وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا ) متفقٌ عليه واللفظ للبخاري. حفظ
الشيخ : وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد الأقصى ومسجدي هذا ) متفق عليه واللفظ للبخاري، قوله: ( لا تشد الرحال ) لا نافية وليست ناهية، لو كانت ناهية لقال لا تشدوا الرحال فهي نافية، لكن هذا النفي بمعنى النهي والخبر يأتي بمعنى الطلب سواء كان أمرًا أو نهيًا، لأنه أبلغ إذ كأن هذا الأمر أمر مفروغ منه لا يحتاج إلى نهي، ولهذا قال العلماء إن إتيان الخبر بموضع الطلب يدل على توكيد هذا الطلب، وهذا حق كقوله تعالى: (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن )) فهنا جملة يتربصن جملة خبرية والمراد بها الأمر، فيكون هذا أوكد ووجه التوكيد أن جعله بمنزلة الخبر أو التحدث عنه كأنه خبر مستقل يدل على أن هذا الأمر مفروغ منه وأن هذا هو وصف الحال، وقوله: ( لا تشد الرحال ) جمع رحل وهو ما يحمل على البعير أو بعبارة أصح وأعم ما يحمل على المركوب أي ما يحمله المسافر من متاع على مركوبه ( إلا إلى ثلاثة مساجد ) يقول: ( مسجد الحرام ) مسجد الحرام هذا من باب إضافة الموصوف إلى صفته وأصله المسجد الحرام، الثاني ( مسجد الأقصى ) كالأول من باب إضافة الموصوف إلى صفته يعني المسجد الأقصى كما جاء في لفظ آخر ( ومسجدي هذا ) والمشار إليه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه، فهذا الحديث كما ترون يدل على أنه لا يجوز شد الرحل إلى أي مكان من الأرض إلا إلى هذه المساجد الثلاث، لأن هذه هي البقع المفضلة على غيرها فأفضلها مكة ثم المدينة ثم الأقصى، وما سواها من البقع فإنه لا يجوز شد الرحل إليها من أجل هذه البقعة، أما إذا كان يشد الرحل إليها من أجل أمر آخر لا يتعلق بالبقعة فلا بأس، كما لو شد الرحل إلى بلد أكثر علمًا أو أيسر مؤونة أو ما أشبه ذلك فهذا لا يقال إنه شد الرحل تعبدًا لمكان، بل يقال إنه شد الرحل لهذا الغرض الآخر.