كلام الشيخ عن شرط المتابعة في قبول العمل الصالح . حفظ
الشيخ : ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )).
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ))
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
تعلمون أيها الإخوان أن المؤمن مكلف بأمرين اثنين الإيمان بالله وما جاء به رسول الله من عند الله والأمر الآخر اتباع هذا الإيمان بالعمل الصالح هاتان ركيزتان أساسيتان ليكون المسلم ناجحا في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة ولا يكون من الخاسرين لذلك قال رب العالمين : (( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) (( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) إن مجال الكلام على الإيمان من جهة وعلى العمل الصالح من جهة أخرى مجال واسع جدا وقد ألف في ذلك بعض الكتب النافعة ومن أهمها كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا
والذي أريد أن أتحدث به إليكم في هذا الوقت الضيق حيث أننا مضطرون أن نفارق مجلسكم هذا قبيل أذان العشاء لوعد بيننا وبين بعض إخواننا هناك فالذي أريد أن ألفت نظركم إليه في هذه الدقائق المحدودات إنما هو حول هذا العمل الذي هو الأساس الثاني ليكون المسلم ناجحا ورابحا في الحياة الدنيا وفي الآخرة ليكون العمل صالحا ومقبولا عند الله تبارك وتعالى يجب أن يتوفر فيه شرطان اثنان
الشرط الأول : أن يكون على وفق السنة أن يكون موافقا أو مطابقا للسنة فإذا كان العمل الذي يدعى أنه عمل صالح لكنه من حيث واقعه مخالف لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحينذاك لا يكون العمل صالحا ولو كان ظاهره أو ولو كان أصله صالحا خذوا مثلا على ذلك : الصلاة والصيام فإن مما لا شك فيه أن كلا من الصلاة والصيام عبادتان عظيمتان في الإسلام ولكن إذا خرجت العبادة أي عبادة كانت عن موافقتها لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن هذه العبادة مقبولة عند الله تبارك وتعالى وحسبنا الآن دليلا حديث الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ( أن رهطا من أصحاب النبي جاءوا إليه ليسألوه فلم يجدوه فسألوا نساءه وأهله عن عبادته صلى الله عليه وآله وسلم عن قيامه وصيامه واتصاله بنسائه فحدثنهم بما يعلمن من ذلك وقلن : إنه صلى الله عليه وآله وسلم يقوم الليل وينام ويصوم النهار ويفطر ويأتي النساء لما سمع الرهط جواب نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قيامه وصيامه تقالوها ) أي : وجدوا عبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قليلة هذه القلة التي ادعوها بالنسبة لما كان قائما في أذهانهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما دام أنه سيد الأنبياء والرسل جميعا فلا بد أن يكون مجدا ومبالغا في عبادته لقد تصوروه إنه قائم الليل كل الليل تصوروه صائما النهار كل الأنهار تصوروه صائم الدهر لا يفطر ففجئوا بخبر النساء حينما قلن : ( إنه عليه الصلاة والسلام يقوم الليل وينام ) إذن هو لا يحي الليل كله كذلك فوجئن حينما أخبروا فوجئوا حينما أخبروا منهن بأنه عليه الصلاة والسلام ليس صائم الدهر وإنما يصوم ويفطر وأعجب من ذلك أنهم تصوروه راهبا لا يأتي النساء فلما سمعوا من النساء خلاف ما تصوروا وجدوا عبادة النبي قليلة
ثم أعادوا يعللون هذه العبادة بعلة يحتاجون من أجلها أن يتوبوا إلى الله وأن يستغفروه لأنهم لو كانوا يتنبهون لما في هذه الكلمة من نقص لا يليق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان لهم أن يتفوهوا بها ما هي هذه الكلمة ؟ وجدوها قليلة وجدوا عبادة الرسول قليلة ثم عللوها هذا ( قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) يشيرون إلى الآية المعروفة لديكم كأنهم يقولون لماذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتعب نفسه بالعبادة لماذا هو يقوم الليل كله لماذا يصوم الدهر كله ؟ ما بحاجة إلى أن يفعل فعل ذلك كله لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لا شك أن هذا التعليل لا يجوز للمسلم أن يعلل تقليل عبادة الرسول عليه السلام بمثل هذه العلة لأنها تخالف ما ستسمعونه من رد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أولئك الرهط الشاهد أنهم رجعوا إلى أنفسهم قالوا : أما نحن فما حصلنا مغفرة الله فعلينا إذن أن نبالغ في طاعة الله فتعاهدوا بينهم قال أحدهم : ( أما أنا فأقوم الليل ولا أنام ) وهنا الشاهد فقيام الليل عبادة لكن هل هذه العبادة تكون عبادة إذا قام المسلم الليل كله ؟ ستسمعون الجواب قام الرجل الثاني وقال : ( أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر )
كذلك الصيام من أفضل الأعمال عند الله تبارك وتعالى ولكن هل من أفضل الأعمال أن يصوم المسلم الدهر كله ؟ ستستمعون الجواب أيضا فيما يأتي
( قام الثالث وقال : أما أنا فلا أتزوج النساء ) أي أعيش راهبا لماذا ؟ لأنهم يعتقدون خطأ أن النساء تشغل المتعبد عن عبادة الله عز وجل والتوجه إليها بكليته لذلك نذر هذا أن لا يتزوج النساء ( وانصرفوا على هذا التعاهد وسرعان ما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت أهله : جاء الرهط وسألونا وأجبنا بكذا وكذا وقالوا كذا وكذا فخطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أصحابه وقال لهم : ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا ) يحكي أقوال الرهط الثلاثة يقول : ( ما بال أقوام يقولون أحدهم أقوم الليل ولا أنام الثاني أصوم الدهر ولا أفطر الثالث لا أتزوج النساء ) فقال عليه السلام ردا عليهم : ( أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله أما إني أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) بيت القصيد من هذه القصة هو قوله عليه السلام في آخرها : ( فمن رغب عن سنتي فليس مني )
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )).
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ))
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
تعلمون أيها الإخوان أن المؤمن مكلف بأمرين اثنين الإيمان بالله وما جاء به رسول الله من عند الله والأمر الآخر اتباع هذا الإيمان بالعمل الصالح هاتان ركيزتان أساسيتان ليكون المسلم ناجحا في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة ولا يكون من الخاسرين لذلك قال رب العالمين : (( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )) (( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) إن مجال الكلام على الإيمان من جهة وعلى العمل الصالح من جهة أخرى مجال واسع جدا وقد ألف في ذلك بعض الكتب النافعة ومن أهمها كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا
والذي أريد أن أتحدث به إليكم في هذا الوقت الضيق حيث أننا مضطرون أن نفارق مجلسكم هذا قبيل أذان العشاء لوعد بيننا وبين بعض إخواننا هناك فالذي أريد أن ألفت نظركم إليه في هذه الدقائق المحدودات إنما هو حول هذا العمل الذي هو الأساس الثاني ليكون المسلم ناجحا ورابحا في الحياة الدنيا وفي الآخرة ليكون العمل صالحا ومقبولا عند الله تبارك وتعالى يجب أن يتوفر فيه شرطان اثنان
الشرط الأول : أن يكون على وفق السنة أن يكون موافقا أو مطابقا للسنة فإذا كان العمل الذي يدعى أنه عمل صالح لكنه من حيث واقعه مخالف لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحينذاك لا يكون العمل صالحا ولو كان ظاهره أو ولو كان أصله صالحا خذوا مثلا على ذلك : الصلاة والصيام فإن مما لا شك فيه أن كلا من الصلاة والصيام عبادتان عظيمتان في الإسلام ولكن إذا خرجت العبادة أي عبادة كانت عن موافقتها لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن هذه العبادة مقبولة عند الله تبارك وتعالى وحسبنا الآن دليلا حديث الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ( أن رهطا من أصحاب النبي جاءوا إليه ليسألوه فلم يجدوه فسألوا نساءه وأهله عن عبادته صلى الله عليه وآله وسلم عن قيامه وصيامه واتصاله بنسائه فحدثنهم بما يعلمن من ذلك وقلن : إنه صلى الله عليه وآله وسلم يقوم الليل وينام ويصوم النهار ويفطر ويأتي النساء لما سمع الرهط جواب نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قيامه وصيامه تقالوها ) أي : وجدوا عبادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قليلة هذه القلة التي ادعوها بالنسبة لما كان قائما في أذهانهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما دام أنه سيد الأنبياء والرسل جميعا فلا بد أن يكون مجدا ومبالغا في عبادته لقد تصوروه إنه قائم الليل كل الليل تصوروه صائما النهار كل الأنهار تصوروه صائم الدهر لا يفطر ففجئوا بخبر النساء حينما قلن : ( إنه عليه الصلاة والسلام يقوم الليل وينام ) إذن هو لا يحي الليل كله كذلك فوجئن حينما أخبروا فوجئوا حينما أخبروا منهن بأنه عليه الصلاة والسلام ليس صائم الدهر وإنما يصوم ويفطر وأعجب من ذلك أنهم تصوروه راهبا لا يأتي النساء فلما سمعوا من النساء خلاف ما تصوروا وجدوا عبادة النبي قليلة
ثم أعادوا يعللون هذه العبادة بعلة يحتاجون من أجلها أن يتوبوا إلى الله وأن يستغفروه لأنهم لو كانوا يتنبهون لما في هذه الكلمة من نقص لا يليق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان لهم أن يتفوهوا بها ما هي هذه الكلمة ؟ وجدوها قليلة وجدوا عبادة الرسول قليلة ثم عللوها هذا ( قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) يشيرون إلى الآية المعروفة لديكم كأنهم يقولون لماذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتعب نفسه بالعبادة لماذا هو يقوم الليل كله لماذا يصوم الدهر كله ؟ ما بحاجة إلى أن يفعل فعل ذلك كله لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لا شك أن هذا التعليل لا يجوز للمسلم أن يعلل تقليل عبادة الرسول عليه السلام بمثل هذه العلة لأنها تخالف ما ستسمعونه من رد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أولئك الرهط الشاهد أنهم رجعوا إلى أنفسهم قالوا : أما نحن فما حصلنا مغفرة الله فعلينا إذن أن نبالغ في طاعة الله فتعاهدوا بينهم قال أحدهم : ( أما أنا فأقوم الليل ولا أنام ) وهنا الشاهد فقيام الليل عبادة لكن هل هذه العبادة تكون عبادة إذا قام المسلم الليل كله ؟ ستسمعون الجواب قام الرجل الثاني وقال : ( أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر )
كذلك الصيام من أفضل الأعمال عند الله تبارك وتعالى ولكن هل من أفضل الأعمال أن يصوم المسلم الدهر كله ؟ ستستمعون الجواب أيضا فيما يأتي
( قام الثالث وقال : أما أنا فلا أتزوج النساء ) أي أعيش راهبا لماذا ؟ لأنهم يعتقدون خطأ أن النساء تشغل المتعبد عن عبادة الله عز وجل والتوجه إليها بكليته لذلك نذر هذا أن لا يتزوج النساء ( وانصرفوا على هذا التعاهد وسرعان ما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت أهله : جاء الرهط وسألونا وأجبنا بكذا وكذا وقالوا كذا وكذا فخطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أصحابه وقال لهم : ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا ) يحكي أقوال الرهط الثلاثة يقول : ( ما بال أقوام يقولون أحدهم أقوم الليل ولا أنام الثاني أصوم الدهر ولا أفطر الثالث لا أتزوج النساء ) فقال عليه السلام ردا عليهم : ( أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله أما إني أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) بيت القصيد من هذه القصة هو قوله عليه السلام في آخرها : ( فمن رغب عن سنتي فليس مني )