ما حكم من قرأ القرآن للأجر ( أخذ المال على القراءة ) ؟ وكذلك الآذان والإمامة .؟ حفظ
السائل : ما حكم من قرأ القرآن بأجر؟
الشيخ : ليس له أجر، من قرأ القرآن بأجرٍ فليس له أجرٌ لا في الدنيا ولا في الآخرة، أعني لا يستحق الأجر الذى اتُّفِقَ معه عليه، ولا هو مأجور في الآخرة، لِما ثبت من أدلة الشريعة عموًما وخصوصًا أنَّ كل عبادة لا يُقصَد بها وجه الله تبارك وتعالى فهي ليست بعبادة مقبولة بل يكون صاحبها مأزورًا، من ذلك قوله عز وجل: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) الإخلاص لله عز وجل في القراءة هو مما يدخل في عموم هذه الآية، وكذلك قوله عز وجل: (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) ومن الإشراك في العبادة أن يقصد المتعبد لله عز وجل غير وجه الله، والله عز وجل يقول: (( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) قال علماء التفسير كالقرطبي وابن كثير وغيرهما إن هذه الآية تعطينا أن العمل لا يكون صالحًا إلا بشرطين اثنين: الشرط الأول: أن يكون موافقًا للسنة هذا العمل الصالح لا يكون العمل صالحًا إلا إذا كان مطابقًا للسنة. والشرط الآخر: أن يكون العامل لهذا العمل الصالح مخلصًا فيه لله عز وجل لا يبتغي من وراء ذلك أمرًا من أمور الدنيا (( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ))، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( اقرءوا القران وتغنوا به قبل أن يأتي قوم يتعجلونه ولا يتأَجَّلونه ) يتعجلون أجر القراءة والتلاوة، ولا يتأجلون أي لا يطلبون الأجر للآجل في الآخرة، وهذا كله دليل قاطع على أنه لا يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن لِلأجر الدنيوي وإنما عليه أن يبتغى وراءَ ذلك الأجر الأخروي الذى جاء عنه قوله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ القران فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول الم حرف بل ألف حرف لام حرف ميم حرف ). غيره .

السائل : ماحكم أخذ الأجر على الأذان ؟
الشيخ : نفس الجواب السابق، الأذان عبادة، والإمامة عبادة، والخطبة عبادة، والتعليم الديني عبادة، كل هذه الأمور تدخل في كلامنا السابق (( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) ولكن هنا شيء لا بد من بيانه، أخذ الأجر على العبادة شيء وأخذ الراتب شيء آخر، وينبغي أن لا يختلط الأمر على طلاب العلم، الراتب يرتبه الحاكم المسلم يجعله لمن يكون في بعض الوظائف الدينية فهذا الراتب هو كالجعالة على مَن رُتِّب له ذلك ألا يأخذه أجرًا على عبادته وإنما يأخذه تعويضًا وراتبًا من دولته له، ولعلكم تعلمون جميعًا أنَّ أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصَّبُوه خليفة للمسلمين جعلوا له راتبًا، لأنَّ في اشتغاله بهذا المنصب العظيم صرفًا له عن القيام بطلب الرزق بالوسائل التي كان هو يطلبها من قبل، طبعًا مع علمنا بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو أفضل الناس وأتقاهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع ذلك ما مضى عليه إلا أيام قليلة حتى طلب منهم أن يزيدوه في راتبه، لأنه شعر بالتطبيق العملي أن ما رتب له لم يكفِه فزادوه، هذا الراتب ليس أجرًا، فلا ينبغي لطالب العلم إذا كان إمامًا أو كان مؤذنًا أن يأخذ ما يأخذ أولًا كأجر وقد علمتم أن الأجر على العبادة معصية، ويؤزر ولا يؤجر، وثانيًا: أن يأخذه على أنه راتب من قبل الدولة، وللدولة لو كانت غنية أن ترتب راتبًا ومعاشًا لكل فرد من أفراد المسلمين - كبيرهم وصغيرهم - هذا ليس مقابل عبادة يقوم بها كل فرد وإنما هذا للتيسير على عامة المسلمين ولمساعدتهم على التفرغ لعبادة الله تبارك وتعالى وطاعته كلٌّ في مجاله، ذاك المتعبد في عبادته، وذاك العالم في تعلمه، وذاك الطالب للعلم في طلبه للعلم وهكذا، والشاهد من هذا الكلام هو: ألا تخلطوا بين الأجر الذى لا يجوز أخذه على العبادة، وبين الراتب المرتب لطلاب العلم وأهل العلم.