قال المصنف :" فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه ومن ترك ركنا غيره أو نيته لم يتم نسكه إلا به " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله : " فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه " ما معنى ترك الإحرام؟ يعني من لم يلبس الثياب؟ من لم يلبس الإزار والرداء؟ نعم؟ لا. من ترك الإحرام يعني النية أي نية الدخول في النسك فإنه لا ينعقد نسكه حتى لو طاف وسعى فإن هذا العمل لاغ كما لو ترك تكبيرة الإحرام في الصلاة لو تركها وأتمّ الصلاة بالقراءة والركوع والسجود والقيام والقعود لكنه لم يكبّر للإحرام فصلاته لاغية لم تنعقد أصلا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى ) وهذا الرجل لم ينو الدخول في النسك فلا يكون داخلا فيه ولكن تصوير هذه المسألة قد يكون صعبا يا جماعة قد يكون صعبا كيف نقول لرجل اغتسل عند الميقات في الميقات ولبس ثياب الاحرام وصلى ركعتين ولبى ونقول إنه لم ينو هذا من أبعد البعيد لكن المسألة فرضية إذا قُدِّر أن شخصا فعل جميع ما يتعلق بالنسك إلا أنه لم ينو نعم فإنه لا ينعقد نسكه وكل أفعاله ذهبت هدرا وإلا من المعلوم أن الإنسان إذا فعل أفعال العبادة لا بد أن يكون قد نواها وذكروا عن ابن عقيل علي بن عقيل من أصحاب الإمام أحمد يعني من أتباعه أن رجلا جاءه وقال له يا سيدي تصيبني الجنابة فأذهب إلى دجلة فأغتسل أنغمس فيها ثم أخرج وأرى أني لم أكن يرتفع حدثي فقال له بن عقيل لا تصلي، لا أصلي سبحان الله، أنا ما غتسلت إلا للصلاة. قال لا تصلي لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رُفِع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يُفيق ) وأنت مجنون تذهب وتخلع ثيابك وتنغمس في الماء ثم تقول ما نويت هذا معقول؟ ليس بمعقول فالظاهر أن الرجل انتقد نفسه وعرف أنه أخطأ خطأ كبيرا ولهذا قال الموفق رحمه الله في كتابه " ذم الموسوسين " أو " ردع الموسوسين " قال إن بعض العلماء قال لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يُطاق صحيح هذا؟
السائل : نعم صحيح.
الشيخ : صحيح لو قيل توضأ لكن ... تنوي الوضوء، صلي ولكن لا تنوي الصلاة ما يمكن صحيح أن الإنسان قد يغيب عنه التعيين ما هو نيته الفعل هو ينوي الفعل لكن يغيب عنه التعيين يجي يصلي يدخل المسجد مثلا لصلاة الظهر ثم يكبر ويصلي لكن يغيب عن ذهنه أنه نوى الظهر مثلا لكن في نيته أنه نوى فرض الوقت ما في إشكال ما نوى صلاة الضحى نوى فرض الوقت إلا أنه غاب عن قلبه تعيين الصلاة فهل يُجزئ أو لا؟ قال بعض العلماء لا تجزئه الصلاة لأنه لا بد من التعيين وقال أحد أصحاب الإمام أحمد وهو بن شاقلة رحمه الله قال : إنه يكفيه أن ينوي فرض الوقت وهذا والحمد لله فيه سعة سعة للناس لأنه كثيرا ما يأتي الإنسان ويصلي لا سيما إذا كان الإمام راكعا فإنه يأتي بسرعة وقد لا ينوي التعيين لكن لو سألته ماذا نويته قال نويت أؤدي الفرض ما فيه إشكال.
نعم، لم ينعقد نسكه نعم يقول ومن ترك ركنا غيره لم يتم نسكه إلا به، إن ترك ركنا غيره أي غير؟
السائل : الإحرام.
الشيخ : الإحرام، لم يتم نُسُكه إلا به، ما وصلنا جزاكم الله خير اصبروا علي، من ترك ركنا غيره لم يتم نسكه إلا به، لو ترك الطواف نسي ولم يطُف طواف الإفاضة نقول إلى الآن لم يتم حجك لا بد أن تطوف فإن كان الركن مما يفوت فالحج لاغي كما لو ترك الوقوف بعرفة حتى خرج فجر يوم العيد فإن الحج انتهى ما عاد يمكنه الأن لو قال أقف يوم العيد أقضي وأنا أسعد بالدليل منكم أنا ناسي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) وأيما أوكد الصلاة أو الحج؟ نقول له؟
السائل : الصلاة.
الشيخ : الصلاة إذًا نسيت إن اليوم تسعة فأقف يوم عشرة قلنا لا يجزئ، قال هذا قياس صحيح أنتم الأن أقررتم بأن الصلاة أوكد فإذا كان يصح قضاء الصلاة فليصح قضاء الوقوف بعرفة ماذا نقول له؟ نقول هذا قياس فاسد الاعتبار لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من أتى ليلة جمع قبل الصبح فقد أدرك ) مفهومه من أتى بعد الصبح فإنه لم يدرك وهذا نص فلا يُقاس مع وجود النص.
طيب إذّا من ترك ركنا لم ينعقد نسكه إلا به، لم يتم نسكه إلا به لكن إن كان الركن يفوت ولا يصح التمثيل إلا بالوقوف فقط فإنه في هذه الحال إيش؟ يفوته الحج وسيأتينا إن شاء الله باب الفوات والإحصار طيب.
وقوله : " أو نيّته " ما هو الركن الذي يُشترط له نيّة هو الطواف والسعي أما الوقوف عند الفقهاء فإنه لا يُشترط له النية والطواف والسعي تُشترط له النية والصحيح أن الطواف والسعي لا تُشترط له النية لأن الطواف والسعي جزء من عبادة مكونة من أجزاء فتكفي النية في أولها كالصلاة بدليل أن المصلي هل يُشترط أن ينوي الركوع؟ أجيبوا؟
السائل : ... .
الشيخ : لا ولا السجود ولا القيام ولا القعود فليس الطواف شيئا مستقلا، الطواف ركن في عبادة فلا تُشترط له النية كإيش؟ كالركوع في الصلاة ويُقال أيضا إذا كنتم لا تشترطون النية في الوقوف وهو أعظم أركان الحج حتى قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الحج عرفة ) فما مثله أو دونه من باب أولى وهذا القول هو الذي رجّحه الشنقيطي في تفسيره وهو الصواب وفيه مصلحة للناس لأن كثيرا من الناس عند الطواف لو سألته ماذا نويت بالطواف قال نويت الطواف ولا على بال إنه للحج أو للعمرة لكن أنا متلبس بالحج على رأي من يشترط النية يقول طوافه غير صحيح وعلى هذا القول الثاني طوافه صحيح وهو الصحيح. نعم طيب.
إذًا نحذف كلمة " أو نيته " لأنه ليس فيه ركن تشترط فيه النية إلا إيش؟
السائل : الطواف.
الشيخ : الطواف والسعي، الإحرام هو نية النسك وسبق أنه لا ينعقد النسك بفواته والوقوف يقول لا يُشترط له نيّة بقي الطواف والسعي والصحيح أنه لا تُشترط لهما نية أي نية التعيين. وإلا معلوم ما جاء يطوف إلا ينوي. نعم.
" لم يتم نسكه إلا به " يعني إذًا الذي لا يُشترط هو نية التعيين أنه طواف للحج أما نية الطواف فلا بد منها، انتبهوا لأنه لا بد من أن ينوي الطواف لكن كونه للحج ما هو شرط، لو طاف ولا على قلبه نية أنه للحج أو للعمرة فطوافه صحيح أما لو أنه حُمّل غصبا عليه وطيف به وهو لا ينوي هل يصح طوافه؟
السائل : لا يصح.
الشيخ : هذا لا يصح معلوم لأنه ما نوى.
يقول " لم يتم نسكه إلا به ".