الشيخ : هو المعتمد أنها حاضت بسرف وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تدخل الحج على العمرة بسرف وقال لها ( دعي العمرة ) يعني اتركي أعمالها لأنها لما كانت قارنة دخلت أعمال العمرة في الحج فلا تفعل إلا أفعال الحج فقط وهذا تستقيم به الأدلة ولا يحصل إشكال. القارئ : قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم: كتاب جزاء الصيد.
باب : قول الله تعالى : (( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون )) .
القارئ : باب : قول الله تعالى : (( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيزٌ ذو انتقام أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً واتقوا الله الذي إليه تحشرون )) الشيخ : قال البخاري رحمه الله: باب قول الله تعالى : (( لا تقتلوا الصيد )) حذف أول الآية والأولى ذكرها (( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم )) جملة (( وأنتم حرم )) حال في موضع نصب، والمعنى : وأنتم في حال حرمة، وهذا يشمل من أحرم بحج أو عمرة ومن كان داخل حدود الحرم وإن كان محلاً. والمراد بالصيد: كل حيوان حلال بري متوحش، كلّ حيوان حلال بري يعني بحسب الأصل، متوحش. فخرج بذلك: الحرام، فهذا لا يحرم على المحرم قتله، ومنه ما هو مأمور بقتله كالخمس الفواسق. وخرج بقولنا بري: البحري، فالبحري لا يحرم سواء كان في الحرم أو خارج الحرم، وسواء كان الإنسان محلاً أو محرماً، حلال لقوله تعالى : (( وأحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً )). الشرط الثالث: متوحش أصلاً، يعني ليس أليفاً يعيش مع الناس في دورهم وأماكنهم، احترازاً من الدجاج وشبهه فإنه حلال بري لكنه ليس متوحشاً، هذا هو الصيد. وأنتم حرم قلنا أي محرمون أو في الحرم ولو محلين. (( ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم )) أي فعليه جزاء، (( من قتله منكم متعمداً )) أي متعمداً قتله، (( فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم ))، وخرج بذلك من قتله غير متعمد، كمن حذف حجراً فأصاب صيداً، فهذا لا شيء عليه، لأنه إيش؟ غير متعمد. وهل المراد متعمدا للإثم أو متعمدا للقتل؟ الصواب أنه لهما جميعاً، متعمداً للقتل ومتعمداً للإثم، فلو قتله غير متعمد للإثم إما ناسياً وإما جاهلاً يحسبه من الصيود المباحة أو جاهلاً لمكانه يحسبه في الحل وهو في الحرم، فالصواب أنه لا جزاء عليه، والدليل قوله تعالى : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) فقال الله : قد فعلت. فصار متعمداً لإيش؟ للفعل وللإثم، والناسي ليس متعمدا للإثم، فيكون متعمداً للفعل وينسى أنه محرم لكن لم يتعمد الإثم، والجاهل كذلك لو تعمد الفعل لكنه لم يتعمد الإثم. وعليه فقوله : (( متعمداً )) يشمل الأمرين جميعاً أي : متعمداً للفعل، وإيش؟ وللإثم. (( فجزاءٌ )) أي فعليه جزاء (( مثل ما قتل من النعم )) المماثلة هنا المشابهة، وليست الموازنة، فالعبرة بالشكل، إذا كان مثله في الشكل فهو الجزاء، فمثلاً النعامة فيها بدنة بعير، وأيهما أكبر؟ البعير أكبر من النعامة لكنها تشبهها في طول الرقبة السير على الأرض بدون طيران، هذا هو الغالب، ففي النعامة بدنة. طيب، في الحمامة شاة، أين المشابهة؟ يقول المشابهة هنا في الشرب، كيف تشرب الحمامة يا يحيى؟ ما تعرف، كيف تشرب الشاة؟ الطالب : تضع رأسها وتشرب من الماء الشيخ : تضع فمها في وتشرب، هذا كلنا نعرفه، ما نحن نرضعها نجيب رضاعة ونعطيها إياها. طيب، جزاك الله خير. يقولون: الشاة تشرب عباً، أتدري ما العب؟ تشرب مص، تمص مصاً حتى تروى، الحمامة كذلك تعب الماء عباً، فالمشابهة الآن مشابهة خفية ما الكل يعرفها ، يعني لو عرفنا كيف تشرب الشاة ما عرفنا كيف تشرب الحمامة. الدجاجة سبحان الله ما تشرب عباً، وإنما تشرب جرعاً، يعني جرعة جرعة، تضع منقارها في الماء وتسحب من الماء ما يملأ فمها ثم تنزله إلى الحوصلة ثم تعود وتشرب، الحمامة أبداً ما ترفع رأسها حتى تروى، الشاة كذلك. المهم أن الواجب على من قتل صيداً وهو حرم إيش؟ جزاء، عليه جزاء مثل ما قتل من النعم.
الشيخ : إلى أين نرجع في معرفة المشابهة ؟ قال العلماء : يرجع في ذلك إلى ما قضت به الصحابة، فما قضت به الصحابة وجب تنفيذه لقوله تعالى : (( يحكم به ذوا عدل منكم )) فإذا حكم به الصحابة وقالوا: إن النعامة تشبه البدنة قلنا : خلاص، ما فيه تأويل ولا رجوع. طيب، الضب وش فيه؟ الضب فيه جدي، يعني ولد ماعز صغير، الوبر كذلك، الفأرة الطالب : ليست صيداً الشيخ : ليست صيداً لماذا؟ لأنها حرام، كل ما أمر بقتله من الدواب فهو حرام. (( يحكم به ذوا عدل منكم )) وقوله : (( ذوا عدل )) أي صاحبا عدل، أي : ثقات، ولكن لا بد من إضافة شيء آخر، وهو الخبرة، وهذا الشرط معلوم من كلمة يحكم، لأنه لا يمكن أن يحكم إلا بخبرة، فلا بد من شرطين: أن يكون عنده خبرة، والثاني: أن يكون عدلاً. الصحابة رضي الله عنهم كلهم عدول، وأما الخبرة فبعضهم ذو خبرة وبعضهم ليس له خبرة في مثل هذه الأمور، فيرجع إلى صاحب الخبرة الأمين. (( هدياً بالغ الكعبة )) يعني حال كون الجزاء هدياً (( بالغ الكعبة )) أي بالغ المسجد الحرام، ولذلك يجب جزاء الصيد أن يكون في مكة ولو كان الإنسان قتله في بدر، لأن الله صرح (( هدياً بالغ الكعبة )) هذه واحدة. (( أو كفارةٌ طعام مساكين )) فعليه جزاءٌ مثل ما قتل أو كفارة يعني عليه كفارة طعام مساكين، كيف ذلك؟ لو أن أحداً من العلماء قال (( كفارة طعام مساكين )) أي طعام ثلاثة مساكين أو ستة مساكين كما في فدية الأذى، إن كان أحد من العلماء قال بهذا فقوله هو الصواب، لكن الفقهاء يقولون يقوم هذا المثل من النعم بدارهم ويشترى بها طعام يطعم به المساكين، كل مسكين له مد بر أو نصف صاع من غيره، وقيل: الذي يقوم هو الصيد، لأن هذا الصيد هو المتلف فيقوم الصيد لأنه الأصل، والقائلون بأن الذي يقوم المثل يقولون لأنه هو الواجب. (( أو عدل ذلك صياماً )) يعني أو ما يعادل ذلك من الصيام، الصيام كل إطعام مسكين يعادل يوماً، ولهذا في كفارة الظهار: صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً، بالترتيب، وعلى هذا فإذا قدرنا أن قيمة هذا الجزاء تساوي ألف ريال، وأن إطعام كل مسكين بريال، كم يصوم؟ ألف يوم، يصوم ألف يوم، وهذه أيضاً محل بحث، هل المراد (( أو عدل ذلك صياماً )) ما يعادل إطعام المساكين الستة أو الثلاثة ، إن كان الأمر كذلك فالأمر سهل، لكن إن كان الأمر آلافاً ففيه شيء من الصعوبة، والمسألة عندي تحتاج إلى تحرير، وكل يوم أقول سأفعل، ولكن قدر الله وما شاء فعل. طيب (( ليذوق وبال أمره )) اللام للتعليل، والتعليل يفيد الحكمة، وهو أن جميع أفعال الله تعالى مقرونة بالحكمة، (( وبال أمره )) أي: عاقبة أمره. (( عفا الله عما سلف )) الحمد لله، عفا الله عما سلف لأنه كان قبل الحكم، فيعفو الله عنه. (( ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام )) من عاد بعد أن علم الحكم فالله ينتقم منه.
فوائد الآية : (( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ... ))
الشيخ : وفي هذا دليل على شدة احترام الحرم المكي، وأن من قتل فيه متعمداً فعليه الجزاء وإن عاد بعد هذا الحكم فينتقم الله منه، والله عزيز ذو انتقام، فتأمل كيف ينتقم الله ممن قتل صيداً، فكيف بمن قتل إنساناً؟! ثم كيف بمن قتل ديناً؟! أولئك القوم الذين في مكة، منهم من يحارب الدين، ليس يسل السيف ويحارب، لكن بالأخلاق السيئة والكتابات السيئة في الصحف والجرائد، ولست أريد أن أهل مكة معظمهم، لا، فيهم ناس يقتلون الدين والمعنويات، كما أن البلاد الأخرى فيها أناس، لكن الثوب النظيف يكون العيب فيه أوضح وأبين، ومكة يجب أن تكون أم القرى في الدين والعبادة والخلق والنصح وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة.
تتمة شرح الآية : (( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ... ))
الشيخ :(( ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام .أحل لكم صيد البحر وطعامه ))(( أحل )) المحل هو الله عز وجل، ولم يسم للعلم به، (( صيد البحر وطعامه )) قال ابن عباس رضي الله عنهما : " صيد البحر ما صيد حياً، وطعامه ما وجد ميتاً " فأباح الله لنا ونحن حرم صيد البحر وطعامه، أي ما أمسكناه حياً، او ما وجدناه ميتاً، ويحتمل أن يكون صيد البحر الحيوان كالسمك والحوت، طعامه ما يوجد فيه من الأشجار التي فيها أحياناً أدوية فيها مصالح فيها شيء كثير، ويكون عموم قوله : (( صيد البحر )) شاملاً للحي والميت. وعلى كل حال صيد البحر سواء كان حياً أو ميتاً، كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الطهور بماء البحر فقال : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ). (( متاعاً لكم وللسيارة )) متاعاً لكم أيها المقيمون، وللسيارة أيها المسافرون. (( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً )) أي في حرم أو إحرام، وعرفتم ما هو صيد البر. (( واتقوا الله الذي إليه تحشرون )) في هذا أمر ووعيد، الأمر في قوله : (( اتقوا ))، الوعيد في قوله : (( الذي إليه تحشرون )) فإذا علم الإنسان أنه سيحشر إلى الله فإنه سوف يستقيم لأنه يخشى من هذا الحشر إلى الله عز وجل.
بعض الناس في مكة وفي المدينة يفخر بأنه يعيش فيها ومع ذلك يعمل كثير من المعاصي ؟
السائل : عفا الله عنك، معروف في مكة والمدينة بعض الناس يفخر أنه فيها ويعمل معاصي يا شيخ؟ الشيخ : نسأل الله العافية، هذا غلط، المكان لا يسعد الكائن، السعادة بتقوى الله عز وجل ، والقرب من قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفع القريب، الذي ينفع اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن هذا جهل من جهل الناس، يقول خلاص أنا من أهل مكة وفي جوار الله عز وجل ثم يتهاون بالمعاصي، إذا كنت من أهل مكة فاحترمها أكثر وكذلك يقال في المدينة.
السائل : يقولون يا شيخ في المدينة بعض الناس يقول النائم فيها خير من العابد في غيرها؟ الشيخ : إي، إذا صح الكلام هذا طيب، الواحد يصير ينام الليل والنهار بالمدينة ويقول خلاص أحسن من العبادة. هو النوم لا شك أنه إذا كان للتقوي على طاعة الله صار عبادة.
من استدل على أن المضاعفة لأجر الصلاة في كل الحرم بقوله (( هدياً بالغ الكعبة )) ؟
السائل : من استدل على أن المضاعفة في الصلاة عامة لجميع الحرم بقوله (( هدياً بالغ الكعبة )) مع أنه لا يبلغها نفسها؟ الشيخ : وين المسجد الحرام، ما ذكر، التضعيف إنما جاء في المسجد الحرام، ما جاء في الكعبة. السائل : لأن الدم لا يخرج حدود الحرم الشيخ : إي نعم، لكن ما في الآن ذكر للحرم إطلاقاً، هذا ذكر للكعبة، هذه واحدة. الشيء الثاني: كيف نعارض حدينا صحيحاً صريحاً بمثل هذه التأويلات الباردة؟ أليس الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة ) صريح. وأنا أقول لكم بارك الله فيكم: احملوا المتشابه على المحكم، النصوص القرآنية والنبوية فيها محكم ومتشابه، لا تتبعوا المتشابه بناء على أذواقكم وأهوائكم، اتبعوا المحكم، هذا نص محكم ما فيه إشكال، لكن أنا أقول: لا شك أن الصلاة داخل حدود الحرم أفضل من الصلاة في الحل بدليل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما نزل الحديبية صار مستقراً في الحل لكن يصلي في الحرم، وفرق بين الفضل المطلق والفضل المقيد، نحن نقول: الحرم أفضل من غيره مطلقاً، أما المقيد بمائة ألف صلاة فهذا خاص بالمسجد. وأقول أيضاً: إذا امتلأ المسجد واصطف الناس خارج حدود المسجد فالأجر واحد. الشيخ : تقدم لنا الكلام على الآيات التي ذكرها البخاري رحمه الله في جزاء الصيد، وشرحناها، وكأنه رحمه الله لم يكن عنده حديث موصول في هذه المسألة فترك ذكر الأحاديث.
باب : إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله ولم ير بن عباس وأنس بالذبح بأسا وهو في غير الصيد نحو الإبل والغنم والبقر والدجاج والخيل يقال عدل ذلك مثل فإذا كسرت عدل فهو زنة ذلك (( قياما )) : قواما . (( يعدلون )) : يجعلون عدلا .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب جزاء الصيد: "باب إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله"، ( ولم ير بن عباس وأنس بالذبح بأساً وهو في غير الصيد نحو الإبل والغنم والبقر والدجاج والخيل )، يقال: عدل ذلك مثل، فإذا كسرت عدل فهو زنة ذلك (( قياماً )) : قواما . (( يعدلون )) : يجعلون عدلاً. الشيخ : باب " إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله " ظاهر كلام البخاري رحمه الله في هذه الترجمة، انه يأكله مطلقاً، ولكن الصواب أن في ذلك تفصيلاً، فإن صاده الحلال للمحرم حرم على المحرم، لأنه إنما صيد لأجله فهو الأثر في صيده، وإن صاده الحلال لنفسه وأطعم منه الحرام أي المحرم فإن ذلك جائز، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة. وإن كان بعض العلماء قال: إن الصيد حرام على المحرم سواء صاده هو أو صيد له أو صاده حلال فأطعمه، ولكن الصواب التفصيل. ويدل لهذا التفصيل حديث جابر رضي الله عنه في السنن : ( صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم ) وهذا واضح في التفصيل. أما أصل المسألة فيدل عليها حديث أبي قتادة رضي الله عنه وحديث الصعب بن جثامة، فإن أبا قتادة صاد حماراً وحشياً فأكله وأكل أصحابه، وأما الصعب بن جثامة فإنه أتى بما صاده للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرده وقال : ( إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم ) ومعلوم أن الصعب بن جثامة إنما ذهب ليصيد للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث نزل عليه ضيفاً.
حدثنا معاذ بن فضالة حدثنا هشام عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة قال ( انطلق أبي عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم يحرم وحدث النبي صلى الله عليه وسلم أن عدواً يغزوه فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم فبينما أنا مع أصحابه تضحك بعضهم إلى بعض فنظرت فإذا أنا بحمار وحش فحملت عليه فطعنته فأثبته واستعنت بهم فأبوا أن يعينوني فأكلنا من لحمه وخشينا أن نقتطع فطلبت النبي صلى الله عليه وسلم أرفع فرسي شأواً وأسير شأواً فلقيت رجلاً من بني غفار في جوف الليل قلت أين تركت النبي صلى الله عليه وسلم قال تركته بتعهن وهو قائل السقيا فقلت يا رسول الله إن أهلك يقرءون عليك السلام ورحمة الله إنهم قد خشوا أن يقتطعوا دونك فانتظرهم قلت يا رسول الله أصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة فقال للقوم كلوا وهم محرمون )
القارئ : حدثنا معاذ بن فضالة، حدثنا هشام، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، قال: ( انطلق أبي عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم يحرم، وحُدث النبي صلى الله عليه وسلم أن عدوا يغزوه، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما أنا مع أصحابه يضحك بعضهم إلى بعض، فنظرت فإذا أنا بحمار وحش، فحملت عليه، فطعنته، فأثبته، واستعنت بهم فأبوا أن يعينوني، فأكلنا من لحمه وخشينا أن تُقتطع، فطلبت النبي صلى الله عليه وسلم، أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا، فلقيت رجلاً من بني غفار في جوف الليل، قلت: أين تركت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: تركته بتعهن، وهو قائل السقيا، فقلت: يا رسول الله، إنّ أهلك يقرءون عليك السلام ورحمة الله، إنهم قد خشوا أن يُقتطعوا دونك فانتظرهم، قلت: يا رسول الله، أصبت حمار وحش، وعندي منه، فاضلة؟ فقال للقوم: كلوا وهم محرمون ). الشيخ : وحمل ذلك على أن أبا قتادة إنما صاده لنفسه، وإن كان يعرف أن أصحابه سيأكلون لكن ما صاده لهم، وفرق ما يصاد للشخص نفسه وما يصيده الإنسان لنفسه على أنه سيطعم منه من يطعم، أليس كذلك؟ الفرق واضح، إذا صاده له معناه أنه تعين له، إذا صاده لنفسه وهو يعرف أنه سيأكل معه من يأكل فهو ما صاده لأجله، ولذلك تجده في ضميره لا يضمر عشرة ولا عشرين ولا زيداً ولا عمراً، وهذا واضح في جواز أكل المحرم ما صاده الحلال. فإن قال قائل: لماذا لم يحرم أبو قتادة ؟ فالجواب لأنهم ينتظرون عدواً فيخشى أن يحتاج إلى القتال ، فإذا كان محرماً منعه ذلك بعض الشيء.
حدثنا سعيد بن الربيع حدثنا علي بن المبارك عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة أن أباه حدثه قال ( انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم فأنبئنا بعدو بغيقة فتوجهنا نحوهم فبصر أصحابي بحمار وحش فجعل بعضهم يضحك إلى بعض فنظرت فرأيته فحملت عليه الفرس فطعنته فأثبته فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني فأكلنا منه ثم لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وخشينا أن نقتطع أرفع فرسي شأواً وأسير عليه شأواً فلقيت رجلاً من بني غفار في جوف الليل فقلت أين تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تركته بتعهن وهو قائل السقيا فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيته فقلت يا رسول الله إن أصحابك أرسلوا يقرءون عليك السلام ورحمة الله وبركاته وإنهم قد خشوا أن يقتطعهم العدو دونك فانظرهم ففعل فقلت يا رسول الله إنا اصدنا حمار وحش وإن عندنا فاضلةً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وهم محرمون )
القارئ : حدثنا سعيد بن الربيع، حدثنا علي بن المبارك، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة، أن أباه، حدثه قال: ( انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأحرم أصحابه ولم أحرم، فأنبئنا بعدو بغيقة، فتوجهنا نحوهم، فبصر أصحابي بحمار وحش، فجعل بعضهم يضحك إلى بعض، فنظرت فرأيته، فحملت عليه الفرس فطعنته فأثبته، فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني، فأكلنا منه، ثم لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وخشينا أن نقتطع، أرفع فرسي شأواً وأسير عليه شأواً، فلقيت رجلاً من بني غفار في جوف الليل، فقلت له: أين تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: تركته بتعهن، وهو قائل السقيا، فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيته، فقلت: يا رسول الله، إن أصحابك أرسلوا يقرءون عليك السلام ورحمة الله وبركاته، وإنهم قد خشوا أن يقتطعهم العدو دونك فانظرهم، ففعل، فقلت: يا رسول الله إنا أصدنا حمار وحش، وإن عندنا فاضلة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا وهم محرمون ). الشيخ : مثل الأول.
حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان حدثنا صالح بن كيسان عن أبي محمد نافع مولى أبي قتادة سمع أبا قتادة رضي الله عنه قال ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة من المدينة على ثلاث ) ح و حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة رضي الله عنه قال ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة ومنا المحرم ومنا غير المحرم فرأيت أصحابي يتراءون شيئاً فنظرت فإذا حمار وحش يعني وقع سوطه فقالوا لا نعينك عليه بشيء إنا محرمون فتناولته فأخذته ثم أتيت الحمار من وراء أكمة فعقرته فأتيت به أصحابي فقال بعضهم كلوا وقال بعضهم لا تأكلوا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمامنا فسألته فقال كلوه حلال ) قال لنا عمرو اذهبوا إلى صالح فسلوه عن هذا وغيره وقدم علينا ها هنا .
القارئ : حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا سفيان، حدثنا صالح بن كيسان، عن أبي محمد نافع، مولى أبي قتادة، سمع أبا قتادة رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة من المدينة على ثلاث ح وحدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا صالح بن كيسان، عن أبي محمد، عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بالقاحة، ومنا المحرم، ومنا غير المحرم، فرأيت أصحابي يتراءون شيئاً، فنظرت، فإذا حمار وحش يعني وقع سوطه، فقالوا: لا نعينك عليه بشيء، إنا محرمون، فتناولته، فأخذته ثم أتيت الحمار من وراء أكمة، فعقرته، فأتيت به أصحابي، فقال بعضهم: كلوا، وقال بعضهم: لا تأكلوا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمامنا، فسألته، فقال: كلوه، حلال ). قال لنا عمرو: اذهبوا إلى صالح فسلوه عن هذا وغيره، وقدم علينا هاهنا.
الشيخ : هذا فيه دليل على أن المحرم لا يعين المحل في قتل الصيد، لأن الصحابة رضي الله عنهم لما سقط رمح أبي قتادة قال: ناولوني إياه، فأبوا، لأن الإعانة على المحرم حرام، وهؤلاء يحرم عليهم الصيد. فإن قال قائل : أليس الصيد حلالاً لأبي قتادة؟ فالجواب : بلى. فيقول: إذن هم أعانوه على حلال له؟ فالجواب : أنهم شاركوه في إتلاف هذا الصيد، ما هو مجرد إعانة ، لأنهم أدنوا له الرمح. إذن نأخذ من هذا أنه إذا ساعد المحرم حلالاً في قتل الصيد حرم عليهم على المعين وعلى غير المعين، لأنه اجتمع مبيح وحاظر فغلب جانب الحظر، وإذا صيد من أجله من أجل المحرم حرم على محرم دون غيره، وإذا صاده الصائد لنفسه فهو حلال للمحرم على كل حال.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة حدثنا عثمان هو ابن موهب قال أخبرني عبد الله بن أبي قتادة أن أباه أخبره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجاً فخرجوا معه فصرف طائفةً منهم فيهم أبو قتادة فقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقي فأخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتاناً فنزلوا فأكلوا من لحمها وقالوا أنأكل لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحم الأتان فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله إنا كنا أحرمنا وقد كان أبو قتادة لم يحرم فرأينا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتاناً فنزلنا فأكلنا من لحمها ثم قلنا أنأكل لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقي من لحمها قال أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها )
القارئ : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عثمان هو ابن موهب، قال: أخبرني عبد الله بن أبي قتادة، أن أباه، أخبره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجاً، فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة، فقال: خذوا ساحل البحر حتى نلتقي فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتاناً، فنزلوا فأكلوا من لحمها، وقالوا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحم الأتان، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، إنا كنا أحرمنا، وقد كان أبو قتادة لم يحرم، فرأينا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة، فعقر منها أتاناً، فنزلنا، فأكلنا من لحمها، ثم قلنا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحمها، قال: أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟ قالوا: لا، قال: فكلوا ما بقي من لحمها ). الشيخ : اللهم صل وسلم عليه. هذا واضح أنهم لو قالوا نعم لمنعهم، لأن قوله : ( كلوا من لحمها ) مبني على قولهم : لا، فلو قالوا: نعم لمنعهم. وهذا واضح في أنه إذا أعان المحرم الحلال على شيء فإنه يحرم عليه. السائل : إذا ضحك المحرم ففطن الحلال أليس هذا إشارة إلى الصيد؟ الشيخ : هم ما ضحكوا للإشارة إليه، ما ضحكوا من أجل أن ينبهوه، فيما بينهم، ولعل الحمار هذا يفعل أشياء تضحك، وإلا فلا يظهر لي أنه مجرد ما رأوه يضحكون، لكن لعله يقفز أو يتدحرج أو يفعل أشياء تضحك.
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي (أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم )
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس، ( عن الصعب بن جثامة الليثي: أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمار وحشياً، وهو بالأبواء، أو بودان، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم ).
الشيخ : كلام البخاري رحمه الله في ترجمته يدل على أن الصعب رضي الله عنه أهدى الحمار حياً، فلم يقبله النبي صلى الله عليه وعلى آهل وسلم وقال : ( إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم )، فعلم منه أنه لو كانوا حلالاً لقبله. وفي هذا الحديث تغير وجه الإنسان إذا ردت هديته، وهذا إذا كان صادقاً في إهدائه، أما إذا كان مجاملاً أو خجلاً فإنه إذا ردت عليه الهدية يتغير وجهه بالفرح، فلكل مقام مقال، إذا علمت أن هذ الرجل أهدى إليك حياء وأنك لو رددت عليه وتعذرت بأي عذر فرح بهذا وقبل فلا حرج أن ترد ، وإلا فلا، اقبل، وإذا علمت من صاحبك الذي أهدى إليك أنه فقير مثلاً فاردد عليه من النفقة والدراهم ما يقابل هديته، لتجمع بين الحسنيين بين قبول هبته وبين رد نفقته.
ما الفرق بين الحي والميت حتى لايقبل الحي ويقبل الميت ؟
السائل : شيخ الله يحفظكم ، ما الفرق بين الحي والميت مع أنه لو أهدي للمحرم وقد صيد من أجله يحرم عليه؟ الشيخ : هذا الحديث فيه خلاف، فبعض الرواة يقول : إنه أهداه ميتاً، حتى قال إنه جاء به يقطر دماً، وبعضهم قال إنه حي، وبعد ما نستكمل الروايات سنتكلم عليه إن شاء الله.
السائل : أحسن الله إليكم بعض الناس يهدي ويطلب الزيادة يقدم هدية لأحد ويطلب منه زيادة . الشيخ : ما يجوز هذا، قال الله تعالى : (( ولا تمنن تستكثر )). السائل : ... الشيخ : ولغيره أيضاً، هذا من سوء الأدب، لكن لو فعل أحد هذا ، فمن أحسن ما يكون أن يقول له المهدى إليه تفضل خذ هديتك فكني من شرك. السائل : ... الشيخ : هذه يسمونها هبة الثواب، وهي بمعنى البيع، فلا يجوز أن المهدي يرغم المهدى إليه بشيء يريده وذاك لا يريده. ولكن هل هذا يقع يا عبدالرحمن؟ السائل : إي هذا عندنا موجود يفعلونه مع السلاطين.إذا جاء السلطان قدموا له شيء الشيخ : وقالوا أعطنا ؟ السائل : ... الشيخ : عجيب. نعم ، ما تكلم على حديث الصعب الشارح ؟ القارئ : تكلم. الشيخ : ماذا قال؟
" قراءة من فتح الباري لابن حجر " القارئ : "قوله: ( حماراً وحشياً ) لم تختلف الرواة عن مالك في ذلك، وتابعه عامة الرواة عن الزهري، وخالفهم بن عيينة عن الزهري فقال: لحم حمار وحش، أخرجه مسلم لكن بيّن الحميدي صاحب سفيان أنه كان يقول في هذا الحديث: حمار وحش، ثم صار يقول لحم حمار وحش، فدل على اضطرابه فيه، وقد توبع على قوله: لحم حمار وحش من أوجه فيها مقال، منها: ما أخرجه الطبراني من طريق عمرو بن دينار عن الزهري لكن إسناده ضعيف، وقال إسحاق في مسنده: أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن الزهري فقال لحم حمار، وقد خالفه خالد الواسطي عن محمد بن عمرو فقال حمار وحش كالأكثر، وأخرجه الطبراني من طريق بن إسحاق عن الزهري فقال: رِجلَ حمار وحش، وابن إسحاق حسن الحديث إلا أنه لا يحتج به إذا خولف، ويدل على وهم من قال فيه عن الزهري ذلك ابن جريج، قال: قلت للزهري الحمار عقير؟ قال: لا أدري، أخرجه بن خزيمة وابن عوانة في صحيحيهما. وقد جاء عن بن عباس من وجه آخر أن الذي أهداه الصعب لحم حمار فأخرجه مسلم من طريق الحاكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أهدى الصعب إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل حمار، وفي رواية عنده عجز حمار وحش يقطر دماً، وأخرجه أيضاً من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد قال تارة: حمار وحش، وتارة: شق حمار. ويقوي ذلك ما أخرجه مسلم أيضاً من طريق طاوس عن بن عباس قال: قدم زيد بن أرقم فقال له عبد الله بن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام؟ قال: أهدي له عضو من لحم صيد فرده، وقال: ( إنا لا نأكله إنا حرم ). وأخرجه أبو داود وبن حبان من طريق عطاء عن بن عباس أنه قال: يا زيد بن أرقم، هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره، واتفقت الروايات كلها على أنه رده عليه إلا ما رواه ابن وهب والبيهقي من طريقه بإسناد حسن من طريق عمرو بن أمية ( أن الصعب أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل القوم )، قال البيهقي: إن كان هذا محفوظاً فلعله رد الحي وقبل اللحم. قلت: وفي هذا الجمع نظر لما بينته، فإن كانت الطرق كلها محفوظةً فلعله رده حياً لكونه صيد لأجله، ورد اللحم تارة لذلك، وقبله تارةً أخرى حيث علم أنه لم يصد لأجله، وقد قال الشافعي في الأم: إن كان الصعب أهدى له حماراً حياً فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حي، وإن كان أهدى له لحماً فقد يحتمل أن يكون علم أنه صيد له، ونقل الترمذي عن الشافعي أنه رده لظنه".. الشيخ : هذا الاحتمال متعين، لأن الصعب رضي الله عنه لما نزل به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكان رجلاً عداءً وصياداً ذهب إلى الجبال وأتى بهذا الحمار، وهذا واضح أنه صاده لأجل النبي صلى الله عليه وسلم. القارئ : " ونقل الترمذي عن الشافعي أنه رده لظنه أنه صيد من أجله فتركه على وجه التنزه، ويحتمل أن يحمل القبول المذكور في حديث عمرو بن أمية على وقت آخر وهو حال رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة، ويؤيده أنه جازم فيه بوقوع ذلك بالجحفة، وفي غيرها من الروايات بالأبواء أو بودان. وقال القرطبي: يحتمل أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحاً، ثم قطع منه عضواً بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقدمه له، فمن قال: أهدى حماراً أراد بتمامه مذبوحاً لا حياً، ومن قال: لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى الله عليه وسلم. قال: ويحتمل أن يكون من قال حماراً أطلق وأراد بعضه مجازاً. قال: ويحتمل أنه أهداه له حياً فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه ظاناً أنه إنما رده عليه لمعنى يختص بجملته فأعلمه بامتناعه أن حكمَ الجزء من الصيد حكم الكل. قال: والجمع مهما أمكن أولى من توهيم بعض الروايات. وقال النووي: ترجم البخاري بكون الحمار حيا، وليس في سياق الحديث تصريح بذلك، وكذا نقلوا هذا التأويل عن مالك، وهو باطل، لأن الروايات التي ذكرها مسلم صريحة في أنه مذبوح انتهى. وإذا تأملت ما تقدم لم يحسن إطلاقه بطلان التأويل المذكور ولا سيما في رواية الزهري التي هي عمدة هذا الباب، وقد قال الشافعي في الأم: حديث مالك أن الصعب أهدى حماراً أثبت من حديث من روى أنه أهدى لحم حمار. وقال الترمذي: روى بعض أصحاب الزهري في حديث الصعب لحم حمار وحش وهو غير محفوظ". الشيخ : سبحان الله، الاختلاف في الروايات من الرواة، وذلك لأن الرواة ينقلون الحديث بالمعنى، غالبهم، يندر من ينقله بلفظه فلذلك تختلف: لحم حمار، أو حمار، وعندي أن هذا ليس فيه اختلاف، لأنه قد يطلق الكل على الجزء كما يقال : أهدى إليه دجاجاً فأكل، لا يلزم أن تكون الدجاجة كاملة بل يطلق على البعض.