وعن جابر رضي الله عنه: ( أن رجلين اختصما في ناقةٍ فقال كلٌ منهما: نتجت عندي وأقاما بينةً، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هي في يده ). حفظ
الشيخ : وعن جابر رضي الله عنه ( أن رجلين اختصما في ناقة فقال كل واحد منهما نتجت هذه الناقة عندي وأقاما بينة فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هي في يده ).
قوله: " أن رجلين " لم يبين هذان الرجلان ونحن لا يهمنا أن يبين صاحب القصة أو لا يبين، إذا لم يكن في تبيينه ضرورة عرفتم وعلى هذا فلا يعد هذا من الجهل المذموم بأن نقول نحن الذي يهمنا هي القصة.
وقوله: ( اختصما في ناقة فقال كل واحد منهما نتجت هذه الناقة عندي ) وقالوا إن نتج يكون دائمًا مبنيًا للمفعول، وقد ألّف في هذا رسائل مثل " إدحاض الفاضل في الفعل المبني لغير الفاعل " وهو رسالة صغيرة لكنه جيد في موضوعه يذكر كل فعل في اللغة العربية لا يبنى للفاعل وإنما يبنى لما لم يسمى فاعله، ومعنى نتجت أي وجدت عندي وأقاما بينة كل واحد منهما أقام بينة، ومن المعلوم أن هاتين البينتين متناقضتان هذه تشهد بأنه ولدت عند زيد والآخر تشهد بأنه ولدت عند عمرو، ولا يمكن أن تولد ناقة واحدة من بطنين مختلفين فلا بد أن إحدى البينتين غير صحيحة، المهم أن كل واحد أقام البينة.
( فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هي في يده ) إذن الناقة الآن في يد واحد أليس كذلك؟ أيهما المدعي وأيهما المدعى عليه؟
الطالب : الذي في يده المدعى عليه.
الشيخ : يا إخوان من المدعى عليه؟ الذي هي في يده فلدينا الآن مدعي ومدعى عليه كل منهما أقام بينة ونحن لو وقعت عندنا هذه الخصومة لكان القاضي أول ما يطلب أن يقول للمدعي ألك بينة؟ إذا أتى ببينة ولم يكن للثاني بينة إيش يكون؟ حكم له بها وانتهى الموضوع، إذا قال ليس عندي بينة وأطلب يمينًا فحلف من هي في يده أيضًا انتهت الخصومة، لكن الآن لدينا مدعٍ أقام بينة ومدعى عليه أقام بينة اليمين هنا لا محل لها اليمين ليس لها محل الآن، لأن لدينا بيّنتين لكل واحد منهما بينة فلمن نأخذ في هذه الحالة؟ الحديث صريح بأن الرسول قضى بها لمن هي في يده لمن هي في يده، وجه القضاء بذلك أن الذي في يده لديه بينة معارضة ببينة من المدعي، لكن جانبه ترجح بكون المدعى به في يده فترجح جانبه الآن، لأننا نقول البينتان تعارضتا فتساقطتا فيرجح جانب من المدعى عليه، لأنها في يده ثم هل يحتاج إلى اليمين أو لا يحتاج إلى اليمين من العلماء من قال إنه يحتاج إلى اليمين، لأن البينتين لما تساقطتا صارت القضية كأنه ليس فيها بينة لا للمدعي ولا للمدعى عليه، وفي مثل هذه الحال يكون على المدعى عليه إيش؟ اليمين، أليس كذلك؟ أنتم الآن تعلمون لو أن زيدًا ادعى على عمرو بمئة وليس له بينة فإننا نقول لعمرو احلف فالآن تساقطت البينتان فلابد من أن يحلف المدعى عليه طيب.
وقال بعض أهل العلم: لا حاجة لليمين لأن لديه بينة ولا يمين مع البينة وهذه البينة إنما رجحناها لكون المدعى به في يده، وحينئذ لا حاجة إلى اليمين إذن وهذا هو ظاهر الحديث، الحديث ليس فيه ذكر اليمين فالآن نحكم بها لمن؟ لمن هي في يده وهو المدعى عليه بيمين أو بغير يمين على قولين، وظاهر الحديث أنه لا يمين عليه وهو الأقرب هذا هو القول الراجح أنه يقضى بها للداخل وهو الذي هي في يده.
القول الثاني: خلاف هذا الحكم أنه يحكم بها للمدعي المدعي ويسمى الخارج قالوا لأن الداخل ليس مطالبًا بالبينة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( البينة على ) من؟ ( المدعي ) وهذا أتى ببينة فيحكم له بها، لأنه أتى ببينة أما ذاك فليس في جانبه إلا اليمين ولسنا بحاجة إلى اليمين، لأن لدينا بينة لمن للمدعي فصار يا إخواني أصل المسألة فيها قولان: هل هي للمدعي أو للمدعى عليه؟ المدعي يسمى عندهم الخارج والمدعى عليه يسمى الداخل، فهل هي للخارج ببينته وتلغى بينة الداخل أو هي للداخل؟ فيها قولان على القول بأنها للداخل وهو الراجح هل يحتاج إلى اليمين أو لا؟ يحتاج في ذلك قولان أيضًا طيب هذه هي المسألة، والقول بأنها للخارج غريب لأن أقل ما نقول من حيث النظر أقل ما نقول تعارضت البينتان فتساقطتا فبقي هذا المدعى عليه الذي هو في يده نعم، بقي راجحًا جانبه بماذا؟ بكون المدعى به في يده لكن هل يحتاج إلى اليمين أو لا؟ نرى في هذه المسألة أنه يقضى بها لمن هي في يده وهو الداخل، وأما إلزامه باليمين أو عدمه فهذا يرجع إلى اجتهاد الحاكم، قد يرى الحاكم من المصلحة أن يحلّفه وهل سيحلف نعم الآن الرجل جازم بأنها ناقته فيحلف يعني جازم بأن ما في يده له فسوف يحلف ولا ضرر على الإنسان أن يحلف إذا كان صادقًا.