فوائد حديث : ( ... عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يصبر يصبره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر ) . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث دليل على كرم النبي عليه الصلاة والسلام. وأنه ما سُئل شيئاً إلا أعطاه، فهؤلاء الجماعة من الأنصار سألوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده، وهذا من كرمه عليه الصلاة والسلام، ما سُئل شيئا على الإسلام إلا أعطاه، وفيه أيضاً دليل على فضيلة الصبر، والاستعفاف، وأن الإنسان إذا عود نفسه على الصبر صبره الله، يعني أعانه عليه، وتعلمون أن المصائب كثيرة، منها قلة المال، فليصبر الإنسان ولو لم يأكل في اليوم إلا مرةً واحدة، ليصبر، ودوام الحال من المحال، مرض يمرض الإنسان مثلاً، يتصبر ويحتسب، ضاع له شيء كذلك، يصبر ويحتسب، لأن الصبر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما اعطي احد عطاء أوسع منه) لأن إذا صبر وصابر وتمشى مع القدر حصل على الراحة والطمأنينة، ويقال من لم يتمش مع القدر لن يعيش عيشة حميدة، وقوله عليه الصلاة والسلام : ( من يستعفف يعفه الله ) أي يعينه على العفة، ( ومن يستغن يغنه الله ) يغنه الله عز وجل غناء القلب أو غناء المال، أو كليهما، يغنه الله عزوجل، إذا استغنى بما عنده عن عباد الله، أغناه الله عزوجل، ومن يصبر يصبره الله، ثم عطف على الصبر قال : ( ما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر ) قوله خير لا شك أنها صفة لعطاء أليس كذلك؟ وعطاء مجرورة بمن الزائدة، وإذا حذفنا من صار الكلام ما أعطي أحد عطاءً خير واوسع، فتكون إيش ؟ منصوبة، تكون منصوبة ، ويجوز أن تكون مجرورة على اللفظ ، من عطاءٍ خيرٍ وأوسع من الصبر، هذا مقتضى إعرابها الصحيح، أما إن صح أنها مروية بالرفع إن صح ذلك، وأنه نطق بها أفصح العرب عليه الصلاة والسلام، فهنا لا بد لا بد أن يؤولها على وجه صحيح فنقول:
خير : خبر مبتدأ محذوف على القطع، أي ما أعطي أحد من عطاءٍ هو خير وأوسع من الصبر، لكن القطع في مثل هذا ضعيف، لأن القطع إنما يجوز، إذا عين الموصوف بصفةٍ أخرى ،وصار لا يحتاج إلى هذا الصفة، فإنه لا يجوز أن تُقطع، والظاهر أن الحديث هو بغير هذا، أنه ومن أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر وهذه الروياة لا إشكال فيه، نعم