نور على الدرب-160a
هذا الشريط تكرار للشريط الذي بعده (160ب )
السائل : ما حكم قول: " صدق الله العظيم " عند نهاية كل قراءة من القرأن الكريم؟
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أبيّن ما ذكره أهل العلم قاطبة بأن العبادة لا بد فيها من شرطين أساسيين، أحدهما الإخلاص لله عز وجل والثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
السائل : اللهم صلي وسلم عليه.
الشيخ : أما الإخلاص فمعناه أن لا يقصد الإنسان بعبادته إلا وجه الله والدار الأخرة فلا يقصد جاها ولا مالا ولا رئاسة ولا أن يُمدح بين الناس بل لا يقصد إلا الله والدار الأخرة فقط.
وأما الشرط الثاني فهو الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا يخرج عن شريعته لقول الله تعالى: (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )) ولقوله تعالى: (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) ولقوله تعالى: (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) فهذه النصوص من القرأن والسنّة تدل على أنه لا بد لكل عمل يتقرّب به الإنسان إلى الله عز وجل من أن يكون مبنيا على الإخلاص لله موافقا لشريعة الله عز وجل.
ولا تتحقق الموافقة والمتابعة إلا بأن تكون العبادة موافقة للشرع في سببها وجنسها وقدرها وهيئتها وزمانها ومكانها فمن تعبّد لله تعالى عبادة معلّقة بسبب لم يجعله الشرع سببا لها فإن عبادته لم تكن موافقة للشرع فلا تكون مقبولة وإذا لم تكن موافقة للشرع فإنها بدعة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ) .
وبناء على هاتين القاعدتين العظيمتين بل بناء على هذه القاعدة المتضمنة لهذين الشرطين الأساسيين فإننا نقول: إن قول الإنسان عند انتهاء قراءته صدق الله العظيم لا شك أنه ثناء على الله عز وجل بوصفه سبحانه وتعالى بالصدق: (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا )) والثناء على الله بالصدق عبادة والعبادة لا يمكن أن يتقرّب الإنسان لله بها إلا إذا كانت موافقة للشرع وهنا ننظر هل جعل الشرع انتهاء القراءة سببا لقول العبد صدق الله العظيم؟ إذا نظرنا إلى ذلك وجدنا أن الأمر ليس هكذا أي أن الشرع لم يجعل انتهاء القارئ من قراءته سببا لأن يقول " صدق الله العظيم " فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ( اقرأ ) قال: يا رسول الله! كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ( إني أحب أن أسمعه من غيري ) فقرأ حتى بلغ قوله تعالى: (( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا )) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( حسبك ) ولم يقل عبد الله بن مسعود " صدق الله العظيم " ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وهكذا أيضا قرأ زيد بن ثابت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم حتى ختمها ولم يقل " صدق الله العظيم " وهكذا عامة المسلمين إلى اليوم إذا انتهوا من قراءة الصلاة لم يقل أحد منهم عند انتهاء قراءة الصلاة قبل الركوع " صدق الله العظيم " فدل ذلك على أن هذه الكلمة ليست مشروعة عند انتهاء القارئ من قراءته وإذا لم تكن مشروعة فإنه لا ينبغي للإنسان أن يقولها، فإذا انتهيت من قراءتك فاسكت واقطع القراءة أما أن تقول " صدق الله العظيم " وهي لم ترد لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فإن هذا القول يكون غير مشروع.
قد يقول قائل: أليس الله تعالى قد قال: (( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ )) فنقول: بلى إن الله تعالى قال: (( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ )) ونحن نقول: صدق الله لكن هل قال الله تعالى قل عند انتهاء قراءتك صدق الله؟ الجواب: لا وإذا كان كذلك فإننا نقول: صدق الله ويجب علينا أن نقول ذلك بألسنتنا ونعتقده بقلوبنا وأن نعتقد أنه لا أحد أصدق من الله قيلا ولكن ليس لنا أن نتعبّد لله تعالى بشيء معلقا بسبب لم يجعله الشارع سببا له لأنه كما أشرنا من قبل لا تكون العبادة موافقة للشرع حتى يتحقق فيها أو بعبارة أصح لا تتحقق المتابعة في عبادة حتى تكون موافقة للشرع في الأمور الستة السابقة أن تكون موافقة للشرع في سببها وجنسها وقدرها وصفتها وزمانها ومكانها وبناء على ذلك فلا ينبغي للقارئ إذا انتهى من قراءته أن يقول صدق الله العظيم. نعم.
السائل : بارك الله فيكم وعظم الله مثوبتكم. أيضا.
السائل : ما حكم الشرع في نظركم يا شيخ محمد في ترك الأهل ومقاطعتهم السبب معاصيهم وتركهم للصلاة والواجبات نرجو بهذا إفادة أيضا؟
الشيخ : لا شك أن الأهل والأقارب لهم حق على الإنسان حتى وإن كانوا كافرين، لقول الله تعالى: (( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ولكن هؤلاء الأهل الذين لا يصلون يُعتبرون مرتدين عن الإسلام لأن من لا يصلي كافر كما دل على ذلك كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم بل قد حكاه بعض العلماء إجماعا فإذا كانوا تاركين للصلاة فهم مرتدون عن دين الإسلام ولا يجوز للإنسان أن يُخالطهم اللهم إلا على سبيل النصيحة، أن يذهب إليهم وينصحهم ويبيّن لهم ما في هذه الردة من الخزي والعار في الدنيا والأخرة لعلهم يرجعون فإن أصروا على ذلك فلا حق لهم ويجب هجرهم ومقاطعتهم ولكني أسأل الله عز وجل أن يرد هؤلاء وغيرهم ممن ابتلوا بهذه البلية العظيمة أن يردهم إلى الإسلام وحتى يقوموا بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها.
السائل : اللهم ءامين، هذا المستمع مجدي عبد الغني القاهرة يسأل شيخ صالح عن سؤال الحقيقة طالما ورد ..
الشيخ : ... قبل، أقول: ليُعلم أن المرتد عن الإسلام أعظم جرما وإثما من الكافر الأصلي لأن الكافر الأصلي يقَر على دينه الذي هو عليه وإن كان باطلا أما المرتد فإنه لا يُقر على دينه بل يؤمر بالرجوع إلى الإسلام والقيام بما ترْكه كفر فإن لم يفعل فإنه يجب أن يُقتل ولهذا لو كان لديْنا ثلاثة من الناس يهودي ونصراني ومرتد عن الإسلام، كل واحد منهم ذبح ذبيحة فإن ذبيحة اليهودي حلال وذبيحة النصراني حلال وذبيحة المرتد حرام وبهذا علمنا أنه أشد من الكافر الأصلي حتى لو فرض إن هذا المرتد والعياذ بالله اعتنق دين النصارى أو دين اليهود فإنه لا يُقر عليه. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. المستمع مجدي عبد الغني محاسب بالعراق محافظة صلاح الدين له سؤال شيخ نرجو إلقاء مزيدا من الضوء حوله، سؤاله يقول إلى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين.
السائل : نرى في الآونة الأخيرة ما شاع عن حقيقة تحديد نوع المذكور ذكر أم أنثى؟ وبالفعل توصّل علماء الطب في أمريكا واليابان إلى ذلك فهل هذا حرام وما علاقة الأية الكريمة التي يقول الله فيها عز وجل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى )) ؟ نعم.
الشيخ : هذا السؤال الذي ذكره السائل محتمل لأن يريد بقوله تحديد نوع الذكورة والأنوثة أي العلم بأن هذا ذكر أو أنثى ويحتمل أن يكون مراده تحديد نوع الذكر والأنثى أن يجعلوا هذه النطفة ذكرا أو أن يجعلوها أنثى.
أما الأول وهو العلم بأن الجنين ذكر أو أنثى فهذا كما قاله السائل قد اشتهر أنهم يعلمون ذلك وهذا العلم لا يُنافي ما جاءت به النصوص من كوْن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في الأرحام فإن الله تعالى يعلم ما في الأرحام بلا شك ولا يُنافي علمه بذلك أن يكون أحد من خلقه يعلمه فالله يعلم وكذلك غيره يعلم لكن المعلوم الذي يتعلق بالجنين ينقسم إلى قسمين، قسم محسوس يمكن للخلق أن يعلم به كالذكورة والأنوثة والكِبر والصغر واللون وما أشبه ذلك فهذا يكون معلوما عند الله عز وجل ويكون معلوما عند من يتوصل إلى علمه بالوسائل الحديثة ولا منافاة بين الأمرين.
وأما المعلوم الثاني للجنين فهو المعلوم الذي ليس بمحسوس يدرَك وهو علم ماذا سيكون مآل هذا الجنين هل يخرج حيا أو ميتا وإذا خرج حيا فهل يبقى طويلا في الدنيا أو لا وإذا بقي فهل يكون عمله صالحا أم سيئا وإذا بقي أيضا فهل يكون رزقه واسعا أو ضيّقا وما أشبه ذلك من المعلومات الخفية التي ليست بحسية فهذا النوع من المعلوم المتعلق بالجنين هذا لا يعلمه إلا الله عز وجل ولا يستطيع أحد أن يعلمه ومن ادعى علمه فهو كاذب ومن صدّقه في ذلك فقد كذّب قول الله عز وجل: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ )) .
أما الاحتمال الثاني مما يحتمله سؤال السائل : وهو أنهم توصلوا إلى أن يجعلوا الذكر أنثى أو الأنثى ذكرا فهذا لا يُمكن لأن هذا يتعلق بخلق الله عز وجل وهو الذي بيده التذكير والتأنيث فلا يُمكن لأحد من المخلوقين أن يجعلوا ما قدّره الله ذكراً أنثى ولا يمكن أن يجعلوا ما قدّره الله أنثى ذكرا.
يقول الله عز وجل: (( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ )) وكذلك الأية التي ساقها السائل : (( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى )) فالذي أقوله الأن: إن هذا أمر غير ممكن وكما أنهم لا يستطيعون أن يجعلوا الذكر المولود أنثى والأنثى المولودة ذكرا فكذلك لا يُمكنهم أن يجعلوا الجنين الذي قدّره الله ذكرا أن يجعلوه أنثى أو بالعكس، هذا ما أعتقده في هذه المسألة. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. من جمهورية مصر العربية محافظة المنيا، أحد الإخوة المستمعين أشرف يقول في رسالته.
السائل : يقول بأنه شاب في الخامسة عشرة من العمر مقيم للصلاة بفروضها ولكن يقول يقابلني مشكلة وهي وسواس النفس فوسواسي على الخالق مع أنني مؤمن ومتحمّس شديد الإيمان فهذه تضايقني كثيراً فكيف أتخلص منها أفادكم الله؟
الشيخ : هذه الوساوس التي تعتري الإنسان المؤمن ليست بغريبة وليست بدْعا من الأمر بل هي قديمة شكا منها الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما دخل الإيمان في القلب واستقر فيه حدثت مثل هذه الوساوس لأن الشيطان يريد أن يفسد على المرء إيمانه فيُدخل عليه هذه الوساوس لكن المؤمن لا يركن إليها حتى وإن وردت على قلبه فإنه يرفضها ولا يقبلها ولهذا لو سئل مصارحة هل تعتقد في الله عز وجل ما كنت توسوس به الأن؟ لقال: لا، قطعا وهذا يدل على أن قلبه قد رفض هذه الوساوس التي يُلقيها الشيطان لكن الشيطان يجعل هذه الوساوس ظلا على القلب ويُحاول أن يقذفها فيه بقدر ما يستطيع ولكن المؤمن يرفضها رفضا باتا.
ودواء ذلك أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تنتهي عنها وتُعرض إعراضا كليا فالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم استعاذة بالخالق الذي بيده ملكوت كل شيء والانتهاء عنها قطع لوساوس الشيطان التي يُلقيها في قلبك وقد ذكِر لعبد الله بن عباس أو ابن مسعود أن اليهود كانوا يقولون: إننا لا نوسوس في صلاتنا فقال: " نعم صدقوا وما يصنع الشيطان بقلب خراب " يعني أن اليهود قد خربت قلوبهم فسواء حضرت في صلاتهم أم لم تحضر كلها فاسدة، صلاتهم فاسدة غير مقبولة لأنهم كفار وحضور قلوبهم لا ينفعهم فالمؤمن الخالص الإيمان هو الذي يأتيه الشيطان بمثل هذه الوساوس ليلبّس عليه ويشكّكه ولكن إذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وانتهى عن ذلك وأعرض فإنه لا يضرّه وكما أسلفت قريبا علامة أن هذا وسواس لا يضرك أنه لو قال لك قائل: أتعتقد هذا في الله عز وجل أتعتقد هذا في دين الله أتعتقده هذا في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لكان جوابك بالرفض التام وهذا يدل على أنها وساوس لا أساس لها ولا ثبوت لها. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. من محافظة نينوى في العراق المستمع الذي رمز لاسمه بقوله أخوكم المسلم ق م ع يسأل ويقول.
السائل : ما رأي الشرع في نظركم في مهنة المحاماة، وهل هي حلال أم حرام وهل كان يوجد في الإسلام محاماة؟
الشيخ : المحاماة هي التوكّل للإنسان في محاكمة خصمه وأصل الوكالة جائز في الإسلام بدلالة الكتاب والسنّة والوكالة في الخصومة أو في محاكمة الخصم داخل في عموم الوكالة فإذا كان هذا المحامي الذي توكّل لشخص في محاكمة خصمه إذا كان لا يُريد بالمحاكمة أو بعبارة أصح إذا كان لا يريد بالمحاماة إلا إحقاق الحق وإبطال الباطل وإعطاء ذي الحق حقه فإن المحاماة حينئذ لا بأس بها بل قد تكون من الإحسان إلى من لا يُحسن المخاصمة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحْوٍ مما أسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقتطع له قطعة من النار، فليستقل أو ليستكثر ) أو قال: ( فليأخذها أو ليذر ) .
أما إذا كان المحامي يريد أن يتوكل في هذه المحاكمة لأجل أن تكون الغلبة لموكله بحق أو بباطل فإن ذلك لا يجوز وتوكّله حرام وما أخذ على هذه الوكالة حرام أيضا لأنها إعانة على الباطل وقد قال الله عز وجل: (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) فصارت المحاماة فيها هذا التفصيل الذي سمعت. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. رسالة وصلت من مستمع للبرنامج المستمع هنا لم يذكر اسمه يقول في سؤاله.
السائل : نحن في البيت ننام على الأسرة ونأكل على الموائد ونجلس على المقاعد فهل هذا جائز أم لا وهل يوجد حديث للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينهى عن ذلك؟
الشيخ : النوم على الأسرّة والأكل على الموائد والجلوس على المقاعد لا بأس به مادام لم يخرج إلى حد الإسراف وذلك لأن الأصل في غير العبادات الحل حتى يقوم دليل على المنع وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يتكئ على المخدّة وأنه ينام على السرير وكذلك الصحابة كانوا يأكلون على الموائد وهذا أمر لا أعلم فيه منكِرا اللهم إلا إذا خرج إلى حد الإسراف فإن الإسراف يقول الله تعالى فيه: (( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) . نعم.
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أبيّن ما ذكره أهل العلم قاطبة بأن العبادة لا بد فيها من شرطين أساسيين، أحدهما الإخلاص لله عز وجل والثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
السائل : اللهم صلي وسلم عليه.
الشيخ : أما الإخلاص فمعناه أن لا يقصد الإنسان بعبادته إلا وجه الله والدار الأخرة فلا يقصد جاها ولا مالا ولا رئاسة ولا أن يُمدح بين الناس بل لا يقصد إلا الله والدار الأخرة فقط.
وأما الشرط الثاني فهو الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا يخرج عن شريعته لقول الله تعالى: (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ )) ولقوله تعالى: (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) ولقوله تعالى: (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) فهذه النصوص من القرأن والسنّة تدل على أنه لا بد لكل عمل يتقرّب به الإنسان إلى الله عز وجل من أن يكون مبنيا على الإخلاص لله موافقا لشريعة الله عز وجل.
ولا تتحقق الموافقة والمتابعة إلا بأن تكون العبادة موافقة للشرع في سببها وجنسها وقدرها وهيئتها وزمانها ومكانها فمن تعبّد لله تعالى عبادة معلّقة بسبب لم يجعله الشرع سببا لها فإن عبادته لم تكن موافقة للشرع فلا تكون مقبولة وإذا لم تكن موافقة للشرع فإنها بدعة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ) .
وبناء على هاتين القاعدتين العظيمتين بل بناء على هذه القاعدة المتضمنة لهذين الشرطين الأساسيين فإننا نقول: إن قول الإنسان عند انتهاء قراءته صدق الله العظيم لا شك أنه ثناء على الله عز وجل بوصفه سبحانه وتعالى بالصدق: (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا )) والثناء على الله بالصدق عبادة والعبادة لا يمكن أن يتقرّب الإنسان لله بها إلا إذا كانت موافقة للشرع وهنا ننظر هل جعل الشرع انتهاء القراءة سببا لقول العبد صدق الله العظيم؟ إذا نظرنا إلى ذلك وجدنا أن الأمر ليس هكذا أي أن الشرع لم يجعل انتهاء القارئ من قراءته سببا لأن يقول " صدق الله العظيم " فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ( اقرأ ) قال: يا رسول الله! كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ( إني أحب أن أسمعه من غيري ) فقرأ حتى بلغ قوله تعالى: (( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا )) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( حسبك ) ولم يقل عبد الله بن مسعود " صدق الله العظيم " ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
وهكذا أيضا قرأ زيد بن ثابت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم حتى ختمها ولم يقل " صدق الله العظيم " وهكذا عامة المسلمين إلى اليوم إذا انتهوا من قراءة الصلاة لم يقل أحد منهم عند انتهاء قراءة الصلاة قبل الركوع " صدق الله العظيم " فدل ذلك على أن هذه الكلمة ليست مشروعة عند انتهاء القارئ من قراءته وإذا لم تكن مشروعة فإنه لا ينبغي للإنسان أن يقولها، فإذا انتهيت من قراءتك فاسكت واقطع القراءة أما أن تقول " صدق الله العظيم " وهي لم ترد لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فإن هذا القول يكون غير مشروع.
قد يقول قائل: أليس الله تعالى قد قال: (( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ )) فنقول: بلى إن الله تعالى قال: (( قُلْ صَدَقَ اللَّهُ )) ونحن نقول: صدق الله لكن هل قال الله تعالى قل عند انتهاء قراءتك صدق الله؟ الجواب: لا وإذا كان كذلك فإننا نقول: صدق الله ويجب علينا أن نقول ذلك بألسنتنا ونعتقده بقلوبنا وأن نعتقد أنه لا أحد أصدق من الله قيلا ولكن ليس لنا أن نتعبّد لله تعالى بشيء معلقا بسبب لم يجعله الشارع سببا له لأنه كما أشرنا من قبل لا تكون العبادة موافقة للشرع حتى يتحقق فيها أو بعبارة أصح لا تتحقق المتابعة في عبادة حتى تكون موافقة للشرع في الأمور الستة السابقة أن تكون موافقة للشرع في سببها وجنسها وقدرها وصفتها وزمانها ومكانها وبناء على ذلك فلا ينبغي للقارئ إذا انتهى من قراءته أن يقول صدق الله العظيم. نعم.
السائل : بارك الله فيكم وعظم الله مثوبتكم. أيضا.
السائل : ما حكم الشرع في نظركم يا شيخ محمد في ترك الأهل ومقاطعتهم السبب معاصيهم وتركهم للصلاة والواجبات نرجو بهذا إفادة أيضا؟
الشيخ : لا شك أن الأهل والأقارب لهم حق على الإنسان حتى وإن كانوا كافرين، لقول الله تعالى: (( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )) ولكن هؤلاء الأهل الذين لا يصلون يُعتبرون مرتدين عن الإسلام لأن من لا يصلي كافر كما دل على ذلك كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم بل قد حكاه بعض العلماء إجماعا فإذا كانوا تاركين للصلاة فهم مرتدون عن دين الإسلام ولا يجوز للإنسان أن يُخالطهم اللهم إلا على سبيل النصيحة، أن يذهب إليهم وينصحهم ويبيّن لهم ما في هذه الردة من الخزي والعار في الدنيا والأخرة لعلهم يرجعون فإن أصروا على ذلك فلا حق لهم ويجب هجرهم ومقاطعتهم ولكني أسأل الله عز وجل أن يرد هؤلاء وغيرهم ممن ابتلوا بهذه البلية العظيمة أن يردهم إلى الإسلام وحتى يقوموا بما أوجب الله عليهم من الصلوات وغيرها.
السائل : اللهم ءامين، هذا المستمع مجدي عبد الغني القاهرة يسأل شيخ صالح عن سؤال الحقيقة طالما ورد ..
الشيخ : ... قبل، أقول: ليُعلم أن المرتد عن الإسلام أعظم جرما وإثما من الكافر الأصلي لأن الكافر الأصلي يقَر على دينه الذي هو عليه وإن كان باطلا أما المرتد فإنه لا يُقر على دينه بل يؤمر بالرجوع إلى الإسلام والقيام بما ترْكه كفر فإن لم يفعل فإنه يجب أن يُقتل ولهذا لو كان لديْنا ثلاثة من الناس يهودي ونصراني ومرتد عن الإسلام، كل واحد منهم ذبح ذبيحة فإن ذبيحة اليهودي حلال وذبيحة النصراني حلال وذبيحة المرتد حرام وبهذا علمنا أنه أشد من الكافر الأصلي حتى لو فرض إن هذا المرتد والعياذ بالله اعتنق دين النصارى أو دين اليهود فإنه لا يُقر عليه. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. المستمع مجدي عبد الغني محاسب بالعراق محافظة صلاح الدين له سؤال شيخ نرجو إلقاء مزيدا من الضوء حوله، سؤاله يقول إلى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين.
السائل : نرى في الآونة الأخيرة ما شاع عن حقيقة تحديد نوع المذكور ذكر أم أنثى؟ وبالفعل توصّل علماء الطب في أمريكا واليابان إلى ذلك فهل هذا حرام وما علاقة الأية الكريمة التي يقول الله فيها عز وجل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى )) ؟ نعم.
الشيخ : هذا السؤال الذي ذكره السائل محتمل لأن يريد بقوله تحديد نوع الذكورة والأنوثة أي العلم بأن هذا ذكر أو أنثى ويحتمل أن يكون مراده تحديد نوع الذكر والأنثى أن يجعلوا هذه النطفة ذكرا أو أن يجعلوها أنثى.
أما الأول وهو العلم بأن الجنين ذكر أو أنثى فهذا كما قاله السائل قد اشتهر أنهم يعلمون ذلك وهذا العلم لا يُنافي ما جاءت به النصوص من كوْن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في الأرحام فإن الله تعالى يعلم ما في الأرحام بلا شك ولا يُنافي علمه بذلك أن يكون أحد من خلقه يعلمه فالله يعلم وكذلك غيره يعلم لكن المعلوم الذي يتعلق بالجنين ينقسم إلى قسمين، قسم محسوس يمكن للخلق أن يعلم به كالذكورة والأنوثة والكِبر والصغر واللون وما أشبه ذلك فهذا يكون معلوما عند الله عز وجل ويكون معلوما عند من يتوصل إلى علمه بالوسائل الحديثة ولا منافاة بين الأمرين.
وأما المعلوم الثاني للجنين فهو المعلوم الذي ليس بمحسوس يدرَك وهو علم ماذا سيكون مآل هذا الجنين هل يخرج حيا أو ميتا وإذا خرج حيا فهل يبقى طويلا في الدنيا أو لا وإذا بقي فهل يكون عمله صالحا أم سيئا وإذا بقي أيضا فهل يكون رزقه واسعا أو ضيّقا وما أشبه ذلك من المعلومات الخفية التي ليست بحسية فهذا النوع من المعلوم المتعلق بالجنين هذا لا يعلمه إلا الله عز وجل ولا يستطيع أحد أن يعلمه ومن ادعى علمه فهو كاذب ومن صدّقه في ذلك فقد كذّب قول الله عز وجل: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ )) .
أما الاحتمال الثاني مما يحتمله سؤال السائل : وهو أنهم توصلوا إلى أن يجعلوا الذكر أنثى أو الأنثى ذكرا فهذا لا يُمكن لأن هذا يتعلق بخلق الله عز وجل وهو الذي بيده التذكير والتأنيث فلا يُمكن لأحد من المخلوقين أن يجعلوا ما قدّره الله ذكراً أنثى ولا يمكن أن يجعلوا ما قدّره الله أنثى ذكرا.
يقول الله عز وجل: (( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ )) وكذلك الأية التي ساقها السائل : (( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى )) فالذي أقوله الأن: إن هذا أمر غير ممكن وكما أنهم لا يستطيعون أن يجعلوا الذكر المولود أنثى والأنثى المولودة ذكرا فكذلك لا يُمكنهم أن يجعلوا الجنين الذي قدّره الله ذكرا أن يجعلوه أنثى أو بالعكس، هذا ما أعتقده في هذه المسألة. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. من جمهورية مصر العربية محافظة المنيا، أحد الإخوة المستمعين أشرف يقول في رسالته.
السائل : يقول بأنه شاب في الخامسة عشرة من العمر مقيم للصلاة بفروضها ولكن يقول يقابلني مشكلة وهي وسواس النفس فوسواسي على الخالق مع أنني مؤمن ومتحمّس شديد الإيمان فهذه تضايقني كثيراً فكيف أتخلص منها أفادكم الله؟
الشيخ : هذه الوساوس التي تعتري الإنسان المؤمن ليست بغريبة وليست بدْعا من الأمر بل هي قديمة شكا منها الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلما دخل الإيمان في القلب واستقر فيه حدثت مثل هذه الوساوس لأن الشيطان يريد أن يفسد على المرء إيمانه فيُدخل عليه هذه الوساوس لكن المؤمن لا يركن إليها حتى وإن وردت على قلبه فإنه يرفضها ولا يقبلها ولهذا لو سئل مصارحة هل تعتقد في الله عز وجل ما كنت توسوس به الأن؟ لقال: لا، قطعا وهذا يدل على أن قلبه قد رفض هذه الوساوس التي يُلقيها الشيطان لكن الشيطان يجعل هذه الوساوس ظلا على القلب ويُحاول أن يقذفها فيه بقدر ما يستطيع ولكن المؤمن يرفضها رفضا باتا.
ودواء ذلك أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن تنتهي عنها وتُعرض إعراضا كليا فالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم استعاذة بالخالق الذي بيده ملكوت كل شيء والانتهاء عنها قطع لوساوس الشيطان التي يُلقيها في قلبك وقد ذكِر لعبد الله بن عباس أو ابن مسعود أن اليهود كانوا يقولون: إننا لا نوسوس في صلاتنا فقال: " نعم صدقوا وما يصنع الشيطان بقلب خراب " يعني أن اليهود قد خربت قلوبهم فسواء حضرت في صلاتهم أم لم تحضر كلها فاسدة، صلاتهم فاسدة غير مقبولة لأنهم كفار وحضور قلوبهم لا ينفعهم فالمؤمن الخالص الإيمان هو الذي يأتيه الشيطان بمثل هذه الوساوس ليلبّس عليه ويشكّكه ولكن إذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم وانتهى عن ذلك وأعرض فإنه لا يضرّه وكما أسلفت قريبا علامة أن هذا وسواس لا يضرك أنه لو قال لك قائل: أتعتقد هذا في الله عز وجل أتعتقد هذا في دين الله أتعتقده هذا في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لكان جوابك بالرفض التام وهذا يدل على أنها وساوس لا أساس لها ولا ثبوت لها. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. من محافظة نينوى في العراق المستمع الذي رمز لاسمه بقوله أخوكم المسلم ق م ع يسأل ويقول.
السائل : ما رأي الشرع في نظركم في مهنة المحاماة، وهل هي حلال أم حرام وهل كان يوجد في الإسلام محاماة؟
الشيخ : المحاماة هي التوكّل للإنسان في محاكمة خصمه وأصل الوكالة جائز في الإسلام بدلالة الكتاب والسنّة والوكالة في الخصومة أو في محاكمة الخصم داخل في عموم الوكالة فإذا كان هذا المحامي الذي توكّل لشخص في محاكمة خصمه إذا كان لا يُريد بالمحاكمة أو بعبارة أصح إذا كان لا يريد بالمحاماة إلا إحقاق الحق وإبطال الباطل وإعطاء ذي الحق حقه فإن المحاماة حينئذ لا بأس بها بل قد تكون من الإحسان إلى من لا يُحسن المخاصمة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحْوٍ مما أسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقتطع له قطعة من النار، فليستقل أو ليستكثر ) أو قال: ( فليأخذها أو ليذر ) .
أما إذا كان المحامي يريد أن يتوكل في هذه المحاكمة لأجل أن تكون الغلبة لموكله بحق أو بباطل فإن ذلك لا يجوز وتوكّله حرام وما أخذ على هذه الوكالة حرام أيضا لأنها إعانة على الباطل وقد قال الله عز وجل: (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) فصارت المحاماة فيها هذا التفصيل الذي سمعت. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. رسالة وصلت من مستمع للبرنامج المستمع هنا لم يذكر اسمه يقول في سؤاله.
السائل : نحن في البيت ننام على الأسرة ونأكل على الموائد ونجلس على المقاعد فهل هذا جائز أم لا وهل يوجد حديث للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينهى عن ذلك؟
الشيخ : النوم على الأسرّة والأكل على الموائد والجلوس على المقاعد لا بأس به مادام لم يخرج إلى حد الإسراف وذلك لأن الأصل في غير العبادات الحل حتى يقوم دليل على المنع وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه يتكئ على المخدّة وأنه ينام على السرير وكذلك الصحابة كانوا يأكلون على الموائد وهذا أمر لا أعلم فيه منكِرا اللهم إلا إذا خرج إلى حد الإسراف فإن الإسراف يقول الله تعالى فيه: (( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )) . نعم.
اضيفت في - 2005-05-06