تتمة فوائد حديث (1713) حفظ
الشيخ : وفيه أيضا دليل على أنه يجب على القاضي الحكم بما يسمع لا بما يعلم ، بما يسمع لا بما يعلم ، فلو كان القاضي يعلم أن المدعي مبطل ، مثل أن يدعي زيد على عمرو ألف ريال ويعلم القاضي أن عمرا قد قضاها على يده وليس عند عمرو بينة أنه قضاها ، هنا هل يحكم بما يعلم أو بما يسمع ؟ هو سمع الآن دعوى من شخص على آخر ثم دعوى أنه قضاه ولم يكن لمدعي القضاء ، لم يكن عنده بينة ، وهو يعلم القاضي أنه قد قضاه فماذا يصنع ؟ هل يقضي بنحو ما سمع ، ويقول يا عمرو أد الألف إلى زيد لأنه ثبت عليك وادعيت الرد وليس عندك بينة ، أو بما يعلم ؟.
لا يقضي بما يعلم ، لكن كيف يقضي بما يسمع وهو يعلم أن الحق في خلافه ، مشكل هذا ؟ .
قال العلماء في هذا الحال ، يدفع الخصمين إلى قاضٍ آخر ويكون هو شاهدا ، يكون هو شاهدا ، وبذلك يصل الحق إلى صاحبه دون أن يقضي ، وإنما منع ذلك لأننا لو أجزنا للقاضي الحكم بما يعلم لفسدت الأمور ، لكان كل قاضٍ له هوى يقول أنا أعلم أن فلانا يستحق كذا وكذا فأحكم به ، وما يدرينا فلعل القاضي يكون جائرا لا يبالي ، لهذا سُدّ الباب وقيل إن القاضي لا يحكم بعلمه أبدا ، إلا أنه يستثنى من هذا ، يستثنى من هذا ثلاثة أشياء :
الأول : علمه بعدالة الشهود ، فلا يحتاج أن يقول لمن أتى بالشهود وهو يعلم أنهم ثقات عدول ، لا يحتاج أن يقول هات من يزكهم ، لأن القاضي يعلم ، وهنا لم يحكم القاضي بعلمه وإنما حكم بعدالة الشهود الذي بهم يثبت الحق ، هذه واحدة .
ثانيا : ما ثبت بعلمه في مجلس الحكم فإنه يحكم به ، مثل أن يكون المدعى عليه أقر في مجلس الحكم ومع المخاصمة أنكر ، فهنا القاضي إذا نظر إلى آخر القضية وجد أن المدعى عليه منكرا لا يثبت عليه الحق ، لكن هو يعلم في أول القضية أقر ، فهنا يحكمبعلمه .
الثالث : إذا كان من الأمور المشتهرة الظاهرة ، مثل أن يكون هذا البيت معلوما أنه لفلان ، كل الناس يعرفون هذا بيت فلان ، فأجّره شخصا ، فادعى المستأجر أن البيت بيته ، وقال هذا بيتي من يقول لك ؟! ، لكن المشهور عند عامة الناس أنه بيت المدعي المؤجر ، فهنا للقاضي أن يحكم بعلمه ، لأن التهمة هنا بالنسبة للقاضي بعيدة جدا ، كل الناس يشهدون أن هذا بيت فلان .
ففي هذه المسائل الثلاث قال أهل العلم إن القاضي يحكم بعلمه ، وإلا فالواجب أن يحكم بسمعه بما سمع أو بما رأى ، نعم .