-
تتمة قول الشيخ محمد بن صالح العثيمين :" فإن قيل: إن في لفظ الحديث: ( وفي الرقة في مائتي درهم ربع العشر) وفي حديث علي:(و ليس عليك شئ حتى يكون لك عشرون دينار) والرقة هي الفضة المضروبة سكة وكذلك الدينار هو السكة وهذا دليل على اختصاص وجوب الزكاة بما كان كذلك. والحلي ليس منه. فالجواب من وجهين: احدهما: أن الذين لا يوجبون زكاة الحلي ويستدلون بمثل هذا اللفظ لا يخصون وجوب الزكاة بالمضروب من الذهب والفضة بل يوجبونها في التبر ونحوه وإن لم يكن مضروبا وهذا تناقض منهم وتحكم حيث ادخلوا فيه ما لا يشمله اللفظ على زعمهم أخرجوا منه نظير ما أدخلوه من حيث دلالة اللفظ عليه أو عدمها.".
-
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :" الثاني: أننا إذا سلمنا اختصاص الرقة والدينار بالمضروب من الفضة والذهب فإن الحديث يدل على ذكر بعض أفراد وأنواع العام بحكم لا يخالف حكم العام وهذا لا يدل على التخصيص كما إذا قلت: أكرم العلماء ثم قلت: أكرم زيدا وكان من جملة العلماء فإنه لا يدل على اختصاصه بالإكرام، فالنصوص جاء بعضها عاما في وجوب زكاة الذهب والفضة وبعضها جاء بلفظ الرقة والدينار وهو بعض أفراد العام فلا يدل ذلك على التخصيص ".
-
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :" وبعد: فYن علي العبد أن يتقي الله ما استطاع ويعمل جهده في تحري معرفة الحق من الكتاب والسنة فإذا ظهر له الحق منهما وجب عليه العمل به، وأن لا يقدم عليهما قول أحد من الناس كائنا من كان ولا قياسا من الأقيسة أي قياس كان وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة فإنهما الصراط المستقيم والميزان العدل القويم، قال الله تعالى: ( فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )(النساء- 59) والرد إلى الله هو الرد إلي كتابه والرد إلى الرسول هو الرد إلي سنته وهديه حيا وميتا. وقال تعالى:( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما)(النساء..65) .فأقسم الله تعالي بربوبيته لرسوله صلي الله عليه وسلم التي هي أخص ربوبية قسما مؤكدا على أن لا إيمان إلا بأن نحكم النبي صلي الله عليه وسلم في كل نزاع بيننا وألا يكون في نفوسنا حرج وضيق مما يقضي به رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن نسلم لذلك تسليما تاما بالانقياد الكامل والتنفيذ . وتأمل كيف أكد التسليم بالمصدر فإنه يدل على أنه لا بد من تسليم تام لا انحراف فيه ولا توان . وتأمل أيضا المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه فالمقسم به ربوبية الله لنبيه صلي الله عليه وسلم والمقسم عليه هو عدم الإيمان إلا بتحكيم النبي صلي الله عليه وسلم تحكيما تاما يستلزم الانشراح والانقياد والقبول، فإن ربوبية الله لرسوله تقتضي أن يكون ما حكم به مطابقا لما أذن به ربه ورضيه فإن مقتضي الربوبية الخاصة بالرسالة أن لا يقره على خطأ لا يرضاه له وإذا لم يظهر له الحق من الكتاب والسنة وجب عليه أن يأخذ بقول من يغلب على ظنه أنه أقرب إلى الحق بما معه من العلم والدين فإن النبي صلي الله عليه وسلم يقول: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)) وأحق الناس بهذا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين فإنهم خلفوا النبي صلي الله عليه وسلم في أمته في العلم والعمل والسياسة والمنهج جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء. ونسال الله تعالي أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يجعلنا ممن رأى الحق حقا فاتبعه ورأى الباطل باطلا فاجتنبه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. حرره كاتبه الفقير إلى الله محمد الصالح العثيمين وذلك في 12 من صفر سنة 1382هـ والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات".
-
قراءة فتوى في زكاة الحلي للشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الله الغديان والشيخ عبد الرزاق عفيفي.