شرح قول المصنف: " وتجب ضيافة المسلم المجتاز به في القرى يوما وليلة " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله " وتجب ضيافة المسلم المجتاز به في القرى يوما وليلة " تجب هذا بيان حكم الضيافة والضيافة أن يتلقى الإنسان من قدِم إليه فيُكرمه ويُنزله بيته ويُقدّم له الأكل، نعم، هذا الضيافة وهي من محاسن الدين الإسلامي وقد سبقنا إليها إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما قال الله تعالى (( هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين )) الذين أكرمهم إبراهيم ولا يمتنع أن يُقال أيضا والذين أكرمهم الله عز وجل بكونهم ملائكة فحكم الضيافة إيش؟ واجب وإكرام الضيف أيضا واجب وهو أمر زائد على مطلق الضيافة، قال النبي عليه الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه ) أي من كان يؤمن إيمانا كاملا فليُكرم ضيفه وإكرام الضيف بما جرت به العادة يختلف باختلاف الناس، الضيف أو المضيف؟ أه؟
السائل : ... .
الشيخ : أو الجميع؟
السائل : الجميع.
الشيخ : أه، الجميع في الواقع، الجميع أما المضيف فلقوله تعالى (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما ءاتاه الله )) فإذا نزل شخص ضيفا على رجل غني فإنه يُكرمه بما وسّع الله عليه وإذا نزل بإنسان فقير فيُكرمه بما قدِر عليه، قد ينزل هذا الرجل على شخص غني ويكون إكرامه بأن يذبح له ذبيحة ويدعو من حوله وقد ينزل على ءاخر ويكون إكرامه بأن يُقدّم له صحنا من التمر، نعم، ليش؟ لأن هذاك الأول عنده مال وموسع الله عليه وهذا فقير كذلك باعتبار الضيف فالضيوف ليسوا على حد سواء ينزل بك ضيف صاحب لك ليس بينك وبينه شيء من التكلّف تُكرمه، ينزل عليك ضيف كبير، نعم، كبير عند الناس في ماله في علمه في سلطانه تُكرمه بما يليق به وينزل شخص من سطة الناس تُكرمه أيضا بما يليق به، إذًا فالإكرام يختلف بحسب حال المُضيف والضيف، واضح؟ ومن الإكرام أيضا ألا تُقدّر عليه قِراه كما فعل إبراهيم، إبراهيم لما نزل به الملائكة راغ إلى أهله قال العلماء انطلق مسرعا بخُفية حتى لا يقولوا شيئا لأنه جرت العادة إن الضيف إذا أراد المضيف يُكرمه قال يحلّف والله لا تفعل كذا لا تفعل كذا فإبراهيم ذهب مسرعا بخفية وجاء بعجل حنيذ، حنيذ سمين بعض الناس يُكرم ثم إذا قدّم الغداء تفضل والله يحيّيكم والله ما وجدنا ها اللحم هذا إلا اليوم الكيلو بعشرة، اللحم غالي اليوم، نعم، لكن أنتم أهل لذلك، نعم.
السائل : ... .
الشيخ : لا لا، لا، يقول كثّر بس هل هذا فيه منّة وإلا لا؟
السائل : نعم.
الشيخ : فيه منّة أو يقول والله أنا ما لقيت ها الشاة هذه إلا بمائتين ريال دوّرت ذبّاح يلا اذبحها بخمسين ريال، نعم، وما أشبه ذلك هذا لا يجوز ولهذا قال العلماء يُكره تقويم الطعام أمام الضيف، يقول شريت هذا بكذا وشريت هذا بكذا لأنه مهما كان الأمر سوف ينكسر خاطره ولا يُمكن أن يخرج وهو مبسوط من هذا العمل، طيب، إذًا الإكرام ويش قلنا؟ يكون بحسب حال الضيف والمضيف ومن الإكرام أن لا تُقوّم الطعام أمام الضيف لأن ذلك يكسر خاطره ويكون فيه منّة عليه.
المؤلف اشترط قال " ضيافة المسلم " فخرج به الكافر وهو عام للكافر الذمي والحربي والمستأمن والمعاهد، نعم، وهذا هو المشهور من المذهب حيث اشترطوا أن يكون الضيف مسلما ولكن الصحيح أنه يعُمّ المسلم وغير المسلم لقوله عليه الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليُكرم ضيفه ) ضيفه ولم يُقيّده بالأخير، ما قال أخاه ( فليكرم ضيفه ) وهو عام فإذا نزل بك الذمي وجب عليك أن تُكرمه بضيافته، نعم.
قال " المجتاز به " المجتاز يعني الذي مر وهو مسافر، أه؟
السائل : ... .
الشيخ : لا، المجتاز يعني الذي مر، يعني مر بك وهو مسافر وأما المقيم فإنه ليس له حق الضيافة، لو كان المقيم له حق الضيافة لكان ما أكثر المقيمين الذين يقرعون الأبواب، يقول السلام عليكم أنا ضيفك اليوم، نعم، نقول لا بد أن يكون مجتازا أي مسافرا ومارّا حتى لو كان مسافرا مقيما يومين أو ثلاثة أو أكثر أو أربعة فلا حق له في ذلك لا بد أن يكون مجتازا، طيب.
ويقول " في القرى " في القرى دون الأمصار، القرى البلاد الصغيرة والأمصار البلاد الكبيرة، لماذا؟ قالوا لأن القرى هي مظِنّة الحاجة والأمصار بلاد كبيرة فيها مطاعم وفيها فنادق وفيها أشياء يَستغني بها الإنسان عن الضيافة وهذا أيضا خلاف القول الصحيح لأن الحديث إيش؟ عام، الحديث عام وكم من إنسان يأتي إلى الأمصار فيها الفنادق وفيها المطاعم فيها كل شيء لكن يربؤ بنفسه أن يذهب إليها، يكرهها، فينزل ضيفا على صديق أو على إنسان معروف، نعم، فنقول إذا نزل به قال والله رحت شوف البلاد كلها فنادق كلها مطاعم هذا ما تليق فإذا نزل بك ضيفا ولو في الأمصار فالصحيح الوجوب.
أيضا يقول المؤلف الشارح " ولا يجب أن يُنْزله ببيته " ما يجب أن يُنزله ببيته يعني لو نزل بك الضيف تقول الله يحيّيك إذا جاء الساعة واحدة ونص ائت له الغداء وإذا صارت الساعة الثمانية ائت له العشاء، وإذا صارت الساعة خمس ائت له الفطور، نعم، طيب، أنا أبغى أبقى بالبيت وأنام وأستريح قال لا ما يمكن، أين أذهب؟ بكيفك، حتى في القرى ما يجب أن يُنزّله ببيته، نعم، وش يقول؟
السائل : ... .
الشيخ : عندنا مثل عامي يقول المسجد أدفأ لك، طيب، إذا قال ما يُخالف المساجد الأن تُغلق بالليل، أين أذهب؟
السائل : ... .
الشيخ : على كل حال الصحيح أنه يجب أن يُنزّله في بيته لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطانا كلمة جامعة مانعة واضحة وهي ( فليُكرم ضيفه ) وليس من الإكرام إنه إذا تعشّى أو تغدّى تقول له يلا اطلع، نعم، هذا ليس من الإكرام إذًا نقول يجب إكرامه بما جرت به العادة في طعامه وشرابه ومنامه، نعم، والحديث عام، مناسبة ذكر الضيافة في كتاب الأطعمة ويش المناسبة؟ هذا من باب الاستطراد لما ذكر ما حُرّم لحق الله من ... السابقة وغيرها ثم ذكر ما يتعلّق باحترام ما للمسلم ذكر أيضا الضيافة فهذا وجه المناسبة والحاصل أن الضيافة واجبة بشروط، أن يكون الضيف مسلما والشرط الثاني أن يكون مسافرا والشرط الثالث أن يكون في القرى والرابع المدة نسيناها وهي يوم وليلة لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه جائزته قالوا وما جائزته يا رسول الله ؟ قال يوما وليلة ) أو قال ( يومه وليلته ) فالشروط إذًا أربعة، بعد اليوم والليلة إلى ثلاثة صدقة يعني إكرامه من يوم وليلة إلى ثلاثة صدقة وما عدا ذلك فقال النبي عليه الصلاة والسلام ( ولا يحِلّ له أن يثوِيَ فيُحرجه ) شوف كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، لا يحل له للضيف أن يثوي أي يبقى فيُحرجه إذًا الضيف إذا بقي ثلاثة أيام يُغادر ولا يبقى، علّل الرسول عليه الصلاة والسلام قال ( فيحرجه ) فعُلِم من هذا التعليل حِكمة الحُكم وهو أنه لا يثوي عنده وأنه إذا كان لا يُحرجه فلا بأس لأنه في بعض الناس لو يبقى عندك أشهرا فأنت مسرور منه ولا سيما إذا كان ضيفا على الأعزب، على العزاب، العزاب يُحبون أن ينزل عندهم الضيف أنه؟ لأنه؟
السائل : ... .
الشيخ : لا الله يهديك، ... ، لا يا شيخ، لأنه يؤنّسهم وليس هناك محرم يعني في البيت محرم يعني حريم يخجلون ويتعبون من الضيف فالمهم أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( فيُحرجه ) يُفيد أنه إذا لم يكن فيه إحراج فلا بأس أن يبقى الضيف ولو فوق ثلاثة أيام، نعم، طيب. يقول، انتهى الباب.
السائل : ... .