فوائد حفظ
الشيخ : في هذا الحديث دليل على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من قلة العيش ، وصبره على ذلك ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة وهو عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق ، وفيه دليل على كرم الأنصار رضي الله عنهم وإيثارهم على أنفسهم حيث آثر هذا الرجل ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه وأهله وفيه دليل على جواز التورية لكن بشرط أن يكون على وجه مباح ، والتورية أن يري الإنسان غيره الشيء على غير وجهه لكن على وجهٍ مباح ، ويسمى هذا عند أهل العلم التأويل ، يكون في الأيمان وغيرها ، وقد قال عمر فيما أظن : ( إن في التأويل لمندوحة عن الكذب ) يعني الإنسان يستطيع إذا كان عنده علم بالتأويل وهو أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره مندوحة عن الكذب ، فمثلا لو أن أحدا استأذن عليك وقلت لأهلك إذا استأذن أحد علي فقولوا ليس فيه ، فلان ليس فيه وانووا حجرة معينة من البيت ، فهذا جائز والمستأذن يحسب أنه ليس في البيت أبدا ليس موجودا في البيت هذا لا بأس به ، ويقال أن رجلا سأل في حلقة الإمام أحمد رحمه الله عن المروذي فقال ليس المروذي ها هنا ويشير إلى راحته وما يصنع المروذي ها هنا ، فانصرف الرجل ، مع أن المروذي كان مع الطلبة فهذا من باب التأويل ، وهل يجوز التأويل أو لا يجوز ؟ هذا على ثلاثة أقسام : الأول أن يكون الإنسان ظالما فلا ينفعه التأويل ولا يحل له ، الثاني أن يكون مظلوما فالتأويل في حقه جائز وينفعه ، الثالث لا هذا ولا هذا فمختلف فيه ، أما الأول إذا كان ظالما فهو أن يدّعي عليه صاحب الحق بحق عند القاضي ، ويقول والله ما له عندي درهم وينوي بما اسما موصول يعني أن له عندي درهم ، السامع يحسب أن ما أيش ؟ نافية وهو يريدها مثبتة اسما موصولا ، هذا لا ينفعه حتى لو حكم ببراءته فإن ذلك لا ينفعه عند الله عز وجل لأنه ظالم ، والثاني المظلوم أن يدّعي عليه إنسان بشيء معين وهو كاذب فيحلف ويتأول هذا لا بأس به ، ومن ذلك لو قيل له دلنا على محل فلان وهو يعلم أنه سيأخذونه ظلما فهنا يجب عليه أن يتأول ، فيقول والله لا أعلم عنه ، وباب العلم واسع يعني مثلا لا أعلم عنه أنائم هو أم يقظان أواقف أم قاعد أفي البيت أم في السوق ، هذا جائز لأنه مظلوم ، وكذلك لو قيل له هذه المرأة ليست زوجتك وهي زوجته ، يتأول وقال والله ليست زوجتي ويريد ليست زوجتي قبل العقد عليها ، صحيح هذا ولا غير صحيح ؟ صحيح ، لأنه مظلوم ، أما من ليس ظالما ولا مظلوما فاختلف العلماء في جواز التأويل فبعضهم قال إنه جائز وبعضهم قال إنه غير جائز والأقرب أنه ليس بجائز.