وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي كلاهما عن قتادة بهذا الإسناد غير أن في حديثهما ( البكر يجلد وينفي والثيب يجلد ويرجم ) لا يذكران سنة ولا مائة حفظ
القارئ : وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي كلاهما عن قتادة بهذا الإسناد غير أن في حديثهما : ( البكر يجلد وينفى ، والثيب يجلد ويرجم ) لا يذكران : سنة ولا مائة .
الشيخ : نعم ، هذا في بيان حد الزنى ، والزنى هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر لكن في الدبر إن كان ذكر بذكر فهو لواط ، وإن كان ذكر بأنثى فهو زنى .
ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة النساء فقال : (( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا )) أي الأربعة (( فأمسكوهن )) يعني النساء اللاتي شهد عليهن في البيوت (( حتى يتوفاهن الموت )) هذه غاية (( أو يجعل الله لهن سبيلا )) هذه هي غاية أخرى ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله جعل لهن سبيلا ، ونزل عليه بذلك الوحي ، والسبيل ( البكر بالبكر ) يعني إذا زنا البكر بالبكر ( جلد مئة وتغريب عام ) ، ( والثيب بالثيب ) يعني إذا زنا الثيب بالثيب ( جلد مئة والرجم )، هذا السبيل .
وهل هذا من باب النسخ أو لا ؟ .
الجواب ليس من باب النسخ ، لأن الله تعالى لم يقرر الحكم الأول بل جعله مفتوحا حيث قال : (( أو يجعل الله لهن سبيلا )) .
ولكن كيف يجلد ، وبماذا يجلد ، وأين يجلد ، وعلى أي وجه يجلد ؟ .
أما الجلد فإنه يجلد بسوط ليس جديدا ولا خلقا ، لأن الجديد قد يكون مبرّحا والخلِق لا يؤثر ، وجرت عادة الناس عندنا أنهم يضربونه بجريد النخل .
وأما كيف ؟، فإنه لا يشتد الجالد بقوة لأنه لو اشتد بقوة ثم ضربه صار السوط الواحد عن عشرة أسواط أو أكثر ، ولا يكون برفق ، فإنه إن كان برفق لم يتأثر ، وإن كان بشدة لا .
وأين يكون هذا ؟، يكون بمحضر من الناس ، لقول الله تعالى : (( وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )) .
وعلى أي هيئة يجلد ؟ ، قال العلماء يجلد قائما يوقف ويجلد ، وعمل الناس من قديم أنه يمد على الأرض ويجلد ، ولو قيل إن هذا يرجع إلى نظر الحاكم والمنفذ للحكم لكان وجيها ، لأن الضرب والإنسان قائم لا يجدي شيئا كثيرا ، ولكن إذا كان ممدودا على الأرض صار له أثر ، ( ونفي سنة ) يعني أنه ينفى من الأرض سنة كاملة ، فمثلا يخرج من البلد من منطقة إلى أخرى ، لفائدتين :
الفائدة الأولى : أن لا يعير بذنبه ، لأنه لو بقي في بلده والحد قريب العهد لكان مدعاة للسخرية به وإيذائه .
ثانيا : إبعاده عن المكان الذي حصل فيه الفاحشة ينسيه الفاحشة ، لأنه سيكون في البلد الثاني ، غريبا سيكون غريبا ، والغريب لا يستطيع أن يعمل شيئا ، فصارت الحكمة في نفيه واضحة لمصلحته من وجهين : أن لا يؤذى ، وأن لا يعود مرة أخرى إلى الفاحشة ، لأنه انتقل إلى بلد آخر .
أما لماذا كانت مئة ؟ ، فليس لنا أن نسأل ، لأن جميع المقدرات الشرعية من عبادات وعقوبات وغيرها لا يُسأل عنها ، لأن الله تعالى أعلم وأحكم ، ونعلم أنه جل وعلا لم يفرضها إلا لحكمة ، ولكننا لا ندري ما هي .
ثم يقول : ( الثيب بالثيب جلد مئة والرجم )، فيجمع له بين العقوبتين جلد المئة والرجم ، وهذا نُسخ ، أعني جلد المئة للثيب ، نسخ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا الحكم كان يرجم ولا يجلد ، والمنسوخ إليه أحكم وأبين ، لأن جلده ونحن سوف نرجمه ما هو إلا تعذيب ، لأنه سوف يرجم ويعدم .
طيب الثيب بالبكر أو البكر بالثيب ، لأننا عندنا أربعة أقسام : بكر ببكر وثيب بثيب وثيب ببكر وبكر بثيب ، الحديث بين البكر بالبكر ، والثيب بالثيب ، طيب البكر بالثيب ؟.
نقول الحكم يدور مع علته فالزاني يجلد وينفى ، والمزني بها ترجم ، في العكس إذا كان ثيبا ببكر ، فالثيب الزاني يقتل ، والمزني بها تجلد وتنفى ، لكن سنعلق على هذا ، ويدل على ذلك ما سيأتي إن شاء الله في قصة العسيف الذي زنى بامرأة مستأجره وهو بكر وهي ثيب ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لكل منهما حكمه ، نعم .
طيب بقي نفي المرأة ، نفي المرأة هل يشترط لنفيها أن يكون معها محرم ؟ . فإن لم يكن معها محرم فإنها تبقى في بلدها ؟.
يرى بعض أهل العلم أنه لا يشترط أن يكون معها محرم لأن هذا حد وعقوبة ، ولكن القول هذا ضعيف ، والصواب أنه إذا لم يكن معها محرم فإنها لا تنفى ، لأن نفيها أشد ضررا وأعظم فتنة من بقائها ، إذا غرّبت إلى بلد غريب ، ربما تحملها الحاجة على فعل الفاحشة ، وربما يطمع بها من في قلبه مرض ، ولكن تبقى في بلدها .
وهل تجبر على البقاء في بيتها لمدة سنة أو تكون حرة ؟ .
لو قيل بالأول لكان له وجه ، لأن الله تعالى أوجب الحبس بالبيوت قبل مشروعية الحكم بالجلد ، ولأن حبسها ببيتها أخف ضررا وأقل فتنة من كونها طليقة ، نعم .