الشيخ : بعد هذا ، أتوجه إلى الإجابة عما رغب الأخُ الفاضل من أن تكون كلمتي حول هذه البصيرة المذكورة في الآية الكريمة ، الأمر واضح جدا عند من أوتي ولو قليلا من العلم المستقى من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ومن أوضح الأحاديث الواردة كجواب لمثل هذا السؤال : إنما هو قوله عليه الصلاة والسلام : ( تركت فيكم أمرين ، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) ، ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) ، من هذا القبيل أيضا قوله عليه الصلاة والسلام ، حينما كان جالسا بين ظهراني أصحابه الكرام ، وحينما خطّ لهم على الأرض خطاً مستقيما ، ثم خطّ من جانبي هذا الخط المستقيم خطوطا قصيرة ، ثم مرّ عليه الصلاة والسلام بأصبعه الكريمة على الخط المستقيم ، تالياً قول رب العالمين : (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ، ثم قال عليه الصلاة والسلام مفسرا إشارته بكلامه ، قال : ( هذا صراط الله ) يشير إلى الخط المستقيم : ( وهذه طرق ، وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه ) هكذا وضح لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وجعلنا على بصيرة من ديننا ، حينما صوّر لنا تصويرا عمليا ، تصويرا فنيا إذا صح التعبير ، رسم لنا خطا مستقيما طويلا ، وخطّ لنا من حول هذا الخط ومن جانبيه خطوطا قصيرة ، وفي هذا التصوير فن رائع بديع جدا ، حيث جعل الخط الذي يجب على المسلم أن يسلكه أولا مستقيما ، وثانيا طويلا وطويلا جدا ، ثم خطّ من جانبي هذا الخط المستقيم خطوطا قصيرة ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( هذه طرق ، وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه )