مناقشة الشيخ لبعض علماء الأحناف الذي كان يفتي بحرمة حشو الأضراس لأنها تمنع وصول الماء لباطن الضرس عند الاغتسال من الجنابة، والرد عليه. حفظ
الشيخ : الشاهد سبق لي أن ناقشت هذا الرجل حول ابنه، لأنه كانت عاقبة القضية أن طرد ابنه من بيته، لأنه خيره بين أن يخلع ضرسه إذا أراد أن يبقى عند والده وإلا فليخرج من داره، لم يستطع الولد أن يخلع ضرسين أو ثلاثة، لأنه في ذلك إضاعة للمال أولاً، وإضعاف للجسد ثانياً وهذا لا يجوز ( ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، علمًا بأنه قد أخذ فتوى بجواز هذا الشيء، المهم جرى النقاش بيني وبين والد هذا الولد، فقلت له: هذا الشيء الذي أنت تُفتي به أنت تعترف أن هذه الفتوى برأيك واجتهادك لأن حشو الضرس لم يكن موجودًا من قبل، فلا يجوز لك أن تفتي بشيء غير موجود في الكتاب، لأن كتاب الفقه هو دليل المقلدة، أما قال الله أما قال رسول الله فهذا كما يصرحون أن هذا عمل المجتهدين ولا اجتهاد اليوم، لأن الاجتهاد قد أُغلق بابه بعد القرن الرابع من الهجرة.
فإذن أنت مِن أين جئت بهذه الفتوى التي تحكم على بطلان صلاة مَن يحشون أضراسهم في هذا الزمان ؟! طبعًا هو يتعلل ببعض الأشياء التي لا وزن لها، فأنا جئت بشيئين اثنين:
أحدهما ما يتعلق بموضوعنا، والآخر: من نفس كتب الفقه، لكن من لا فقه له في السنة لا فقه له في الفقه التقليدي الذي يوجد اليوم بين أيدي المقلدين.
أما الشيء الذي جئته به من السنة -فهو بيت القصيد كما يقال من هذا الكلام- فقد جاء في * مسند الإمام أحمد * وبعض السنن عن أحد الصحابة واسمه عرفجة بن سعد: ( أنه كان قد أُصيب أنفه في وقعة كلاب، فاتخذ أنفاً من ورِق من فضة، فأنتن عليه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أسلم طبعاً فشكى إليه ذلك، فأمره بأن يتخذ أنفًا من ذهب ): عِلماً بأن الذهب محرم على الرجال، مع ذلك سمح الرسول عليه الصلاة والسلام له أن يتخذ أنفًا من ذهب بديل الأنف مِن الفضة.
وأنا بحكم كوني مارست مهنة تصليح الساعات وفي تصليح الساعات نوعان من اللحام:
الأول: القصدير، والثاني: الفضة، ربما بعضكم أدرك بعض الساعات الجيبية لها غطاءين، هذا الغطاء له مفصلة هذا ينكسر أحياناً فيُلحم بالفضة إذا كان الغلاف فضة، وأحيانًا بالنحاس إذا كان نحاسًا، الشاهد نعرف بالتجربة أن لحام الفضة يصدأ كالحديد، فأنا حينما أقرأ هذا الحديث لماذا أنتن عليه الأنف من الورق من الفضة، لأن هنا كما تعلمون شيء من الرطوبات، فحينما تلتقي هذه الرطوبات بالأنف من الفضة يصدأ ويصير هناك مادة كالأخضر صدأ أخضر، فيُنتن عليه فيتضايق منه بخلاف الذهب، فأمره عليه الصلاة والسلام بأن يتخذ أنفاً من ذهب واستراح.
أنا استدللت عليه بهذا الحديث لأن الرسول عليه السلام إذا أجاز لهذا الإنسان أن يتخذ أنفاً مِن ذهب مع أن ضرورة السن أشد ضرورة من الأنف، لأن هذا تجميل، صحيح هو بذلك ما أقول يعيد خلق الله كما خلقه الله وإنما يقاربه، وبهذا المعدن الذي لا يصدأ ولا يوجد له مشكلة، مع ذلك رسول الله أباح له، فلأن يُبيح حشو الضرس الذي يترتب على تركه بغير حشو أو خلعه، لأنه شو كان يقول؟ كان يقول بدل ما يحشي يركب جسر، تعرفوه، جسر يزال وبينحط، لكن هذا أولًا: لا يثبت ثبات السن الإلهي الطبيعي، وقد ينكسر قد يعمل التهابات وإلى آخره، فلما احتججت عليه بهذا الحديث أجابني بجوابين:
الجواب الأول: أن هذا الاحجتاج ليس من وظيفتي، هذا من وظيفة المجتهد وأنت لست مجتهدًا.
والجواب الثاني قال: هذا الأنف من الذهب كان كطقم الأسنان التي كالقوالب تسموها قوالب ولا إيش ؟
السائل : طقم.
الشيخ : يعني يزال وبنحط، لما الإنسان بدو يتوضأ سواء في الوضوء أو في الغسل بإمكانه أن يقيمه وينظفه، فهذا الأنف من ذهب كان كذلك يقيمه ويحطه، لماذا يقول هذا الكلام هو ؟!
حتى يُسلِّك فتواه الخاطئة، أنا رددت عليه بأن الأنف الأول لو كان كالطقم يرفع ويوضع فمعنى ذلك أنه يُنظف ولا يصدأ حينئذٍ فشكوى عرفجة بن سعد من أنفه من فضة معناه أنه كان لاصقًا، وهنا نقف قليلاً ونفكِّر: هل كان الطب في ذلك الزمان وصل إلى مرحلة مِن الإبداع والاختراع لا نعرفه في هذا الزمان حيث وصلوا إلى تركيب أنف ثابت من فضة أو من ذهب، ما أقنعه قولي هذا مع أنه واضح جدًّا، فجئته من كتبه وهنا الشاهد في الثاني وإن كان ليس له علاقة ببحثنا السابق، العلاقة بهذا الحديث: أنَّ الذي يكون على شيء من الإحاطة بالسنة ليس بحاجة إلى مثل هذه الفروع فمثله يكون كمثل صانع الخفاف.