القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في * صحيحه * في كتاب البيوع باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم كتاب البيوع، البيوع فما بعدها تُعَدُّ من المعاملات الجارية بين الناس، والبيع معروف، التبادل بين شخصين بالأعيان أو المنافع على وجه الدوام، والاستمرار، وهو مأخوذ من مد الباع، لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه للآخر. وهو مباح، الأصل فيه الحل، لقول الله تبارك وتعالى : (( وأحل الله البيع )) فكل ما يصدق عليه البيع فهو حلال إلا ما قام الدليل على تحريمه وتحليل البيع من محاسن الشريعة، وذلك أن المتبايعين ربما يحتاج أحدهما إلى ما في يد الآخر، ولا طريق إلى ذلك إلا بالبيع أو القهر والظلم، وهذا ممنوع، قد يحتاج الإنسان دراهم، وعنده بيت واسع كبير، فيبيع البيت بالدراهم ويقضي حاجته، ويشتري ببعضها بيتًا دون ذلك، وكذلك قد يحتاج الإنسان سيارة ولا طريق إلى ذلك إلا بالبيع، والأجرة، وإن كانت طريقًا آخر فهي نوع من البيع. فعلى كل حال تحليل البيع من محاسن الشريعة. وفي عناية الله تبارك وتعالى في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بالبيع دليل على بطلان ما ادعى هؤلاء القوم الذين يقولون: العبادة لله والمعاملة لعباد الله، وأن المعاملات موكولة إلى عادات الناس وأعرافهم ويموهون على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ). وإذا كان الأصل في البيع الحل فأي إنسان يقول عن معاملة في البيع أنها حرام فإنه يطالب بالدليل، لأن الأصل الحل (( وأحل الله البيع )) ، ولكن البيع المحرَّم يدور على ثلاثة أشياء : الربا، والظلم، والغرر يعني لو أنك تتبعت البيوع المنهي عنها لوجدتها لا تخرج عن هذه الأمور الثلاثة : إما ربا ، وإن لم يكن فيه ظلم كما لو باع صاعًا طيبًا بصاعين ، والقيمة سواء ، فهنا لا ظلم ، لأنه برضاهما وليس هناك زيادة من أحدهما على الآخر إلا في الكمية فقط ، أو الظلم : مثل الغش تلقي الجلب ، وما أشبه ذلك أو : الغرر، حتى لو رضي الطرفان بالغرر فإن ذلك لا يجوز لأن الغرر داخل في الميسر، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع كل غرر. وإذا تبايع الناس على وجه شرعي أنزل الله لهم البركة، في بيعهم وشرائهم، وركد اقتصاد الناس حيث لا ظلم ولا غرر ولا ربا، واستقامت الأمور لكن إذا تعامل الناس بالمعاملات المحرمة اختلَّ نظام الاقتصاد، لأن الذي نظَّم هذه المعاملات هو الله عز وجل. قد يقول بعض الناس : إن في هذه القيود أو الشروط الشرعية فيما يباع فيها شيء من التضييق، نقول : نعم ، ولكنها في الحقيقة تضييق من أجل أن تعتدل المعاملات ، حتى لا يكون الطبقات والفوارق بين الشعوب. هذه قواعد عامة ، وربما يأتينا إن شاء الله تعالى يأتينا الدرس أشياء أخرى.
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي قال قرأت على مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، قال : قرأت على مالك ، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة، والمنابذة ) . الشيخ : هذان بيعان جاهليان ، الملامسة : أن يقول البائع للمشتري : أي ثوب تلمسه فهو عليك بعشرة ، أي ثوب هذا مجهول ، لأنه قد يلمس ثوباً يساوي مائة أو ثوباً لا يساوي إلا درهم فيكون داخلا في أي قاعدة من القواعد الثلاث؟ الغرر. والمنابذة كذلك ، المنابذة أن يقول : أي ثوب أنبذه عليك فهو عليك بكذا ، يعني أطرحه هذا داخل في الغرر. فهما بيعان جاهليان ، وهما داخلان في عموم الغرر.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا بن نمير وأبو أسامة ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب كلهم عن عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا ابن نمير ، وأبو أسامة ، ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا أبي ، ح وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، كلهم عن عبيد الله بن عمر ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار عن عطاء بن ميناء أنه سمعه يحدث عن أبي هريرة أنه قال نهي عن بيعتين الملامسة والمنابذة أما الملامسة فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه
القارئ : وحدثني محمد بن رافع ، قال حدثنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا ابن جريج ، قال أخبرني عمرو بن دينار ، عن عطاء بن ميناء ، أنه سمعه يحدث عن أبي هريرة، أنه قال : ( نُهي عن بيعتين الملامسة، والمنابذة )، أما الملامسة : فأن يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل ، والمنابذة : أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ، ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه. الشيخ : هذه من صورها أيضًا ، أن يقول : أبيع لك ثوبي بثوبك ولا ينظر أحدهما إلى الآخر ، هذه من صور الملامسة ، وما ذكرناه أيضًا من صور الملامسة.
وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى واللفظ لحرملة قالا أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أبا سعيد الخدري قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين ولبستين نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه ويكون ذلك بيعهما نظر ولا تراض
القارئ : وحدثني أبو الطاهر ، وحرملة بن يحيى ، واللفظ لحرملة، قالا : أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص ، أن أبا سعيد الخدري، قال : ( نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين، ولبستين، نهى عن الملامسة، والمنابذة في البيع ، والملامسة : لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ، ولا يقلبه إلا بذلك ، والمنابذة : أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه ، وينبذ الآخر إليه ثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض ).
وحدثنيه عمرو الناقد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن بن شهاب بهذا الإسناد
القارئ : وحدثنيه عمرو الناقد ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب بهذا الإسناد. الشيخ : طيب هذا نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا فعل فهو باطل ، لأن النهي ورد على هذه المعاملة بعينها ، فتكون باطلة ، على حسب القاعدة المعروفة : أن ما نهي عنه فهو باطل إذا كان مما يوصف بالصحة والبطلان.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس ويحيى بن سعيد وأبو أسامة عن عبيد الله ح وحدثني زهير بن حرب واللفظ له حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، ويحيى بن سعيد ، وأبو أسامة ، عن عبيد الله ، ح وحدثني زهير بن حرب ، واللفظ له ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، حدثني أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر ) . الشيخ : بيع الحصاة : له صور منها : أن يقول: احذف الحصاة على هذه السلعة ، فعلى أي ثوب وقعت فهو عليك بكذا لأنه لا يدرى على أي شيء تقع الحصاة . ومن صوره أيضاً : أن يقول : أبيع عليك ما تبلغه الحصاة من هذه الأرض بكذا وكذا هذا أيضا مجهول، لأن الحصاة قد تبلغ مكانا بعيدا، وقد لا تبلغ إلا مكانا قريبا سواء كان ذلك من أجل الذي رماها أو تتعرض لهواء أو ما أشبه ذلك. فهي داخلة في الغرر. أما قوله : ( عن بيع الغرر ) فهو من باب ذكر العام بعد الخاص ، فكل شيء فيه غرر بحيث يكون المتبايعان إما غانماً أو غارماً فإنه محرم ، ولا يصلح مثل بيع العبد الآبق ، بيع العبد الآبق لا يجوز ، لماذا؟ لأنه غرر قد يدركه الإنسان ، وقد لا يدركه. الجمل الشارد مثله أيضاً ، الطيور في الهواء مثله، السمك في الماء مثله كل هذا لأنه قد يدركه وقد لا يدركه. ومن المعلوم أنه إذا كان المبيع على هذا الوصف ، فإن الثمن سيكون أقل فإذا كان أقل فإن أدركه المشتري صار غابناً ، وإن لم يدركه صار مغبونا ، وهذا غرر لا يجوز. فإن قال قائل : إذا كان قد رضي بذلك؟ فالجواب : أنهما وإن رضيا بذلك لفظاً فإن نفوسهما لا ترضى ، ولذلك تجد الواحد منهما وهو المغبون تجده يكون في حسرة وفي قلق، وربما يقع في قلبه على من غبنه شيء.
حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن نافع عن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع حبل الحبلة
القارئ : باب تحريم بيع حبل الحبلة حدثنا يحيى بن يحيى ، ومحمد بن رمح ، قالا: أخبرنا الليث ، ح وحدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ليث ، عن نافع ، عن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى عن بيع حبل الحبلة ).
حدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى واللفظ لزهير قالا حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله أخبرني نافع عن بن عمر قال كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك
القارئ : حدثني زهير بن حرب ، ومحمد بن المثنى ، واللفظ لزهير ، قالا : حدثنا يحيى وهو القطان ، عن عبيد الله ، قال أخبرني نافع ، عن ابن عمر، قال : ( كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ). الشيخ : هذا داخل في الغرر ، بيع حبل الحبلة ، له صورتان : الصورة الأولى : أن يبيع عليه نفس الحبل ، حبل الحبلة ، هذا لا يصح ، لأنه معدوم ومجهول أيضاً. والصورة الثانية : أن يبيعه بثمن إلى حبل الحبلة وهنا لا يصح لأن الأجل مجهول ، وإذا كان أجل الثمن مجهولاً لزم أن يكون الثمن مجهولاً، أي : مجهول الوصف.
باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم النجش وتحريم التصرية
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد : فقد قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في * صحيحه * في كتاب البيوع : باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه ، وسومه على سومه ، وتحريم النجش ، وتحريم التصرية.
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبع بعضكم على بيع بعض
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ). الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ) هذا له صورتان : الصورة الأولى : أن يكون في زمن الخيار ، خيار المجلس أو خيار الشرط، وهذا لا شك في تحريمه ، لأنه يحاول الآخر أن يفسخ العقد. والثانية : أن يكون بعد انتهاء الخيارين. مثال الأول : رجل اشترى بيتاً بمائة ألف، واشترط الخيار لنفسه ثلاثة أيام فسمع آخر بهذه البيعة، وقال: أنا أعطيك مثل هذا البيت بتسعين ألف ريال ، أو أحسن منه بمائة ألف ، فهنا يسهل جداً على المشتري أن يفسخ البيع ، ويختار الفسخ ليشتري هذا البيت الذي عُرض عليه. والصورة الثانية : أن يكون هذا بعد انتهاء زمن الخيار ، وتمام البيع ، يعني أنها مرت المدة وقَبِل المشتري البيت بمائة ألف، فجاء إنسان وقال: كيف اشتريت هذا بمائة ألف؟! أنا أعطيك مثله بتسعين ألفا أو أحسن منه بمائة ألف. هنا لا يمكن للمشتري أن يفسخ البيع، لماذا؟ لأنه لا خيار له ، انتهى الخيار لكن يُمكن أن يلتمس أي عيب فيه ليجعله سببا لفسخ البيع ، فإن عجز فربما يماطل بالثمن ويؤذي البائع عليه ، فإن كان قد نقد الثمن ، فإنه يكون في قلبه شيء على البائع الذي باع عليه البيت بمائة ألف. ويقول : هذا خدعني ، هذا غبنني ، وما أشبه ذلك. وعلى كل حال المسألة الأولى : ما دام في زمن الخيار المسألة فيها واضحة وأظنها محل اتفاق . والمسألة الثانية فيها خلاف بين العلماء ، والراجح أنه حرام ، إلا يعني إذا مضى مدة طويلة وتناسى هذا الرجل البيع ، أو نزل السعر أو ما أشبه ذلك ، فهذا ليس به بأس أما في حينه فلا شك أنه يولد مفاسد. وهل مثل ذلك الشراء على شرائه ؟ نعم ، مثل ذلك الشراء على شرائه ، بأن يأتي إلى شخص باع البيت بمائة ألف ريال ، فيقول: كيف بعته بمائة ألف ريال ، هذا يساوي مائة وعشرين ، أنا آخذه بمائة وعشرين من أجل أن يفسخ البائع العقد، ويبيعه على هذا الطالب. وهذا له صورتان كالبيع تمامًا، إما أن يكون في زمن الخيار وإما أن يكون بعده، والصواب أنه عام لما كان في زمن الخيار وما كان بعده. أما الحكمة من النهي فظاهرة، وهي : قطع العدوان على الغير واجتناب ما يؤدي إلى العداوة والبغضاء.
ما حكم من جاء إلى مشتر وعرض عليه بيتا بعد البائع الأول وهو لا يدري؟
السائل : هل هذه الصورة تصدق حتى لو أتاه فقال : أنا عندي بيت تبغي تشتريه ثمنه كذا وكذا من غير أن يشير إلى البيعة الأولى ؟ الشيخ : إي نعم، ما دام علم أنه بيع بكذا، أما إذا كان جاهلاً فلا بأس، ليس عليه شيء. السائل : ... ؟ الشيخ : أعرف أن الرجل هذا لا يُريد إلا بيتاً واحداً، ما هو رجل يتكسَّب في البيوت، أعرف أنه إذا عرضت عليه البيت الذي عندي بثمنٍ أقل، سوف يترك الأول.
إذا كان البائع الأول يغبن المشتري فهل يجوز البيع على بيعه؟
السائل : ... البائع الأول هل نجوز أن نبيع على بيعه ؟ الشيخ : لا إلا إذا كان الغبن فاحشًا لا يتغابن بمثله عادة فنعم أما إذا كان غبنًا يسيرًا جرت به العادة فأنت تعرف الأسواق تختلف، حتى أن الدكانين بعضهما إلى جنب بعض ومع ذلك يختلف السعر.
حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى واللفظ لزهير قالا حدثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له
القارئ : حدثنا زهير بن حرب ، ومحمد بن المثنى ، واللفظ لزهير ، قالا : حدثنا يحيى ، عن عبيد الله ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، إلا أن يأذن له ) . الشيخ : قوله هنا : ( على بيع أخيه ) هل هو قيد له مفهوم، وهو أنه يجوز أن يبيع على بيع غير المسلم ؟ أو يُقال : إن هذا بناء على الأغلب، وأن غير المسلم إذا كان له عهد وذمه فإنه لا يجوز الاعتداء عليه ؟ الجواب : الثاني، ويكون قوله : ( على بيع أخيه ) الأغلب، لأن غالب البلاد الإسلامية لا يكون فيها التبايع إلا بيع مسلم على مسلم. ثم إن في قوله : ( على بيع أخيه ) إشارة إلى الإشفاق وعدم العدوان ، كأنه قال : هو أخوك فكيف تبيع على بيعه ، كيف تشتري على شرائه. وأما الخطبة على خطبته، فاستثنى النبي صلى الله عليه وسلم قال : إلا أن يأذن وهذه المسألة لها ثلاث حالات أو أكثر : الحال الأولى : أن يعلم أن الخاطب الأول قد رُدَّ فله أن يخطب ، لأن الأول رد وانتهى حقه. الثاني : أنه يعلم أنه قد قُبل ، فهنا لا يجوز بلا شك أن يخطب على خطبة أخيه. الثالث : أن يجهل ، هل قبلوه أو ردوه فهنا لا يجوز أن يخطب على خطبة أخيه ، لأنه قد يكونون بصدد أن يقبلوه ، فإذا خطب الخاطب الثاني ردوه. فإن قال قائل : إذا كان الحامل على خطبة على خطبة أخيه أن الخاطب الأول ليس بكفء. وأن هذا الخاطب الثاني كان بنفسه أن يخطب المرأة ، ولكنه سبقه ذاك وهو يعلم أنه ليس بكفء. فإننا نقول : لا يجوز أن يخطب على خطبة أخيه، لأنه لا يخرج من الإسلام بالمعاصي، فهو أخوك ، لكن إذا كنت ناصحًا فأبلغ أهل المرأة بأن الرجل ليس بكفء ثم إذا ردوه فيما بعد فإن شئت فاخطب وإن شئت فلا تخطب. وعدم الخطبة أولى ، لأنك إذا نصحتهم وقلت : هذا ليس بكفء وتركوه، ثم خطبت، صرت محلًّا للتهمة وأنك غير ناصح فأبعد عما يشوه سمعتك. أما إذا أذن لك فالأمر واضح ، يعني لو أن رجلًا سمع أن فلانًا خطب امرأة وذهب إليه وقال : إني سمعت أنك خطبت فلانة ، فأحب أن أخطبها أنا ، قال : لا بأس فهذا ليس بشيء.
السائل : ... ؟ الشيخ : لا يجوز أن يخطب على خطبته، فكيف يجوز أن يُهدده، هذا يُسأل عنه. السائل : ... ؟ الشيخ : لا يجوز أن يقول لأهل المرأة أعطوني إياها ، كيف يجوز أن يذهب إلى ذاك يقول إما أن تترك المرأة أو قتلتك. السائل : ... ؟ الشيخ : المُهدِد هذا أحسن شيء يودى السجن.
إذا جاء الخاطب الثاني وقال للأول أعطيك مالا مقابل أن تترك لي الخطبة؟
السائل : إذا قال بعطيك فلوس وهذا الرجل كان محتاجا وأذن له . الشيخ : لا بأس نحن نرى أنه يجوز للإنسان أن يتنازل عن كل حق له ليس واجبًا عليه فإذا قال : أنا أُريد أن تتنازل بمثلًا ستة آلاف ريال أو أكثر أو أقل فلا بأس من حقه.
إذا كانت المرأة مطلقة طلاقا رجعيا وانتهت العدة وجاءها خاطب ثم جاء زوجها يقول أنا أولى بها فما الحكم؟
السائل : إذا كانت المرأة رجعية وخطبت ؟ الشيخ : كيف رجعية لا يجوز أن تُخطب في العدة. السائل : لا بعد انتهاء العدة انتهت العدة وبان الزوج ... ثم خطبت وعلم زوجها الأول فهل له أن يتقدم يخطبها ؟ الشيخ : ليس له حق ، زوجها الأول الذي طلقها إذا انتهت العدة وخطبت ذهب يقول أنا أولى بها لا يجوز لأنه سقط حقه انتهى.
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل وهو بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يسم المسلم على سوم أخيه
القارئ : حدثنا يحيى بن أيوب ، وقتيبة بن سعيد ، وابن حجر ، قالوا : حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يسم المسلم على سوم أخيه ) . الشيخ : هذا أيضا من حقوق المسلم على أخيه ، ألا يسوم على سومه والمراد : ما لم يطلب البائع الزيادة ، فإن طلب البائع الزيادة فلا بأس ، كما يحصل الآن في المزايدة، الإنسان يأتي بالسلعة في السوق ثم يسوم رجل بألف ، ويزيد الثاني بألف ومائة ، ويزيد الثالث بألف ومائتين هذا لا بأس به ، لأن صاحب السلعة هو الذي طلب الزيادة فلا بأس أن يسوم على سومه. أما إذا ركن صاحب السلعة إلى السائل وعزم أن يبيع عليه ، فحينئذ لا يجوز السوم على سومه. ولكن لو قال قائل : إذا كان السائل قد بخس السلعة حقها ، والبائع باع السلعة ليس بذاك الرجل الفاهم الذي يعرف السلعة فهل يجوز أن تذهب وتسوم على سومه ؟ هذا يتجاذبه أمران : حق البائع وحق السائل فإن نظرنا إلى ظاهر الحديث وعمومه قلنا : لا يجوز دع البائع يغبن ولا عليك منه ، وإن نظرنا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يتكلم عن شيء جرى عليه الناس، وأن السوم سوم مناسب للسلعة ، فإذا سيمت السلعة بأنقص من قيمتها وعلمنا أن البائع ليس بذاك الرجل الفاهم فلا حرج أن تذهب إليه وتقول : أنا أعطيك بها كذا وكذا زائدا عما سيمت به لأنه تجاذبه حقان : حق البائع وحق السائل، والعقد لم ينته بعد حتى نقول أنه من جنس البيع على بيع أخيه، البيع على بيع أخيه سبق أن قلنا هذا لا يجوز، لكن السوم لم يستقر العقد بعد. طيب في هذا مسائل : إذا باع على بيعه، هل يصح البيع أو لا ؟ ننظر إلى القاعدة المعروفة : أنه إذا عاد النهي على نفس العمل صار العمل فاسداً ، لأنا لو لم نفسده لكان في ذلك عين المحادة لله ورسوله لأن التصحيح يقتضي إمضاءه ، والنهي عنه يقتضي البعد عنه ، فإذا علمنا أن هذا الرجل باع على بيع أخيه فإن العقد معه غير صحيح ولا ينفذ. أما السوم ، فلو سام على سوم أخيه ثم بيع عليه فإن العقد يصح ، لأن هذا لم يعد إلى نفس العقد ، بل عاد إلى مقدمة العقد ، والمسوم منه قد يبيع وقد لا يبيع. ولهذا فرق العلماء رحمهم الله بين السوم على سومه قالوا : فيصح العقد ، والبيع على بيعه لا يصح العقد. السائل : والخطبة على خطبة أخيه تقاس على السوم ؟ الشيخ : إي نعم ، تُقاس على السوم.
وحدثنيه أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثني عبد الصمد حدثنا شعبة عن العلاء وسهيل عن أبيهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثناه محمد بن المثنى حدثنا عبد الصمد حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عدي وهو بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستام الرجل على سوم أخيه وفي رواية الدورقي على سيمة أخيه
القارئ : وحدثنيه أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال حدثني عبد الصمد ، قال حدثنا شعبة ، عن العلاء، وسهيل ، عن أبيهما ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ح وحدثناه محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ ، قال حدثنا أبي ، قال حدثنا شعبة ، عن عدي وهو ابن ثابت ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستام الرجل على سوم أخيه ) ، وفي رواية الدورقي : ( على سيمة أخيه ).
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يتلقى الركبان لبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد ولا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يتلقى الركبان لبيع ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، ولا تناجشوا ، ولا يبع حاضر لباد ، ولا تصروا الإبل والغنم ، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ، فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر ).
الشيخ : هذا الحديث تضمن عدة مسائل : المسألة الأولى : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يُتلقى الركبان لبيع ) الركبان هم الذين يجلبون إلى البلد السلع ، من أقوات وألبسة وغيرها، وهو جمع راكب، وقوله : ( لبيع ) هذا قيد ، فأما تلقيهم لضيافة أو ترحيب بهم أو ما أشبه ذلك فلا بأس ، لكن إذا كان لبيع أي : ليبتاع منهم فإن ذلك لا يجوز لماذا ؟ لأن في ذلك إضرارًا على الركبان وعلى أهل البلد. أما الإضرار على الركبان ، فلأن هذا المتلقي سيشتري منهم بأقل، وأما على أهل البلد، فلأن الركبان إذا نزلوا إلى البلد وباعوا سلعهم كان في ذلك تنشيط لسوق البلد ، بخلاف ما إذا تُلُقُّوا واشترِيَ منهم ورجعوا إلى بلادهم ، وصار هذا المشتري يتحكم في السلع. ففي تلقي الركبان ضرر على من؟ على الركبان ، وعلى أهل البلد حتى ينزلوا إلى السوق ، فإذا نزلوا إلى السوق فكل الناس يشترون منهم. قال : ( ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) وسبق. قال: ( ولا تنجاشوا ) النهي الثالث : لا تناجشوا ، وأصل النجش إثارة الطير ، والمراد بالمناجشة أن يزيد في السلعة وهو لا يريد الشراء ، ولكن يريد أن تزيد السلعة على المشتري إما للإضرار بالمشتري ، وإما لنفع البائع ، وإما لذلك وذاك. السلعة الآن تُباع ، يحرج عليها يُسام عليها، فقال رجل : بعشرة ، وقال الثاني بأحد عشر ، الثاني لا يريد الشراء وليس له غرض بالسلعة ، لكن يُريد الإضرار بالمشتري بزيادة الثمن عليه ، أو يريد نفع البائع بزيادة الثمن له أو يُريد الأمرين جميعًا فلا يجوز النجش. وأما إذا زاد في السلعة لأنه رأى أن الثمن ناقص وأنه سيربح فيها فلما علا الثمن تركها ، وهذه تقع كثيرًا ، فهذا لا بأس به، لأنه ليس بنجش. يعني مثلًا السلعة أول ما تسام بنصف القيمة ، كما هي العادة ، فهذا الرجل سامها بنصف القيمة ، وهذا الرجل زادها بنصف القيمة فجاء آخر فزاد حتى انتهت ثم تركها ، فهذا ليس بنجش علل؟ لأنه يريد السلعة لما كانت رخيصة وهو يزيد فيها ، فلما ارتفع السعر تركها هذه نقول ليس بنجش. قال: ( ولا يبع حاضر لباد ) الحاضر المقيم في البلد، والباد ساكن البادية ، البدوي الباد يأتي وهو جاهل بالسعر لا يعرف ، والناس سيكفونه يعني كل واحد يزود حتى إذا السعر الحاضر ، فإذا جاء البادي إلى الحاضر وقال : بع لي هذه السلعة فإن في ذلك إضرارًا على أهل البلد لأن البادي إذا باشر البيع بنفسه فالغالب أنه يكون رخيصًا فينتفع أهل البلد به ، يشترونه من البادي برخص ، ثم يتبايعونه فهذه هي الحكمة من نهي بيع الحاضر للبادي. لكن إذا كان البادي هو الذي جاء إلى الحاضر وقال : بع لي يعني أن الحاضر لم يطلب ، هو جاء فقال بعض أهل العلم لا يجوز لأن النهي عام النهي ( لا يبع حاضر لبادي ) ولا فرق بين أن يقصد البادي الحاضر ، أو يقصد الحاضر البادي.. وقال بعض العلماء : إذا كان البادي هو الذي قصد الحاضر وهو عميله وهو الذي يبيع له ، فإن هذا لا بأس به. وهذا القول بالمعنى أقوى ، القول بأن النهي إنما يكون للشخص الذي يقصد البادي فيقول: دعني أبيع لك. وأما إذا قصد البادي الحاضر فإنه لا بأس به. وهل يُشترط أن يكون البادي جاهلًا بالسعر ، بمعنى إذا عرفنا أن هذا البادي يتردد إلى البلد يومًا فيومًا ، ويعرف السعر ، فهل يجوز أن يبيع له الحاضر أو لا ؟ قال بعض العلماء إنه في هذه الحال له أن يبيع له ، لأنه لا فرق بين بيعه له وبين مباشرته للبيع ، إذ أن البادي هنا عالم بالسعر ، ولن يستفيد البلد منه ما دام عالمًا بالسعر ، إذ أنه لن يبيع إلا بالسعر. ولكن ظاهر الحديث العموم ، أن حتى لو علمنا أن البادي يعلم الأسعار فإنه لا يجوز أن يقصده الحاضر ليبيع له. وهل يفرق بين السلعة التي قدم بها البادي والناس محتاجون لها ، أو لا فرق بين السلع ؟ ظاهر الحديث الثاني ، العموم، سواء كان الناس يحتاجون إلى السلعة التي قدم بها البادي أو لا ، وهذا هو الأولى ، يعني إبقاء الحديث على عمومه. قال : ( ولا تصروا الإبل والغنم ) التصرية : حبس اللبن في الضرع من أجل إذا رآها المشتري ظنها ذات لبن، وهذا غش وتدليس فلا يحل أن تُصر الإبل والغنم والبقر : البقر مثلها ، لكن لما كان غالب الموجود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة هي الإبل والغنم ذكرها ، وإلا فالبقر مثلها. والأتان : مثلها ؟ السائل : لا ليست مثلها . الشيخ : ليش؟ السائل : لأن الأتان لا يشرب لبنها. الشيخ : إي لكن أولادها هذا رجل عنده أولاد صغار واشترى لهم أتانا يمكن يقصد هذا المهم إذا علمنا أن المدار كله على الغش والتدليس لم يفرَّق بين هذا وهذا. طيب يقول : ( فمن ابتاعها ) أي : اشتراها ( بعد ذلك ) أي : بعد التصرية ، ( فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر ) . نقول : إذا اشتراها وتبين أنها مصراة ، وبماذا يتبين أنها مصراة ؟ يتبين أنه إذا جاء وقت حلبها الثانية وإذا هو لا يجد فيها إلا نصف ما كان موجودًا في الأول أو أقل فنقول : أنت الآن بخير النظرين ، خير النظرين لمن للبائع ولا للمشتري ؟ للمشتري ، بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها ، وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر. وقد جاءت رواية أخرى أنه بالخيار ثلاثة أيام إذا وجد أنها مصراة قلنا أنت الآن بالخيار ، إن شئت فهي لك ، وإن شئت فردها ورد معها صاعًا من تمر.