شرح قول المصنف: " ومن اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه لدفع برد أو استقاء ماء ونحوه وجب بذله له مجانا " حفظ
الشيخ : طيب، استثنى المؤلف " اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه " ونحن نكمّل إيش؟ هذا ما هو بيكفي لهنا، لازم نحط هنا؟ طيب، نحن نقول المؤلف ذكر الاضطرار إلى نفع مال الغير ونحن نكمّل الفائدة فنقول الاضطرار إلى مال الغير إما أن يكون إلى عينه وإما أن يكون إلى نفعه، مثال الاضطرار إلى عينه جاع الإنسان وليس عنده إلا خبز لغيره، هنا الاضطرارا إلى أي شيء؟ إلى عين المال، الاضطرار إلى نفعه برَد الإنسان برد واضطر إلى لحاف غيره، الاضطرار هنا إيش؟ إلى نفعه لا إلى عينه لأن اللحاف سيبقى والذي يُستعمل أو الذي يُنتفع به هو التدفئة بهذا اللحاف، المسألة الأولى إذا اضطر إلى مال الغير فإن صاحب المال إن كان مضطرا إليه فهو أحق به إن كان مضطرا إليه صاحب المال فهو أحق به، مثاله رجل معه خبزة وهو جائع وصاحبه جائع وليس معه خبزة، الصاحب الأن محتاج إلى إيش؟ إلى عين مال الغير لكن الغير أيضا محتاج إليه ففي هذه الحال لا يحل للمحتاج للصاحب، لا يحل للصاحب أن يأخذ مال الغير لأن صاحبه أحق به منه ولكن هل يجوز لصاحبه أن يؤثره أو لا؟ المذهب أنه لا يجوز، أن الإيثار في هذه الحال لا يجوز وقد سبق لنا قاعدة في ذلك وهو الإيثار بالواجب غير جائز وإلا لا؟ أين مرّت علينا؟
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : ... .
الشيخ : لا، مرّت علينا في باب التيمّم، في باب التيمّم إذا كان الإنسان ما معه إلا ماء يكفيه لطهارته وفيه ءاخر محتاج للماء قلنا ما تعطيه إياه وتتيمم أنت لأن هذا إيثار بالواجب والإيثار بالواجب حرام وعلى هذا فإذا كان صاحب الطعام محتاجا إليه يعني مضطرا إليه كضرورة الصاحب فإنه لا يجوز أن يؤثر به الصاحب، ليش؟ أقول لماذا؟ لأن هذا يجب عليه أن يُنقذ نفسه وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( ابدأ بنفسك ) فلا يجوز أن يؤثر غيره لوجوب إنقاذ نفسه من الهلكة قبل إنقاذ غيره، هذا هو المشهور من المذهب ووجهه كما رأيتم وذهب ابن القيم رحمه الله إلى أنه يجوز في هذه الحال أن يؤثر غيره بماله ولكن المذهب في هذا أصح وأنه لا يجوز اللهم إلا إذا اقتضت المصلحة العامة للمسلمين أن يؤثره فقد نقول إن هذا لا بأس به، مثل لو كان هذا الصاحب المحتاج رجلا يُنتفع به في الجهاد في سبيل الله أو رجل عالم ينفع الناس بعلمه وصاحب الماء المالك له مثلا أو صاحب الطعام رجل من عامة المسلمين فهنا قد نقول بأنه في هذه الحال مراعاةً للمصلحة العامة له إيش؟ أن يؤثره وأما مع عدم المصلحة العامة فلا شك أنه يجب على الإنسان أن يختص بهذا الطعام الذي لا يُمكن أن يُنقذ به نفسه وصاحبه، طيب، انتهينا من هذا؟
إذا كان طعام الإنسان كثيرا ووجد مضطرا إليه فإنه يجب أن يبذله له وجوبا، أنتم فاهمين الأن؟ طيب، للمرة ثانية نقول إذا اضطُر إلى عين مال غيره فإن كان الغير مضطرا إليه فهو أحق به ولا يؤثر غيره به، إذا كان غير مضطر إليه وجب أن يبذله لهذا المضطر وجوبا، عرفتم؟ طيب، وهل يبذله مجانا أو بالقيمة؟ نعم، لا فيه خلاف بين العلماء قال بعضهم يبذله له مجانا، -لا تتكئ يا شيخ، ترى كيف راح ذهنك- قال بعض العلماء يجب أن يبذله له مجانا، ليش؟ قال لأن إطعام الجائع فرض كفاية والفرض لا يجوز أن يتخذ عليه الإنسان أجرا، الفرض لا يجوز أن يتخذ الإنسان عليه أجرا، فهمتم التعليل؟ وقال ءاخرون بل يجب أن يبذله له وعلى المنتفِع به القيمة لأنه أتلف عين مال الغير فلزمه عِوضه، قيمته إن كان متقوّما ومثله إن كان مثليّا وهناك تفصيل أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إن كان معه العوض وجب بذله، إن كان معه، مع من؟
السائل : ... .
الشيخ : مع المضطر العوض وجب بذله وإن كان فقيرا فليس عليه شيء لأن الفقير من أين يوفي؟ وإطعام الجائع واجب بخلاف الغني فإن عنده ما يُعوّض به صاحب المال وهذا القول كما ترون قول ويش نسمّيه؟ متوسط، قول وسط، نعم، وله وجهة من النظر، طيب، فإن أبى أن يعطيه يعني صاحب المال أو الطعام أبى أن يُعطي المضطر، جاء يتكلم معه لا يستطيع الكلام يُشير يقول أعطني، نعم، يُشير إشارة، هذا قال الحمد لله أنا أتمنى موتك من قبل وجابك الله ماني معطيك شيء، أبى أن يعطيه، هل له أي لهذا المضطر أن يأخذه بالقوة؟ أه؟ نعم، له أن يأخذه بالقوة، أه؟ لا، نحن فرضنا المسألة على سبيل المبالغة، له أن يأخذه بالقوة وتعرف الموت يا حمد الموت أحمر يقولون، لو كان الأن ضعيف سيكون قويا، طيب، له أن يأخذه بالقوة إذا لم يُمكن أن يأخذه إلا بالقتال يُقاتل؟ أه؟ قال العلماء يُقاتل فإن قُتِل صاحب المال فهو ظالم وإن قُتِل المضطر فهو شهيد، نعم، طيب، إذا قُدّر أنه عجَز ولا تمكّن حتى مات فهل يَضمنه صاحب الطعام؟ وإلا ما يضمنه؟ أنتم فاهمين الأن؟ شوف المراحل، هذا الرجل عجز أن يُخلّص المال من صاحبه لينقذ به نفسه فمات فهل يضمنه صاحب الطعام؟ أه؟ قال بعض العلماء يضمنه لأنه تعدّى بترك القيام بالواجب، أليس واجبا عليه أن يُنقذه؟ طيب، لم يقم بالواجب فيضمن لتعدّيه وقال ءاخرون إنه لا يضمن لأنه لم يمُت بسببه، انتبه، عرفتم الأن والمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه يضمنه إذا طلب الطعام ولم يُعطه فإنه يضمنه أما لو مر بشخص مضطر ولكنه ما طلب فإنه لا يضمنه هل مثل ذلك لو شاهدت إنسانا غريقا بالماء غريقا وهو يشير أنقذني أنقذني يا رجل أنقذني وتركته حتى غرق تضمن وإلا لا؟
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : ... .
الشيخ : المذهب لا تفصيل فيه لا يضمن والصحيح أنه يضمن طبعا إذا كان قادرا على إنقاذه، إذا كان قادرا أما لو كان عاجزا لا وفي هذه الحال أحذركم أن تنزلوا إلى الماء لإنقاذ الغريق إلا إذا كان معكم قوة وأنتم واثقون من أنفسكم لأن عادة الغريق إذا مسك الإنسان الذي بينقذه، أه؟ يُغرقه يحطو تحته، يغرقه يجعله تحته عشان يركب عليه هو فإذا لم يكن عند الإنسان قوة بدنية وقوة في معرفة السباحة يغرق والحمد لله على شيء ما هو منك أنت، تروح، تذهب إلى هذا الرجل لتنقذه فتهلك أنت وهو.
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : لا هذا واقع هذا، هذا واقع ما فيه إشكال.
السائل : معروف هذا.
الشيخ : ولذلك -أي نعم- ولهذا إذا لم تكن عندك قوة وحذق في السباحة فلا تفكر، خذ حذرك والحمد لله هذا من الله عز وجل.
السائل : ... .
الشيخ : إي نعم.
السائل : ... .
الشيخ : إيه إيه ولا بد أن هناك خبرة، لا بد، وغالب ..
السائل : ... .
الشيخ : أقول غالب الناس ما يعرف الفن، غالب الناس تأخذه الشفقة يشوف المسكين هذا يغيص مرة ويخرج مرة تأخذه الرحمة وينزل لكن ما هو صحيح لأنه يجب علينا وأقوله كثيرا وأكرّر يجب على الإنسان أن يُحكّم العقل دون العاطفة، العقل هو المحكّم أما اللي يُحكّم العاطفة فهذا هوى وربما يجرفه لكن حكّم العقل أولا، طيب، انتهينا الأن من الاضطرار إلى إيش؟ إلى عين مال الغير، الاضطرار إلى نفع مال الغير ذكره المؤلف قال " من اضطر إلى نفع مال الغير مع بقاء عينه لدفع برد " ويش اللي يدفع به البرد؟ أه؟ اللحاف، أه؟ الضوء النار يعني؟ وما أشبه ذلك.
" أو استسقاء ماء " مثل الدلو والرِشا وما أشبهها، ويش الثاني يقول؟
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : ... .
الشيخ : وهي؟
السائل : ... .
الشيخ : لا لا لا ما هو استسقاء المطر، استسقاء ماء من البئر يعني أو من النهر أو ما أشبه ذلك، طيب، ونحوه كما لو اضطر إلى ماعون ليضع فيه الماء أو ليُدفّئ به الماء أو ليضع فيه الطعام أو ما أشبه ذلك المهم أنه اضطر لنفع مال الغير وهل مثل ذلك الركوب؟ الاضطرار إلى ركوب السيارة مثل أن يكون فيه هلكة في مفازة ومَرّ به صاحب سيارة فهو الأن مضطر إلى الركوب، هل هو مثل هذا؟ نعم، لأن هذا اضطرار إلى نفع هذه السيارة مثلا أو البعير أو الحمار.
" وجب بذله له مجانا " مجانا بغير عِوض، ما الفرق بينه وبين الاضطرار إلى عين المال؟ الفرق بينه وبين الاضطرار لعين المال أن المضطر إلى نفع المال ستبقى عين المال والمضطر إلى عين المال سوف تفنى عين المال فبينهما فرق واضح لأن المضطر إذا ... يقول المضطر لصاحب المال أنا ما، سيبقى مالك والله عز وجل يقول (( فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراؤون * ويمنعون الماعون )) هذا منع الماعون في هذه الحال داخل في الوعيد (( ويل للمصلين * الذين هم صلاتهم ساهون )) .