شرح قول المصنف "... ويسن للقارئ والمستمع دون السامع وإن لم يسجد القارئ لم يسجد...". حفظ
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " يُسنّ " هذا مبتدأ الدرس " يُسنّ للقارئ والمستمع " .
يُسنّ للقارئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد إذا مر بأية السجدة وفِعْل الرسول صلى الله عليه وسلم الشيء على سبيل التعبّد يقتضي سنّيّته ولهذا نقول من قواعد أصول الفقه أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم الذي فعله على سبيل التعبّد يكون للاستحباب لا للوجوب إلا أن يُقْرن بأمر أو يكون بيانا لأمر أو ما أشبه ذلك من القرائن التي تدل على الوجوب، أما مجرّد الفعل فإنه للاستحباب، طيب، فيقول ابن عمر " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضعا لجبهته " يعني أنهم يسجدون ولقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم والجلوس فإن الجلوس يكون فيه ازدحام عند السجود لأن الساجد يشغل مكانا أكثر من الجالس فلهذا يزدحمون حتى ما يجد أحدهم مكانا لجبهته يسجد عليه.
هذا دليل استحبابه وكذلك ما مر من أثر عمر وقوله " يُسنّ للمستمع " ، نعم، دليله حديث ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه حيث كانوا يسجدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله " دون السامع " يعني أن السامع لا يُسنّ له أن يسجد والفرق بين المستمع والسامع أن المستمع هو الذي يُنصت للقارئ ويُتابعه في استماعه والسامع هو الذي يسمع الشيء دون أن يُنصت إليه ولهذا لو سَمِع الإنسان صوت ملهاة يعني صوت ألة لهْو سماعا فقط فإنه لا يأثم ولو استمع إليه لأثم، مثال السامع إنسان مَرّ مع السوق وفيه ألة لهْو، أغاني وغيرها تشتغل، هذا نقول إنه سامع وإنسان أخر لما سَمِع هذه الملاهي جلس يتسمّع إليها نقول هذا مستمع كذلك السامع بالنسبة لقراءة القرأن نقول إن السامع هو الذي مَرّ وقارئ يقرأ فمَرّ بأية سجدة فلا يُسنّ للسامع أن يسجد لأنه ليس له حكم القارئ أما المستمع فيسجد لأن له حكم القارئ، هذا من حيث التعليل أما الدليل فحديث ابن عمر بالنسبة للمستمع أن الصحابة كانوا يسجدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والدليل على أن المستمع له حكم الناطق أن موسى صلى الله عليه وسلم قال (( رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ * قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما )) دعوتكما مُثنّى والقائل واحد وهو موسى فمن أين جاءت التثنية؟ قال العلماء لأن موسى يدعو وهارون يستمِع ويُؤمّن فجعل الله تعالى للمستمع حكم الناطق القائل.
إذًا فالذي يستمع إلى قراءة القارئ إذا سجد القارئ سجد فعندنا الأن ثلاثة، قارئ والثاني؟
السائل : مستمع.
الشيخ : مستمع والثالث سامع، الذي يُسنّ له السجود هو القارئ والمستمع، أما السامع فلا يُسنّ له فإذا قال قائل كيف لا يُسنّ له وقد سَمِع أية السجدة وسجد القارئ نقول لأنه لا يلحقه حُكْم القارئ فليس له ثوابه ولا يُطالب بما يُطالب به القارئ ولهذا قال المؤلف دون السامع، يقول " وإن لم يسجد القارئ لم يسجد " إن لم يسجد القارئ لم يسجد من؟ المستمع، لأن سجود المستمع تَبَعٌ لسجود القارئ فالقارئ أصل والمستمع فرع فإذا لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع، طيب، وعندنا دليل وين التعليل؟ حديث زيد بن ثابت أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد فيها، فقوله قرأ عليه سورة النجم فلم يسجد فيها يدل على أن زيد بن ثابت لم إيش؟ لم يسجد لأنه لو سجد لسجد النبي صلى الله عليه وسلم كما كان الصحابة يسجدون مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يُنكر عليهم، لم يقل لا تسجدوا لأنكم لم تقرؤوا بل كان يُقِرّهم.
إذًا فحديث زيد بن ثابت يُستدل به على أنه إذا لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع ولا يصح أن نستدل به على نسخ سجود التلاوة في المُفصّل كما قال به بعض العلماء لأنه ثبت في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم سجد في (( إذا السماء انشقت )) وفي سورة اقرأ وهما من المُفصّل ومع ذلك فإن أبا هريرة كان متأخّر الإسلام لم يُسلم إلا في السنة السابعة فأين النسخ؟ لكن يُستدلوا بحديث زيد بن ثابت على؟ أتمّ؟ على أن القارئ إذا لم يسجد لم يسجد المستمع والتعليل واضح لأن المستمع فَرْع وتابع للقارئ فإذا لم يسجد لم يسجد.
طيب هل له أن يُذكّره؟ هل للمستمع أن يُذكّر القارئ فيقول اسجد؟ نقول إن احتمل الأمر أنه ناسٍ يعني أحيان ينسى الإنسان فليُذكّره أما إذا لم يحتمل مثل أن يقول عندما بدأ بيقرأ قال الأن أقبلنا على السجدة إذا لم يحتمل أنه نسي فلا يُذكّره لأنه تركها عن عمد ليُبيّن مثلا إذا كان متبوعا إذا كان طالب علم متبوعا ليُبيّن أن سجود التلاوة ليس بواجب.
إذًا ففي المسألة تفصيل، إن غلب على ظنّك أنه قد نسي فذكّره وإلا فلا تُذكّره.
قال المؤلف " وإن لم يسجد القارئ لم يسجد " .