ذكر الفوائد. حفظ
الشيخ : وفي هذه الأحاديث دليل على أنه لا غسل للانتقال أي بانتقال المني بل لا بد من ظهوره ، وهذه المسألة مختلف فيها فمنهم من يقول : إنه إذا انتقل المني وإن لم يخرج فعليه الغسل وسبب ذلك أن الرجل قد تثور شهوته ثم يحس بانتقال المني ولكن لا يخرج لبرودة الشهوة فهل يجب عليه أن يغتسل ؟ في ذلك خلاف كما قلت لكم والصحيح أنه لا يجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا هي رأت الماء ) فلا بد من شيء يبرز ويرى ، قال شيخ الإسلام : ومثل ذلك انتقال الحيض يعني إذا انتقل حيضها ولم يخرج فإنه لا يحكم عليها بحكم الحائض ، فإذا كان ذلك في وقت الصلاة لزمتها الصلاة لأن الحيض لم يخرج بعد ، ومن فوائد هذا الحديث الذي تكرر ومخرجه واحد أن الشبه يكون بسبب أو بأحد سببين السبب الأول أن يسبق ماء الرجل ماء المرأة فيكون الشبه للرجل ، والثاني أن يعلو ماء الرجل ماء المرأة فيكون الشبه له ، وإذا كان العكس كان الشبه للأخوال للمرأة وأهلها ، ولذلك اعتبر الشرع حكم القافة الذين يحكمون بالشبه ويعرفون الأنساب بالشبه ، ولعل بعضكم يذكر قصة زيد بن حارثة وابنه أسامة حيث كانا ملتحفين بلحاف واحد فمر بهما مجزز المدلجي وقد بدت أقدامهما فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض وفرح بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنه بشر به عائشة وقال لها : ( ألم تري إلى مجزز المدلجي مر بأسامة وزيد وقال هذه الأقدام بعضها من بعض ) وذلك أن قريشا لمحبتهم إهانة النبي صلى الله عليه وسلم يتهمون بأن أسامة ليس ابنا لزيد رضي الله عنه فالحاصل أن الشبه له تأثير في النسب فإن علا ماء الرجل ماء المرأة أو سبق فالشبه للرجل وإلا فالشبه للمرأة ، وفي هذا الحديث من الفوائد أنه لا ينبغي للإنسان أن يستحي من السؤال سواء كان هذا السؤال يستحيا من موضوعه أو يستحيي الإنسان أن يسأل لئلا يقال إنه لم يفهم ، لأن بعض الطلبة يستحيي أن يسأل لأنه يقول لو سألت أخشى أن المسألة واضحة فيقال : ما أبلد هذا الرجل ، وهذا خطأ فإن السؤال مفتاح العلم وقد قيل لابن عباس رضي الله عنهما بم أدركت العلم ؟ قال : " بلسان سؤول وقلب عقول وبدن غير ملول " فلا ينبغي للإنسان أن يستحيي من الحق أبدا يسأل عن كل ما أشكل عليه ، وفيه أيضا أنه لا بأس أن يتكلم الإنسان على أخيه بما يقتضي الاستنكار والحياء والخجل كما جرى لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين تأففت وقالت : " تربت يداك وألّت " يعني أصابها الألّة والألة نوع من الحراب يقاتل به لكن هذا لا يراد به حقيقة الأمر وإنما هو مما يجري على الألسنة ، وقد وقع من النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( اظفر بذات الدين تربت يداك ) ، واختلف العلماء في تخريج هذا الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يحثه على ذات الدين ثم يدعو عليه بأن تترب يده ومعنى تترب أي تخلو من الغنى حيث تلصق بالتراب ولهذا يفرق بين ترب وأترب ، ترب بمعنى افتقر أترب اغتنى حتى كان ماله كالتراب من كثرته.