حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال من هذه قالت فلانة تذكر من صلاتها قال مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه مادام عليه صاحبه حفظ
القارئ : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن هشام قال : أخبرني أبي عن عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة فقال : من هذه ؟ قالت : فلانة تذكر من صلاتها ، قال : مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ) وكان أحب الدين إليه مادام عليه صاحبه .
الشيخ : ( أحب الدين إلى الله أدومه )، الدين هنا بمعنى العبادة ، يعني أحب العبادة إلى الله ما داوم عليه العبد وإن قل ، وذلك لأن ترك المداومة ، قد ينبأ عن زهد الإنسان في العمل ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو أو ابن عمر : ( لا تكن مثل فلان ، كان يقوم من الليل فترك قيام الليل )، وكان من هديه أنه إذا عمل عملا أثبته صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وقوله في الحديث : ( مه )، اسم فعل أمر ، بمعنى كف ، صه : اسم فعل أمر بمعنى اسكت ، فصه للأقوال ، ومه للأفعال .
وقوله : ( عليكم بما تطيقون )، أي لا تكلفوا أنفسكم في العمل من صلاة أو قراءة أو تسبيح أو صيام أو غير ذلك ، يعني عليكم بما تبلغه طاقتكم من أجل أن تستمروا عليه ، لأن الإنسان قد يكون عنده رغبة في الخير فيشق على نفسه ويشد فيه أول ما يفعل ثم بعد ذلك يمل ويكسل ، أما أذا ساير نفسه من أول الأمر بالهوينة ، فإنه يستمر ، وترون هذا حتى في أفعالكم العادية ، حتى في الأفعال العادية إذا كان الإنسان أول ما يفعل الشيء يجد نفسه عنده اندفاع ، وقوة ، لكن في النهاية ؟. يفتر .
أحد الطلبة يقول أنا سأحفظ كل يوم ربع جزء ، حافظ أربعة أيام خمسة أيام عشرة أيام ثم بعد ذلك ؟. يفتر ، هذا شيء مجرب ، لكن إذا قاس على نفسه من أول الأمر وأخذ ما يطيق ، فهذا يكون فيه الإستمرار ، ولهذا قال : ( عليكم بما تطيقون ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا ).
أشكلت هذه الجملة على بعض الناس ، وقال هل الله يمل ؟.
والجواب على هذا سهل ، أن يقال : هل الرسول أثبت الملل لله ، هل قال : إنكم إذا مللتم مل الله ؟. ما قال هذا ، لو قال هذا لكنا نقول أيضا فيه جواب ، وهو أن ملل الله ليس كمللنا ، نحن نمل نتضجر ، يثقل علينا الأمر فنمل ، لكن ملل الله لا يلحقه هذا النقص ، مثل الغضب الآن ، نحن إذا غضبنا ماذا نصنع ؟. ربما الإنسان يصنع أشياء كثيرة ، ربما يأخذ ولده ويضربه بالأرض من الغضب ، ربما يطلق زوجاته ، ويعتق عبيده ، ويوقف أمواله من أجل الغضب ، هذا التصرف ، تصرف طائش ، لكن هل إذا غضب الله عز وجل يفعل مثل هذا الفعل ، أو ما يفعله الله شيئا تقتضيه الحكمة ؟.
الثاني بلا شك ، فغضب الله ليس كغضبنا ، أيضا ملل الله لو كان هذا الحديث يدل على ثبوت الملل لكان مللا لا يماثل مللنا ، بل هو ملل يليق بالله .
وليعلم علم اليقين أن لا يمكن أن يصدر من عند الرسول صلى الله عليه وسلم صفة تنافي كمال الله أبدا ، هذا شيء مستحيل ، فإذا نقول :
أولا : هذا الحديث ليس صريح في اثبات الملل لله .
ثانيا : لو ثبت الملل لله ، وجب أن يحمل على أنه ملل يليق به ولا يماثل ملل المخلوقين .
ثالثا : زعم بعض العلماء أن المعنى : ( لا يمل حتى تملوا )، أي : أنه يعطيكم من الجزاء بقدر ما عملتم مهما عملتم ، فصرفه عن ظاهره ، بناء على أن ظاهره ينافي كمال الله عزوجل ، ولكن نحن لا نرى ذلك ، نرى أولا :
أن ينظر هل هذا يقتضي الملل ، هل هذا يقتضي ثبوت الملل لله أو لا ، لأن هناك فرقا بين أن تقول : لا أقوم حتى تقوم ، وبين أن أقول : إذا قمت قمت .
لا أقول حتى تقوم يفيد امتناع قيامي قبل قيامك لكن لا يلزمه منه إذا قمت أنت أن أقوم أنا ، وهذا هو ترتيب الحديث : ( لا يمل حتى تملوا ).
أما إذا قلت : إذا قمت قمت ، لزم من هذا أنه إذا قام أقوم أنا ، فلو قال : إنكم إذا مللتم مل الله ، قلنا هذا فيه إثبات الملل لله ولا إشكال ، أما الترتيبة الموجودة فليست بصريحة في إثبات الملل وعلى تقدير أن تكون صريحة وأن الإنسان يفهم منها أنها صريحة يجب أن يكون الملل الثابت ؟.
مللا يليق به ولا يعتريه ما يكون لملل المخلوقين .
وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه ، إليه : إلى من ؟. إلى الله أو إلى الرسول ؟.
السائل : يعود إلى الرسول .
الشيخ : يعود إلى الرسول ، إي نعم ، لأن ...
السائل : في رواية في الفتح ... إلى الله .
الشيخ : إلى الله ، في رواية ؟.
طيب على كل حال إن عاد إلى الله فلأنه أقرب مذكور ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا ، وإن عاد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فلأنه هو المتحدث عنه ، فالحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، فيعود الضمير إلى من كان الحديث عنه .
لكن إذا وردت رواية صريحة : ( وكان أحب الدين إلى الله ) زال الإشكال .
السائل : أيوة .
الشيخ : بل زال الاحتمال .
الشيخ : ( أحب الدين إلى الله أدومه )، الدين هنا بمعنى العبادة ، يعني أحب العبادة إلى الله ما داوم عليه العبد وإن قل ، وذلك لأن ترك المداومة ، قد ينبأ عن زهد الإنسان في العمل ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو أو ابن عمر : ( لا تكن مثل فلان ، كان يقوم من الليل فترك قيام الليل )، وكان من هديه أنه إذا عمل عملا أثبته صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وقوله في الحديث : ( مه )، اسم فعل أمر ، بمعنى كف ، صه : اسم فعل أمر بمعنى اسكت ، فصه للأقوال ، ومه للأفعال .
وقوله : ( عليكم بما تطيقون )، أي لا تكلفوا أنفسكم في العمل من صلاة أو قراءة أو تسبيح أو صيام أو غير ذلك ، يعني عليكم بما تبلغه طاقتكم من أجل أن تستمروا عليه ، لأن الإنسان قد يكون عنده رغبة في الخير فيشق على نفسه ويشد فيه أول ما يفعل ثم بعد ذلك يمل ويكسل ، أما أذا ساير نفسه من أول الأمر بالهوينة ، فإنه يستمر ، وترون هذا حتى في أفعالكم العادية ، حتى في الأفعال العادية إذا كان الإنسان أول ما يفعل الشيء يجد نفسه عنده اندفاع ، وقوة ، لكن في النهاية ؟. يفتر .
أحد الطلبة يقول أنا سأحفظ كل يوم ربع جزء ، حافظ أربعة أيام خمسة أيام عشرة أيام ثم بعد ذلك ؟. يفتر ، هذا شيء مجرب ، لكن إذا قاس على نفسه من أول الأمر وأخذ ما يطيق ، فهذا يكون فيه الإستمرار ، ولهذا قال : ( عليكم بما تطيقون ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا ).
أشكلت هذه الجملة على بعض الناس ، وقال هل الله يمل ؟.
والجواب على هذا سهل ، أن يقال : هل الرسول أثبت الملل لله ، هل قال : إنكم إذا مللتم مل الله ؟. ما قال هذا ، لو قال هذا لكنا نقول أيضا فيه جواب ، وهو أن ملل الله ليس كمللنا ، نحن نمل نتضجر ، يثقل علينا الأمر فنمل ، لكن ملل الله لا يلحقه هذا النقص ، مثل الغضب الآن ، نحن إذا غضبنا ماذا نصنع ؟. ربما الإنسان يصنع أشياء كثيرة ، ربما يأخذ ولده ويضربه بالأرض من الغضب ، ربما يطلق زوجاته ، ويعتق عبيده ، ويوقف أمواله من أجل الغضب ، هذا التصرف ، تصرف طائش ، لكن هل إذا غضب الله عز وجل يفعل مثل هذا الفعل ، أو ما يفعله الله شيئا تقتضيه الحكمة ؟.
الثاني بلا شك ، فغضب الله ليس كغضبنا ، أيضا ملل الله لو كان هذا الحديث يدل على ثبوت الملل لكان مللا لا يماثل مللنا ، بل هو ملل يليق بالله .
وليعلم علم اليقين أن لا يمكن أن يصدر من عند الرسول صلى الله عليه وسلم صفة تنافي كمال الله أبدا ، هذا شيء مستحيل ، فإذا نقول :
أولا : هذا الحديث ليس صريح في اثبات الملل لله .
ثانيا : لو ثبت الملل لله ، وجب أن يحمل على أنه ملل يليق به ولا يماثل ملل المخلوقين .
ثالثا : زعم بعض العلماء أن المعنى : ( لا يمل حتى تملوا )، أي : أنه يعطيكم من الجزاء بقدر ما عملتم مهما عملتم ، فصرفه عن ظاهره ، بناء على أن ظاهره ينافي كمال الله عزوجل ، ولكن نحن لا نرى ذلك ، نرى أولا :
أن ينظر هل هذا يقتضي الملل ، هل هذا يقتضي ثبوت الملل لله أو لا ، لأن هناك فرقا بين أن تقول : لا أقوم حتى تقوم ، وبين أن أقول : إذا قمت قمت .
لا أقول حتى تقوم يفيد امتناع قيامي قبل قيامك لكن لا يلزمه منه إذا قمت أنت أن أقوم أنا ، وهذا هو ترتيب الحديث : ( لا يمل حتى تملوا ).
أما إذا قلت : إذا قمت قمت ، لزم من هذا أنه إذا قام أقوم أنا ، فلو قال : إنكم إذا مللتم مل الله ، قلنا هذا فيه إثبات الملل لله ولا إشكال ، أما الترتيبة الموجودة فليست بصريحة في إثبات الملل وعلى تقدير أن تكون صريحة وأن الإنسان يفهم منها أنها صريحة يجب أن يكون الملل الثابت ؟.
مللا يليق به ولا يعتريه ما يكون لملل المخلوقين .
وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه ، إليه : إلى من ؟. إلى الله أو إلى الرسول ؟.
السائل : يعود إلى الرسول .
الشيخ : يعود إلى الرسول ، إي نعم ، لأن ...
السائل : في رواية في الفتح ... إلى الله .
الشيخ : إلى الله ، في رواية ؟.
طيب على كل حال إن عاد إلى الله فلأنه أقرب مذكور ، فوالله لا يمل الله حتى تملوا ، وإن عاد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فلأنه هو المتحدث عنه ، فالحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، فيعود الضمير إلى من كان الحديث عنه .
لكن إذا وردت رواية صريحة : ( وكان أحب الدين إلى الله ) زال الإشكال .
السائل : أيوة .
الشيخ : بل زال الاحتمال .