فوائد حفظ
الشيخ : وفيه دليل على احترام السلف لمقام السلطان وأولي الأمر إلى حد أنه يقول إذا شئت ألا أحدث بهذا الحديث الثابت فعلت ، وذلك لأن منابذة ولاة الأمور ومعصيتهم فيها شر كثير ، فإذا قدر أنهم منعوا شخصا من الحديث أو الكلام في أي مكان فإن السمع والطاعة واجبة إلا إذا تعين عليه ، إذا تعين عليه فهذا لا يسمع ولا يطيع ، فأما إذا وجد من يقوم مقامه صار في حقه فرض كفاية فإذا منعوا ذلك فلا ، وحدثني أحد الإخوة عن بعض العلماء أن الإمام أحمد رحمه الله منعوه من الحديث منعه السلطان أن يروي الحديث ويسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فامتنع رحمه الله وصار لا يحدث حتى إذا خرج للخلاء أو لحاجة للماء تبعه الناس خفية يحدثهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهذا صحابي عمار والإمام أحمد إمام ، فإذا تدبرت حال السلف رحمهم الله عرفت كيف يقدرون ولاة الأمور في غير معصية الله ، أما في معصية الله فلا سمع ولا طاعة لأي أحد ، وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما الأخير وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام فقد روى أبو داود تعليلا لذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ) وهذا مشكل لأنه لا يشترط لذكر الله أن يكون الإنسان طاهرا بل قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) وكان يقرؤهم القرآن ولا يحجزه عن ذلك شيء إلا الجنابة فأشكل على بعض الناس ، والجواب عن هذا الإشكال أن نقول إن كراهة النبي صلى الله عليه وسلم من باب الأكمل من باب ترك الأكمل وليست الكراهة الشرعية التي تدل على التحريم أو كراهة التنزيه ، لأن المعلوم من حال الرسول صلى الله عليه وسلم عدم ذلك ، وفيه دليل أيضا على أن السلام ذكر.