قراء من شرح الشيخ خليل هراس على الواسطية : " ... يقول العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي غفر الله له وأجزل مثوبته : " إن العبد إذا صلى ، وصام ، وفعل الخير ، أو عمل شيئا من المعاصي ؛ كان هو الفاعل لذلك العمل الصالح ، وذلك العمل السيئ، وفعله المذكور بلا ريب قد وقع باختياره ، وهو يحس ضرورة أنه غير مجبور على الفعل أو الترك ، وأنه لو شاء لم يفعل ، وكان هذا هو الواقع ؛ فهو الذي نص الله عليه في كتابه ، ونص عليه رسوله ؛ حيث أضاف الأعمال صالحها وسيئها إلى العباد ، وأخبر أنهم الفاعلون لها ، وأنهم ممدوحون عليها إن كانت صالحة ومثابون ، وملومون عليها إن كانت سيئة ومعاقبون عليها . فقد تبين بلا ريب أنها واقعة منهم باختيارهم ، وأنهم إذا شاءوا فعلوا ، وإذا شاءوا تركوا ، وأن هذا الأمر ثابت عقلا وحسا وشرعا ومشاهدة . ومع ذلك ؛ إذا أردت أن تعرف أنها وإن كانت كذلك واقعة منهم كيف تكون داخلة في القدر ، وكيف تشملها المشيئة ؟ ! فيقال : بأي شيء وقعت هذه الأعمال الصادرة من العباد خيرها وشرها ؟ فيقال : بقدرتهم وإرادتهم ؛ هذا يعترف به كل أحد ، فيقال : ومن خلق قدرتهم وإرادتهم ومشيئتهم ؟ فالجواب الذي يعترف به كل أحد أن الله هو الذي خلق قدرتهم وإرادتهم ، والذي خلق ما به تقع الأفعال هو الخالق للأفعال . فهذا هو الذي يحل الإشكال ، ويتمكن العبد أن يعقل بقلبه اجتماع القدر والقضاء والاختيار . ومع ذلك فهو تعالى أمد المؤمنين بأسباب وألطاف وإعانات متنوعة وصرف عنهم الموانع ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : ( أما من كان من أهل السعادة ؛ فسييسر لعمل أهل السعادة ) ، وكذلك خذل الفاسقين ، ووكلهم إلى أنفسهم ؛ لأنهم لم يؤمنوا به ، ولم يتوكلوا عليه ، فولاهم ما تولوا لأنفسهم ) اهـ ... " . حفظ