الكلام على التوحيد وأقسامه الثلاثة: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وذكر أقسام الناس في توحيد الأسماء والصفات: ذكر القسم الأول منهم وهم من أجرى النصوص على ظاهرها اللائق بالله عز وجل (الكلام على الإستواء وهل يصح إطلاق لفظ الجسم لله) . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين
هذه العقيدة أو هذه المنظومة بين فيها المؤلف رحمه الله عقيدة السلف وإن كان في بعضها شيء من المخالفات التي يأتي التنبيه عليها إن شاء الله. واعلم أن أقسام التوحيد ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
فأما توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية فلم يختلف فيه أهل القبلة، لم يختلف فيه أهل القبلة، يعني لم يختلف فيه المسلمون، كل المسلمين مجمعون على توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، أي: أنه يجب إفراد الله عزّ وجلّ بالربوبية ويجب إفراده بالعبادة. وأما توحيد الأسماء والصفات فهو الذي اختلف فيه أهل القبلة، أي: اختلف فيه المنتسبون إلى الإسلام اختلافا يمكن أن نقول إنه على ستة أوجه:
في إجراء النصوص، فمنهم من أجرى النصوص على ظاهرها اللائق بالله، هذا قسم، وهؤلاء هم السلف وأتباعهم، أجروا النصوص على ظاهرها اللائق بالله، وتركوا ما وراء ذلك فــ (( الرحمن على العرش استوى )) قالوا إن ظاهره أن الله استوى على العرش، أي: علا عليه، فنؤمن بأن الله سبحانه تعالى نفسه علا على العرش، ولا نلتفت لما وراء ذلك. لا نقول: أين الله قبل أن يخلق العرش؟ لا نقول هذا، لا نقول: هل استواؤه على العرش بمماسة أو بانفصال؟ لا نقول هذا، لا نقول: إن استواءه على العرش للحاجة إليه، كذا؟ أو نقول إنه ليس للحاجة إليه؟ هاه؟ لا، يجب أن نقول إنه ليس للحاجة إليه. فرق بين الأمرين، فنقول إن استواء الله على العرش ليس لحاجة إلى العرش بخلاف استواء الإنسان مثلا على السرير أو على الدابة فهو للحاجة إليها، ولهذا لو أزيل السرير من تحته لسقط، أم الرب عزّ وحلّ فإن استواءه على عرشه لظهور عظمته عز وجلّ وتمام ملكه، ليس لأنه محتاج إلى العرش، بل إن العرش وغيره في حاجة إلى الله عزّ وجلّ، في ضرورة في إيجاده وإمداده، ولا يمكن أن نقول: إن استواء الله على العرش للحاجة إليه.
طيب، لا نقول إن استواء الله على العرش يقتضي أن يكون جسما أو ليس بجسم، لأن مسألة الجسمية لم ترد لا في القرآن ولا في السنة إثباتا ولا نفيا، ولكن نقول بالنسبة للفظ لا ننفي ولا نثبت، لا نقول جسم ولا غير جسم، لكن بالنسبة للمعنى نفصّل، أو نستفصل ونقول للقائل: ماذا تعني بالجسم؟ هل تعني أنه الشيء القائم بنفسه المتّصف بما يليق به، الفاعل بالاختيار، القابض الباسط، إن أردت هذا فهو حق، ومعنى صحيح، فالله تعالى قائم بنفسه، فعال لما يريد، متّصف بالصفات اللائقة به، يأخذ ويقبض ويبسط، يقبض السماوات بيمينه ويهزّها.
وإن أردت بالجسم الشيء الذي يفتقر بعضه إلى بعض، ولا يتم إلا بتمام أجزائه، فهذا أيش؟ هذا ممتنع على الله، لأن هذا المعنى يستلزم الحدوث والتركيب، وهذا شيء ممتنع على الله عزّ وجلّ.