كلمة الشيخ عيد عباسي، وكلامه عن حال الأمة الإسلامية اليوم من انحطاط وذلة وهوان، وأن كثيرا من الدعوات نهضت للإصلاح، وأن الدعوة السلفية هي الدعوة الوحيدة التي استطاعت أن تصلح بعض ما فسد.
الطالب : ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أيها الإخوة نعيش في هذه الحياة وفي هذا العصر الذي تحيط بأمتنا فيه الأخطار من كل جانب أمتنا تعيش في الحضيض في التخلف في الانحطاط في الذل في الهوان في الانقسام والضعف والمصلحون مختلفون هذا يناديها يقول لها هذا هو الطريق والآخر يقول هنا سبيل النجاة والثالث يدعوها إلى سبيله الخاص يقول لها هلمي إلى ها هنا تختلف الدعوات وتتعالى الصيحات والكل يدّعي أنه هو المخلص وأن سبيله هو السبيل المنجي وفي هذا ترتفع راية الدعوة السلفية تدعو الناس إليها وتحاول جمعهم عليها تبين لهم أنه لا سبيل إلا السبيل الذي شرعه الله عز وجل لا خلاص إلا باتباع كتاب الله وسنة رسوله وهدي السلف الصالح كل سبيل إلا طريق الوحي فهو ضلال وكل راية تقول غير تحكيم الشرع فهي سراب هذا ربنا تبارك وتعالى يقول (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ))(( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ))(( فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )) الكل يحس بمصداق هذه الآية الأزمات تتلاحق والنكبات تتوالى كل ذلك مصداق قوله تعالى (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )) وهناك جماعات كثيرة كلها تتصف بأنها تدعو للإسلام كلها تبين أن الإسلام طريق النجاة وهذه الدعوات والجماعات يمكن أن تصبح المسيطرة على الرأي العام وتصبح وتصبح هي المسيطرة والسائدة ولكن لا تنتهي المشكلة هنا آمنا بأن الإسلام طريق النجاة وأن شرع الله هو الحل ولكن شرع الله هذا هو عند الناس له مفهومات كثيرة كثيرا من المفهومات كل منها يدعي أنه هو الذي يمثل الإسلام هناك الصوفية وطرقها هناك من يجعل العقل حكما وشرعا ومرجعا وهناك من يتبع شخصا أو إماما وهناك من يفهم هذا الدين فهما حديثا أو قديما هذه الفهوم المختلفة يجب أن يتفق على أيها الصواب فهنا في هذا الاختلاف وفي هذا التنازع ندعو إلى كلمة سواء نقول أيها المسلمون ما دمنا قد اتفقنا على أن الإسلام هو الحل فلنفكر في الأمر ما هو الإسلام لماذا جاءنا محمد عليه الصلاة والسلام هل أحد يشك أن المصدر الأول للإسلام كتاب الله لا يمكن أن يكون مسلما إذا شك في ذلك أليس كتاب الله عز وجل هو الذي يأمرنا باتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعتبارها حكما وحجة مثل الكتاب العزيز ونحن نقرأ في هذا الكتاب قوله تبارك وتعالى (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) إذن الكتاب والسنة حكم ومرجع لكن الاختلاف يأتي بعد ذلك هذا الكتاب وهذه السنة كيف نفهمها ما هو المفهوم الصحيح لها هنا نعرض نحن الجواب المختصر الذي تطمئن إليه النفس ويطمئن إليه العقل هذا الكتاب والسنة جاءا بلغة العرب فلا يجوز أن يستغنى عن هذه اللغة في فهمهما وتفسيرهما وبيانهما وبعد ذلك هذه النصوص من الكتاب والسنة يجب إذا أردنا أن نفهم مسألة فيهما أو حكما فيجب أن نجمع كل النصوص ثم على ضوء ذلك نفهم الحكم الشرعي ثم هذه السنة كلنا يعرف أن منها الصحيح وأن منها الضعيف فلا مناص من أن نحكّم السنة الصحيحة فقط ونعرض عن الضعيف وما لم يصح وبعد ذلك نستعين بشرح العلماء وأقوال المفسرين والأئمة الذين يعتد بهم خلال تاريخ المسلمين ومن هذه الأسس التي تحدد المفهوم الصحيح للإسلام أن نرجع إلى فهم السلف الصالح وهذا الذي يميز الدعوة السلفية عن غيرها إنها تقيم للسلف الصالح وزنا أي وزن تجعل فهم السلف الصالح هو المرجع عند الخلاف إذا اختلف في فهم حكم ما أو نص ما من هم السلف الصالح نحن لا نغالي في قدرهم فهذا القرآن الكريم مملوء بالثناء العاطر عليهم لبيان أنهم خير الناس الله عز وجل أثنى عليهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي مدحهم وبين أنهم خير أجيال البشرية قاطبة بعد الأنبياء عليهم السلام هؤلاء الذين تربوا على أيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوا نزول الوحي كانوا أفصح الناس وأعربهم وأقربهم إلى الحق وإلى الفهم وإلى العلم هؤلاء السلف الصالح ألا يجب على كل مسلم أن يعطيهم قدرهم الذي أعطاهم إياه الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وحديثه عن السلف الصالح وأنهم أفضل القرون ، وأن عقيدتهم هي العقيدة السليمة التي يجب اتباعها .
الطالب : كيف لنا أن نغفل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) العلماء اتفقوا على أن الأمة في مراحلها المختلفة تنقسم إلى سلف وخلف فإذا اختلف فهمان إذا اختلف مذهبان سلف وخلف فكيف لنا أن نعرض عن فهم السلف ونتبنى رأي الخلف الذين ذمّهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه ومدح الأولين في الحديث السابق نفسه ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ثم قال عليه السلام ( ثم يأتي من بعد ذلك ناس يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويفشوا فيهم الكذب ) لابد للمسلم أن يتشرف بالانتساب إلى السلف الصالح وأن يدعو إلى تحكيم فهمهم للنصوص وإلى حين الخلاف وإلى أن يكون هذا الفهم هو الراجح على فهم المتأخرين إلا من اتبع سيرتهم وسار على نهجهم بعد ذلك أذكر بعض الميزات التي تتصف بها الدعوة السلفية هذه التي تنتسب إلى السلف الصالح وتستضيء بفهمهم لنصوص كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
كلمة الشيخ عيد عباسي، وبيان ميزة الدعوة السلفية على غيرها من الدعوات.
الطالب : هذه الدعوة تتصف بهذه الميزات التي لا يشاركها فيها غيرها فمن ذلك أن هذه الدعوة تمثل الدعوة الوسط صفة الوسطية فيها هذه الوسطية التي وصف الله عز وجل بها هذه الأمة (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )) في هذه الأمة نشأت الفرق والطوائف دعوة السلف هي الوسط في هذه الفرق والطوائف تلك الفرق والطوائف منها ما هو مغال في طرف وآخرون مغالون في طرف آخر إفراط وتفريط غلوا من كل جانب الدعوة السلفية تقف في وسط هذه الدعوات جميعا فمثلا حينما تنظر إلى معتقد السلف في صفات الله عز وجل تجد أنه الرأي الوسط هناك من يشبه الله عز وجل بالمخلوقات الذين عرفوا في التاريخ باسم المشبّهة أو المجسّمة يقولون الله عز وجل كإنسان لكن ضخم عظيم وبعضهم غالى فقال هو كالإنسان تماما إلا أنه ليس له أظن لحية أو صفة أخرى هؤلاء مغالون لا شك مخالفون للكتاب والسنة اللذين امتلآ بنصوص التنزيه والبعد عن التشبيه يقف في الطرف المخالف المعتزلة والمعطلة الذين نفوا ما أثبت الله عز وجل لنفسه وخالفوا نصوص الكتاب والسنة في ذلك وحملوها على التأويلات المختلفة التي لا تحتملها لا لغة ولا شرعا هؤلاء المعطلة الذين قالوا الله عز وجل ليس له يد ليس له بصر ليس له قدم كل ما ورد في الكتاب والسنة من هذه الصفات أنكروها لم يستو على العرش الاستواء إنما هو الاستيلاء وهكذا طرفا نقيض قوم شبهوا الله بخلقه وقوم أنكروا لله هذه الصفات التي وصفها بها نفسه مذهب السلف يأتي في الوسط ليقول يثبت ما أثبت الله عز وجل ورسوله لله عز وجل وننفي أن يكون ثمة مشابهة للمخلوقات الله عز وجل استوى على العرش كما نطق بذلك الخطاب العزيز ولكن استواءه ليس كاستوائنا ولا كاستواء شيء على شيء من المخلوقات أبدا الله عز وجل له يد وله عين كما ذكر في الكتاب العزيز ولكن يده ليست كأيدينا وعينه ليست كعيوننا فهو يتصف بهذه الصفات كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى وكما يليق بعظمته أثبتوا من ناحية ولم يعطلوا ما ذكر الله وما ذكر رسول الله ولكنهم في الوقت نفسه كانوا منزهين عن المشابهة منطبقا مذهبهم مع الآية الكريمة (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) هذه ميزة الدعوة الوسطية تراها في جانب في جميع جوانب هذه الدعوة
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وتفصيل مواقف بعض الفرق من الصحابة وآل البيت ، وبيان موقف الطائفة المنصورة .
الطالب : في الموقف من الصحابة مثلا قوم سموا بالناصبة كرهوا عليا وآل البيت وأبغضوهما وذموهما قوم آخرون الرافضة غلوا في علي وآل البيت فعظموهما وربما وصل بعضهم بهم به إلى المبالغة فادعوا فيهم في بعضهم الألوهية أما مذهب السلف فهو موالاة الصحابة جميعا وموالاة أهل البيت ومحبتهم واتخاذ ذلك محبتهم دينا وقربة إلى الله وصيانة اللسان عن الطعن فيهم وعن تنقصهم فلا نصب ناصبة ولا رافضة وإنما موالاة الصالحين وأولياء الله جميعا يحبون أهل البيت يحبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وينزهون ألسنتهم عما صدر بينهم من خلاف هذا هو الموقف الوسط وهو الحق ليس فقط وسطا وإنما الوسط بمعنى بين طرفي النقيض وكذلك هو الموقف الحق وهو الموقف الصالح الخيّر جميع الأمور ترى هذه الدعوة المباركة تقف فيها موقف الوسط
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وبيان موقف الفرق الإسلامية من الإفراط والتفريط ، وأن الدعوة السلفية وسط بينهما .
الطالب : في مسألة الإيمان والتكفير قوم يتجرؤون على تكفير أي كان كالخوارج وقوم مرجئة كل إنسان فقط قال لا إله إلا الله ولو عمل ما عمل يقولون هو مؤمن الدعوة السلفية وسط الإيمان اعتقاد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان ولكن النصوص التي وردت في التكفير تحمل على نفي الإيمان الكامل طبعا بالقرائن المختلفة وبشروطها التي تذكر في موضعها أمثلة كثيرة أكتفي بما سبق لأنني أريد أن أذكر الصفات والميزات الأخرى
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وبيان ميزة الدعوة السلفية بأنها دعوة منهجية علمية لا دعوة عاطفية ولا حماسية .
الطالب : من هذه الميزات كذلك أن هذه الدعوة تتصف بالمنهجية والعلمية هي دعوة تقوم على منهج تقوم على أسس علمية فلا هي بالدعوة العاطفية ولا هي فقط إثارة الحماس الذي لا يستند إلى فكر ولا إلى علم ولا إلى منهج صحيح بل كل شيء بدليله وكل أمر ببرهانه منهاجها قول الله عز وجل (( وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا منهج علمي قويم وصحيح ومستقيم اعتبار كتاب الله الذي لا يسع مسلما التبرء منه واعتبار سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فاضت آيات الكتاب أيضا بالأمر بذلك ثم اتباع هدي السلف الصالح الذين هم أشرف الناس أعلم الناس أتقى الناس أزكى الناس الذين نحن نحمّس أجيالنا أبناءنا بذكر مناقبهم بذكر أخبارهم بذكر قصصهم فكيف نمدحهم ونحمس أبناءنا وإخواننا بذكر أخبارهم ثم نتبرأ من فهمهم ونتبرأ من علمهم ونقول ندّعي أن الخلف مثلا كما قال بعضهم أعلم وأحكم وأن مذهبهم في ذلك هو أعلم وأحكم ويكون منهجهم هو المنهج الذي يتبع من هؤلاء هذا تناقض وهذا اختلاف إن القوم الذين هم أتقى الناس وأعلم الناس وأذكى الناس هم يجب أن يكون مذهبهم أيضا هو المنهج المتبع والراجح هذه الدعوة تقوم على هذا الأساس العلمي هذا المنهج الذي يعطينا موقفا في كل مسألة رأيا في كل شيء هذه الدعوة كل شيء لها منه موقف ولها منه رأي فلا تقف موقفا سلبيا من شيء لأن الإسلام شامل لكل جوانب الحياة لكل مسألة فيها حكم ولكل مسألة فيها موقف مستمد من الكتاب والسنة ومن هدي سلف الأم ومستفيدا من تراث المسلمين في مختلف العصور ليس هو متقيدا بفهم إنسان ولا هو مرتبطا بشخص من الأشخاص ولا بعاطفة ولا بميل ولا بمصلحة تتقلب وتتغير مع الأيام بل إنه منهج علمي مقبول وهو المنهج الصحيح والمنهج الوسط الذي يحكّم في كل شيء من الأشياء إذن هي دعوة علمية قائمة على منهج كل شيء لا يقبل بدون دليل (( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ))(( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا )) لا يجوز أن يقول إنسان قولا إلا بدليل التقليد ليس له محل في هذه الدعوة إلا لمن عجز عن أن يكون متبعا يفهم المسألة مع دليلها أو لمن عجز أن يستطيع أن يصل إلى درجة الاستنباط بنفسه فإذن دعوة قائمة على علم وليس على جهل
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وبيان أن مصيبة الأمة الإسلامية اليوم هي الجهل وفشوه وانتشاره ، وأن الدعوة السلفية تسعى لرفع الجهل عن الناس .
الطالب : ونحن نعرف أن مصيبة هذه الأمة هي الجهل من قرون المسلمون أغلقوا على أنفسهم منافذ التفكير أوجب من يدّعون العلم منهم التقليد على الناس قالوا ليس ثمة اجتهاد ممنوع الاجتهاد مغلق بابه ولا يوجد مجتهد ومن يريد أن يكون مجتهدا فهو فوضى وهو كذا وهو كاذب ومغرور وهو يفرّق الناس ألزموا الناس بالتقليد وتصور أمة لا يوجد فيها عالم وما العلم هو البصيرة المتفتحة المشي على هدى من الله عز وجل هو الذي يمثله قول الله عز وجل (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) هذه الدعوة المتبصّرة قد ألغوها من قرون ولذلك تغير حالهم كما قال فيه ربنا تبارك وتعالى (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) هذه النعمة نعمة العلم النظر في الكتاب والسنة دراستهما مطالعتهما الاهتداء بهديهما والوقوف عند حدودهما هذه الدعوة قالوا ليست حقا ليست صالحة تفرّق الناس يجب أن نختار أقوال بعض العلماء ونتقيد بها ولا نخالفها كأنهم معصومون كأنهم أنبياء كيف يجوز أن يتقيد برأي إنسان كائنا من كان في كل مسألة من المسائل ويعرض عن كتاب الله عز وجل وعن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا ينظر فيها إلا للبر فلا ينظر فيها للتأمل والدراسة ولاستنباط الأحكام وإنما تجعل للتبرك وإذا أصابتهم مصيبة يفتحون كتاب البخاري يقرؤونه لدفع المصائب هكذا فعل الجهال وفعل كأنها رقى أو تعاويذ تحميهم مع أن الله عز وجل يقول (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليذكر أولوا الألباب ))(( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله )) وفي آية (( أم على قلوب أقفالها )) والآية الأخرى (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) هكذا أنزله الله عز وجل للتدبر (( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )) جعلوه لتعاويذ وليقرأ على الموتى وفي المآتم والجنائز وما شابه ذلك طقوس كما هو شأن أهل الكتاب هذه الدعوة تريد أن تنثر غبار الجهل هذا كله أن تحارب التقليد أن تدعوا إلى تفتح العقول والبصائر أن تشغّل هذا العقل إن الله عز وجل وهبنا نعمة العقل لا لنلغيه ولا لنعطله بل إنه تبارك وتعالى ذكر أن الكافرين سيقولون يوم القيامة (( وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ))(( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير )) المسلم هو ذو العقل المتفتح هو الذي يشغل عقله لكن يشغل عقله في ماذا لا يجعله حكَما ولا يجعله مشرعا ولا يجعله هو القيوم على شريعة الله بل يجعله مسخرا منطلقا جادا في فهم كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاجتهاد في أحكام دين الله عز وجل التي سكت عنها فكما قال بعض العلماء وظيفة العقل في الإسلام هي الفهم عن الله ورسوله وحسبه هذا والخير في هذا فالله عز وجل حينما وضع له هذه المهمة عرف أن هذا هو موضعه فحينما تضع الشيء في موضعه يفيد أي إفادة وحينما تضعه في غير موضعه أو تكلفه ما لا يحسنه فحين ذلك الضرر والضرر الأكبر المبتدعة يشغلون عقولهم لكن فيماذا في الابتداع في الدين العبادات التي شرعها الله ورسوله لا تكفيهم يتركونها ليشغلوا عقولهم في ماذا يبتدعون عبادة جديدة قربة جديدة كأنهم مشرّعون وكأنهم آلهة وفي الوقت نفسه يمنعون من الاجتهاد الصحيح من النظر في الكتاب والسنة وأما في الدنيا فتراهم مقلدون كل شيء متكلون فيه على الأجانب في الدنيا التي هي من مواطن العقل الذي أمر الله عز وجل أن يشغل فيه في الدنيا شغل عقلك اخترع اصنع (( سخر لكم ما في الأرض جميعا ))(( أفلا ينظرون )) في النظر في ملكوت السماوات والأرض وهكذا وفي الاختراع والسعي والحركة هذا يعطلون عمل العقل فيه ويشغلونه فيما كفي مؤونته من العبادات ومن التعبديات على كل هذه الميزة الحديث عنها طويل فأنتقل إلى الميزة الأخرى
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وبيان ميزة الدعوة السلفية بأنها دعوة تدعو إلى الوحدة والاجتماع لا إلى الافتراق والاختلاف .
الطالب : الميزة الأخرى هي أن هذه الدعوة موحدة نشكو ويشكو المسلمون ودعاة الإسلام جميعا يشكون من التفرقة بين المسلمين وبين دعاة الإسلام ونحن نشكو معهم ولا يسرّ أي مسلم مخلص أن يبقى الحال كما هو التفرق شر والله عز وجل ينهانا عنه لا شك في ذلك ولا ريب (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ))(( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ))(( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )) هذا كله معروف ومقبول وكل مسلم يؤمن به لكنهم مع ذلك متفرقون ما السبيل إلى الاجتماع ما السبيل إلى الوحدة ما السبيل إلى جمع الصف وجمع الكلمة ولم الشتات يخطئ من يرى غير هذه الدعوة المباركة موحدة للصف جامعة للشمل لا طريق للوحدة إلا بهذه الدعوة حينما تدعو المسلمين جميعا على اختلاف طرقهم ومذاهبهم وآرائهم وجماعتهم إلى اتباع كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفهم نصوصهما على ضوء فهم السلف الصالح وعلى ضوء لغة العرب وأسلوب العرب فماذا في ذلك من خطأ ماذا في ذلك من خطأ أي شيء من هذه الأصول يسمح لمسلم أن يخالف فيه ثم بعد ذلك إذا كانت هذه الأسس لا يتفقون عليها ترى ليت شعري على ماذا يتفقون حينما ندعوهم كل صاحب رأي وكل صاحب فكرة يجب أن يتخلى عن كل شيء ويتمسك بهذا الأصل الأصيل كتاب الله وسنة رسوله ثم الاهتداء بهدي السلف فهذا الأصل الأصيل أي رأي من آراء هذه الطوائف جميعا إذا أيده وقواه فيجب على الجميع أن يتبناه لا تعصب لمذهب ولا تعصب لطريق ولا ترجيح فئة على أخرى ولا منهج على آخر وإنما هذا المنهج وحده هذا الذي هو الحل الحق الحل الصحيح والحل في الوقت نفسه الموحد هذا الجميع يمكن أن يتوحد عليه أما إذا قلت مسلمون مثلا في الفقه على مذاهب أربعة أو خمسة ماذا يمكن أن يكون هناك اقتراح حل آخر غير هذا الحل إذا قلت لهم تعالوا نتبنى المذهب الحنفي هل تظن أو تتصور أن يتخلى أصحاب المذاهب الأخرى الثلاثة أو الأربعة عن مذاهبهم لاتباعا لذاك المذهب أبدا في العقيدة كذلك الأشاعرة والماتريدية إذا تبنيت هذا المذهب أو ذاك سيغضب الطرف الآخر أما إذا تبنيت هذا المنهج كتاب الله وسنة رسوله والاهتداء بهدي السلف الصالح فهو الرأي الأقوم والحل الوسط الذي يرضي الجميع وفي الوقت نفسه هو الصواب ولا صواب غيره إذن هي دعوة موحدة بل هي الدعوة الموحدة وحدها ولا نقول بين المسلمين أهل السنة حتى المذاهب الأخرى من خوارج أو شيعة لا يمكن أن يتفق معهم إلا على هذا الأساس إذا كانوا مخلصين وجادين ومنصفين كما قال ربنا بالنسبة للأديان الأخرى ناداهم فقال لهم (( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كملة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )) فكانت هذه الدعوة الوسط هذه الدعوة الحق هذه الكلمة الحق السواء ماذا تريدون يا أهل الأديان ندعوكم إلى هذا الطريق أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله وكذلك نقول بالنسبة للطوائف الإسلامية وللمذاهب الإسلامية تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نتخذ مرجعا لنا وحكما ومنهاجا إلا كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ونهتدي بهدي السلف الصالح ونستنير ونستعين على فهم كتاب ربنا وسنة نبينا بفهم هؤلاء السلف الكرام الذين نعتز بهم ونتشرف بالانتساب إليهم ونعدهم خير الناس علما وعملا وخلقا وتضحية وإيمانا وثباتا هذا وهذه الكلمة السواء التي توحد الصف وتجمع الشمل ويمكن أن تكون هي وحدها سبيل الإنقاذ بل هي على التأكيد وحدها سبيل الإنقاذ من هذه الصفات أيضا أن هذه الدعوة المباركة هي دعوة واقعية بالإضافة إلى أنها دعوة مثالية في الوقت نفسه دعوة واقعية كل مشكلة ولها حل واقعي وليس متخيل هو في إمكان البشر وفي حدود طاقتهم واستطاعتهم وفي الوقت نفسه تمثل القمة في المثالية المثالية التي يمكن أن تطبق في واقع البشر وليست المثالية الخيالية التي تقرأ في الكتب ويتخيلها المصلحون تخيلا ولا يمكن أن تكون شيئا مطبقا على وجه هذه الأرض مثلا تعاليم الإسلام كلها المعروفة (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) حينما جاء عمران بن الحصين يشكو إلى النبي صلى الله عليه بواسير كانت به وأنها تضايقه في الصلاة قال له عليه السلام ( صل قائما فإن لن تستطع فقاعدا ) يطبقون هذا المنهج الغاية شريفة والواسطة شريفة لا يجوز الكذب لا يجوز التضليل لا يجوز الخداع الحاكم ناصح وراعٍ للرعية ويحكم بينهم بالحق والعدل ويكون صادقا معهم وصريحا في كل شيء فلا ندعو إلى شيء خيالي وإنما هو شيء واقعي يكفيكم واقعية مثلا أن الله عز وجل جعل من مصارف الزكاة مصرف اسمه المؤلفة قلوبهم يدفع مال لمن لطوائف من الناس يمكن أن يكونوا مسلمين لكن يخشى من شرهم فنعطيهم مال لنتقي شرهم هذا غاية في الواقعية لا نقول والله هؤلاء الأشرار ليس لهم إلا السيف الله عز وجل بيّن لا إعطاؤهم بعض المال خير من إراقة دم امرء مسلم واحد فيعطى مسلمون أشرار كما كان عليه الصلاة والسلام يعطي بعض أفراد القبائل الذين غلب عليهم الشر والنهب والسلب يعطيهم مال ليحمي أمن البلد وأمن الناس كما يعطى نصيب المؤلفة قلوبهم لمن للكفار لاستدراجهم إلى الإسلام ترغيبهم في هذا الدين في زماننا مثلا لو قام حكم إسلامي يمكن أن يعطى من نصيب الزكاة التي هي عبادة من العبادات لأصحاب صحف في الغرب أو الشرق يعطون أموالا لنجلبهم إلى الإسلام ليكتبوا عن الإسلام يفسحوا لنا مجالا للإسلام للدعوة للإسلام فأي واقعية خير من هذه وأجدر سبيلا انظروا الواقعية وصلت إلى أي درجة رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بعض القبائل دعا ثقيفا إلى الإسلام كانوا صادين عنه فما قبلوا أن يسلموا إلا بعد أن اشترطوا أنهم لا يصلون في اليوم إلا صلاتين وأظن الشرط الآخر أن لا يجاهدوا أو أن لا يتصدقوا فقبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام على هذا الشرط مع أنه شرط فاسد كما يذكر الشوكاني عنون بها عدد من الأحاديث بهذا العنوان صحة إسلام قوم مع الشرط الفاسد وذلك كله رغبة في إنجائهم من النار شفقة عليهم لتخليصهم من غضب الجبار ولإخراجهم من الظلمات إلى النور التدرج أن يخطو بالناس شيئا فشيئا ويجرهم إلى خيرهم ولو بالسلاسل كما في الحديث ( يعجب ربك إلى أناس يساق إلى الجنة بالسلاسل ) رجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام ( أسلم ) قال له إني أجدني كارها قال ( أسلم وإن كنت كارها ) أسلم ولو على كره فسينشرح صدرك بإذن الله تعالى وبمخالطة المسلمين وبقيامك بالعبادات والاطلاع على الإسلام والمضي فيه فهذا منتهى الواقعية وفي الوقت نفسه ليس فيه مما يطعن بالخلق الكريم وبالسلوك المستقيم أيضا لا أريد أن أفيض في ذلك وإنما هي نقاط وعناصر للتذكير بهذه الميزات التي تجعلنا نزداد إيمانا وثقة ويقينا بأن هذه هي دعوة الإصلاح وأنها هي وحدها دعوة النجاة
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وبيان صفة الدعوة السلفية بأنها دعوة شمولية تغطي جميع نواحي الإسلام .
الطالب : كذلك من هذه الصفات إنها الدعوة القائمة على الشمول فلا هي مقتصرة على جانب من الإسلام دون جانب لا تهمل جانب الخلق من أجل الاهتمام بجانب العلم ولا تهمل جانب العلم من أجل الاهتمام بالخلق نعلم في تاريخ الإسلام من الفرق قوم تخصصوا في مسائل التربية والتزكية في ظنهم الصوفية جعلوا ادعوا أنهم يريدون أن يهذبوا النفوس أن يصفوا القلوب أن يزيلوا ما بينها وبين ربها من غشاوات فتخصصوا في هذا ولم يمارسوا شيئا آخر ولم يهتموا بشيء آخر أمور المسلمين سياسة الأمة الجهاد في سبيل الله ما يصيب الأمة من أخطار ما يأتيها من أعداء لا يشاركون فيه تعلمون أن من الصوفية الأوائل المعتدلين نسبيا أبو حامد الغزالي وكتابه عمدة لدى الناس من قرون كتابه حوى أبوابا في أحكام الإسلام بكثير من الجوانب لا ترى فيها بابا للجهاد في سبيل الله عز وجل عاش في زمانه بدأ الغزو الصليبي لبلاد الإسلام لا ترى في تاريخه أنه صاح صيحة من أجل تحرير المسلمين من الصليبيين أو دعوتهم لتخليص هذه البلاد من شرورهم وإنما كان يفرغ وقته وكتبه وهمه لماذا لتزكية النفوس هذا تزكية النفوس حق وواجب ولكنها لا يجوز أن تلهينا عن الواجبات الأخرى يجب أن يكون هناك توازن بين تعاليم الإسلام وجوانبه كلها لا إفراط في جانب السياسة على الجوانب الأخرى ولا إفراط في جانب العلم على جوانب الخلق ولا كذلك إجحاف بجانب الخلق أو تضخيم جانب على حساب جانب آخر هذه الدعوة هي دعوة شاملة متزنة تعطي كل ذي حق حقه وتجعل الجوانب كلها هامة ولها نصيب تستحقه بمقدار ما جعله لها الله عز وجل
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وتأكيده أن الدعوة السلفية هي الدعوة الإسلامية الصحيحة ، وأن انتصار الإسلام سيكون على يد دعاتها بإذن الله .
الطالب : أراني أطلت عليكم فأعود لأقول أيها الإخوة ثقوا أن هذه هي الدعوة الصحيحة المنقذة الحق التي سيكون انتصار الإسلام بإذن الله تبارك وتعالى عن طريقها وعلى يد دعاتها وأنها هي وحدها طريق النجاة وطريق الخلاص وطريق الوحدة وطريق العلم وطريق النور هذه الدعوة علينا أن نتمسك بها ونتشبث بها ونتعاون على نشرها وإذاعتها والنصر لها بإذن الله عز وجل والعاقبة للمتقين خاصة وأننا نعلم ونرى أن المسلمين جربوا مختلف الطرق ومختلف السبل ومختلف المناهج فأخفقت جميعها وسقطت كلها ولم يبد شيء منها نجاحا أو شبه نجاح لم يبق إلا هذه الدعوة سبيلا وطريقا ولكنها تحتاج إلى رجال دعوة حق ولكنها لا يمكن أن يكون لها كيان ولا أن يكون لها النصر والنجاح إلا برجالها أعظم الدعوات بدون رجال لا يمكن أن تؤثر ولا تغير هذا القرآن كان موجودا في المسلمين من قرون هو المنهج الحق فيه الخير كل الخير لكن مع ذلك ليس هناك من يتبناه حق التبني ويفهمه ويدرسه ويعمل به ولذلك كان ما كان فعلينا إذا آمنا بهذه الدعوة أن نتحمس لها أن ننشط في سبيل فهمها وإذاعتها ونشرها إن ربنا عز وجل يخاطبنا في كتابه العزيز (( خذوا ما آتيناكم بقوة )) نزلت الآية في بني إسرائيل ولكنها أيضا يخاطب بها نحن ويخاطب بها كل مسلم قال الله عز وجل ليحيى (( يا يحيى خذ الكتاب بقوة )) هذه القوة يجب أن نتحلى بها أن ننشط في سبيلها أن لا ندخر قوة ولا فراغا ولا جهدا ولا مالا إلا ونبذله في سبيلها لأنه عن طريقها نحصل على كل خير إذا أردنا الآخرة فهذا طريقها طريق رضوان الله عز وجل باتباع كتابه واتباع سنة نبيه كما أسلفت في الآية الكريمة (( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ))(( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ))(( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ))
كلمة الشيخ عيد عباسي ، وبيان أن الدعوة السلفية فيها خير الدنيا والآخرة وسعادته فيهما .
الطالب : هذه الدعوة فيها خير الدنيا والآخرة فيها عزة المسلم في دنياه وسعادته في أخراه أحيانا من أجل مكسب دنيوي من أجل مصلحة دنيوية قد يضحي الإنسان بحياته فكيف إذا كان هناك أمر فيه عزته وعزة أمته وسعادته وسعادة الناس كلهم في الدنيا وفي الآخرة وقبل ذلك وبعده رضوان الله عز وجل (( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون )) هذه دعوة الله عز وجل أمانة في أعناقكم تتسلمونها عن سلفكم الصالح فيها خيركم وفيها عزكم فهلموا إلى فهمها وتطبيقها والعمل بأحكامها لنعيد سيرة سلفنا الصالح ونكون خير خلف لخير سلف وينصرنا الله عز وجل ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم أرجو الله عز وجل أن يجمع كلمة الأمة على كتابه وسنة نبيه وما يحب ويرضى وأن يجعلنا ممن يخدم هذه الدعوة وينصرها ويؤيدها ويذيعها ويعمل بها وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه أجميعن والحمد لله رب العالمين
تعقيب الشيخ الألباني على كلمة الشيخ عيد عباسي، وثناءه عليها، والتمهيد لشرح حديث ( إذا تبايعتم بالعينة ) .
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فجزا الله خيرا أخانا الأستاذ عيد عباسي على كلمته الطيبة الجامعة لكثير من خصال الدعوة السلفية التي تتميز على سائر الدعوات القائمة في هذا اليوم وكدعم لجانب مما جاء في تضاعيف كلامه أريد أن أذكر لكم حديثا نبويا صحيحا وأثرا مشهورا عن إمام من أئمة المسلمين لتعلموا من ورائهما أهمية هذا الموضوع أما الحديث فهو قوله عليه الصلاة والسلام يبين فيه أن علاج هذه الأمة وخلاصها من هوانها والذل الذي ألمّ بها إنما هو بالرجوع إلى الإسلام الذي ارتضاه الله عز وجل لنا دينا والإسلام بهذا المفهوم الذي سمعتموه في هذه المحاضرة الطيبة بمفهوم السلف الصالح يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ذاك الحديث ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) الشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه إذا أعرضتم عن التمسك بالإسلام بمفهومه الصحيح ( سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث وصف مرض المسلمين كما لو كان شاهد عيان في هذا الزمان حيث ذكر كثيرا من المخالفات التي وقع المسلمون فيها اليوم وذكر هذا الكثير من المخالفات ليس على سبيل التحديد وإنما على سبيل التمثيل وإلا فالمخالفات التي وقع فيها المسلمون اليوم مع الأسف الشديد هي أكثر من أن تحصى أو تعد
شرح حديث ( إذا تبايعتم بالعينة ) ، بيان معنى بيع العينة وصورتها ، وبيان واقع المسلمين اليوم من التبايع بالعينة .
الشيخ : أول ذلك يقول عليه الصلاة والسلام ( إذا تبايعتم بالعينة ) والعينة بيع من البيوع المحرمة في الإسلام ذلك التحريم سببه أن كلا من المتبايعين هذا البيع إنما يحتالان به للوصول إلى استحلال ما حرم الله من الربا وقد يتساءل البعض منكم ما هو هذا البيع بيع العينة وهل هو واقع اليوم نقول نعم ولكن مع معرفة الكثيرين منكم بهذا البيع كواقع لكن قد لا يعلم هذا الاسم الشرعي بيع العينة فما هو هذا البيع أن يأتي الرجل إلى التاجر يريد أن يشتري منه حاجة في الظاهر أما في الحقيقة إنما يريد أن يستقرض منه قرضا مقابل ربا هذا الربا الذي يسمونه اليوم بغير اسمه يسمونه فائدة تلطيفا لجرم هذه المصيبة الربا يسمونها اليوم فائدة وتسمية الربا بالفائدة جرم آخر لأن في ذلك تلطيفا لوقع هذا الاسم على قلوب الناس المسلمين هذا البيع يأتي رجل يتظاهر بأنه يريد أن يشتري سيارة مثلا بمئة ألف بأكثر بأقل ما يهمنا السعر فيتساوم هو والتاجر على سعر إلى أجل وهنا الشاهد وهنا المصيبة يتفقان على السعر ويسجل هذا السعر ولنفترض كما قلنا مئة وسرعان ما يعود الشاري بائعا والبائع شاريا ذلك لأن الشاري كما قلنا لا يريد أن يشتري بضاعة كالسيارة مثلا ولكن يريد دراهم ودنانير فيعود ليقول للبائع هل تشتري لي هذه السيارة مني نقدا فيفهم منه أنه يريد فلوسا فيشتري هذه السيارة التي سجلت عليه مثلا بمئة يدفع له ثمانين فيأخذ الثمانين وقد سجّل عليه مئة العشرون ربا مكشوف لكنه سموه بغير اسمه سموه أيش بيع العينة أو بالأحرى سموه بيعا لكن الشارع الحكيم سماه بيع العينة إشارة إلى أن الشيء الواحد في المجلس الواحد نفسه وذاته وعينه يباع ويشرى في هذا المجلس قبل أن تنقل البضاعة إلى مكان شاريها بل قبل أن تتحرك من مكانها هل هذا بيع لا وإنما احتالوا باسم البيع على استحلال الربا هاللي هو هنا في المثال عشرون درهم هذا احتيال على ما حرم الله يفعل كثير من المسلمين اليوم هذا البيع المحرم كما فعل اليهود قديما والذين سلّطوا علينا اليوم حديثا بما اكتسبنا بما تشبهنا نحن باليهود الذين كانوا يستحلون ما حرم الله بأدنى الحيل وما منكم من أحد يجهل قصتهم يوم السبت حينما كانوا يحتالون على صيد السمك في يوم السبت الذي كان حرم عليهم العمل فيه فلعنهم الله بذلك ولكن هناك أنواع كثيرة من المحرمات التي احتال فيها اليهود على استحلال ما حرم الله قد لا يعلم بعضكم أو كثير منكم شيئا منها فالآن أذكركم بمثال واحد لنعتبر من وراء ذلك ولنعلم أننا اليوم ونحن نسمي أنفسنا بالمسلمين ونؤمن بالله ربا وبمحمد نبيا رسولا مع ذلك نخالف الله ورسوله بالاحتيال على ما حرم الله ورسوله تماما كما فعل اليهود ماذا فعل اليهود قال عليه الصلاة والسلام ( لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها وإن الله عز وجل إذا حرم شيئا حرم ثمنه )( لعن الله اليهود ) لم ( حرمت عليهم الشحوم ) هذا منصوص في القرآن الكريم أن الله عز وجل حرم على اليهود بعض الطيبات بسبب ظلمهم وبغيهم وقتلهم الأنبياء بغير حق كما قال عز وجل (( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم )) من هذه الطيبات التي حرمها الله عليهم شحم الدابة يذبحونها وهي مشحمة دابة فارهة مغذاة تغذية جيدة فيؤمرون شرعا بأن يأخذوا الشحم ويرموه أرضا ولا ينتفعون منه شيئا مطلقا وإنما أحل لهم اللحم الأحمر فقط فما صبر اليهود على حكم الله هذا وسرعان ما لجؤوا إلى اللف والدوران إلى الاحتيال على هذا الأمر الحرام فماذا فعلوا أخذوا الشحم الحرام أكله والحرام بيعه فوضعوه في القدور الضخمة وأوقدوا من تحتها النار حتى سالت وساحت وأخذت شكلا غير الشكل الطبيعي الذي كان على الحيوان فتغير الشكل هنا فأوحى الشيطان إليهم بأن هذا الشحم بسبب تغير شكله تغير ذلك بسبب ذلك حكمه كان حراما فصار حلالا هذا من حيل اليهود ومن تلاعب الشيطان باليهود بل من تلاعب اليهود على أنفسهم هم يعلمون حقيقة الأمر أن هذا الشحم سواء تركوه سواء تركوه كما خلقه الله عز وجل أو ذوبوه بصنعهم فهو لا يزال شحما وبالتالي لا يزال عليهم محرما ولكن يريدون أن يستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل فلما ذوبوا هذا الشحم باعوه وانتفعوا بثمنه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في تمام الحديث ( وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) هذا نوع من حيل اليهود فهل نحن سلكنا مسلكهم كما قال عليه الصلاة والسلام إنذارا لنا وتحذيرا منه إيانا أن نسلك سبيل من قبلنا في الحديث الصحيح ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) قالوا يا رسول الله من هؤلاء اليهود والنصارى قال ( فمن الناس ) يعني لم يكن في ذلك الزمان ناس مشهورون بأنهم أهل كتاب وأهل ثقافة وأهل ديانة وأخلاق إلا اليهود والنصارى فحذرنا الرسول صلوات الله وسلامه عليه بأن نسلك سبيل اليهود والنصارى فهل اعتبرنا وهل استفدنا من إنذار الرسول عليه السلام إيانا الجواب لا والأدلة على ذلك كثيرة فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم بمثال على هذا النوع من الاحتيال على ما حرم الله ألا وهو بيع العينة فالربا محرّم في شريعة الإسلام بل ربما في كل الأديان
بيان الشيخ كيف أن بعض المسلمين اليوم يحتالون على ما حرم الله فيسمون الأشياء بغير أسمائها.
الشيخ : مع ذلك فوجد في المسلمين اليوم من يحتال على أكل الربا باسم البيع هذا أيضا قد أنذرنا الرسول عليه السلام أن نقع في مثل في محرم آخر وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخمر يسمونها بغير اسمها ) يشربون الخمر يستحلونها كيف يستحلونها يسمونها بغير اسمها فهل صدق هذا الخبر نعم فعربية التسمية العربية القديمة كثير ممن ابتلوا بمعاقرة الخمرة وشربها يسموها اسما أيضا لطيفا كما فعلوا في الربا سموا الربا فائدة سموا الخمر المحرم في الإسلام بماذا نبيت نبيت يعني لطيف اسما وحكما زعموا والواقع أن هذا النبيذ هو هذا الشراب المحرم أما الأسماء الطارئة الحديثة اليوم فحدث عنها ولا حرج كالويسكي والشمبانيا والمشروبات هذا أخبث شيء المشروبات أيش الروحية ومثل أيش الفنون الجميلة أيضا يسمون الرقص رقص الرجال والنساء رقص النساء العاريات أمام الرجال هذا كله من الفنون الجميلة يسمونها بغير اسمها صدق فينا أننا تشبهنا باليهود والنصارى فحق علينا عذاب ربنا لأن الله عز وجل ليس عنده محابة لا يهلك اليهود ولا يذلهم إلا بسبب انحرافهم عن شريعتهم هل المسلمون إذا انحرفوا عن شريعتهم لا يؤاخذهم ربهم ولا ينتقم منهم ليس عند الله عز وجل محاباة قال عز وجل (( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به )) لا فرق بين مسلم وغير مسلم (( من يعمل سوءا يجز به )
شرح حديث ( إذا تبايعتم بالعينة ) ، وشرح معنى ( وأخذتم بأذناب البقر ) ، وإتمام شرح معاني الحديث .
الشيخ : نعود إلى بيع العينة : هذا مثال مما ذكره الرسول عليه السلام في هذا الحديث تحذير المسلمين أن لا يحتالوا على أحكام الشريعة فيستحلون ما حرم االله منها وهناك أمثلة كثيرة ولست الآن في ذاك الصدد حتى لا نطيل عليكم ولكي نوجد بين يديكم شيئا من الوقت لعل عند بعضكم بعض الأسئلة فلابد من الجواب عليها فهذا مثال بيع العينة بيع محرم فالناس اليوم يفعلونه قال عليه السلام ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ) هذا مثال ثاني ( أخذتم أذناب البقر ) هذا كلام عربي مجازي جميل لا أحد يأخذ بيده فعلا أذناب البقر ولكن المبتلون بالزرع والحرث والضرع تراهم دائما ماشين وراء البقر في حرث الأرض في حلب البقر وما شابه ذلك فهذا كناية لطيفة عن أن المسلمين أيضا إذا ما هجموا على الدنيا وتكالبوا عليها واهتموا بها ما لم يهتموا بدينهم هذا شرط ثاني من المخالفة التي مثال ثاني من المخالفة التي إذا وقع فيها المسلمون صب عليهم الذل ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع ) وركنتم إلى الأرض واهتممتم بكل وسائل العيش والدنيا فماذا يكون قال عليه الصلاة والسلام ( سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) إذن الرسول عليه السلام وصف في هذا الحديث الداء والدواء معا الداء له نوعان في هذا الحديث أحدهما الاحتيال على استحلال ما حرم الله ومثاله البيع والآخر الانصراف عن الاهتمام بالدين والجهاد في سبيل الله بسبب الركون إلى الدنيا والأخذ بوسائلها إذا فعل المسلمون هذا وهذا سلط الله عليهم ذلا لا ينزعه عنهم له علاج قال نعم ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) ربط هذه الجملة الأخيرة بالمحاضرة ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) هذا الدين اليوم له مفاهيم كما سمعتم عديدة وعديدة جدا وهناك اختلافات كثيرة وكثيرة جدا لا نريد أيضا أن نخوض في هذا حتى لا نطيل عليكم ولكن لابد من ضرب مثال واحد كيف أن الشيء محرم ومع ذلك صار دينا فهناك ما يسمى بلغة الشرع بنكاح التحليل وبلغة العامة عندنا في دمشق الشام بالتجحيشة تعرفون نكاح التحليل رجل يبتلى بأن يطلق زوجته ثلاثا فيحق فيه قول الله عز وجل (( فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره )) هذا حكم من طلق زوجته طلاقا شرعيا ثلاثا لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فماذا يفعل بعضهم ويراه دينا يأتي بإنسان فيجري عقدا صوريا لهذا الإنسان مع تلك المطلقة كزوج لها والحقيقة يكون هذا الإنسان اشتري بدراهم معدودات ليبات تلك الليلة ويرجع على تلك الحرة لغرض تحليلها لزوجها الأول لأنها الطالب : الأستاذ الألباني في مخيم البقعة مع تحيات بشير خان للتسجيلات الفنية البقعة مقابل مدير المخيم