وحدثني محمد بن حاتم حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عمر بن أبي زائدة عن الشعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه أنه وضأ النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ومسح على خفيه فقال له فقال إني أدخلتهما طاهرتين. حفظ
القارئ : وحدثني محمد بن حاتم حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عمر بن أبي زائدة عن الشعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه : ( أنه وضأ النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ومسح على خفيه فقال إني أدخلتهما طاهرتين ).
الشيخ : هذه أحاديث المسح على الخفين عن جرير والمغيرة وغيرهما من الصحابة وقد سبق أن أحاديث المسح على الخفين متواترة لكنها من باب التواتر المعنوي
المسح على الخفين سبق أن قلنا إنه دل عليه القرآن ودلت عليه السنة وهو من عقائد أهل السنة والجماعة عند بعض أهل العلم ولكن لا بد فيه من شروط:
الشرط الأول : أن يلبسهما على طهارة بالماء لا على طهارة تيمم ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة : ( إني أدخلتهما طاهرتين ) وهذا يدل على أنه تطهر طهارة تتعلق بالقدمين ومعلوم أن التيمم لا يتعلق بالقدمين ولهذا قال العلماء لو لبسهما على طهارة تيمم لم يمسح، لأن طهارة التيمم لا علاقة لها بالقدمين
الشرط الثاني : أن يكون ذلك في الحدث الأصغر لا في الجنابة ويدل لهذا حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم ) فقال : ( إلا من جنابة ) وعلى هذا إذا كان على الإنسان خفان وأصابته جنابة فلا بد أن يخلعهما ويغسل القدمين هذا من جهة الدليل من جهة التعليل أن طهارة الجنابة ليس فيها شيء يمسح حتى الرأس الذي كان يمسح بالوضوء للجنابة لا يمسح يجب أن يغسل فإذا كان المسح الأصلي لا يوجد في طهارة الجنابة فالمسح الفرعي من باب أولى طيب
الشرط الثالث: أن يكون في المدة المحددة شرعاً وهي للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها تبتدأ هذه المدة من أول مرة مسح بعد الحدث لا من اللبس كما قيل به ولا من الحدث كما قاله كثير من العلماء ولكن من المسح بعد الحدث نعم الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يمسح المقيم يوماً وليلة ) أمرنا أن نمسح على خفافنا يوما وليلة ولا يتحقق المسح إلا بفعله ووجوده والمسألة فيها أقوال ثلاثة قول شاذ لا ينقله إلا النادر من العلماء وهو أن ابتداء المدة من اللبس وقول عليه كثير من العلماء وهو أن ابتداء المدة من الحدث بعد اللبس والقول الثالث من المسح بعد الحدث وهذا القول هو الراجح ويظهر أثر الخلاف في رجل لبس خفيه لصلاة الفجر وأحدث في منتصف الضحى ومسح بعد زوال الشمس فعلى القول الأول تبتدأ المدة من الفجر وعلى الثاني من منتصف الضحى وعلى الثالث من بعد الزوال وهذا القول هو الراجح
الشرط الرابع : أن يكونا طاهرين أي الخفان فلا يصح المسح على خف نجس كجلد الكلب والسباع وما أشبه ذلك، لأنه نجس فلا يزيد المسح عليه إلا تلوثاً أما إذا كان متنجساً فإن كانت النجاسة في الأسفل فالمسح عليه جائز لكن لا يصلي به فينتفع بالمسح في قراءة القرآن مثلاً أو في مس المصحف أو ما أشبه ذلك وأما الصلاة فلا يصلي في خف متنجس كما لا يصلي في خف نجس وهل يسقط تقدير المدة عند الحاجة أو لا بد من الخلع وغسل الرجل إذا تمت المدة؟ يرى بعض العلماء أنه إذا دعت الحاجة إلى الاستمرار بأن خاف الإنسان من الضرر فلا مدة وإلا فالمدة باقية ويرى آخرون من العلماء أنه لا مدة مطلقاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( سأله قال : أمسح يوماً ؟ قال : نعم قال : يومين؟ قال : نعم قال : ثلاثة ؟ قال : نعم وما شئت ) والقول الثاني الذي ذكرناه أنه إذا دعت الحاجة إلى الاستمرار في المسح هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله وقال لو فرض أن إنساناً في أرض باردة جداً بحيث لو خلع الخفين وغسل الرجل لسقطت أصابعه أو تضرر فإنه في هذه الحالة لا تتقدر المدة بل له أن يمسح حتى يزول الضرر وكذلك في البريد أفتى رحمه الله ساعي البريد أن يمسح ما شاء والبريد في عهده وقبل عهده وإلى عهد قريب كانوا يرتبون الذين يذهبون بالرسائل يرتبونهم في السفر يقول مثلاً أنت تسعى من البلد إلى مقدار بريد والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أمثال فإذا بلغ البريد وإذا برجل آخر يأخذ الرسائل، لأنهم يسعون على الخيل ويركبونها ليكون أسرع في بلوغ الرسائل فإذا وصل إلى البريد الثاني أخذها الثالث وهلم جرا حتى يصل إلى البلد الأخرى قال فإذا كان ساعي البريد يحتاج إلى أن يسير بدون توقف فإنه يسقط عنه التوقيت لدعاء الحاجة لذلك وهذا القول يعتبر بعض قول من يقول إنه لا تقدير للمدة مطلقاً وليس هذا القول ببعيد، لأننا نقول إذا كان يتضرر بخلع الخف وغسل الرجل فإنها تشبه الجبيرة من بعض الوجوه، لأن الجبيرة خرقة يشدها على جرح أو على كسر يتضرر بحلها فيمسحها فهذه شروط المسح على الخفين وأما اشتراط أن يكون الخف مباحاً أو اشتراط ألا يكون خفيفاً أو اشتراط ألا يكون فيه خرق فكل هذا لا دليل عليه والأصل بقاء المطلق على إطلاقه إلا بدليل يقيده فما دامت السنة جاءت بالمسح على الخفين بدون تقييد فلا ينبغي لنا أن نقيد لأن التقييد وإدخال الشروط يعني التضييق على العباد ولهذا قيل : كلما كثرت الشروط قل الوجود نعم.