وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره ) رواه ابن حبان، وأخرجه البيهقي ولفظه ( في تمرةٍ ). حفظ
الشيخ : فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره ) رواه ابن حبان، وأخرجه البيهقي ولفظه: ( في تمرة ) يدعى بالقاضي العادل أي يؤتى به والقاضي هو الحاكم بين الناس والعادل من لا يجور في حكمه ويوم القيامة هو الذي يبعث فيه الناس يقوم فيه الناس لرب العالمين، فيلقى يعني هذا القاضي العادل الذي عدل في حكمه بحيث طبّق حكمه على الشرع، لأن الشرع كله عدل وبحيث لم يمل مع أحد من المتخاصمين ( فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره ) يعني: أنه يحاسب على قضائه وكيف حكمت لفلان؟ ولماذا لم تحكم لفلان؟ وكيف حكمت بالمال كله؟ ولماذا لم تحكم لبعضه؟ لاحتمال أن يكون قضى منه شيئًا وما أشبه ذلك، ما يتمنى التمني هو أن يطلب الإنسان لنفسه ما في حصوله عسر أو تعذر هذا التمني والرجاء ما في حصوله قرب كلاهما تمني يعني طلب نفسي، لكن إن كان متعلقًا فيما لا يمكن أو فيما يعسر فهو تمني، وإن كان فيما قرب حصوله فهو رجاء أنه لا يقضي بين اثنين ( في تمرة ) أو ( في عمره ) هذا الحديث كما ترون فيه التحذير من تولي القضاء، وفيه أيضًا: مصادمة لما ثبت من حديث أبي بكرة نعم لما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن حكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر، ومصادم أيضًا للحديث الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قسّم القضاة إلى ثلاثة أقسام وبناء على ذلك يكون هذا الحديث إما باطلًا وإما شاذًّا شذوذًا عظيمًا، لأننا لو أخذنا به لفرّ الناس كلهم من القضاء مع أن تولي القضاء إيش حكمه؟ فرض كفاية لا يمكن للناس أن يقوموا بلا قاضي، ثم هو مصادم للأحاديث الصحيحة التي تدل على أن القاضي العادل ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وإن كان الحديث وارد في الإمام العادل لكن قد يسمى القاضي إمامًا باعتبار أنه يقتدى به وقد لا يسمى فلا يستحق أن يظل في ظل الله، لكنه لاشك أنه مأجور وكيف يحاسب هذا الحساب الشديد الذي يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة واحدة وهو عالم هذا غير موافق لحكمة الله عز وجل، فالصواب أن هذا الحديث باطل أو شاذ، المهم أنه لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام وبناء على ذلك لا يحتاج أن نلتمس ما فيه من فوائد لأن الجدار إذا انهدم لا يصح أن يسقّف عليه أليس كذلك طيب إذن نتركه.