تتمة فوائد الحديث : ( حدثني علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام صاحب الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال رجل أو يأتي الخير بالشر يا رسول الله قال فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك قال ورأينا أنه ينزل عليه فأفاق يمسح عنه الرحضاء وقال إن هذا السائل وكأنه حمده فقال إنه لا يأتي الخير بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن هذا المال خضر حلو ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة
الشيخ : وأحسن مثال وأبرز مثال في هذا قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، وهو أبيض وزوجته بيضاء، فمن أين جاء هذا؟ يحتمل أنه يعرض بامرأته، ويحتمل أنه يريد زوال الإشكال الذي بنفسه، يعني ليس لنا أن نقول إن الرجل يعرض بامرأته، احتمال أن يكون أراد زوال الإشكال، طيب، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام بكل سهولة : ( قال هل لك من إبل ؟ قال : نعم، قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر. قال : هل فيها من أورق؟ قال : نعم. قال: من أين جاءت؟ قال : لعله نزعه عرق )، يعني من أجدادها أو جداتها، قال : ابنك هذا لعله نزعه عرق. فذهب الرجل مقتنعا تماما، مع أن هذا المثل سوف يبقى في مخيلته، لا ينساه أبداً، فإذا أمكنك أن تضرب الأمثال المقربة للمعاني فهذا من أحسن التعليم كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله، بل كما جاء في القرآن كلام رب العالمين سبحانه وتعالى، ففي القرآن الكريم من الأمثال شيءٌ كثير. ومن فوائد هذا الحديث الذي يجب أن يحذره الإنسان، أن من أخذ المال بغير حقه، فإنه يبتلى بداء الشح والبخل، وأخذ المال بغير حقه له صور كثيرة منها : الغش، أن يأخذه بغش، مثل أن يخفي العيوب التي في السلعة، ويظهرها بمظهر جيد ومن ذلك أيضاً الوظائف، من لم يقم بوظيفته على الوجه الأكمل، فإن ما يأخذه من مرتب يأخذه بغير حق، وهذا له صور منها : أن يتأخر الإنسان عن الحضور في الوقت المحدد، وأقبح من ذلك أن يكتب في دفتر التحضير أنه أتى في الوقت المحدد للحضور فيجمع بين الكذب وبين أكل المال بالباطل ، ومنها أن يخرج قبل أن ينتهي الدوام، فإنه إذا خرج قبل أن ينتهي الدوام، وقد داوم في الدوام ست ساعات وخرج قبل تمام السادسة وبقي خمس ساعات فقط، معناه أن سُدس ما يحصله من الراتب، إذا كان هذا كل أيام الشهر، بخق وإلا بغير حق؟ بغير حق. ومن ذلك أيضاً أن بعض الناس يُكتب له انتداب ، أو خارج الدوام، وهو لم يأت إلى مكان العمل ولم يغادر البلد، فيأخذه هذا لا شك أنه حرام على الآخذ وهو بالنسبة إلى المسؤول الذي فوقه خيانة، خيانة للدولة، وسوف يُسأل هذا الرجل يوم القيامة، لأن الله يقول : (( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان )) سوف يُسأل هذا الرئيس أو المدير الذي كتب لموظفيه خارج الدوام ولم يعملوا، أو انتدابأ ولم يسافروا، يتساهل بعض الناس في هذا، بحجة أن المال ماله ؟ مال الدولة وسبحان الله من أحل مال الدولة؟ قد يقول قائل أن التبعة في مال الدولة أعظم من التبعة في مال الشخص المعين، لأن مال الشخص المعين يمكن في يوم من الأيام أن تستحله أو ترد عليه مظلمتة، لكن مال الدولة، ما يمكن، ثم مال الدولة ليس لواحد من الدولة، مال الدولة لمن؟ لكل الناس، حتى العجوز في ملتقها وفي خدرها لها حق، فكيف تتهاون بهذا الأمر. فعلى كل حال القاعدة : كل من أخذ المال بغير حقه فإنه يبتلى بإيش؟ بالشح، كالذي يأكل ولا يشبع، الذي يأكل ولا يشبع، الذي يأكل ولا يشبع لا ينفعه أكله، ولقد حدثنا أكابرنا سناً أنه أتى على أهلنا زمان يسمى سنة الجوع، يأكل الإنسان الأكل الكثير الذي لا يأكله الجمل، أكثر مما يأكل الجمل ولكن لا شبع، أبداً بالليل والنهار ولا يشبع سبحان الله، وحدثونا عن رجل كان عنده عمال، ونزل إلى البلد واشترى لهم تمرا، تمراً في زنبيل كبير يعني أكبر من ... هذا وحمله على رأسه وجعل يأخذ التمر ويأكل، حمله على رأسه من البلد إلى بستانه، ليعطي العمال، وبدأ يمشي ويأكل مع أنه كان قد أفطر في الصباح، يمشي يأكل، لما وصل إلى مكان عمله، إلى مكان بستانه، وإذا التمر خلص، التمر خلص، وهو ما شبع، فتحير ماذا يصنع في العمال، يقال أنه جعل الزنبيل عن الماشية، جعلة عند الماشية من أجل أن يقول إذا قالوا هات الغداء، أكلته الماشية نعم تأويلاً، فأقول لكم إن الجوع والعياذ بالله يأكل ولا يشبع هذا لا يرد عليه شيء، فالإنسان الذي يأخذ المال بغير حقه في أي وسيله يُبتلى بهذا، إلا أن يمن الله عليه فيتوب فهذا شيء آخر، ويكون شهيداً عليه يوم القيامة. ومن فوائد هذا الحديث أن المال الصالح نعم الصاحب لصاحبه، إذا كان ينفقه في سبيل الله، يعطي الفقير واليتيم وطالب العلم ويطبع الكتب وينشرها بين الناس، ويسلك طرق الخير ، هذا لا شك أنه يُغبط على ماله، وهذا المال نقول إنه نعم الصاحب لصاحبه، نعم.
كيف يتخلص الموظف من مخالفات العمل التي تجعل الراتب الذي يتقاضاه محرم عليه ؟
السائل : كيف يتخلص الموظف من مخالفات العمل التي تجعل الراتب الذي يتقاضاه محرم عليه ؟ الشيخ : الخلاص أن يكمل. السائل : يعني يأتي زلة أو يأتي. الشيخ : ... زلة، فالظاهر أن ما يُتسامح به عادةً أنه لا بأس به، يعني مثلاً افرض أنه مشى إلى عمله في الوقت العادي، فحصل على السيارة تعطل، أو مثلا صار السوق مزدحماً في السيارات وما أشبه ذلك. السائل : أحيانا بعد انتهاء العمل يصاب بكسل مثلا ولو جاهد نفسه لكن. الشيخ : لا لا يجاهدنفسه، يصبر ما أعطي الإنسان عطاءً أوسع من الصبر، يصبر وإذا كان كسل يروح يأخذ دش يتروش. السائل : أو تأثر ... خارجية. الشيخ : هو صحيح الإنسان لا بد يتأثر، لأنه لا بد يصيبه أشياء لكن يستعين بالله، وإلا إذا كان هذا العذر، يبيح له ترك العمل يستأذن من المدير ويسمح له. السائل : ... . الشيخ : وماذا ينفع؟ لأن الواجب أن ترده في الصندوق، صندوق المدرسة مثلاً . نعم.
هل يجوز للموظف الخروج من العمل من أجل أن يصلي مع الجماعة ؟
السائل : هل يجوز على من منع من الصلاة أن يخرج من الشغل ويصلي مع الناس في جماعة؟ الشيخ : مع الجماعة؟ لا ما يصلي، لأن الشغل واجب، واجب أن يؤديه، وإذا خرج قصر في الواجب من وجه، وأيضا ربما يفتح الباب لغيره فتتعطل المصلحة، ولهذا نرى أن صلاة هؤلاء في مكانهم أحسن، لأنه بلغنا أن هؤلاء الذين يخرجون باسم أنهم يصلون مع الجماعة يخرج نعم يكمن يروح البيت أو يتحدث مع أحد أو ما أشبه ذلك، فيضيعون العمل، العلماء يقولون : " الأجير لا يصلي الراتبة يصلى الفريضة فقط بدون جماعة "، لأن وقته مملوك، لكن نحن نقول الحمد لله الآن إذا اتفق الناس على أنه يصلي الراتبة كما هو العادة الآن فيما نرى يُسمح لهم بصلاة الراتبة ما في بأس. السائل : وممن يمنع من الصلاة مطلقاً؟ الشيخ : لا هذا ما يمكن لأن الصلاة مستثناه شرعاً. السائل : ... . الشيخ : مستثناة شرعا لازم يصلي ، فأن كانت الصلاة مما تجمع إلى ما بعدها أو إلى ما قبلها، جمع. نعم.
حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يصبر يصبره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر
القارئ : حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري : ( أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يصبر يصبره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر ).
فوائد حديث : ( ... عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذا نفد ما عنده قال ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يصبر يصبره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر ) .
الشيخ : في هذا الحديث دليل على كرم النبي عليه الصلاة والسلام. وأنه ما سُئل شيئاً إلا أعطاه، فهؤلاء الجماعة من الأنصار سألوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده، وهذا من كرمه عليه الصلاة والسلام، ما سُئل شيئا على الإسلام إلا أعطاه، وفيه أيضاً دليل على فضيلة الصبر، والاستعفاف، وأن الإنسان إذا عود نفسه على الصبر صبره الله، يعني أعانه عليه، وتعلمون أن المصائب كثيرة، منها قلة المال، فليصبر الإنسان ولو لم يأكل في اليوم إلا مرةً واحدة، ليصبر، ودوام الحال من المحال، مرض يمرض الإنسان مثلاً، يتصبر ويحتسب، ضاع له شيء كذلك، يصبر ويحتسب، لأن الصبر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ما اعطي احد عطاء أوسع منه) لأن إذا صبر وصابر وتمشى مع القدر حصل على الراحة والطمأنينة، ويقال من لم يتمش مع القدر لن يعيش عيشة حميدة، وقوله عليه الصلاة والسلام : ( من يستعفف يعفه الله ) أي يعينه على العفة، ( ومن يستغن يغنه الله ) يغنه الله عز وجل غناء القلب أو غناء المال، أو كليهما، يغنه الله عزوجل، إذا استغنى بما عنده عن عباد الله، أغناه الله عزوجل، ومن يصبر يصبره الله، ثم عطف على الصبر قال : ( ما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر ) قوله خير لا شك أنها صفة لعطاء أليس كذلك؟ وعطاء مجرورة بمن الزائدة، وإذا حذفنا من صار الكلام ما أعطي أحد عطاءً خير واوسع، فتكون إيش ؟ منصوبة، تكون منصوبة ، ويجوز أن تكون مجرورة على اللفظ ، من عطاءٍ خيرٍ وأوسع من الصبر، هذا مقتضى إعرابها الصحيح، أما إن صح أنها مروية بالرفع إن صح ذلك، وأنه نطق بها أفصح العرب عليه الصلاة والسلام، فهنا لا بد لا بد أن يؤولها على وجه صحيح فنقول: خير : خبر مبتدأ محذوف على القطع، أي ما أعطي أحد من عطاءٍ هو خير وأوسع من الصبر، لكن القطع في مثل هذا ضعيف، لأن القطع إنما يجوز، إذا عين الموصوف بصفةٍ أخرى ،وصار لا يحتاج إلى هذا الصفة، فإنه لا يجوز أن تُقطع، والظاهر أن الحديث هو بغير هذا، أنه ومن أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر وهذه الروياة لا إشكال فيه، نعم
السائل : هل يؤخذ من الحديث أن الجزاء من جنس العمل ؟ الشيخ : مثل، هات غير هذا. السائل : الصلاة الصدقة. الشيخ : الصلاة تحتاج إلى صبر؟ يعني أنت تقول هل نأخذ من هذا أن الجزاء من جنس العمل، هذا هو هذه كلمة مختصرة ونقول نعم، الجزاء من جنس العمل.
هل يجوز للموظف أن يتأخر عن الدوام الرسمي في العمل إذا أذن له مديره المباشر ؟
السائل : هل يجوز للموظف أن يتأخر عن الدوام الرسمي في العمل إذا أذن له مديره المباشر ؟ الشيخ : أولا نسأل هل هذا المدير أو الرئيس هل له أن يسمح؟ إن كان أعطي صلاحية من الجهة المسؤولة الكبرى فلا بأس، هذه واحدة. ثانياً : عند التحضير، إذا سمح له يتأخر ساعة ثم حضر، هل يقيد أنه حضر في نفس الوقت الذي حضر فيه، أو في وقت الدوام الرسمي؟ السائل : ما في إلا يكتب دوام واحد فقط الساعة السابعة. الشيخ : يعني يكتب الدوام الرسمي وهو ما جاء من الساعة التاسعه مثلاً، ما يجوز ذلك، وهذا مما يدل على أن الرئيس المباشر لا يملك أن يعفو عنه ويسمح له، وإلا إذا قال اكتب حضرت الساعة التاسعة ويكتب ملاحظة قد أجزناه وعفونا عنه. نعم.
هل يجوز للمدرس في الجامعة أن يتجاوز عن الطالب إذا وجب حرمانه من مادة معينة أم لا ؟
السائل : في الجامعة إذا كان للدرس أو المحاضرة نصاب معين ويحرم الطالب عند تجاوز هذا النصاب ثم في آخر وقت الدراسة يبقى محاضرة أو محاضرتان هل للمدرس أن يتجاوز ... ؟ الشيخ : هذه ربما يكون المدرس إذا وكل عليه أعمال السنة أو ما أشبه ذلك ورأى أن هذا الرجل حريص وأنه تأخر بعذر قد نقول لا بأس به، ولكن في نفسي من هذا الشيء، لماذا لا يكتب التلميذ بأنه تأخر أو تغيب عن هذه الحصة بعذر ويبدي عذره لمجلس الكلية، كما يوجد هذا الآن يوجد مجلس الكلية يدرس مثل هذه الأعذار، ثم الحقيقة أن المدرس إذا فعل ذلك فتح على نفسه أبواباً، كل الطلاب غير الجيدين والمتهاونين إذا حصل هذا التهاون، احتجوا عليه، أفهمت. السائل : قد يقع في حرج ... . الشيخ : أبد ما يقع في حرج ولا شيء، ما يقع في حرج. نعم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب حدثني شرحبيل وهو ابن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه
القارئ : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب حدثني شرحبيل وهو ابن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه ).
فوائد حديث : ( ... عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه )
الشيخ : نعم صدق الرسول عليه الصلاة والسلام من وفق لهذا الخصال الثلاث فهو مفلح، أسلم يعني لله عز وجل، رزق كفافا يعني ما يكفيه ويكفه عن الناس، بحيث لا يكون سببا لطغيانه وأشره، والثالث قنعه الله بما آتاه، لأنه الله إذا رزقه كفافاً وقنعه بما آتاه لا يمكن أن يتطلع إلى غيره، وحينذٍ يقبل على ربه بإسلامه وينال الفلاح، والمقصود من هذا الخبر المقصود أن الإنسان إذا وجد من نفسه أنه متصف بهذه الصفات الثلاث، فليبشر بإيش؟ بالفلاح، لأن الرسول قد قال قد أفلح، فليبشر بالفلاح، لأن هذه الخصال الثلاث عنوان الفلاح. نعم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وأبو سعيد الأشج قالوا حدثنا وكيع حدثنا الأعمش ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه كلاهما عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا
القارئ : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وأبو سعيد الأشج قالوا حدثنا وكيع حدثنا الأعمش ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه كلاهما عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ).
فوائد حديث : ( ... عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا )
الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام : ( اللهم اجعل رزق آل محمد ) الظاهر أن المراد بآل هنا أهل بيته وحاشيته، لا أمته، وقوله قوتاً أي ما يكفيهم في القوت، وفي لفظ كفافاً، أي ما يكفهم عن الناس، ويكتفون به، وهذا يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام يختار ذلك، ثم هل أجيب أو ما أجيب ، هذا شيء آخر، لأن الله تعالى قد يجيب دعوة الرسول وقد لا يجيب، فإنه سبحانه وتعالى سأله النبيى عليه الصلاة والسلام سأله مرة ًثلاث مسائل فأعطاه اثنتين ومنعه واحدة ، والله عز وجل له الحكم وإليه المنتهى، فلا يبدو علينا أنه قد يوجد من آل محمد من هو غني من أغنى الناس، فيقال نعم، إذا وجد فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يخبر حتى نقول أن خبره أخلف بل هو دعا، والله تعالى قد يجيب دعاءه وقد لا يجيب، لكن هذا يتوقف على ما إذا وجدنا أحدأ من آل محمد قد كان رزقه واسعاً أكثر من الكفاف. نعم.
كيف نجمع بين هذا الحديث : ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ) و بين الحديث الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله الغنى ؟
السائل : كيف نجمع بين هذا الحديث : ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ) وبين الحديث الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله الغنى ؟ الشيخ : الغنى الذي يستغني به عن الناس، ما هو بالغنى الواسع.
السائل : ما رأيكم في هذا الإسراف الموجود الآن في الناس ؟ الشيخ : أما الله تعالى فقد قال : (( كلوا وأشربوا ولا تسرفوا )) فالإسراف لا يجوز، فهو ارتكاب لما نهى الله عنه من وجه، وإنفاد للمال من وجه، وهذا قد ابتلي به كثير من الناس ،إسراف في المآكل والمشارب في أنواعها وفي كمياتها، إسراف في الملابس، الآن تجد مثلا غرف النساء مملوءة، كلما جاء ثوب، قالت طلع ثوب، والثاني أمسك، قالت هذا زهد الناس فيه، تجد أيضاً المساكن فيها زيادة عن الحاجة وزيادة عن المطلوب وزيادة عن مستوى الشخص، يعني بعض الناس فقير يتدين يريد أن يجعل نفسه في مستوى شخص غني، هذا من السفه في الواقع. نعم.
السائل : الناس معادن وقد يختلفون وقد يجد الإنسان من نفسه الناس قد يختلفون في بعضهم لا يصلحهم إلا الغنى كما كان بعض السلف يدعو بذلك ... ؟ الشيخ : أنا لا أستطيع أجيب عن هذا لأني أنا من الذين يميلون إلى الكفاف، نعم، لكني أقول كما ذكرت، إن الإنسان قد يكون معتدل يحب أن يكون عنده مال ينفع به إخوانه كما يوجد والحمد لله من بعض التجار عندنا من نفع الله به نفعاً كثيراً من المال، لكنه يتعب، المال إذا كثر يتعب، إلا إنسان يعني قنع الله قلبه ، ولم يهتم هذا شيء آخر نادر، نعم.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن سلمان بن ربيعة قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت والله يا رسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم قال إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلست بباخل
القارئ : حدثنا عثمان بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال إسحاق أخبرنا وقال الآخران حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن سلمان بن ربيعة قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت والله يا رسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم قال إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلست بباخل ).
حدثني عمرو الناقد حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال سمعت مالكا ح وحدثني يونس بن عبد الأعلى واللفظ له أخبرنا عبد الله بن وهب حدثني مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء
القارئ : حدثني عمرو الناقد حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال سمعت مالكا ح وحدثني يونس بن عبد الأعلى واللفظ له أخبرنا عبد الله بن وهب حدثني مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال : ( كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء ). الشيخ : الأعراب عجيبين، نشوف الحديث الأول. القارئ : باب إعطاء المؤلفة، نعم قوله صلى الله عليه وسلم. الشيخ : اصبر هذه الترجمة. القارئ : هذا الحديث. الشيخ : باب مناسب باب إعطاء المؤلفة القارئ : لكن ذكر بعدها خيروني اي اسألوني بالفحش أو يبخلوني. الشيخ : المناسب باب إعطاء الفحش، الحديث الثاني حديث الأعرابي. القارئ : اي ما في. الشيخ : طيب أعطنا شرحه. القارئ : قوله صلى الله عليه وسلم خيروني أي يسألوني بالفحش. الشيخ : لا قبل قال قال عمر ... . القارئ : ما في يا شيخ. الشيخ : ما في شيء. القارئ : لا لكن لعلنا نراجع المفهم بعد أن نقرأ. الشيخ : ايش. القارئ : أقول لعلنا نقرأ هذا أولا ثم نرجع للمفهم. الشيخ : طيب لا بأس.
القارئ : " قوله صلى الله عليه وسلم خيروني بين أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني ولست بباخل، معناه أنهم ألحوا بالمسألة لضغف ايمانهم وألجؤوني بمقتضى حالهم إلى السؤال بالفحش أو نسبة إلى البخل ولست بباخل، ولا ينبغي إحتمال واحد من الأمرين، ففيه مدارة أهل الجهالة والقسوة، وتألفهم إذا كان فيهم مصلحة، وجواز دفع المال إليهم لهذه المصلحة، وقوله فأدركه أعرابيٌ فجبذه ". الشيخ : انتقل إلى الحديث. القارئ : اي نعم، قوله إنهم خيروني. الشيخ : ... . القارئ : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما. الشيخ : نعم. القارئ : " كذا رويناه بفتح القاف وهو المصدر ومعناه فعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل القسم والقسم بالكسر الحظ والنصيب وهو غير مراد هنا، فإنه لم يقسم نصيب أحد، وإنما فعل القسمة في المقسوم، وقوله إنهم خيروني معناه أنهم ألحوا علي بالمسألة واشتقوا في السؤال، وقصدوا بذلك أحد شيئين، إما أن يصلوا إلى ما طلبوه، أو ينسبوه إلى البخل، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم ما يقتضيه كرمه من إعطائهم ما سألوه وصبره على جفوتهم، فسلم من نسبة البخل إليه، إذ لا يليق به وحلم عنه كي يتألفهم وكان عمر رضي الله عنه عتب عليه في ذلك ". الشيخ : وكان. القارئ : عندي وكان. الشيخ : لا وكأن. القارئ : " وكأن عمر رضي الله عنه عتب عليه في ذلك نظراُ إلى أهل الدين، هكذا كسر الدال، والغناء فيه أحق بالمعونة عليه، وهذا هو الذي ظهر لسعد بن أبي وقاص، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم بمصالح أخرى لم تخطر لهم وهي أولى مما ظهر لهم " فقط. الشيخ : طيب.
فوائد حديث : ( ... قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فقلت والله يا رسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم قال إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلست بباخل )
الشيخ : على كل حال عمر رضي الله عنه أراد أن يحرم هؤلاء الذين أفحشوا بالقول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه معروف بالقوة والشدة في محلها رضي الله عنه، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام رآى شيئاً آخر، عمر أراد أن يعطي أهل الدين، وأهل العلم، وأهل المروءة وأهل الأدب، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام رآى شيئاً آخر، وقوله لست بباخل ولم يقل لست ببخيل، لأن بخيل صفة مشبهة وباخل اسم فاعل، فيكون باخل هنا بنعى مانع، يعني لست بمانع ما أعطيه.
فوائد حديث : ( ... عن أنس بن مالك قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر له بعطاء )
الشيخ : أما حديث الأعرابي ، فانظروا يا أخوة انظروا هذا الأعرابي، أولا أنه جبد الرسول عليه الصلاة والسلام في رداءه جبدةً أثرت في عنقه وهذا يدل على أنها قوية شديدة وهو أعرابي، والأعراب عادةً عندهم قوة وغلظة. ثانياً : أنه قال يا محمد، ولم يقل يا رسول الله. ثالثاً : أنه قال مر لي من مال الله الذي عندك، من مال الله ، يعني كأنه يقول مالك منة، مالك فضل، المال مال الله، مر لي منه، أساء بالقول والفعل، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام الذي أعطاه الله علماً لم يكن لأحدٍ من الخلق، التفت إليه صلوات الله وسلامه عليه فضحك، الله أكبر والله لو فعل شيء من هذا بواحدٍ منا للتفتنا إليه وأعطيناه ... لكن الرسول عليه الصلاة والسلام التفت وضحك، لأنه يعلم أن هذا الأعرابي ليس عنده أدب، عنده جفاء ، ولا تعلم المروءة، ثم إنه لم يفعل ذلك إلا لأنه محتاج لا شك، فضحك النبي عليه الصلاة والسلام وأمر له بعطاء، وهذه الأخلاق التي ينبغي أن تبث بين الناس، خصوصاً بين من لهم ولاية، ولهم احتكاك بالناس، أن يعذروهم، صاحب الحاجة يقول الناس أنه إيش؟ أعمى ولا يرى أن لأحد حاجةٍ سواه، فليصبر الإنسان ، نسأل الله أن يصبرنا على ذلك.
حدثنا زهير بن حرب حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا همام ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار ح وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي كلهم عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث وفي حديث عكرمة بن عمار من الزيادة قال ثم جبذه إليه جبذة رجع نبي الله صلى الله عليه وسلم في نحر الأعرابي وفي حديث همام فجاذبه حتى انشق البرد و حتى بقيت حاشيته في عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم
القارئ : حدثنا زهير بن حرب حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا همام ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار ح وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي كلهم عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث وفي حديث عكرمة بن عمار من الزيادة قال : ( ثم جبذه إليه جبذة رجع نبي الله صلى الله عليه وسلم في نحر الأعرابي ) وفي حديث همام ( فجاذبه حتى انشق البرد وحتى بقيت حاشيته في عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة أنه قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية ولم يعط مخرمة شيئا فقال مخرمة يا بني انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت معه قال ادخل فادعه لي قال فدعوته له فخرج إليه وعليه قباء منها فقال خبأت هذا لك قال فنظر إليه فقال رضي مخرمة
القارئ : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة أنه قال : ( قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية ولم يعط مخرمة شيئا فقال مخرمة : يا بني انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت معه قال : ادخل فادعه لي قال : فدعوته له فخرج إليه وعليه قباء منها فقال خبأت هذا لك قال فنظر إليه فقال : رضي مخرمة ).
حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني حدثنا حاتم بن وردان أبو صالح حدثنا أيوب السختياني عن عبد الله بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية فقال لي أبي مخرمة انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئا قال فقام أبي على الباب فتكلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته فخرج ومعه قباء وهو يريه محاسنه وهو يقول خبأت هذا لك خبأت هذا لك
القارئ : حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني حدثنا حاتم بن وردان أبو صالح حدثنا أيوب السختياني عن عبد الله بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال : ( قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية فقال لي أبي مخرمة انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئا قال فقام أبي على الباب فتكلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته فخرج ومعه قباء وهو يريه محاسنه وهو يقول خبأت هذا لك خبأت هذا لك ).
فوائد حديث : ( ... عن المسور بن مخرمة قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية فقال لي أبي مخرمة انطلق بنا إليه عسى أن يعطينا منها شيئا قال فقام أبي على الباب فتكلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته فخرج ومعه قباء وهو يريه محاسنه وهو يقول خبأت هذا لك خبأت هذا لك ) .
الشيخ : هذا أيضاً من حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته لتأليف ، حيث خبأ لهذا الرجل القباء، ولعله عليه الصلاة والسلام يعلم ويغلب على ظنه أنه سيأتي إليه، فخبأه لك، لا يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم أراده لنفسه، ثم لما جاء هذا الرجل قال خبأته لك، لأن هذا لا يليق إذ أن الرسول، إذ لو كان هذا المعنى لكان الرسول يقول خبأته لك وهو لم يريده، وهذا بعيد، وإنما خبأه النبي صلى الله عليه وسلم له لظنه أنه سوف يأتي ويسأل، كما قسم لغيره، وفي هذا جواز أن يري المهدي محاسن الهدية لمن أهدى إليه فلا يقال أن هذا فيه شيء من المنة، يعني مثل لو أراد الإنسان أن يهدي إلى شخص شيئاً من الاشياء قلماً قفال خذ هذا قلم مني هدية، هذا قلم ممتاز، هذا فيه كذا ، هذا فيه كذا، لا يضر، فلا يقول قائل إن هذا من باب المنة بالهدية، إنما أن يبين له محاسنها من أجل أن يفرح به ويعتني به ولا يرخص عليه، لأنه ربما يعطيه قلما فيظن أنه من فئة خمسة ريالات وما أشبهها ويذهب ويبيعه بعذا الثمن وهو يساوي مئة أو خمسين أو ما أشبه ذلك. المهم أن بيان الإنسان، محاسن ما أهداه لغيره لا يعد من باب المنة بالهدية، نعم.
حدثنا الحسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد قالا حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أخبرني عامر بن سعد عن أبيه سعد أنه أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وأنا جالس فيهم قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا لم يعطه وهو أعجبهم إلي فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما قال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه وفي حديث الحلواني تكرار القول مرتين
القارئ : حدثنا الحسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد قالا حدثنا يعقوب وهو ابن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أخبرني عامر بن سعد عن أبيه سعد : ( أنه أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وأنا جالس فيهم قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا لم يعطه وهو أعجبهم إلي فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما قال : إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه ) وفي حديث الحلواني تكرار القول مرتين.
فوائد حديث : ( ... أنه أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وأنا جالس فيهم قال فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم رجلا لم يعطه وهو أعجبهم إلي فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان والله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا قال أو مسلما قال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكب في النار على وجهه وفي حديث الحلواني تكرار القول مرتين ) .
الشيخ : هذا أيضاً فيه دليل على حسن قسمة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أنه يراعي المصالح، فيعطي العطية تأليفاً لقلوب أصحابه عليه الصلاة والسلام، وفي هذا أيضاً دليل على الفرق بين الإيمان والإسلام، لأنه قال : والله أني لأراه مؤمناً قال أو مسلما، وهذا يعني الفرق بين الإيمان والإسلام ، هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، لكن قد يطلق الإسلام ويراد به الإيمان وقد يطلق الإيمان ويراد به الإسلام، فمثلاً إذا قلت دين الإسلام فيشمل كل دين الإسلام بما فيه من عقائد وأعمال قولية وفعلية، وإذا قيل إيمان وإسلام صار الإيمان له معنى والإسلام له معنى في حديث جبريل حين سأل النبي صلى لله عليه وسلم سأله عن الإسلام وعن الإيمان ، فدل هذا على الفرق بينهما، وفي قوله تعالى : (( قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم )) أيضاً دليل على الفرق بين الإيمان والإسلام، فإن قال قائل : يرد عليكم قول الله تبارك وتعالى : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين )) فالجواب أنه لا إشكال، لأن الله إنما أخرج المؤمنين، ولم يخرج المسلمين، وأما البيت ففيه مسلمون منهم امرأة لوط، كانت مسلمة لكنها غير مؤمنة، ولهذا قال الله تعالى : (( ضرب مثلاً للذين كفروا إمرأة نوح وإمراة لوط كانتا تحت عبدين من عنادنا صالخين فخانتاهما )) خانتاهما بإيش؟ بالكفر ، لا بالفاحشة، فامرأة لوط تظهر أنها مسلمة وهي كافرة، إذن البيت مسلم ولا غير مسلم؟ مسلم، لأنه يشتمل على مؤمنين ومنافقين، لكن الذين نجوا هم المؤمنون، وهذا من بلاغة القرآن، لأن الله سبحانه تعالى قال : (( فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين، فما وجدنا فيها غير بيت المسلمين )) ولم يقل من المؤمنين لأن هذا البيت تضمن امرأة لوط، وهي ليست مؤمنة بل مسلمة أي مستسلمة ظاهراً ، ولكنها كافرة والعياذ بالله، المهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقر على قول سعد أني لأرآه مؤمناً، لم يقل الله عن هذا، قال أو مسلماً لنقص درجة هذا الرجل عن الإيمان، ويحتمل أن الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن يعلم أمته أن لا يشهدوا لأحد بالإيمان، لأن الإيمان بالقلب، وإنما يشهدوا له في الإسلام، لأن الإسلام علانية، قول وفعل فتشهد للإنسان بالإسلام ولا تشهد له .