فوائد حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه دليل على أن الجذع من المعز لا تجزىء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ضح بها ولا تصلح لأحد بعدك ) وقد ذكرنا أن من شروط قبول الأضحية أن تبلغ السن المحددة شرعا ، وهو ستة أشهر للضأن سنة للمعز سنتان للبقر خمس سنوات للإبل ، ولكن قوله : ( ولا تصلح لغيرك ) أي لشخص مغاير ، وهل المراد بالمغايرة هنا ، مغايرة النفس أي الذات أو المغاير في الحال أي المغاير لحالك ؟ الجمهور على الأول ، يعني لا يصلح أن يضحي أحد بعد أبي بردة بجذع من المعز ، هذا الذي عليه أكثر العلماء ، وهذا فيه إشكال ، الإشكال أن الشريعة الإسلامية أحكامها معلقة بالمعاني والأوصاف لا بالأشخاص ، اسمع يا أخي ، الأحكام معلقة بأيش ؟ بالمعاني لا بالأشخاص ، حتى النبي صلى الله عليه وسلم خصائصه التي خصه الله بها ، لا لشخصه ولكن لوصفه وهو النبوة والرسالة ، في الخير ربما يعامل الإنسان الخلق معاملة شخصية فيعطي زيدا ويحرم عمرًا ، مع اتفاقهما في المعنى ، لكن الشرع لا ، لا يمكن أن يخص أحدا بعينه لشخصه ، بل لوصفه ، وعلى هذا فنقول معنى قوله لغيرك أي لمغاير لك في الوصف ، بناءً على هذا لو حصل لإنسان حال كحال أبي بردة فهل نقول اذبح جذعا من المعز ؟ نعم على هذا القول نقول اذبح ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الحق لأن الأحكام الشرعية منوطة بالمعاني والأحوال دون الأشخاص ، وعلى هذا فنقول إذا جرى الإنسان مجتهد أن ذبح أضحيته قبل الصلاة من أجل أن يطعم قبل أن يصلي ثم بُين له أن شاته شاة لحم وعنده جذع من المعز فله أن يضحي به ، لا سيما إذا كانت غالية ، لأن أبا بردة قال يا رسول الله إن عندي عناقا هي أحب إلي من شاتين ، لأنها غالية عنده قال ضح بها ، وهذا القول هو القول الراجح ، لكن لو لم تكن عنده لكن هل يشتريها ويضحي بها ؟ الظاهر لا ، لأنا إذا أردنا أن نطبق على حال أبي بردة فلا بد أن تكون مطابقة لها تماما ، وهنا قاعدة : " إذا رأيتم شيئا خارجا عن العموم فلا بد أن يكون الملحق به مطابقا له من كل وجه ، لأن الأصل في العموم عموم الأحوال كلها " ، هذا هو الأصل فإذا وُجدت صورة خارجة عن العموم فإننا لا نخرج ما يماثلها إلا إذا كان مطابقا لها تماما.