شرح قول المصنف " ... إوالخروج من المظالم وترك التشاحن ...". حفظ
الشيخ : " والخروج من المظالم وترك التشاحن " الخروج من المظالم من باب عطف الخاص على العام وذلك لأن الخروج من المظالم من التوبة وقوله مظالم جمع مظلمة فتشمل المظلمة في حق الله والمظلمة في حق العباد مثال الأول لو كان لم يخرج زكاته أو لم يخرج كفارة كانت عليه فهذه المظلمة في حق الله فليبادر إليها والمثال الثاني لو كان عنده حق لشخص مثلا دراهم أو منافع أو غيرها فإنه يخرج منها أيضا بإيفاءه فإن كان الحق غير مالي كالغيبة مثلا فإنه يخرج منها بأن يذهب إلى من تكلم فيه ويقول إني تكلمت فيك فحللني ولا يخرج من عهدتها إلا بذلك وقال بعض العلماء إن كان الذي تكلم فيه قد علم فليذهب إليه وليستحله وإن لم يعلم فلا يذهب إليه بل يستغفر له ويذكره بخير في الأماكن التي كان يغتابه فيها لأنه ربما لو ذهب إليه وطلب أن يحلله ربما تأخذه العزة بالإثم فيأبى لأن بعض الناس لا يهمه أن يأتي إليه أخوه معتذرا بل إذا قال أنا تكلمت فيك فأرجوك السماح قال ليش تكلمت في مين قالك مين .. عرضي ثم غضب وأبى أن يسامح وهذا القول هو الصحيح أنه إن علم أنك اغتبته فاستحله فإن قال أنا لا أحللك إلا إذا أعطيتني عشرة دراهم يعطيه ؟ نعم يعطيه هذا حق له نعم أو أكثر حتى لو طلب أكثر يعطيه لأن إعطاءه في الدنيا أهون من إعطاءه في الآخرة قال " وترك التشاحن " التشاحن بين الناس يعني يأمر الإمام الناس أن يتركوا التشاحن فيما بينهم وهي الشحناء والعداوة والبغضاء لأن التشاحن سبب لرفع الخير ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم ليخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فرفعت يعني رفع العلم بها يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنسيها من أجل التشاحن قال العلماء فنأخذ من هذا أنه إذا كنا نطلب الله الخير أن ندع التشاحن فيما بيننا فإذا قال قائل كيف يمكن أن يزيل الإنسان ما في قلبه من الحقد أو الغل على أخيه كيف يمكن لأن هذه تعتري كثيرا من الناس يكون في قلبه حقد على أحد أو عداوة ثم لا يستطيع أن يتخلص منها فنقول يستطيع الإنسان أن يتخلص بأن يذكر ما في بقاء هذه العداوة من المآثم وفوات الخير حتى إن الأعمال تعرض على الله يوم الاثنين والخميس فإذا كان بين اثنين شحناء قال ( أنظرا هذين حتى يصطلحا ) الرب عز وجل ما ينظر في عملك يوم الاثنين والخميس إذا كان بينك وبين أخيك شحناء ثانيا أن يعلم أن العفو والإصلاح فيه خير كثير للعافي وأنه لا يزيده ذلك العفو إلا عزا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ) ثالثا أن يعلم أن الشيطان وهو عدوه هو الذي يوقد نار العداوة والشحناء بين المؤمنين لأنه يحزن أن يرى المسلمين متآلفين متحابين فيحزن إذا رآهم كذلك ويفرح إذا رآهم متفرقين والعداوة والشحناء بينهم فإذا ذكر الإنسان المنافع والمضار فالإنسان عاقل لا بد ان يأخذ بما فيه المصالح والمنافع ويدع ما فيه المضار والمفاسد فعليك أن تجاهد نفسك ولو أهنتها في الظاهر فإنك تعزها في الحقيقة لأن من تواضع لله رفعه وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وجرب تجد تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت وأصلحت ما بينك وما بين إخوانك تجد أنك تعيش في راحة في طمأنينة في انشراح صدر في سرور قلب لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم أو عداوة فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم كيف أتخلص كيف أعمل ثم يأتيك الشيطان بكل احتمالات يحتملها كلامه يعني لو احتمل كلامه الخير والشر ويش يقولك الشيطان احمله على الشر مع أن المشروع أن يحمل الإنسان كلامه إخوانه على الخير ما وجد له محملا متى وجدت محمل للخير فاحمله على الخير سواء في الأقوال أو الأفعال لا تحمله على الشر بعض الناس والعياذ بالله يحمله على الشر على القول على الشر أو الفعل على الشر ثم يؤزه الشيطان إلى أن يتجسس على أخيه ويتابع أخاه وينظر ماذا فعل وماذا قال فتجده دائما يحلل أقواله وأفعاله كأن عنده ... نعم وليته يحملها على الأحسن أو على الحسن ولكن على السيء والأسوء وذلك بإيحاء الشيطان والعياذ بالله والذي يجب على المؤمن إذا رأى من أخيه ما يحتمل الخير والشر أن يحمله على الخير ما لم توجد قرائن قوية تمنع حمله على الخير فهذا شيء آخر لو صدر مثل هذا من رجل معروف بالسوء ومعروف بالفساد ما يحمل على الخير لا بأس أن تحمله على ما يحتمله كلامه أما رجل مستور ولم يعلم عنه الشر فإذا وجد في كلامه أو في فعاله ما يحتمل الخير والشر فاحمله على الخير حتى تستريح وربما يصاب هذا الرجل الذي يتتبع عورات الناس وأخطائهم القولية والفعلية ربما يسلط الله عليه من يتابعه هو ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه لو في جوف بيته المهم أن هذه المسائل أن ... سبب لمنع الخير ولهذا قال المؤلف ينبغي الإمام عند إرادة الاستسقاء أن يأمر الناس بترك التشاحن لأن التشاحن يمنع الخير .