فوائد حديث : ( ... عن أبي سعيد الخدري قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال رجل أو يأتي الخير بالشر يا رسول الله قال فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك قال ورأينا أنه ينزل عليه فأفاق يمسح عنه الرحضاء وقال إن هذا السائل وكأنه حمده فقال إنه لا يأتي الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن هذا المال خضر حلو ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة ) . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث ما سبق من الأحاديث الدالة على التحذير والحذر من الدنيا إذا فتحت على الإنسان لأنها قد تشغله عن طاعة الله عز وجل وقد قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : (( ولا تمدنُّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيراً و أبقى )) وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الوحي في غير القرآن ، يعني أنه يوحى إليه في غير القرآن لكن هذا ليس دائماً بل أحياناً ، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم يجد من نزول الوحي شدّة لقوله فقال : فأفاق يمسح عنه الرحضاء يعني العرق ونحن لا ندري أذلك في الصيف أم في الشتاء، ولكن الذي يتبين من الحديث أن سبب هذا العرق هو الوحي إليه ومنها أن الإنسان إذا أراد السؤال يريد بذلك الاستيضاح فإنه يحمد على ذلك لقول الراوي وكأنه حمده وهذا من أفضل ما يكون أن الإنسان يورد ما يوجب الإشكال ليزول عن نفسه وربما يكون هذا الإشكال الذي بنفسه هو أيضاً إشكال عند الآخرين فيحمد على هذا، لكن إيراد الأشياء التي يقصد بها التعنت أو أن يرى مكان السائل ونحن لا نتكلم في النيات ، النيات عند الله عز وجل لكن قد يظهر هذا خصوصاً في ما إذا أورد سؤالاً يعارض به المعلم فكأنه يقول للناس إن عندي اطلاعا لم يطلع عليه هذا المعلم ، أما إذا كان يسأل ليسترشد فيما قال المعلم فهذا حسن ، حتى لو فرض أنه طالت المجادلة والبيان هذا لا بأس به أما أن يقرر المعلم شيءً واضحاً ويستنبطه مثلاً من الأحاديث أو من القرآن ثم يأتي الإنسان بما يخالفه فهذا يعني أن عندي من العلم ما ليس عندك ، هذا ليس من الأدب ، ولا شك أنه يورد إشكالاً عند الأستاذ لكن يستطيع هذا الذي عنده هذا الإشكال ان يكلم المعلم في مكان آخر .
ومن فوائد هذا الحديث أصلاً أن الخير لا يأتي بالبشر لكن الخير في نظر من في نظر الشر ، أما في نظر الإنسان فقد يظن الشر خيراً ، فيفعله ثم يتولد منه شراً ثم ذكر مثال، وفي هذا المثال الذي ذكره النبي - عليه الصلاة و السلام - هنا وفي الألفاظ السابقة إِشارة إلى أن من حسن التعليم ضرب الأمثال لأنها تقرب المعاني .
المعاني قد تكون صعبة ، تصورها صعب فهمها صعب فإذا أتى الإنسان بالمثل السهل وأحسن مثال وأبرز مثال في هذا قصة الرجل الذي جاء عند النبي عليه الصلاة والسلام وقال : يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسود وهو أبيض وزوجته بيضاء فمن أين جاء ؟ يحتمل أنه يعرض بامرأته ، ويحتمل أنه يرد زوال الإشكال الذي بنفسه .