إعادة قراءة الحديث مع الفوائد . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب جزاء الصيد في "باب لا يعضد شجر الحرم".
حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، ( عن أبي شريح العدوي رضي الله عنه ، أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم للغد من يوم الفتح، فسمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به، إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال )..
الشيخ : هذه ... فيها حسن ما منهج الصحابة رضي الله عنهم، وأنهم يكلمون الأمراء ولو كانوا فسقة بما يليق بالحال، لقوله: " ائذن لي أيها الأمير " وفي هذا ثبوت الإمارة ولو كان الرجل فاسقاً، وهو كذلك.
وفيه هذا أيضاً دليل على تفخيم الخطاب للأمراء لقوله : " ائذن أيها الأمير " أيها هذه للنداء تدل على التفخيم والتعظيم.
وربما يقال إن أبا شريح رضي الله عنه أراد بهذا القول أن يلين قلب من؟ عمرو بن سعيد، أن يلين قلبه، لأنه إذا فخمه أمام الناس وهو يريد أن يعظه صار هذا ألين لقلبه، لكن سيأتينا في آخر الحديث أن هذا الرجل لم يلن قلبه.
وفيه أيضاً تأكيد الخبر بذكر الزمان والمكان والحال، لأن أبا شريح أكد هذا الخبر بذكر المكان حيث قال : " الغد من فتح مكة "، والزمان أيضاً حيث جعل ذلك القول يوم فتح مكة، والحال حين قال إنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه ووعاه حين تكلم به.
نعم.
القارئ : ثم قال: ( إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
الشيخ : هذا فيه دليل على أن نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفتتح خطبه بالحمد والثناء على الله، سواء كانت خطبة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أو غيرها، المهم أن تبدأ الخطب بالحمد والثناء على الله، لأن الله تعالى أحق أن يحمد سبحانه وتعالى، ثم إن ذلك فيه استعانة على أن يتكلم بما يريد.
وفيه هذا دليل على عظمة حرمة مكة، وأن الذي حرمها هو الله الذي خلقها عز وجل، لم يحرمها الناس، وسياق النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجملة حتى يعظم تعظيم الناس لها.
وفي قوله : ( لم يحرمها الناس ) ما ظاهره أنه يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم :( إن إبراهيم حرم مكة ).