حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان. حفظ
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان )
الشيخ : قوله إذا اعتكف الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل ، لأنه مأخوذ من عكف يعكف بمعنى لازم ، ومنه قوله تعالى : (( يعكفون على أصنام لهم )) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في رمضان رجاء ليلة القدر فاعتكف العشر الأول ثم الأوسط ثم قيل له إنها في العشر الأواخر فترك الاعتكاف في العشر الأول والأوسط وصار يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، وفيه دليل على أنه لا يسن الاعتكاف في غير رمضان لأن خير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان هذا من الأمور المشروعة لشرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته إما بقوله وإما بفعله ، ومن هنا نعرف ضعف قول من قال من أهل العلم إنه ينبغي لمن قصد المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه فيقال هذا من البدع أين هذا في السنة ؟ هل قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوما من الأيام إذا أتيتم إلى المسجد فانووا الاعتكاف ، مع أنه يحث على التبكير يوم الجمعة ويبين فضل من جاء في الساعة الأولى والثانية والثالثة ولم يقل لهم انووا الاعتكاف إذا قصدتم المساجد ، ولو كان هذا من المشروع لوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغه لقول الله تعالى : (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )) ولو بلّغه لبلغنا ووصل إلينا لأنه لا يمكن أن تضيع الشريعة فلما لم يكن شيء من ذلك علم أنه ليس بسنة ، لكنه يسن في العشر الأواخر من رمضان لسبب لا يوجد في غيره وما هو ؟ تحري ليلة القدر وهذا لا يوجد إلا في العشر الأواخر من رمضان ، فإن قال قائل أليس النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من شوال ؟ قلنا بلى لكنه اعتكفه قضاء وذلك حين خرج يوما من الأيام فوجد أن نساءه قد ضربن القباب يردن الاعتكاف فأمر بنقضهن ثم ترك الاعتكاف تلك السنة واعتكف قضاء في شوال ، فإن قال قائل : أليس عمر رضي الله عنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرت أن أعتكف يوما أو ليلة أو يوما وليلة في المسجد الحرام فقال له : ( أوف بنذرك ) فيقال إن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعمر أن يفعل لأنه نذر لكنه لم يشرع للأمة أن يفعلوا ، وقد بينا فيما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يقر التعبد بشيء من شخص معين لكنه لا يجعله مشروعا للأمة شرعا عاما ، وضربنا لذلك أمثلة منها قصة الرجل الذي كان في سرية وكان يقرأ لأصحابه ويختم بقل هو الله أحد كلما قرأ بهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ قال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها فقال : أخبروه أن الله يحبه ) لكنه لم يقل للناس اختموا قراءة الصلاة بقل هو الله أحد وهو أيضا لم يفعل ذلك لكنه أجاز لهذا الذي اجتهد وفعل هذا الفعل ، وكذلك أذن لسعد بن عبادة رضي الله عنه أن يجعل مخرافه أي بستانه الذي يُخرف صدقة لأمه لكنه لم يشرع هذا للأمة لم يقل للناس تصدقوا لأمهاتكم الأموات أبدا ، كذلك عمر أذن له أن يوفي بنذره لكن لم يقل للأمة اعتكفوا في المسجد الحرام في غير رمضان أبدا ، وفي هذا الحديث حديث عائشة دليل على أن خروج بعض الجسد لا يلحق بخروج الجسد وجه ذلك أنه كان يخرج إليها رأسه من المسجد لترجله وهو معتكف ومعلوم أن المعتكف لا يجوز له أن يخرج لفعل سنة ، وبنى العلماء على ذلك أن من حلف ألا يخرج من البيت ثم أدلى برأسه خارج البيت لينظر في الشارع فإنه لا يحنث بذلك لماذا ؟ لأنه لم يخرج وفي الحديث من الفوائد أن المرأة تخدم زوجها وأنه ليس على الزوج حرج أن يستخدم امرأته إلا أن ذلك مقيد بالعرف بما جرى به العرف وليس أن يجعلها خادما في كل شيء نعم.
السائل : ...
الشيخ : إذا تعذر القضاء كاملا فالبعض.