وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم ( واللفظ لأبي بكر ) ( قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا وكيع ) عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة قال: استشار عمر بن الخطاب الناس في ملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة قال فقال عمر ائتني بمن يشهد معك قال فشهد له محمد بن مسلمة حفظ
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لأبي بكر قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة قال : ( استشار عمر بن الخطاب الناس في ملاص المرأة ، فقال المغيرة بن شعبة : شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرةٍ عبد أو أمة ، قال : فقال عمر : ائتني بمن يشهد معك ، قال : فشهد له محمد بن مسلمة ).
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذه الأحاديث هي حديث واحد في الحقيقة إلا الأخير ، تضمن شيئين :
الشيء الأول : دية الجنين ، يعني الحمل في البطن إذا جني على أمه فسقط ميتا ، ففيه غرة عبد أو أمة ، الغرة من الشيء أحسنه وأفضله ، ومنه سمي البياض غرة ، لأنه أفضل الألوان ، وأفضل الأموال هم الأرقاء ، ولذلك قال : ( غرة عبدٌ أو أمة )، يعني إما ذكر وإما أنثى .
وقدر الفقهاء رحمهم الله أن تكون قيمة الغرة عشر دية الأم يعني خمسة من الإبل ، قالوا فإن لم يوجد عبد قيمته خمس من الإبل أو أمة قيمتها خمس من الإبل ، فالعبرة بالخمس من الإبل يعني عشر دية الأم ، هذا إذا سقط ميتا .
وقولنا إذا سقط ميتا يعني أنه قد نفخ فيه الروح ، وأما قبل ذلك فليس فيه غرة ، إذ لا بد أن يكون إنسانا قُتِل ، ولا يمكن أن يكون إنسانا قتل إلا إذا نفخت فيه الروح .
الشيء الثاني : دية شبه العمد ، على العاقلة ، وشبه العمد أن يتعمد الجناية بما لا يقتل غالبا ، أن يتعمد الجناية بما لا يقتل غالبا ، يعني كالعصا والخشبة الصغيرة وما أشبه ذلك ، فهذا شبه عمد لا نسميه خطأً لأنه متعمد ، فإن الضارب تعمد الضرب ، ولا نسميه عمدا لأنه لم يقصد قتله ، حيث إنه جنى عليه بشيء لا يقتل غالبا ، فهو في منزلة بين العمد المحض وبين الخطأ المحض .
والفقهاء رحمهم الله ألحقوه بالعمد المحض من وجه وبالخطأ المحض من وجه آخر ، فقالوا إن الدية فيه مغلظة كدية العمد ، وهي على العاقلة كدية الخطأ ، لأن دية الخطأ على العاقلة ، والعاقلة هم عصبة الإنسان الذكور الأغنياء ، فذوو الفرض ليسوا من العاقلة ، فإذا قتل شخص خطأً وله أخ شقيق وأخ من أم ، فأيهما العاقلة ؟ .
الطالب : الشقيق .
الشيخ : الشقيق ، لأنه عاصب والأخ من الأم ليس من العاقلة فلا يحمل شيئا ، ثم إن تحميل العاقلة يكون بحسب الحال ، إذا تساووا في الغنى فالأقرب يحمّل أكثر ، وإذا اختلفوا فالأغنى يحمّل أكثر ، والمرجع في هذا إلى اجتهاد الإمام أو من ينيبه كالقاضي ، فيجتهد ويحمّل كل واحد منهم ما يرى أنه واجب عليه .
فإن قال قائل : كيف يكون الضمان على غير الجاني ؟ .
فالجواب : أن الجاني لم يتعمد ، والخطأ يقع كثيرا ، وهذا من باب التعاون ، ولا أحد أحق بالعون من العصبة العاقلة ، وهل تحميل العاقلة أصل أو فرع ؟.
في هذا خلاف بين العلماء ، منهم من قال إنه أصل ، ومنهم من قال إنه فرع ، فمن قال إنه فرع قال إذا كان القاتل غنيا لم يتحمل العاقلة شيئا ، وإذا كان فقيرا تحملوا ، وقال آخرون بل هو - أي تحميل العاقلة - أصل ، لكن على القاتل نصيبه إذا كان غنيا ، وإذا كان فقيرا تحملوا ، إذا كان غنيا ، ومنهم من قال ليس عليه شيء أبدا والعاقلة أصل .
ولو كانوا فقراء فإنه يودى من بيت المال ، فإن لم يكن بيت المال مستقيما سقط حق أولياء المقتول ، ولو كان القاتل من أغنى عباد الله .