تتمة شرح حديث: ( أبي بكرة رضي الله عنه ( عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عد شهادة الزور من أكبر الكبائر ) متفقٌ عليه في حديثٍ طويلٍ. حفظ
الشيخ : ( قول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قالوا ليته سكت ) فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر، فما هي شهادة الزور؟ الزور مأخوذ من الإزورار وهو الانحراف، وشهادة الزور كل ما خالف الحق، فمن شهد بما يعلم أن الأمر بخلافه فهو شاهد زور، ومن شهد بما لا يعلمه فهو شاهد زور، ومن شهد بما علم على الوجه الذي علم فهذا شاهد حق، فشاهد الزور قسمان من شهد بما يعلم أن الأمر بخلافه، ومن شهد بما لا يعلم، وأما شاهد الحق فهو الذي شهد بما يعلم على حسب ما علم، مثال ذلك: رجل ادعى على شخص بألف ريال وأقام شاهدًا، والشاهد يعلم أن المدعي كاذب ولكنه شهد، لأن المدعي صاحب له فالشهادة هنا شهادة زور لا شك، لأنه شهد بما يعلم أنه باطل، طيب ومن شهد بما لا يعلم مثل أن يدعي شخص أنه سلّم فلانًا مئة ورقة في ظرف وعنده شخص آخر يشهد أنه أعطاه الظرف، لكن لا يدري ما الذي في الظرف هل هو دراهم أو رسائل أو خرق أو ما يدري، ولكنه لما أقيمت الدعوى شهد بأنه أعطاه ظرفًا فيه الدراهم فهذا شهد شهادة زور، لأنه لا يعلم ما في هذا الظرف فتكون شهادته شهادة زور، وأما من شهد بالشيء الذي يعلمه على الوجه الذي يعلمه فهذا شهادته شهادة حق، إذن شهادة الزور من أكبر الكبائر لما يترتب عليها من إتلاف الأنفس والأموال والأبضاع والأعراض، لأن شهادة الزور لا تقتصر شهادته على أن يشهد بدرهم أو درهمين، قد يشهد بما يؤدي إلى القتل، قد يشهد بما يؤدي إلى الرجم، قد يشهد بما يؤدي إلى قطع اليد، قد يشهد بما يقتضي أن ترد شهادة المشهود عليه، فلذلك كانت شهادة الزور من أكبر الكبائر، وعظّم النبي صلى الله عليه وسلم أمر شهادة الزور بأمرين بالقول والفعل، أما القول فلأنه كررها حتى تمنى الصحابة أنه سكت، وأما الفعل فكان متكئًا فجلس، وهذا يدل على تعظيم الأمر، أرأيت لو أن شخصًا دخل عليك البيت وأنت متكئ وأنت تعظمه نعم ألست تقوم وتقعد لعظم من ورد عليك؟ لكن لو دخل عليك ابنك الصغير وأنت متكئ ربما لا ما هو تنام، لكن على كل حال لا تهتم به فكون الرسول عليه الصلاة والسلام متكئًا فيجلس يدل على عظم الأمر، وهو كذلك لما يترتب على هذه الشهادة من العظم.