تتمة شرح باب حكم ولوغ الكلب في الماء. حفظ
الشيخ : صلى الله عليه وسلم بغسل ما ولغ فيه سبع مرات إحداها بالتراب ثانياً نجاسته مغلظة، لأنه لم يرد في السنة أن نجاسة غيره من النجاسات تغسل سبع مرات أبداً وأما ما يروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ( أمرنا بغسل الأنجاس سبعاً ) فهذا لا صحة له وهل يلحق الخنزير بالكلب وتكون نجاسته مغلظة بعض الفقهاء ألحق نجاسة الخنزير بالكلب وقال إن الخنزير أخبث والصواب أنه لا يلحق، لأن الخنزير موجود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يأمر بغسل نجاسته سبع مرات فالصواب أن الخنزير كغيره من السباع ومنها أيضاً هل تلحق عذرته وبوله ودمه وما أشبه ذلك بولوغه أو لا؟ أما من تمسك بظاهر اللفظ فإنه يقول لا تلحق، لأنه من المعروف أن الكلاب تبول وتروث ولم يلحق النبي صلى الله عليه وسلم البول والروث بالولوغ هذا من الناحية الفقهية ومن الناحية الطبية قالوا إن ريقه فيه خصوصية وهي شريطة في اللعاب هذه الشريطة تعلق في الإناء علوقاً تاماً لا يزيلها إلا التراب وهذه الشريطة إذا دخلت في بطن الإنسان فإنها تأكل المعدة وعلى هذا فيقتصر الحكم على الولوغ فقط ولكن القياسيين من الفقهاء يقولون إذا كان هذا في ريقه فبوله وعذرته أخبث فتكون من باب أولى وهذا القول أحوط فينبغي أن يلحق بقية فضلاته بريقه، وهل إذا عدم التراب أو وجد التراب يقوم مقامه غيره؟ بمعنى أن نأتي بإشنان أو سدر أو صابون أو منظف هل يكفي عن التراب؟ قال بعض أهل العلم يكفي ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر التراب لأنه أيسر وفي عهده ليست الأمور كالعهد الذي بعده انفتحت الدنيا على الناس وكثرت الأموال فالتراب أيسر ما يكون فإذا وجد ما يقوم مقامه في الإزالة فإن الشريعة الكاملة لا تفرق بين متماثلين وبناء على ذلك يقوم الإشنان والصابون والمزيل وغيرها من الكيماويات التي هي أقوى في التطهير من التراب مقام التراب وقال بعض أهل العلم لا يقوم غير التراب مقام التراب، لأن التراب أحد الطهورين فإن الإنسان الذي لا يجد الماء يتيمم بإيش؟ بالتراب ولعل هناك خاصية تختص بالتراب لا تزول آثار نجاسة الكلب إلا بها ولا شك أن هذا القول أحوط وأبرأ للذمة لكن إذا عدم التراب فلا شك أن غسل المحل بهذه المنظفات أولى من عدم غسلها، لأنه إذا عدم التراب ووجدت هذه الأشياء المزيلة يبقى الإنسان متردداً بين أن يقتصر على الماء أو يضيف إليه هذه المنظفات وإضافة هذه المنظفات إن لم تنفع فإنها لا تضر ثم حديث عبد الله بن مغفل قال : ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ) هذا في أول الأمر ثم قال : ( ما بالهم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم ) نعم كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر أمر بقتل الكلاب فكانت الأنثى تقدم من البادية بكلبها كلب ماشيتها فيقوم الناس إليه ويقتلونه ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن ذلك ونهى عن قتل الكلاب إلا الأسود فإنه شيطان وفي هذا دليل على ثبوت النسخ وأن الأحكام الشرعية يجوز نسخها وهو كذلك فالنسخ واقع في الشريعة جائز عقلاً ولا مانع منه أما وقوعه في الشريعة فجاء في القرآن وجاء في السنة وأما جوازه عقلاً فلأن أحكام الله سبحانه وتعالى مبنية على الحكمة وقد يكون الحكم في هذا الزمن هو الأنسب للأمة وفي زمن آخر الأنسب سواه وقد يكون الحكم في هذه الحال أنسب للأمة والحكم في حال أخرى أنسب للأمة فالأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمصالح تختلف باختلاف الأحوال والأزمان والأمكنة فكان مقتضى العقل أيضاً كما هو مقتضى الشرع جواز النسخ خلافاً لليهود الذين يقولون أنه لا يمكن أن ينسخ الله شيئاً بشيء والغريب أنهم يقولون ذلك وهم يقرون بالنسخ في شريعتهم (( كل الطعام كان حلا بني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة )) ثم جاءت التوراة وحرمت أشياء لم يحرمها إسرائيل وهذا نسخ ثابت في شريعتهم ثم شريعتهم أيضاً ناسخة أيضا للشريعة التي قبلها في قومهم فالحاصل أننا نثبت النسخ شرعاً نقول هم واقع شرعاً جائز عقلاً وأظن أكثركم يعلم الأمثلة في القرآن في سورة البقرة قال الله تبارك وتعالى : (( علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر )) وفي سورة الأنفال : (( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً )) أما السنة أيضاً فكثير يصرح النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم الأول وبانتقال الحكم إلى الحكم الثاني ( كنتم نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ) (كنت عن الانتباذ في الأسقية فانتبذوا بما شئتم ) وما أشبه ذلك هذا الحديث من هذا الباب ويقول في هذا الحديث ( رخص في كلب الصيد ) يعني في اقتناءه ( وكلب الغنم ) وفي رواية أخرى ( كلب الزرع ) فهذه الكلاب الثلاثة يجوز اقتناؤها وما عداها لا يجوز اقتناؤه طيب كلب الماشية ويش الفائدة منه؟ يحرسها فإذا جاء أحد غريب نبحه حتى يهرب وإذا لم يستطع ولم يهرب فإن أقل ما فيه أن ينبه صاحبه، كذلك الزرع يحميه من السباع التي تطأه وتفسده والثالث الصيد، لأن الناس محتاجون إليه ولكن كلب الصيد يحتاج إلى تعليم يعلم وتعليمه أن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر وإذا أمسك لم يأكل فإن كان يسترسل بنفسه إذا رأى الصيد استرسل بنفسه دون أن يرسل فهذا غير معلم وإن قلنا إنه معلم فهو غير مؤدب نعم، لأن الأدب ألا يسترسل إلا إذا أرسله صاحبه كذلك إذا كان لا ينزجر إذا زجر فإنه غير معلم، يعني إذا أرسلته ثم زجرته فوقف فهذا معلم وإن كان إذا أرسلته ثم زجرته لم يقف فهذا غير معلم وإن كان متعلماً فإنه غير مؤدب واضح طيب إذا استرسل بنفسه وصاد فهل يحل؟ الجواب لا فيه تفصيل إن كان إذا شعر به صاحبه فزجره زاد في عدوه فإنه يحل بناء على هذه الزيادة وإن كان يزجره بعد أن انطلق ولكنه لم يزد في عدوه فإنه لا يحل، لأنه لم يستفد من زجر صاحبه فلا تحل الصيد طيب إذا اقتنى كلباً من أجل المفاخرة كما يذكر عن بعض الكفار أنهم يقتنون الكلاب مفاخرة حتى قيل لي إن بعضهم يغسله بالصابون نعم قالوا هكذا وبعضهم يطيبه المهم على كل حال هذا العمل منهم يصدق قول الله عز وجل (( الخبيثات للخبيثين )) فإنه لا شك أن كونهم يألفون هذا الحيوان الذي هو أنجس الحيوانات يدل على نجاستهم والله سبحانه وتعالى جعل النفوس جنوداً مجندة فهؤلاء تعارفت أرواحهم مع أرواح هذه الكلاب فصاروا يقتنونه وليس بغريب لكن المحزن أن يوجد من بعض المسلمين من يقتدي بهم بهذا الأمر ويقتنون الكلاب كل يوم يغسلونه بالصابون والطيب هو نفسه ما يغتسل كل يوم، لكن الكلب يغسل كل يوم اللهم عافنا يعطى طعام خاص هذه بعد مشكلة يعني يأتي باللحم الطيب له وهو يأكل العصب وما أشبهه طيب على كل حال إيش؟
السائل : لهم فنادق.
الشيخ : لا يا شيخ كلش ولا هذا.
السائل : لهم جوازت سفر يا شيخ.
الشيخ : طيب فيه أيضاً يعني إذن لا يجوز اقتناء الكلب إلا لهذه الثلاثة التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم فإن قال قائل : هل يجوز أن نقتني الكلب لحراسة البيت كما لو أن الإنسان في محل ناءِ عن العمران واقتنى كلباً لحراسة البيت فهل هذا جائز؟ نقول نعم، لأنه إذا جاز لحراسة الحرث وجاز لحراسة الماشية فالبيت من باب أولى ثم إنه جاز للصيد الصيد قد لا يكون ضرورياً قد يكون الصيد من الكماليات ومع ذلك أباحه الشارع وبقي علينا مسألة واحدة أيضاً ما دمنا في الصيد إذا صاد الكلب صيداً ثم جاء به معلقاً إياه بفمه فهل يجب أن يغسل ما أصابه فم الكلب سبع مرات إحداها بالتراب؟ أنا بجيب الآن فيه خلاف فالمشهور عند فقهاءنا رحمهم الله أنه يجب أن يغسل سبع مرات إحداها بالتراب يعني أو يحز ويرمى بعيداً والقول الثاني أنه لا يجب وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وعلل ذلك بأمرين :
الأمر الأول : أن هذا كان معروفاً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر أحداً بغسل ما أصاب فم الكلب ولو كان واجباً لكانت الدواعي تتوافر في نقله ولما لم يكن ذلك علمنا أنه لا يجب
الثاني : أن في إضافة التراب إلى الماء إفساد اللحم، لأن التراب سوف يتخلل اللحم ويفسده فتضيع ماليته وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وما قاله أقرب إلى مقاصد الشريعة وما قاله الفقهاء أقرب إلى اللفظ ( إذا ولغ الكلب في الإناء ) لأن هذا أشد في الولوغ لاسيما إذا كان من مكان بعيد سوف يبقى ريقه يذهب ويجيء على هذه لأنه أمسك بفمه.