القراءة : قال الترمذي رحمه الله تعالى : فكل من روي عنه حديث ممن يتهم أو يضعف لغفلته وكثرة خطئه ، و لا يعرف ذلك الحديث إلا من حديثه فلا يحتج به . وقد روى غير واحد من الأئمة عن الضعفاء ، وبينوا أحوالهم للناس . حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن المنذر الباهلي ، قال : حدثنا يعلى بن عبيد ، قال : قال لنا سفيان الثوري : اتقوا الكلبي . فقيل له : فإنك تروي عنه . قال : أنا أعرف صدقه من كذبه . و أخبرني محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني يحيى بن معين ، قال : حدثني عفان ، عن أبي عوانة ، قال : لما مات الحسن البصري اشتهيت كلامه ، فتتبعته عن أصحاب الحسن فأتيت به أبان بن أبي عياش فقرأه علي كله عن الحسن فما أستحل أن أروي عنه شيئا . وقد روى عن أبان بن أبي عياش غير واحد من الأئمة ، و إن كان فيه من الضعف و الغفلة ما وصفه أبو عوانة وغيره فلا يغتر برواية الثقات عن الناس ، لأنه يروى عن ابن سيرين أنه قال : إن الرجل ليحدثني فما أتهمه ، ولكن أتهم من فوقه . وقد روى غير واحد عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في وتره قبل الركوع . وروى أبان بن أبي عياش ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ، أن النبي هلى الله عليه وسلم كان يقنت في وتره قبل الركوع . هكذا روى سفيان الثوري عن أبان بن أبي عياش .
و روى بعضهم عن أبان بن أبي عياش بهذا الإسناد نحو هذا ، وزاد فيه : قال عبد الله بن مسعود : أخبرتني أمي أنها بابت عند النبي صلى الله عليه فرأت النبي صلى الله عليه وسلم قنت في وتره قبل الركوع . وأبان بن أبي عياش و إن كان قد وصف بالعبادة و الإجتهاد فهذا حاله في الحديث ، و القوم كانوا أصحاب حفظ ، فرب رجل و إن كان صالحا لا يقيم الشهادة و لا يحفظها . فكل من كان متهما في الحديث بالكذب أو كان مغفلا يخطئ الكثير ، فالذي اختاره أكثر أهل الحديث من الأئمة أن لا يشغل بالراواية عنه ، ألا ترى أن عبد الله بن المبارك حدث عن قوم من أهل العلم ، فلما تبين له أمرهم ترك الريواية عنهم . أخبرني موسى بن حزام ، قال : سمعت صالح بن عبد الله يقول : كنا عند أبي مقاتل السمرقندي ، فجعل يروي عن عون بن أبي شداد الأحاديث الطوال التي كانت تروى في وصية لقمان وقتل سعيد بن جبير وما أشبه هذه الأحاديث ، فقال له ابن أخي أبي مقاتل : ياعم لا تقل : حدثنا عون فإنك لم تسمع هذه الأشياء . قال : يا بني هو كلام حسن . وسمعت الجارود يقول : كنا عند أبي معاوية فذكر له حديث أبي مقاتل ، عن سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن ظبيان ، قال : سئل علي عن كور الزنابير ، قال : لا بأس به هو بمنزلة صيد البحر . فقال أبو معاوية : ما أقول إن صاحبكم كذاب ، ولكن هذا الحديث كذب . وقد تكلم بعض أهل الحديث في قوم من أجلة أهل العلم وضعفوهم من قبل حفظهم ، ووثقهم آخرون من الأئمة لجلالتهم و صدقهم و إن كانوا قد وهموا في بعض ما رووا ، وقد تكلم يحيى بن سعيد القطان في محمد بن عمرو ثم روى عنه . حدثنا أبو بكر عبد القدوس بن محمد العطار البصري حدثنا علي بن المديني قال سألت يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو بن علقمة قال تريد العفو أو تشدد فقال لا بل أشدد قال ليس هو ممن تريد كان يقول أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب . قال يحيى سألت مالك بن أنس عن محمد بن عمرو فقال فيه نحو ما قلت قال علي قال يحيى ومحمد بن عمرو أعلى من سهيل بن أبي صالح وهو عندي فوق عبد الرحمن بن حرملة قال علي فقلت ليحيى ما رأيت من عبد الرحمن بن حرملة قال لو شئت أن ألقنه لفعلت قلت كان يلقن قال نعم قال علي ولم يرو يحيى عن شريك ولا عن أبي بكر بن عياش ولا عن الربيع بن صبيح ولا عن المبارك بن فضالة قال أبو عيسى وإن كان يحيى بن سعيد القطان قد ترك الرواية عن هؤلاء فلم يترك الرواية عنهم أنه اتهمهم بالكذب ولكنه تركهم لحال حفظهم ذكر عن يحيى بن سعيد أنه كان إذا رأى الرجل يحدث عن حفظه مرة هكذا ومرة هكذا لا يثبت على رواية واحدة تركه وقد حدث عن هؤلاء الذين تركهم يحيى بن سعيد القطان عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة قال أبو عيسى وهكذا تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي صالح ومحمد بن إسحق وحماد بن سلمة ومحمد بن عجلان وأشباه هؤلاء من الأئمة إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم في بعض ما رووا وقد حدث عنهم الأئمة ، حدثنا الحسن بن علي الحلواني أخبرنا علي بن المديني قال قال سفيان بن عيينة كنا نعد سهيل بن أبي صالح ثبتا في الحديث. حدثنا ابن أبي عمر قال قال سفيان بن عيينة كان محمد بن عجلان ثقة مأمونا في الحديث قال أبو عيسى وإنما تكلم يحيى بن سعيد القطان عندنا في رواية محمد بن عجلان عن سعيد المقبري . أخبرنا أبو بكر عن علي بن عبد الله قال قال يحيى بن سعيد قال محمد بن عجلان أحاديث سعيد المقبري بعضها سعيد عن أبي هريرة وبعضها سعيد عن رجل عن أبي هريرة فاختلطت علي فصيرتها عن سعيد عن أبي هريرة فإنما تكلم يحيى بن سعيد عندنا في ابن عجلان لهذا وقد روى يحيى عن ابن عجلان الكثير . قال أبو عيسى وهكذا من تكلم في ابن أبي ليلى إنما تكلم فيه من قبل حفظه قال علي قال يحيى بن سعيد القطان روى شعبة عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم في العطاس قال يحيى ثم لقيت ابن أبي ليلى فحدثنا عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى ويروى عن ابن أبي ليلى نحو هذا غير شيء كان يروي الشيء مرة هكذا ومرة هكذا يغير الإسناد وإنما جاء هذا من قبل حفظه وأكثر من مضى من أهل العلم كانوا لا يكتبون ومن كتب منهم إنما كان يكتب لهم بعد السماع . و سمعت أحمد بن الحسن يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول ابن أبي ليلى لا يحتج به وكذلك من تكلم من أهل العلم في مجالد بن سعيد وعبد الله بن لهيعة وغيرهم إنما تكلموا فيهم من قبل حفظهم وكثرة خطئهم وقد روى عنهم غير واحد من الأئمة فإذا تفرد أحد من هؤلاء بحديث ولم يتابع عليه لم يحتج به كما قال أحمد بن حنبل ابن أبي ليلى لا يحتج به إنما عنى إذا تفرد بالشيء وأشد ما يكون هذا إذا لم يحفظ الإسناد فزاد في الإسناد أو نقص أو غير الإسناد أو جاء بما يتغير فيه المعنى فأما من أقام الإسناد وحفظه وغير اللفظ فإن هذا واسع عند أهل العلم إذا لم يتغير المعنى . حفظ