القراءة من شرح ابن رجب مع تعليق الشيخ : فهذا يبين أن الشافعي إنما اعتبر في الرواي أن يكون عارفاً بمعاني الحديث إذا كان يحدث بالمعنى ولا يحفظ الحروف ، والله أعلم . فقوله هنا : (( عاقلاً لما يحدث به ، عالماً بما يحيل معاني الحديث من اللفظ )) هو شرط واحد ليس فيه تكرير ، بل مراده بعقل ما يحدث به فهم المعنى . ومراده بالعلم بما يحيل المعنى من الألفاظ معرفة الألفاظ التي تؤدي بها المعاني . وقد فسر أبو بكر الصيرفي في شرح الرسالة قول الشافعي : (( عاقلاً لما يحدث به ، بأن مراده أن يكون الراوي ذا عقل فقط قال : (( وهذا شرط بإجماع )) . وهذا الذي قاله فيه نظر وضعف . وهذا كله في حق من لا يحفظ الحديث بألفاظه ، بدليل أنه قال بعد ذلك : (( أو أن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمعه ، ولا يحدث به على المعنى )) ، فجعل هذا قسيماً للذي قبله . فقسم الرواة إلى قسمين : من يحدث بالمعنى ، فيشترط فيه أن يكون عاقلاً لما يحدث به من المعاني ، عالماً بما يحيل المعنى من الألفاظ . ومن يحدث باللفظ ، فيشترط فيه الحفظ للفظ الحديث واتقانه . وما علل به من اشتراط معرفة المعنى واللفظ المؤدي له ، فهو حق واضح ، وقد سبق معنى ذلك عن إبراهيم النخعي . وقد قال أحمد في رواية الأثرم : (( سعيد بن زكريا المدايني : كنا كتبنا عنه ثم تركناه ، قيل له : لم ؟ قال : لم يكن أرى به في نفسه بأساً ، لكن لم يكن بصاحب حديث )) . وهذا محمول على أنه كان يحدث من حفظه أيضاً فيخشى عليه الغلط . حفظ