تابع لباب الوقف حفظ
الشيخ : باب الوقف سبق لنا أن الوقف هو وقريبا تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، وأن أول وقف في الإسلام هو وقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمشورة النبي صلى الله عليه وسلم .
وذكر أن عمر رضي الله عنه أصاب أرضًا بخيبر ، وخيبر هي قلاع ومزارع وحصون لليهود ، تبعد عن المدينة نحو مائة ميل نحن الشمال الغربي واليهود جاءوا من الشام إلى المدينة وما حولها لأنهم كانوا يقرءون في التوراة أن الله سبحانه يبعث رسولًا يتبعونه ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وينتصرون بهفظنوا أنه يكون من بني إسرائيل ، لأنه ذكر في التوراة أن مهاجره المدينة ، ولكن حينما جاءهم ما عرفوا كفروه وأنكروه وكذبوه وأجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة لنقضهم العهد ، ونزل بعضهم بأذرعات بالشام ، وبعضهم نزل في خيبر فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر وكان فتحها عنوة ، يعني بالسيف ، فقسمها بين الغانمين ، فأصاب عمر منها أرضًا ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها ، أي : يستشيره ويأخذ بأمره فقال : ( يا رسول الله ، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط هو أنفس عندي منه ) أنفس يعني : أغلى وأحب وأجود ، وكان رضي الله عنه يقرأ القرآن : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وكان ابنه عبد الله إذا أعجبه شيء من ماله تصدّق به ، يتأوّل هذه الآية (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) .
قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن شئت حبست أصله ) وهذا من حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه جاءه يستأمره ، يأخذ أمره ، لكنه قال : ( إن شئت ) وهذا من لين الخطاب ، ولم يقل : ( حبّس أصلها ) مع أن عمر سوف يمتثل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم .
حبّست أصلها يعني : العين ، عين الأرض ، ولا يباع ، ولا يورث ، ولا يوهب.
( لا يباع ) يعني لا يؤخذ عنه عوض.
ولا يورث : اضطرارًا.
ولا يوهب : اختيارًا.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنواع التمليك ، تمليك اختياري بلا عوض، تمليك اختيار بعوض ، تمليك اضطراري التملك الاضطراري يكون بالميراث ، قال عنه : ولا يورث ، والاختيار بعوض بالبيع ، قال : لا يباع ، والاختياري بغير عوض بالهبة إذن يمتنع انتقال الملك بالوقف بأي حال من الأحوال ، لا بعوض ، ولا بهبة ، ولا بالميراث.
فكأن الموقف كأنه عبد أعتق ، والعبد المعتق لا يمكن أن يرجع فيه المعتق ، ولهذا لو أقف الإنسان شيئًا وأراد أن يرجع في الوقف منع من ذلك ، أو أراد أن يغير شيئًا من شرطه منع منه ذلك ، إلا إذا كان يريد أن يغير الشيء إلى ما هو أنفع منه ، فهذا ينبني على خلاف العلماء في جواز تغيير الوقف لما هو أنفع.
قال : ( فتصدق عمر ) في نفس الأرض ولا في ثمرتها؟ في ثمرتها ، في الفقراء ، وفي القربى ، وفي الرقاب ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل ، والضيف ستة ، هذا مصرف وقف عمر رضي الله عنه.
الفقراء : هم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عوائلهم ، والقربى : قيل إنهم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل : إنهم قرابة عمر ، والحديث محتمل ، فمن قال : إن القربى قرابة النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن الله قال في كتاب : (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى )) وقال عمر رضي الله عنه نفسه : ( والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من قرابتي ).
ويحتمل أن المراد القربى الخاصة ، التي هي قربى عمر لأن صلة القرابة من أفضل الأعمال.
( وفي الرقاب ) الرقاب يعني إعتاق العبيد ، ويشمل الشراء ، شراء العبد وإعتاقه ، أو إعانة المكاتب في مكاتبته.
( وفي سبيل الله ) المراد بها الجهاد في سبيل الله ، لأنها إذا أطلقت فالمراد بها هكذا.
( وابن السبيل ) يعني : المسافر الذي انقطع به السفر ولو كان غنيًّا فيعطى ما يوصله إلى بلده.
( والضيف ) الذي ينزل ضيفًا على آل عمر. فإنه له حق من هذه الأرض ، أي : من غلتها.
( لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ) هذا من شرط الوقف يعني أن من حسن تصرف الواقف أن يجعل لمن وليها شيئًا يحثه على البقاء في الولاية وعلى الحرص على الوقف ، عمر رضي الله عنه جعل لمن وليها أن يأكل منها بالمعروف ، وظاهر الشرط أن يأكل منها هو وعائلته ولو كثروا ، لكن بالمعروف أي : بدون إسراف ، ولا تقصير ، فلا يأكل أكل الأغنياء ولا يقتر حتى يأكل أكل الفقراء.
وقد جعل رضي الله عنه الولي عليها ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها ، ثم من بعدها ذوي الرأي من آل عمر.
( أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقًا غير متمول فيه ) يعني وله أيضًا أن يطعم صديقًا بشرط ألا يقصد بذلك كثرة المال لصديقه ، وإنما يطعمه بما جرت به العادة.
( قال : فحدثت بهذا الحديث محمدًا يعني ابن سيرين ، فلما بلغت هذا المكان قال : متمول فيه.. قال محمد : غير متأثل مالًا ) ومتأثل يعني مكتسب مالًا ، وهو بمعنى الأول ، قال ابن عون : وأنبأني من قرأ هذا الكتاب أن فيه غير متأثل مالًا.
وذكر أن عمر رضي الله عنه أصاب أرضًا بخيبر ، وخيبر هي قلاع ومزارع وحصون لليهود ، تبعد عن المدينة نحو مائة ميل نحن الشمال الغربي واليهود جاءوا من الشام إلى المدينة وما حولها لأنهم كانوا يقرءون في التوراة أن الله سبحانه يبعث رسولًا يتبعونه ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وينتصرون بهفظنوا أنه يكون من بني إسرائيل ، لأنه ذكر في التوراة أن مهاجره المدينة ، ولكن حينما جاءهم ما عرفوا كفروه وأنكروه وكذبوه وأجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة لنقضهم العهد ، ونزل بعضهم بأذرعات بالشام ، وبعضهم نزل في خيبر فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر وكان فتحها عنوة ، يعني بالسيف ، فقسمها بين الغانمين ، فأصاب عمر منها أرضًا ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها ، أي : يستشيره ويأخذ بأمره فقال : ( يا رسول الله ، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط هو أنفس عندي منه ) أنفس يعني : أغلى وأحب وأجود ، وكان رضي الله عنه يقرأ القرآن : (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وكان ابنه عبد الله إذا أعجبه شيء من ماله تصدّق به ، يتأوّل هذه الآية (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) .
قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن شئت حبست أصله ) وهذا من حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه جاءه يستأمره ، يأخذ أمره ، لكنه قال : ( إن شئت ) وهذا من لين الخطاب ، ولم يقل : ( حبّس أصلها ) مع أن عمر سوف يمتثل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم .
حبّست أصلها يعني : العين ، عين الأرض ، ولا يباع ، ولا يورث ، ولا يوهب.
( لا يباع ) يعني لا يؤخذ عنه عوض.
ولا يورث : اضطرارًا.
ولا يوهب : اختيارًا.
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنواع التمليك ، تمليك اختياري بلا عوض، تمليك اختيار بعوض ، تمليك اضطراري التملك الاضطراري يكون بالميراث ، قال عنه : ولا يورث ، والاختيار بعوض بالبيع ، قال : لا يباع ، والاختياري بغير عوض بالهبة إذن يمتنع انتقال الملك بالوقف بأي حال من الأحوال ، لا بعوض ، ولا بهبة ، ولا بالميراث.
فكأن الموقف كأنه عبد أعتق ، والعبد المعتق لا يمكن أن يرجع فيه المعتق ، ولهذا لو أقف الإنسان شيئًا وأراد أن يرجع في الوقف منع من ذلك ، أو أراد أن يغير شيئًا من شرطه منع منه ذلك ، إلا إذا كان يريد أن يغير الشيء إلى ما هو أنفع منه ، فهذا ينبني على خلاف العلماء في جواز تغيير الوقف لما هو أنفع.
قال : ( فتصدق عمر ) في نفس الأرض ولا في ثمرتها؟ في ثمرتها ، في الفقراء ، وفي القربى ، وفي الرقاب ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل ، والضيف ستة ، هذا مصرف وقف عمر رضي الله عنه.
الفقراء : هم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عوائلهم ، والقربى : قيل إنهم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل : إنهم قرابة عمر ، والحديث محتمل ، فمن قال : إن القربى قرابة النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن الله قال في كتاب : (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى )) وقال عمر رضي الله عنه نفسه : ( والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من قرابتي ).
ويحتمل أن المراد القربى الخاصة ، التي هي قربى عمر لأن صلة القرابة من أفضل الأعمال.
( وفي الرقاب ) الرقاب يعني إعتاق العبيد ، ويشمل الشراء ، شراء العبد وإعتاقه ، أو إعانة المكاتب في مكاتبته.
( وفي سبيل الله ) المراد بها الجهاد في سبيل الله ، لأنها إذا أطلقت فالمراد بها هكذا.
( وابن السبيل ) يعني : المسافر الذي انقطع به السفر ولو كان غنيًّا فيعطى ما يوصله إلى بلده.
( والضيف ) الذي ينزل ضيفًا على آل عمر. فإنه له حق من هذه الأرض ، أي : من غلتها.
( لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ) هذا من شرط الوقف يعني أن من حسن تصرف الواقف أن يجعل لمن وليها شيئًا يحثه على البقاء في الولاية وعلى الحرص على الوقف ، عمر رضي الله عنه جعل لمن وليها أن يأكل منها بالمعروف ، وظاهر الشرط أن يأكل منها هو وعائلته ولو كثروا ، لكن بالمعروف أي : بدون إسراف ، ولا تقصير ، فلا يأكل أكل الأغنياء ولا يقتر حتى يأكل أكل الفقراء.
وقد جعل رضي الله عنه الولي عليها ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها ، ثم من بعدها ذوي الرأي من آل عمر.
( أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقًا غير متمول فيه ) يعني وله أيضًا أن يطعم صديقًا بشرط ألا يقصد بذلك كثرة المال لصديقه ، وإنما يطعمه بما جرت به العادة.
( قال : فحدثت بهذا الحديث محمدًا يعني ابن سيرين ، فلما بلغت هذا المكان قال : متمول فيه.. قال محمد : غير متأثل مالًا ) ومتأثل يعني مكتسب مالًا ، وهو بمعنى الأول ، قال ابن عون : وأنبأني من قرأ هذا الكتاب أن فيه غير متأثل مالًا.