امرأة خاتما لا يبلغ هذا الوزن فلا قطع عليها ، وإن سرقت ما يزن ربع دينار أو ما يقابله من الأعيان الأخرى فإنها تقطع ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا ) .
الثاني : أن تكون سرقة من حرز فإن لم تكن سرقة كالمنتهب والمختلس والخائن فلا قطع ، المنتهب الذي يخطف الشيء بسرعة ويهرب ، كأن يكون في يد إنسان شيئا فأخذه بسرعة وهرب هذا لا يقطع لأنه غير سارق ، المختلس الذي يتراءى للإنسان ويأخذ منه ، كرجل وقف عند صاحب دكان وجعل يشغله ويلهيه يقول جب لي السلعة الفلانية هات السلعة الفلاني هات السلعة الفلانية ثم يسرق هذا أيضا لا يقطع ، لأنه مختلس ، الخائن كرجل أقرضته دراهم وخان وجحد أو رجل أودعت عنده مال وخان فجحد فلا قطع بخلاف العارية ، العارية إذا جحدها قُطع كما في حديث المخزومية .
وأيضا لا بد أن يكون من حرز ، ومعنى الحرز ما تحفظ به الأموال ، وهذا يختلف باختلاف الأموال واختلاف البلدان واختلاف الإيمان واختلاف السلطان ، قد يكون هذا حرزا للذهب والفضة في دولة من الدول وليس حرزا في دولة من الدول ، لأن الدولة الأولى قوية وتنفذ الحدود والثانية بالعكس ، المهم أنه لا بد أن يكون من حرز ، فإن سرق من غير حرز فلا قطع عليه لكن يضمنها .
ومن الشروط أيضا ثبوت السرقة ، بأن يشهد بها رجلان ، ولا مدخل للنساء في الحدود ، النساء لو تشهد ألف امرأة على سرقة ما تقبل في قطع اليد لأن الحدود لا يشهد بها إلا الرجال ، فإن لم تثبت السرقة فلا قطع ، حتى لو وجد المسروق عند المدعى عليه ولكنه لم يقر بالسرقة فإنه لا يقطع ، لا بد من الثبوت إما بشهادة رجلين أو بإقرار السارق ، ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول إنه سرق ولم يجدوا معه مالا ، لم يجدوا معه مالا ، قال : ( ما إخالك سرقت ) يعني ما أظنك سرقت ، وين المال اللي سرقته ؟ فقال : بلى سرقت ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يده لأنه أيش ؟ اعترف وأقر ، لكنه صلى الله عليه وسلم أمر بأن تحسم اليد .
والحسم أن يغلى الزيت على النار ثم يغمس طرف الذراع في هذا الزيت الذي يغلي من أجل أن يتوقف نزيف الدم ، والحسم واجب لأنه إذا لم يحسم نزف الدم ومات ، فلا بد أن يحسم ، وهذا الزيت الذي يحسم به يكون على بيت المال لأنه من المصالح العامة وليس على ما قال بعض الفقهاء أنه يكون على السارق ، بعض الفقهاء يقول إن الزيت الذي يحسم به يكون على السارق ولكن الصواب أنه في بيت المال ، نعم .