(تحدي الناظم لأهل التحريف في تأويلهم لبعض الصفات دون بعض ومعاني صفة الاستواء والكلام والنزول واليد عندهم والرد عليهم) فنقول فرق بين ما أولته*** ومنعته تفريق ذي برهان فيقول ما يفضي إلى التجسيم أو***لناه من خبر ومن قرآن كالإستواء مع التكلم هكذا*** لفظ النزول كذاك لفظ يدان حفظ
الشيخ : رحمه الله، هذا الفصل يتحدى فيه هؤلاء الذين يحرفون أو يؤولون بعض النصوص ويتركون بعضاً فيقول لهم فرقوا لنا بين ما يؤوَّل وبين ما لا يؤوَّل أما أن تتحكموا فتقولوا هذا يؤوَّل وهذا لا يؤوَّل فهذا غير مسلم لكم
" فنقول فرق بين ما أولته *** ومنعته تفريق ذي برهان "
فيقول في الجواب
" ما يُفضي إلى التجسيم أوّ *** لناه " يعني وما لا يُفضي لا نؤوله
" من خبَر ومن قرآن " من خَبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قرآن من كلام الله سبحانه وتعالى كالاستواء هذا مثال لما يُفضي إلى التجسيم
" كالاستواء مع التَّكلم هكذا *** لفظ النزول كذاك لفظُ يدان "
هذه أربعة أمثلة الاستواء يقول لو أثبتناه لكان مُفضياً إلى التجسيم إذا أثبتنا الاستواء بمعناه الحقيقي كان ذلك مُفضياً إلى التجسيم لأنك إذا قلت استوى كذا على كذا لزم أن يكون الأول جسماً كما أن الثاني جِسماً وهذا يفضي إلى التجسيم كذلك الكلام لو أثبتنا الكلام بحرف وصوت لزم من ذلك التجسيم لأن الكلام بحرف وصوت يحتاج إلى آلة لسان وشفتين مخارج حروف وما أشبه ذلك وهذا يقتضي أن يكون الله جِسماً ، كذلك أيضاً اليدان النزول النزول يقولون لا يكون النزول من شيء إلى شيء إلا إذا كان هذا النازل جسماً فإذا أثبت نزول الله إلى السماء الدنيا مثلاً لزم أن تكون مجسماً، وكذلك اليدان اليدان أثبت الله لنفسه يدين فقال تعالى : (( وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلت أيديهم ولُعنوا بما قالوا بل يداهُ مبسوطتان ينفق كيف يشاء )) وقال يخاطب إبليس : (( ما منعك أن تَسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين )) فيقولون مُحال أن نثبت لله يدين حقيقيتين لأن ذلك يقتضي التجسيم والمراد ما المراد به عندهم ؟ كل هذه مؤولة عندهم الاستواء يعني الاستيلاء الكلام يعني الكلام النفسي أو كلام مخلوق على رأي المعتزلة النزول نزول الأمر ينزل إلى السماء الدنيا يعني ينزل أمرُه إلى السماء الدنيا تنزل رحمتُه ينزل ملك من ملائكتِه وسبحان الله العظيم كيف يتجرؤون أن يقولوا هذا الكلام مع أن الذي نطق به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له ) هل يمكن للأمر أن يقول من يدعوني فأستجيب له والله الي يتصور إن الأمر يقول هذا الكلام وهو أمر لا شك أن عقله ليس معه طيب هل يمكن أن يقول الملك من ملائكة الله من يدعوني فأستجيبَ له من يستغفرتني فأغفر له لو أن ملكاً مِن الملائكة قال هذا لادعى لنفسِه أنه إله وهذا مستحيل أن تقول الملائكة وهم عباد الله المكرمون ما يقتضي أن يكونوا آلهة لكن والعياذ بالله إذا صار للإنسان الهوى ضل عن الهدى طيب كذلك اليدان اليدان يقول المراد باليد القوة تقول العرب : " ما لي بذلك يدان " أي ما لي به من قوة ولكن كيف نقول هكذا والله يقول : (( لما خلقتُ بيدي )) بيدي لو كانت اليد هي القوة لم يكن هناك فرق بين آدم وإبليس فإن إبليس خُلق بقوة الله ثم القوة لا يمكن أن تُثنى قوة الله وصف عظيم يُقدر بالكيف لا بالكم أليس كذلك واليدان مقدرة بالكم هل الله عز وجل له قوتان ؟ له قوة مقدرة بالكيفية لا يقهرها شيء (( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً )) وإبطال كلامِهم مر علينا كثيراً واضح جدا لكن هم يقولون هذه يمكن تأويلها فنؤولها طيب يقول المؤلف :
" إذ هذه أوصاف جِسم محدثٍ *** لا ينبغي للواحدِ المنان "
هذه أوصاف جِسم محدَث يُشير إلى الاستواء وإلى إيش ؟ الكلام وإلى النزول وإلى اليد لا ينبغي أي الجسم للواحد المنانِ لا ينبغي هنا بمعنى لا يمكن يعني يستحيل فنقول له مناقضين لكلامِه أنت وصفتَه أيضاً بما يفضي إلى التجسيم والحِدثان فوصفتَه بالسمع .