فوائد حديث :( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ... ). حفظ
الشيخ : إيه نعم هذا الحديث يدل على فوائد أولًا: أنه يجب على الإنسان أن يبذل الجهد في الحكم لينال الأجر إما الأجرين وإما الأجر الواحد، وذلك مأخوذ من قوله: ( فاجتهد ) ومن فوائد هذا الحديث: أنه أن المصيب واحد ولا يمكن أن يصيب اثنان الحق في قولين مختلفين، عرفتم؟ وعليه فأي العبارتين أصح لكل مجتهد نصيب أو كل مجتهد مصيب؟
الطالب : الأولى.
الشيخ : الأولى، الأولى لكل مجتهد نصيب صح لكن الثانية كل مجتهد مصيب خطأ، لكن لها وجه لأنها صدرت من علماء لها وجه وكل مجتهد مصيب في اجتهاده وفي بذل الجهد لا مصيب للحق، لأننا لو قلنا إنه مصيب للحق لكان هذا الحديث خطأ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الناس المجتهدين إلى مصيب ومخطئ، ولا يمكن أن نقول فيما قسمه الرسول عليه الصلاة والسلام إنه لا ينقسم إلا إلى قسم واحد، من فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا اجتهد فيما هو ولي عليه وأخطأ فلا شيء عليه، ينبني على ذلك حكم الحاكم إذا تبين له أنه أخطأ فلا شيء عليه، مثاله: لو أنه رفعت إليه قضية في المواريث كالمشركة مثلًا والمشركة معروفة عندكم؟ معروفة المشركة؟
الطالب : لا يا شيخ.
الشيخ : ماهي معروفة؟ إيه امرأة هلكت عن زوج وأم وأخوين من أم وإخوة أشقاء، القسمة من ستة للزوجة النصف ثلاثة والأم السدس واحد وللأخوين من أم الثلث اثنان والإخوة الأشقاء لا شيء لهم، دليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ) ونحن ألحقنا الفرائض بأهلها ولم يبق شيء فيقال للإخوة الأشقاء لا شيء لكم بما دل عليه الحديث، حكم هذا القاضي بالتشريك بين الإخوة الأشقاء والإخوة لأم وقال: الثلث بينكم أيها الإخوة بالسوية كميراث الإخوة من الأم، ثم إنه بعد أن حكم وأخذ أهل الحق حقهم واشتركوا في التركة حصلت قضية أخرى مشرّكة فحكم بأن الإخوة الأشقاء ليس لهم شيء بناء على أن الدليل تبين له أنه لا شيء للإخوة الأشقاء فهل عليه إثم حيث ضر الإخوة لأم في الحكم الأول؟
الطالب : لا.
الشيخ : يا جماعة انتبهوا.
الطالب : ما يجمعه.
الشيخ : ليش؟ عن اجتهاد طيب هل يلزمه أن ينقض الحكم الأول؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لا يلزمه الحكم الأول مضى، وكما قال أمير المؤمنين عمر إن صح عنه: " ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي " الحكم الأول راح انتهى والحكم الثاني حسب اجتهاده، واجتهاده قد تغير فليس عليه إثم لا في الأول ولا في الثاني لأنه مجتهد، ونحن قلنا فيمن ولي عليه ليشمل القاضي كما مثلنا، وكذلك المفتي لو أن رجلًا ليس حاكمًا مفتيًا كان مفتيًا ثم استفتي في مسألة من المسائل وأخطأ فيها، لكن بعد أن بذل جهده ثم تبين له الخطأ فإنه لا يلزمه أن يذهب إلى القوم ويقول أيها الناس إني أخطأت فاعدلوا عما أتيت به، لا يلزم منه هذا لماذا؟ لأنه كان في الأول مجتهدًا وكم من صحابي وردت عنه في المسألة الواحدة عدة أحكام ابن عباس مثلًا ورد عنه في قول الرجل لامرأته: " أنت علي حرام " مرة قال لا شيء عليه هذا لغو، ومرة قال: يمين يكفرها وتلا قوله تعالى: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) ومرة قال إنه طلاق فاختلفت أقواله في هذه المسألة هل تظنون أن ابن عباس لما قال القول الأخير ذهب يطلب الناس الذين أفتاهم وقال لهم اتركوا ما أتيتكم به لأني تبين لي أنه خطأ؟ أبدًا وكذلك من بعده الإئمة لكنه إذا تبين له الخطأ لا يجوز أن يصرّ على رأيه الأول لأن بعض الناس نسأل الله العافية إذا قال قولًا ثم تبين له الخطأ يصعب عليه جدًّا جدًّا أن يرجع ويظن أنه برجوعه نقصت قيمته بين الناس، ولكن هذا من الشيطان وبرجوعه يزداد ثقة بين الناس لأنهم يعلمون أن الرجل يتبع الحق أينما كان، ولا يضر هذا هذا لا يضره إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا تبين له الحق رجع إليه لما سأله سائل عن الشهادة هل تكفّر الذنب قال: ( نعم ) ثم انصرف الرجل فجاءه وقال له إلا الدَّين فدعا بالرجل وقال: ( إلا الدَّين أخبرني بذلك جبريل الآن ) كل إنسان يجب أن يرجع إلى الحق والرجوع إلى الحق فضيلة وليس رذيلة ولا مهانة للإنسان، طيب ونحن قلنا ولّي عليه ذكرنا الآن اثنين من الناس من القاضي والمفتي، كذلك أيضًا ولي اليتيم أو الوصي، أحيانًا يتصرف ولي اليتيم بما يرى أنه أحسن ثم يتبين الخطأ فهل يكون ضامنا؟ ولنفرض أنه فتحت مساهمة في أرض فشارك فيها هذا الولي أعني ولي اليتيم بناء على أن الأراضي سوف ترتفع قيمها، ولكن الله أراد فانخفضت القيمة هل نقول إن هذا الولي يجب أن يضمن النقص؟ لا، ليش؟ لأنه مجتهد وكذلك لو باع له شيئًا ثم تبين أنه أخطأ بعد أن بذل الجهد، ولنفرض أنه باع له سيارة بخمسين ألف لأن هذا سعر السوق وقد اجتهد ورد إلى كل من يظن أنه يشتري سيارة، ولكن لم تزد باعها وفي أثناء اليوم تبين أن السيارات قد زادت قيمتها ضعفين هل يضمن؟
الطالب : لا.
الشيخ : تساوي مئة الآن نعم لا يضر لأنه كان مجتهدًا وفي ذلك الوقت لم ير أحدًا يزيد في الثمن وعلى هذا فقس، وهذا الحديث أصل في هذا الأمر أن كل من تصرّف بطريق شرعي مجتهدًا فيه فلا ضمان عليه حتى الطبيب، الطبيب إذا عالج المريض واجتهد وهو حاذق من أهل الاجتهاد ثم أخطأ فليس عليه شيء إذا كان خطؤه في محل العلاج فإنه لا شيء عليه، نعم طيب وما تقولون في الذي أفتى نفسه أحد البادية جاء إلى شخص وقال له أعطني يوجعني رأسي أعطني حبوبًا فأعطاه حبوبًا وقال كُلْ واحدة في الصباح وواحدة في المساء وكانت هذه الحبوب تستوعب يمكن ثلاثة أيام أو شبهه فقال الأعرابي بدل من أن أنتظر ثلاثة أيام آكلها جميعًا لأجل أن أطيب بيوم، فأكلها جميعًا فكان حتفه هلك، هل هذا مجتهد ولا غير مجتهد؟ لا، هذا من غير أهل الاجتهاد ليس بطبيب وعلى هذا يعتبر قاتلًا نفسه لكنه قاتلها خطأ.