وحدثنا أبو كريب حدثنا بن نمير ح وحدثني أخبرني بن وهب أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم ومالك بن أنس وعمرو بن الحارث كلهم عن هشام بن عروة بهذا الإسناد مثل حديث يحيى بن سعيد. حفظ
القارئ : وحدثنا أبو كريب حدثنا بن نمير ح وحدثني أبو الطاهر أخبرني ابن وهب أخبرني يحيى بن عبد الله بن سالم ومالك بن أنس وعمرو بن الحارث كلهم عن هشام بن عروة بهذا الإسناد مثل حديث يحيى بن سعيد.
الشيخ : قول المؤلف بل قول المترجم الذي يضع التراجم : باب نجاسة الدم وكيفية غسله هذه الترجمة المطلقة ليست على إطلاقها وذلك أن الدم ينقسم إلى قسمين : طاهر ونجس ، فالطاهر أولا : كل دم يخرج من حيوان ميتته طاهرة فإنه طاهر فما خرج من الحوت والسمك وما أشبهه فهو طاهر وليس بنجس ، وما كان من حيوان ليس له نفس سائلة فإنه طاهر ، ومثلوا لذلك بدم البعوض البعوضة إذا صارت مملوءة دما ثم ضربتها أو خبطتها خرج منها دم لكن هذا الدم طاهر لماذا ؟ لأن ميتة البعوض طاهرة ، ومثلوا له كذلك بالذبابة فإن فيها دما لكنه من حيوان ليس له نفس سائلة هذا واحد ، الثاني من الطاهر : كل دم يبقى بعد الذكاة فإنه طاهر فإذا ذكى الإنسان شاة وبقي في قلبها أو كبدها أو أمعاءها أو لحمها دم فإن هذا الدم طاهر يعني لو أصابك فإنه لا ينجسك ، وأما الدماء النجسة فهي أولا : ما خرج من حيوان نجس الميتة في حال حياته فإنه نجس كالخارج من بهيمة الأنعام من الدجاج من الأرانب إلى ما لا يحصى فهذا نجس ، لكن أهل العلم يقولون إنه يعفى عن يسيره لمشقة التحرز منه غالبا ، الثاني كل ما خرج من سبيل بالنسبة للآدمي كدم البواسير ودم الحيض والدم الذي يخرج من الذكر لمرض وما أشبه ذلك هذا نجس لأنه خارج من سبيل ، وكذلك خروج دم الحيض من المرأة فإن الحيض نجس لأنه خارج من سبيل ، الثالث : كل ما خرج من حيوان نجس كدم الكلب والسباع والحمير وما أشبهها هذا يكون نجسا إذا خرج منه وهو حي ، وأما الطاهر في الحياة فإن كانت ميتته نجسة فإنه نجس لكنه يعفى عن يسيره كما سبق ، بقي علينا دم الأدمي هل هو نجس أو ليس بنجس ؟ ما خرج من السبيل فهو نجس لا إشكال فيه ، وما خرج من غير السبيل كالخارج بالرعاف وجرح بعض الأعضاء وما أشبه ذلك فأكثر العلماء يقولون إنه نجس لكنه يعفى عن يسيره لمشقة التحرز منه ، ولكن الذي يظهر لي أنه ليس بنجس لأن النجاسة تحتاج إلى دليل وليس هناك دليل على أن الدم الذي يخرج من غير السبيلين يكون نجسا ، بل ربما يقال إن الدليل يدل على الطهارة لأن المسلمين في جهادهم تتلوث ثيابهم بالدماء وكذلك أبدانهم ويصلون ولم ينقل أنهم كانوا يؤمرون بتطهير الثياب أو تطهير الأبدان ، وغاية ما بلغني في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما شج وجهه جعلت ابنته فاطمة رضي الله عنها تغسل الدم عن وجهه ، وهذا لا يدل على النجاسة لأن إزالته من أجل التنظيف ولهذا لم يأمرها أبوها بذلك صلى الله عليه وسلم ولم يأتي أمر مستقل بوجوب التطهر منه ، ولأن القياس يقتضي أن يكون دمه طاهرا من وجهين : الوجه الأول : أن ميتة الآدمي طاهرة والقياس أن يكون دمه طاهرا كالسمك والحيتان ، الوجه الثاني : أنه لو قطع عضو من أعضائه لكان هذا العضو طاهرا لو قطعت يده مع أن اليد إذا قطعت تحمل دما فإذا كان العضو طاهرا فالدم من باب أولى لأن انفصال العضو من البدن أشد من انفصال الدم ، ولهذا يمكن للإنسان أن يتبرع بدمه ولا يتضرر فالذي يظهر لي أنه ليس بنجس ولو لم يكن من الدليل إلا أن نقول الدليل عدم الدليل ، فإن قال قائل : ما تقول في هذا الحديث الذي سألت فيه المرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع ؟ قال : ( تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه ) قلنا هذا لا ننازع في أنه نجس لأنه دم حيض وخارج من السبيل ، لكن كلامنا على الدم الذي يخرج من غير السبيل فالذي يظهر أنه طاهر وتعلمون أيضا أن الرعاف يحدث كثيرا للناس ولم يأت حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بغسل الرعاف إلا أننا نحبذ أن الإنسان يتنزه منه أي من الدم ويتطهر منه وإن لم يكن نجسا إزالة لصورته ولئلا يتقزز الناس برؤيته ولأن أكثر العلماء على النجاسة فيحتاط الإنسان لدينه نعم.