القراءة من شرح ابن رجب مع تعليق الشيخ : وبقي الكلام في أن بعض الرواة يختلف الحفاظ فيه من أي هذه الأقسام هو ؟ فمنهم من يختلف فيه هل هو متهم بالكذب أم لا . ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن غلب على حديثه الغلط أم لا . ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن كثر غلطه وفحش ، أم ممن قل خطؤه وندر . وقد ذكر الترمذي هنا بعض من اختلف في ترك حديثه وفي الرواية عنه . ونحن نذكر أمثلة هذه الأقسام الثلاثة التي ذكرناها إن شاء الله تعالى : فمثال القسم الأول : وهو من اختلف فيه هل هو متهم بالكذب أم لا : عكرمة مولى ابن عباس : اتهمه بالكذب جماعة ، منهم : سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ، وعطاء ، وعلي بن عبد الله ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وغيرهم . وأنكر ذلك جماعة آخرون ، قال أيوب : (( لم يكن بكذاب ولم أكن اتهمه )) . ووثقه ابن أبي ذئب . وقال بكر المزني : (( أشهد أنه صدوق )) . ووثقه أيضاً من الحفاظ يحيى بن معين وغيره ، وخرج له البخاري في صحيحه . وقال ابن عدي : (( إذا روى عنه الثقات فهو مستقيم الحديث ، ولم يمتنع الأئمة من الرواية عنه )) . وقال أحمد في رواية عنه : (( عمرو بن أبي عمرو كل شئ يرويه عن عكرمة مضطرب وكذا كل من يروي عن عكرمة سماك وغيره )) . قيل له : (( فترى هذا من عكرمة أو منهم ؟ قال : (( ما أحسبه إلا من قبل عكرمة )) . وقال أحمد بن القاسم : (( رأيت أحمد ضعف رواية عكرمة ولم ير روايته حجة )) . قال أبو بكر الخلال : (( هذا في حديث خاص . قال : وعكرمة عند أبي عبد الله ثقة يحتج بحديثه )). كذا قال ؛ والظاهر هو خلافه ، وقد يكون عن أحمد فيه روايتان ، فإن المروزي نقل عن أحمد أنه قال : (( عكرمة يحتج به )) . وذكر يحيى بن معين عن محمد بن فضيل ثنا عثمان بن حكيم قال : جاء عكرمة إلى أبي أمامة بن سهل وأنا جالس عنده ، قال : (( يا أبا أمامة ، أسمعت ابن عباس يقول : ما حدثكم عكرمة عني بشئ فصدقوه فإنه لن يكذب علي ؟ قال نعم )) . وقال ابن معين : (( إذا سمعت من يقع في هكرة فاتهمه على الإسلام )) . وقال أبو حاتم الرازي : (( يحتج بحديثه إذا روى عنه الثقات قال : والذي أنكر عليه مالك وحيى بن سعيد فلسبب رأيه )) . يعني أنه نسب إلى رأي الخوارج . وأما تكذيب ابن عمر له [ قد ] روي من وجوه لا تصح ، وقد أنكره مالك ، قال إسحاق بن عيسى قلت لمالك : (( أبلغك أن ابن عمر قال لنافع لا تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس ؟ )) قال : (( لا . ولكن بلغني أن ابن المسيب قال ذلك لبرد مولاه )) . وذكر أحمد أن ابن سيرين كان يروي عنه ولا يسميه ، وكذلك مالك . وأشا رأحمد إل أنهما طعنا في مذهبه ورأيه ، لكن روي هن ابن سيرين أنه كذبه من رواية الصلت بن دينار عنه ، والصلت لا تقبل رواياته ، وابن سيرين لا يروي عن كذاب أبداً . حفظ