وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد وهو بن زيد عن ثابت عن أنس ثم أن أعرابيا بال في المسجد فقام إليه بعض القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعوه ولا تزرموه قال فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه). حفظ
القارئ : وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد وهو ابن زيد عن ثابت عن أنس أن أعرابياً بال في المسجد فقام إليه بعض القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوه ولا تزرموه قال فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه ).
الشيخ : هذا الباب في وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، لأن المسجد يجب أن يطهر قال الله تبارك وتعالى : (( وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود )) فالمسجد محل عبادة فيجب أن يطهر من البول ومن غير البول وينبغي أن ينظف من الأذى الذي ليس بنجس كالعيدان والقرطاس وما أشبه ذلك أما تنظيفه من النجاسة هو واجب ومن غير النجاسة سنة ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أكرم المرأة التي تقم المسجد حينما ماتت ولم يعلم بموتها حتى خرج بنفسه إلى قبرها فصلى عليها في هذا الحديث الأعرابي كما تعلمون هو ساكن البادية والغالب على الأعراب الجهل، لأنهم يسكنون بعيداً عن العلم وعن المدن دخل الرجل الأعرابي واحتاج إلى البول فوجد الرحبة رحبة المسجد فجلس يبول فيها كأنما يبول في البر ولكن الناس أنكروا عليه فقام إليه بعض القوم وصاحوا به وزجروه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ( اتركوه ولا تزرموه ) أي لا تقطعوا عليه بوله فلما قضى الأعرابي بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب عليه دلو من ماء فصب عليه ففي هذا الحديث فوائد عديدة أولاً : حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للجاهل حيث لا يؤاخذه بجهله، لأن البول في المسجد ذنب لكن هذا جاهل ولهذا لم يؤاخذه بجهله
ثانياً أنه ينبغي استعمال الحكمة في الأمر والنهي لأن هذا الأعرابي لو قام من بوله لزم من ذلك أحد أمرين إما أن يستر عورته فيتلوث ثوبه بالبول وإما أن يبقى ثوبه مرفوعاً فتنكشف عورته ويزداد المكان الذي يتلوث بالبول لأنه سوف يحصل منه نقط هذه واحدة وكلا الأمرين ضرر لا هذا ولا هذا ثم إنه إذا قام فعليه ضرر صحي وهو قطع البول، لأن البول إذا فتحت المثانة صار مستعدا للخروج فإذا قطعه فإنه يؤثر عليه، لأنها سوف تمتلأ القنوات التي من دون المناثة بالبول فيتأثر فكان من الحكمة الشرعية والطبية أن يبقى هذا الرجل حتى ينتهي من بوله ومن فوائد هذا الحديث أن الأرض تطهر بصب الماء عليها بدون حفر يعني لا نقول احفر حتى تنتهي الرطوبة التي حصلت من البول لأنه لو فعل ذلك وحفر حتى قضى على الرطوبة صارت لا تحتاج إلى الماء لماذا ؟ لأن النجاسة زالت لكن بدلاً من هذا نقول لا تحفره صب عليها الماء وكفى واستدل بهذا الحديث على أن الأرض لا تطهر بالريح والشمس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يصب على بوله ماء ولم يقل اتركوها للشمس والهواء لكن أجيب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصب الماء لأنه أسرع في تطهيرها، لأنها لو بقيت لم يزل أثر البول إلا بعد يومين أو ثلاثة أو أكثر حسب حر الشمس إن كان في الشتاء فسيتأخر إن كان في الصيف فسيتقدم لكن لا شك أن صب الماء عليها أسرع في التطهير.