تتمة فوائد حديث - (حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير بن عبدالحميد عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم الأشجعي عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه فقالت والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء فقال ( من يضيف هذا الليلة رحمه الله ) فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول الله فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته هل عندك شيء ؟ قالت لا إلا قوت صبياني قال فعلليهم بشيء فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه قال فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة ) حفظ
الشيخ : ومن هذا الحديث يقول : لقد عجب الله ؟ لقد عجب الله من صنيعكما ، العجب هنا بمعنى استحسان الشيء ، استحسان الشيء والرضا به ، والعجب نوعان : الأول أن يكون العجب لخفاء الشيء عن المتعجب فيأتي مباغتا له فيتعجب ، وهذا لا تحل إضافته إلى الله ، والثاني العجب بمعنى خروج الشيء عن نظائره أو استحسانه ، فهذا جائز ، جائز على الله عز وجل ، ودليله في القرآن والسنة ، قال الله تعالى : (( بل عجبتُ ويسخرون )) هذا في القرآن ، نعم ؟ هكذا الآية ؟ ها ، فيها قراءة سبعية صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم (( بل عجبتُ ويسخرون )) فيكون العجب ثابتا بالقرآن ، وفي السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ) يعني قرب تغييره ( ينظر إليكم أزلين قنطين ، فيظل يضحك يعلم أن فرجه قريب ) الشاهد قوله : ( عجب ربنا من قنوط عباده ) فإن هذا محلا يدعو إلى العجب لخروج الشيء عما ينبغي أن يكون عليه ، فإن الذي ينبغي للعبد ألا يقنط من رحمة الله وأن ينتظر الفرج من الله عز وجل ، وانتظاره الفرج عبادة يزداد به أجرا عند الله ، ثم إن الشدة إذا وقعت به تجده دائما يلهج إلى ربه عز وجل بالمعافاة منها فيكسب بهذا أجرا ، وقد تكون هذه العلة تكون ثوابها عند الله أعظم وأعظم ثم إذا جاء الفرج بعد الشدة وانتهاء الشدة صار له طعم أشد ... ، الحاصل أن نقول العجب نوعان : عجب بمعنى الإستحسان أو خروج الشيء عما ينبغي أن يكون عليه فهذا ثابت لله ، وعجب بمعنى الجهل بالشيء فيأتي على غِرّة فهذا لا يجوز إثباته لله عز وجل ، لأنه نقص ، نعم ، وفيه أيضا دليل على تلهية الصبيان وأن يلهيهم ويسليهم ويقول إن شاء الله الآن نجيبلك كذا ويجيبلك كذا ، نعم مما يصدق فيه ولا بد أن يصدق لأن الصبيان إن تعودوا الكذب من رب البيت فسيكثر فيهم الكذب ، نعم سليم.