شرح قول المصنف "... وإن نفخ أو انتحب من غير خشية الله تعالى أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان بطلت...". حفظ
الشيخ : " وإن نفخ أو انتحب من غير خشية الله أو تنحنح من غير حاجة فبان حرفان بطلت " .
هذه ثلاث مسائل، الأولى إذا نفخ فبان حرفان بطلت صلاته لأنه تكلّم مثل أن يقول أف ويرفع صوته بها فهذا تبطل صلاته لأنه بان منه حرفان وفي الحقيقة أن هذا التعليل فيه شيء لأنه قد يكون الكلام مع حرف واحد، قد يكون الكلام كلاما تاما مع حرف واحد كأفعال الأمر من الثلاثي إذا كان مثالا ناقصا، المثال هو المعتل الأول والناقص معتل الأخير فالأمر من هذا الفعل يكون على حرف واحد وهو كلام تام مثل أن تقول لصاحبك عِ عِ من وعى فعِ هنا كلام تام أو تقول فِ من وفى، هذا أيضا كلام تام وهي مكوّنة من حرف واحد كما أنه قد يكون هناك ثلاثة حروف ولا يكون كلاما فكوْن المسألة تُعلَّل بأن ما كان حرفين فهو كلام وما دون ذلك فليس بكلام فيه نظر ولهذا نقول في النفخ إنه إن كان عبثا أبطل الصلاة لأنه عبث وإن كان لحاجة فإنه لا يُبطل الصلاة ولو بان منه حرفان لأنه ليس بكلام مثل أن ينفخ الإنسان حَشَرة دبّت على يده فأراد أن ينفخها لأنه أهوَن لها من أن يمسحها بيده لأنه ربما لو مسحها بيده لتأثّرت ماتت وإلا تحطّمت رجلاها أوما أشبه ذلك فينفخ عليها لأنه أسهل لها.
فالمدار في هذا على العبث إن فعله عبثا فإن الصلاة تبطل لمنافاة العبث لها وإن كان لحاجة لم تبطل.
طيب كذلك أيضا إن انتحب، النحيب ارتفاع الصوت بالبكاء فهذا رجل انتحب يعني ارتفع صوته بالبكاء من غير خشية الله، مثل أن يأتيَه الخبر وهو يصلي بأن فلانا مات فينتحب انتحابُه هنا ليس من خشية الله ولكن من حزنه على فراق هذا الميّت فنقول إذا بان حرفان من انتحابه بطَلت صلاته على كلام المؤلف والصحيح أنه إذا كان من غَلَبة يعني غلبه البكاء حتى انتحب أن صلاته لا تبطل لأن هذا بغير اختياره فإن كان من خشية الله أي شدّة خوفه من الله عز وجل أو أحيانا يكون من محبّة الله وشِدّة شوقه إلى الله لأن البكاء قد يكون خشية لله وقد يكون شوقا إلى الله عز وجل كما يكون للقلب عند ذكر الثواب، ثواب المتقين يبكي شوقا إلى هذا النعيم وعند ذكر الكافرين وعِقابهم يبكي خوفا من هذا العذاب من غير خشية الله.
" أو تنحنح " من غير حاجة فبان حرفان بطلت، إذا تنحنح من غير حاجة فإن صلاته تبطل إذا بان حرفان، والحاجة إلى التنحنح إما أن تكون قاصرة أو متعدّية، قد تكون قاصرة يتنحنح إذا أحس الإنسان في حلْقه انسداد فإنه يتنحنح من أجل إزالة هذا الانسداد أو كما يقولون بعبارة الميكانيكيين تسييخ للحلق فهذا لا بأس به، تنحنُح المتعدّي إذا تنحنح لشخص استذن عليه أو خاف أن يسقط في شيء أو ما أشبه ذلك أو أراد أن يُنبّهه على أنه يصلي، هذه تنحنُح لحاجة متعدّية فلا تبطل الصلاة بذلك لأنها لحاجة، لأن هذا لحاجة فإن كان لغير حاجة فإنها تبطل الصلاة بشرط أن يَبين حرفان وذلك لأن التنحنُح من غير حاجة أشبه بالهُزْل من الجِد.
طيب هل من الحاجة أن يتنحنح إذا أطال الإمام الركوع أو السجود من أجل أن يُنبّهه على أنه يقول يلا مشّي أو ليس من حاجة؟ نعم؟ هذا ليس من الحاجة إلا إذا أطال الإمام إطالة خرجت عن حد المشروع فقد يكون هذا من الحاجة.
طيب إذا قال قائل ما هو الدليل على جواز التنحنُح للحاجة ولو بان حرفان؟ الدليل حديث علي رضي الله عنه أنه كان له مدخلان يدخل فيهما على النبي صلى الله عليه وسلم ( فإذا دخل عليه وهو يصلي تنحنح له ) إشارة إلى أنه مشغول بصلاته.
طيب إذا عطس فبان حرفان تبطل صلاته؟
السائل : ... .
الشيخ : لماذا؟
السائل : ... .
الشيخ : لأنه مغلوب عليه ليس باختياره وكذلك لو تثاءب فبان حرفان فإنه مغلوب عليه فلا يضُرّه.